كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الجليل الاقدم الصدوق أبى جعفر محمد بن على بن الحسين بن بابويه القمى المتوفى سنة 381 صححه وعلق عليه على أكبر الغفاري الجزء الثالث الطبعة الثانية: 1363 - ش / 1404 - ق منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة
[ 2 ]
بسم الله الرحمن الرحيم أبواب القضايا والاحكام باب * (من يجوز التحاكم إليه ومن لا يجوز) * قال أبو جعفر محمد بن على بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الفقيه مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -:
3216 - روى أحمد بن عائذ (1) عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: " إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل
(1) طريق المؤلف إليه صحيح وهو ثقة كما في " جش "، وأما سالم بن مكرم أبو خديجة وقد يكنى أبا سلمة فهو ثقة عند النجاشي أيضا، وقال العلامة في الخلاصة: " قال الشيخ انه ضعيف وقال في موضع آخر: انه ثقة، والوجه عندي التوقف فيما يرويه لتعارض الاقوال " أقول: تضعيف الشيخ اياة مبنى على زعمه اتحاد الرجل مع سالم بن أبى سلمة الكندى السجستاني الذى ضعفه النجاشي وابن الغضائري والعلامة، والدليل على ذلك أن الشيخ - رضوان الله عليه - ذكر الرجلين في عنوان وقال: " سالم بن مكرم يكنى أبا خديجة ومكرم يكنى أبا سلمة " مع أن أبا سلمة نفس سالم دون أبيه كما في فهرست النجاشي ورجال البرقى ويؤيد ذلك ما رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 218 في شراء العبدين المأذونين كل واحد منهما الاخر باسناده عن أحمد ابن عائذ عن أبى سلمة عن أبى عبد الله (ع) كما سيجئ عن المؤلف، تحت رقم 3247 وفى التهذيب ج 2 ص 138 باسناده عن أحمد بن عائذ عن أبى خديجة وعليه فلا وجه لتوقف العلامة قدس سره فيه (راجع لمزيد التحقيق قاموس الرجال ج 4 ص 297).
[ 3 ]
الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم، فاني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه (1) ". 3217 - وروى معلى بن خنيس عن الصادق عليه السلام قال: " قلت له: قول الله عز وجل " إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " قال: على الامام (2) أن يدفع ما عنده إلى الامام الذي بعده، وأمرت الائمة أن يحكموا بالعدل، وأمر الناس أن يتبعوهم ". 3218 - وروى عطاء بن السائب (3) عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: " إذا كنتم في أئمة جور فاقضوا في أحكامهم (4) ولا تشهروا أنفسكم فتقتلوا، وإن تعاملتم بأحكامنا
كان خيرا لكم "
(1) يستفاد منه أولا حرمة الترافع الى أهل الجور، والظاهر دخول الفساق في أهل الجور، وثانيا وجوب الترافع الى العالم من الشيعة وقبول قوله، والمشهور الاستدلال بهذا الحديث على جواز التجزى في الاجتهاد حيث اكتفى عليه السلام بالعلم بشئ من الاحكام، وقال سلطان العلماء: ولى فيه تأمل إذ ربما كان المراد بالعلم بشئ من الاحكام ما هو الحاصل بعد احاطة جميع الادلة والماخذ لحصول الظن القوى بعدم المعارض في هذا الحكم كما هو مذهب من قال بعدم جواز التجزى فانه لا يدعى وجوب العلم بجميع الاحكام حتى ينافيه اكتفاؤه عليه - السلام بالعلم شئ منها بل يدعى وجوب الاحاطة على جميع الادلة والماخذ حتى يعتبر حكمه وظنه وان كان في مسألة خاصة. (2) كذا في بعض النسخ والتهذيب ج 2 ص 70 أيضا، وفى الكافي ج 1 ص 277 " قال: أمر الله الامام أن يدفع ". وفى بعض نسخ الفقيه " عدل الامام " والظاهر تصحيفه، ويؤيد صحة ما في الكافي قوله " أمرت الائمة " و " أمر الناس ". (3) في الطريق أبان بن عثمان الاحمر وهو وان كان ناووسيا ولم يوثق صريحا لكن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، وأما عطاء فلم يذكر في كتب رجالنا ومعنون في كتب العامة ووثقه بعضهم وقال صاحب منهج المقال، " ربما يشهد له بعض الروايات بالاستقامة " أقول: وهذا الحديث يدل في الجملة على كونه اماميا مأمورا بالتقية ومثله كثير في أصحابنا. (4) لعل المراد الصيرورة قاضيا بأمرهم وجبرهم.
[ 4 ]
3219 - وروى الحسن بن محبوب (1)، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " أيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم الله عزوجل فقد شركه في الاثم (2) ". 3220 - وروى حريز، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " أيما
رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق فدعاه إلى رجل من إخوانكم ليحكم بينه وبينه فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال الله عزوجل: " ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك وما انزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد امروا أن يكفروا به الاية (3) ". باب * (أصناف القضاة ووجوه الحكم) * 3221 - قال الصادق عليه السلام: (4): " القضاة أربعة: ثلاثة في النار وواحد في الجنة رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار، و رجل قضى بحق وهو لا يعلم فهو في النار، ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة، وقال عليه السلام: الحكم حكمان حكم الله عزوجل، وحكم أهل الجاهلية، فمن أخطأ حكم الله عز وجل حكم بحكم أهل الجاهلية (5)، ومن حكم بدرهمين بغير ما أنزل
(1) الطريق إليه صحيح وهو ثقة كما في الخلاصة. (2) يدل على حرمة التحاكم إليهم مع وجود حاكم العدل وامكان أخذ الحق به، وأما في صورة التعذر أو عدم وجود العدل فان كان الحق ثابتا بينه وبين الله فغير معلوم حرمته. (3) المراد بالطاغوت هنا كل من لم يحكم بما أنزل الله، أو من حكم بغير ما أنزل الله. (4) رواه الكليني ج 7 ص 407 بأسناده عن البرقى، عن أبيه مرفوعا إليه عليه السلام الى قوله " بحكم أهل الجاهلية ". (5) أي إذا أخطأ بلا دليل معتبر شرعا لتقصيره أو مع علمه ببطلانه، فلا ينافى كون المجتهد المخطئ الغير المقصر مصيبا، ولا يبعد أن يكون الغرض بيان أن كون الحكم مطابقا =
[ 5 ]
الله عزوجل فقد كفر بالله تعالى (1) ". باب
* (اتقاء الحكومة) * 3222 - روى سليمان بن خالد (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " اتقوا الحكومة فإن الحكومة إنما هي للامام العالم بالقضاء، العادل في المسلمين كنبي أو وصي نبي ". 3223 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام لشريح: " يا شريح قد جلست مجلسا ما جلسه إلا نبي، أو وصي نبي، أو شقي (3) ". باب * (كراهة مجالسة القضاة في مجالسهم) * 3224 - روى محمد بن مسلم قال: " مربي أبو جعفر عليه السلام وأنا جالس عند
= للواقع لا ينفع في كونه حقا بل لابد من أخذه من مأخذ شرعى فمن لم يأخذ منه فقد حكم بحكم الجاهلية وان كان مطابقا للواقع. (المرآة) (1) في بعض النسخ " ومن حكم في درهمين - الخ ". (2) ثقة والطريق إليه حسن كالصحيح بابراهيم بن هاشم. (3) رواه الكليني في الكافي بسند ضعيف عن اسحاق بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام رفعه الى أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وفيه " جلست مجلسا لا يجلسه الا نبى - الخ " ولا يخفى اختلاف المفهومين فما في المتن ربما يفهم منه أن من زمان النبي (ص) الى هذا الزمان ما جلس فيه الا هذه الثلاثة الاصناف، وما في الكافي يفهم منه صعوبة القضاء وانه يستلزم لغير المعصوم الشقاء والهلاك. وقال العلامة المجلسي: ان هذه الاخبار تدل بظواهرها على عدم جواز القضاء لغير المعصوم، ولا ريب أنهم عليهم السلام كانوا يبعثون القضاة الى البلاد فلابد من حملها على أن القضاء بالاصالة لهم ولم يجوز لغيرهم تصدى ذلك الا باذنهم وكذا في قوله " لا يجلسه " أي بالاصالة، والحاصل أن الحصر اضافي بالنسبة الى من جلس فيها بغير اذنهم و نصبهم عليهم السلام.
[ 6 ]
القاضي بالمدينة، فدخلت عليه من الغد فقال لي: ما مجلس رأيتك فيه أمس؟ قال قلت له: جعلت فداك إن هذا القاضي بي مكرم، فربما جلست إليه، فقال لي: وما يؤمنك أن تنزل اللعنة فتعمك معه ". وفي خبر آخر " فتعم من في المجلس ". 3225 - وروي في خبر آخر: " إن شر البقاع دور الامراء الذين لا يقضون بالحق ". 3226 - وقال الصادق عليه السلام: " إن النواويس (1) شكت إلى الله عزوجل شدة حرها فقال لها عزوجل: اسكتي فإن مواضع القضاة أشد حرا منك ". باب * (كراهة أخذ الرزق على القضاء) * 3227 - روى الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن قاض بين قريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق، فقال: ذاك سحت " (2). باب * (الحيف في الحكم) * 3228 - روى السكوني باسناده (3) قال: " قال علي عليه السلام: يد الله فوق رأس
(1) النواويس جمع ناووس مقبرة النصارى وموضع بجهنم. (2) السحت: الحرام، وحمل على الاجرة، والمشهور جواز الارتزاق من بيت المال قال في المسالك: ان تعين عليه بتعيين الامام أو بعدم قيام أحد غيره حرم عليه أخذ الاجرة وان لم يتعين عليه فان كان له غنى عنه لم يجز أيضا والاجاز، وقيل يجوز مع عدم التعين مطلقا، وقيل: يجوز مع الحاجة مطلقا، ومن الاصحاب من جوز اخذ الاجرة عليه مطلقا، والاصح المنع
مطلقا الا من بيت المال على جهة الارتزاق فيقيد بنظر الحاكم (المرآة) أقول: في الكافي والتهذيب " ذلك السحت ". (3) رواه الكليني ج 7 ص 410 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 69 عن على بن ابراهيم عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبى عبد الله عن آبائه عليهم السلام عنه صلوات الله عليه.
[ 7 ]
الحاكم ترفرف بالرحمة، فإذا حاف في الحكم وكله الله عزوجل إلى نفسه " (1). باب * (الخطأ في الحكم) * 3229 - روي عن ابي بصير قال: قال ابو جعفر عليه السلام: " من حكم في درهمين فأخطأ كفر " (2). 3230 - وروى معاوية بن وهب (3) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " أي قاض قضى بين اثنين فأخطأ سقط أبعد من السماء " (4). باب * (أرش خطأ القضاة) * 3231 - روي عن الاصبغ بن نباتة (5) أنه قال: " قضى أمير المؤمنين عليه السلام أن ما أخطأت القضاة في دم أو قطع فهو على بيت مال المسلمين ".
(1) ترفرف الطائر بجناحه إذا بسطها عند السقوط على شئ يطوف عليه، والحيف: الجور والظلم. (2) تقدم الكلام فيه في باب أصناف القضاة. (3) طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة. (4) أي سقط من درجة قربه وكماله أو درجاته في الجنة، أو يلحقه الضرر الاخروي مثل ما يلحق الضرر الدنيوي من سقط من السماء. (المرآة)
(5) طريق المصنف الى الاصبغ ضعيف كما في الخلاصة لان فيه الحسين بن علوان الكلبى وعمرو بن ثابت فالاول عامى وان كان له ميل ومحبة شديدة حتى قيل بايمانه والثانى لم يثبت مدحه ولا توثيقه مع قول فيه بالضعف ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 96 عن الاصبغ وطريقه مثل طريق المؤلف
[ 8 ]
باب * (الاتفاق على عدلين في الحكومة) * 3232 - روي عن داود بن الحصين (1) عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجلين اتفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف فرضيا بالعدلين، فاختلف العدلان بينهما، على قول أيهما يمضي الحكم (2)؟ قال: ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفذ حكمه، ولا يلتفت إلى الاخر " (3). 3233 - وروى داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة (4) عن أبي عبد الله عليه السلام
(1) طريق المؤلف إليه فيه الحكم بن مسكين ولم يوثق صريحا، ورواه الشيخ باسناده الصحيح عن محمد بن على بن محبوب الثقة عن الحسن بن موسى الخشاب الذى هو من وجوه أصحابنا عن ابن أبى نصير البزنطى، عن داود بن الحصين الواقفى الموثق راجع التهذيب ج 2 ص 91. (2) قوله " بالعدلين " حمل على المجتهدين. (سلطان) (3) إذا تعارض الاعلم والاورع فالمشهور تقديم الاعلم، والتخيير أظهر (م ت) وفى الجواب اشعار بأنه لابد من كونهما عالمين فقيهين ورعين لكن مع خلافهما ينظر الى أعلمهما وافقههما وأورعهما. (سلطان) (4) عمر بن حنظلة وثقه الشهيد - رحمه الله - في درايته. والرواية معروفة بمقبولة عمر بن
حنظلة ومعنى المقبولة قبول مضمونها في الجملة لا أنها محكومة بالصحة في جميع جزئياتها، ولها صدر أورده الكليني ج 1 ص 67 وهو " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما الى السلطان والى القضاة أيحل ذلك؟ قال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فانما تحاكم الى الطاغوت، وما يحكم له فانما يأخذ سحتا، وان كان حقا ثابتا لانه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به قال الله تعالى " يريدون أن يتحاكموا الى الطاغوت وقد امروا أن يكفروا به " قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران الى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف من أحكامنا فليرضوا به حكما فانى قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فانما استخف بحكم الله وعلينا رد، و الراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله، قلت: فان كان كل رجل اختار رجلا فرضيا أن يكونا الناظرين - الخ - " بأدنى اختلاف في اللفظ.
[ 9 ]
" قال: قلت: في رجلين اختار كل واحد منهما رجلا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما، فاختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثنا، قال: الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الاخر. (1)
(1) قال استاذنا الشعرانى - مد ظله العالي - في هامش الوافى: شرح هذه العبارة وما بعدها لا يخلو عن صعوبة لان القاضى في واقعة واحدة لا يكون اثنين، أما ان كان منصوبا فواضح، وأما ان كان قاضى التحكيم فيعتبر فيه تراضى المتداعيين فان اختار كل رجل قاضيا لنفسه لم يتحقق التراضي وعلي هذا فالفقيه ان كان بمنزلة القاضى المنصوب كان النافذ حكم من يختاره المدعى ويجبر المدعى عليه على الحضور عنده وقبول حكمه وليس له أن يختار قاضيا آخر، قال العلامة - قدس سره - في القواعد: يجوز تعدد القضاة في بلد واحد وإذا استقل كل منهما في جميع البلد تخير المدعى في المرافعة الى أيهما شاء - انتهى، ولا يمكن في القضاء غير ذلك ولولاه لسهل على المدعى عليه طريق الفرار، وان كان المراد في الحديث
الاستفتاء فقط وأطلق عليه التحاكم والقضاء جاز تعدد المفتى بأن يختار كل واحد منهما فقيها يقلده ولكن لا تحصل منه فائدة القضاء ولا ينحل به الاختلاف، والغرض من القضاء قطع الخصومة. وأيضا فان المتداعيين ان كانا مجتهدين لم يجز لهما تقليد غيرهما وان كانا مقلدين لم يتمكنا من ملاحظة الترجيحات المذكورة في الحديث، وحل الاشكال أن مفاد الرواية أمر الشيعة ارشادا بكل وسيلة ممكنة الى حصول التراضي وقطع الخصومة من غير الترافع الى قضاة الجور اما بأن تراضيا بحكم فقيه واحد ويقبلا قوله فيعد قوله بالنسبة اليهما قضاء ان كانا مجتهدين وفتوى ان كانا مقلدين وان لم يتراضيا بحكم فقيه واحد واختار كل واحد فقيها لم يكن قولاهما بالنسبة اليهما حكما وقضاء ولا فتوى بل نظير قوله تعالى " فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها " فيتوسلان بهما الى قطع الخصومة بوجه وهو الترجيح، فان كان المتداعيان مجتهدين واتفقا على أرجحية أحدهما قبلاه والا تراضيا بقول من يرجح بينهما فاختيار رجلين خارج عن حكم القضاء وغير مناسب له، قال العلامة - ره - في نهاية الاصول: التعادل إذا وقع للانسان في عمل نفسه تخير، أو للمفتي تخير المستفتى في العمل بأيهما شاء كما يلزمه في حق نفسه، أو للحاكم يعين لانه نصب لقطع التنازع، وتخيير الخصمين يفتح باب المخاصمة لان كلا منهما يختار الاوفق له بخلاف المفتى - انتهى. فمفاد الحديث أمر الشيعة بقطع الخصومة بينهم، ان كان بالنصالح والعفو فهو، وان كان بالقضاء من فقيه بالتراضى فهو، وان كان باختيار حكمين والترجيح في مورد، اختلافهما =
[ 10 ]
قال: قلت: فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا ليس يتفاضل واحد منهما على صاحبه 1)، قال: فقال: ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع عليه حكمنا لا ريب فيه (2)، وإنما الامور ثلاثة، أمر بين
رشده فمتبع، وأمر بين غيه فمجتنب، وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله عزوجل قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " حلال بين، وحرام بين، وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجى من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم ".
= فهو، والغرض عدم الترافع الى قضاة الجور. وقوله " اختلفا فيما حكما " قال المولى رفيعا أي اختلافهما في الحكم استند الى اختلافهما في الحديث وقوله عليه السلام " أصدقهما في الحديث " أي من يكون حديثه أصح من حديث الاخر بأن يكون ينقله من أعدل أو أكثر من العدول والثقاة وظاهر هذه العبارة الحكم بترجيح حكم الراجح في هذه الصفات الاربع جميعها، ويحتمل الترجيح بحسب الرجحان في واحدة من الاربع أيها كانت، وعلى الاول يكون حكم الرجحان بحسب بعضها دون بعض مسكوتا عنه، وعلى الثاني يكون حكم تعارض الرجحان في بعض منها على الرجحان في بعض آخر مسكوتا عنه، والاستدلال بالاولوية والرجحان بالترتيب الذكرى ضعيف والمراد أن الحكم الذى يجب قبوله من الحكمين المذكورين حكم الموصوف بما ذكر من الصفات الاربع، ويفهم منه وجوب اختياره لان يتحاكم إليه ابتداء وان ترجيح الافضل لازم في الصور المسكوت عنها، ومن هنا ابتدا في الوجوه المعتبرة للترجيح في القول والفتيا. (1) أي فان الراويين لحديثكم العارفين بأحكامكم عدلان مرضيان لا يفضل أحدهما على صاحبه. (2) أجاب عليه السلام وبين له وجها آخر في الترجيح بقوله " ينظر الى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذى حكما به المجمع عليه بين أصحابك " أي المشهور روايته بين أصحابك فيؤخذ بأشهرهما رواية ويترك الشاذ الذى ليس بمشهور عند أصحابك فان المجمع عليه أي المشهور في الرواية لاريب فيه لان المناط غلبة الظن بصحة الخبر واستناد الحكم بالخبر الصحيح.
[ 11 ]
قلت: فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ قال: ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة أخذ به. قلت: جعلت فداك وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والاخر مخالفا لها بأي الخبرين يؤخذ؟ قال: بما يخالف العامة فإن فيه الرشاد. قلت: جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا؟ قال ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالاخر. قلت: فإن وافق حكامهم وقضاتهم الخبران جميعا؟ قال: إذا كان كذلك فارجه (1) حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات ". باب * (آداب القضاء) * 3234 - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من ابتلي بالقضاء فلا يقضين وهو غضبان " (2). 3235 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا كان الحاكم يقول لمن عن يمينه ولمن عن يساره: ما تقول؟ ما ترى؟ فعلى ذلك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ألا يقوم (3) من مجلسه ويجلسهما مكانه " (4). (1) أي قف ولا تحكم. (2) رواه الكليني ج 7 ص 413 عن على بن ابراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبى عبد الله عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله وقال في الشرايع: " ويكره أن يقضى وهو غضبان وكذا يكره مع كل وصف يساوى الغضب في شغل النفس كالجوع والعطش والغم والفرح والوجع ومدافعة الاخبثين وغلبة النعاس ولو قضى والحال هذه نفذ إذا وقع حقا ". (3) يعنى لم لا يقوم، وفى الكافي ج 4 ص 414 أيضا هكذا وكلمة " ألا " بالفتح للتحضيض وفى بعض النسخ والتهذيب " الا أن يقوم ".
(4) الخبر مروى في الكافي بسند فيه ارسال، وقوله " ما تقول؟ ما ترى؟ " أي بطريق استعلام الحكم حيث لا يعلم هو يسأل من عن يمينه أو عن يساره، والخبر كما قال استاذنا =
[ 12 ]
3236 - وإن رجلا نزل بعلي بن أبي طالب عليه السلام فمكث عنده أياما ثم تقدم
= الشعرانى يدل على وجوب كون القاضى مجتهدا، إذ كان مقلدا لاحتاج الى غيره في السؤال ولا يخفى على المتأمل أن التنصيص على جميع الفروع غير ممكن، وعلم المقلد بجمعيها محال ويتفق للقاضى أمور لم يسمع النص عليه من عالم ويجب عليه دائما اعمال النظر في تطبيق الفروع على الاصول والتفحص عن الادلة، واكتفى صاحب القوانين وتبعه صاحب الجواهر - رحمهما الله - بقضاء المقلد وزعم أن من تصدى القضاء في زمن الائمة عليهم السلام والنبي صلى الله عليه وآله لم يكونوا مجتهدين بل كانوا يأخذون الحكم منهم سماعا ويقضون به، ولا نسلم تصدى غير المجتهد في عصرهم قضاء اصلا، وكان صاحب القوانين حمل المجتهد على من يحفظ الاصطلاحات الاصولية المتجددة والمجادلات الصناعية وليس ذلك معنى الاجتهاد إذ قد رأى كل أحد جماعة من المهرة في تلك الامور لا يعتمد عليه في مسألة شرعية من أوضح المسائل أصلا ومن ليس له قدرة على الجدل والمماراة قد يوثق بقوله في الشرع تبحره وانسه بأقوال الفقهاء وأخبار أهل بيت العصمة وتفسير القرآن وسيرة الرسول والمتواتر من عمل المسلمين ودقة نظره وتمييزه بين قرائن الصدق والكذب ومهارته في العربية وفهم مقاصد الكلام العربي والمجتهد هو القادر على استنباط الاحكام من الادلة وكان هذه القدرة حاصلة لهم، ولذلك إذا أنصف رجل وقايس بين الشيخ الصدوق أو الكليني - رحمهما الله - وبين الاصوليين المتأخرين وجد أن النسبة بينهما كالنسبة بين امرء القيس والسكاكى في الشعر والفصاحة، وقد يتفق لاهل الجدل والمهرة في المغالبة والمماراة وابداء الشبهات أن يذهب بهم دقتهم في بعض الامور الى أن يخرجوا من مقتضى الافكار السليمة ويؤديهم الى الوسوسة والترديد وعدم الجزم بشئ، وحصول الشبهات في القرائن الواضحة الموجبة للعلم للذهن السالم، وهذا أيضا ضار بالاجتهاد ولا يجوز تقليد
صاحبه ولا يقبل حكمه ولا ينفذ قضاؤه. وعندي أوراق مجموعة في أحكام القضاء لم يصرح باسم مؤلفه والظاهر أنه من أفاضل أهل التحقيق قد يستنبط بالتكلف من دقائق الالفاظ معاني لا يمكن أن يعتمد عليها العوام فضلا عن العلماء، ومما حققه فيها " أن أدلة مشروعية القضاء وما استدلوا عليه من الكتاب والسنة والاخبار الخاصة الواردة في نصب نائب الغيبة لا تدل على جواز اعمال البينات والتحليف والاقارير ونحو ذلك من معينات الموضوعات بل مفادها بيان الحكم الالهى في الموارد الجزئية. واستنبط ذلك من دخول حرف الباء على الحق والعدل وتقريبه أن القائل " إذا قال: حكمت بالحق أو أحكم بالحق فمعناه أن الحق حق قبل أن يحكم به، وإذا قضى بالبينة والتحليف فليس =
[ 13 ]
إليه في حكومة (1) لم يذكرها لعلي عليه السلام فقال له علي عليه السلام: أخصم أنت؟ قال: نعم قال: تحول عنا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى أن يضاف الخصم إلا ومعه خصمه " (2). 3237 - وقال الصادق عليه السلام أنه قال: " من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره " (3). 3238 - وروي عن علي عليه السلام أنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للاول حتى تسمع من الاخر، فانك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء (4)، قال علي عليه السلام: فما زلت بعدها قاضيا، وقال له النبي صلى الله عليه وآله: اللهم
= ماحكم به حقا قبل الحكم بل صار حقا بسبب الحكم فلا يصدق عليه أنه حكم حكما حقا، وبالجملة في موارد الحكم بالبينة ومثلها نفس الحكم حق لا متعلق الحكم " ونحن نقول: مفهوم القضاء والحكم يشمل الحكم بالبينة والتحليف والادلة الظاهرية قطعا وشموله لها أوضح من شموله لما اشتبه نفس الحكم وذلك لانس ذهن جميع الناس بأن القضاء لا يمكن بغير بينات وشهود وان المدعى عليه لا يتسلم للمدعى فلا بد من اقامته البينة عليه، وإذا ورد حديث أودل آية على جواز تصدى القضاء والحكم بين الناس دل على جواز الاعتماد على البينات والتحليف والادلة الشرعية سواء قال أحكم بالحق أو أحكم حكما حقا، ولا اعتبار بهذا التدقيق في حرف الباء مع هذه
القرينة القوية الدالة على أن القضاء لا يمكن بغير البينة واقامة الادلة والاذن في أحدهما اذن في الاخر - انتهى. (1) رواه الكليني في الكافي ج 7 ص 413 عن على، عن أبيه، عن النوفلي. عن السكوني عن أبى عبد الله عليه السلام وفيه " تقدم إليه في خصومة ". (2) " يضاف " من الضيافة وقال في الشرايع: يكره أن يضيف أحدا الخصمين دون صاحبه. (3) قوله عليه السلام " رضى " يمكن أن يقرأ بصيغة المجهول فالمعنى أن يكون مع الناس في مقام الانصاف من نفسه فهو أهل لان يكون حكما وقاضيا بين الناس، ويمكن أن يقرأ بالمعلوم أي من أنصف الناس فقد جعل نفسه حكما لنفسه ولا يحتاج الى غيره في الحكومة والقضاء، وعلى الاول فيه اشعار بان من لم ينصف الناس من نفسه ولم يفوض الحكم الى من هو أعلم منه لا يصلح حكما لغيره، والخبر رواه الكليني ج 2 ص 146 بسند فيه ارسال. (4) الى هنا رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 71 باسناد عن محمد بن على بن محبوب عن محمد بن الحسين عن ذبيان بن حكيمة الاودى عن موسى بن أكيل النميري عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله.
[ 14 ]
فهمه القضاء (1) ". 3239 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام لشريح: " يا شريح لاتسار أحدا في مجلسك وإذا غضبت فقم ولا تقضين وأنت غضبان " (2). 3240 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قضى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقدم صاحب اليمين في المجلس بالكلام " (3). 3241 - وروى الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا تقدمت مع خصم إلى وال أو إلى قاض فكن عن يمينه - يعني عن يمين الخصم - ".
3242 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من ابتلي بالقضاء فليسا وبينهم في الاشارة و النظر في المجلس " (4).
(1) أراد بقوله " فما زلت بعدها قاضيا " أن هذه الكلمة سهلت لى أمر القضاء فما تعسر على بعد ما سمعتها شئ منه. (الوافى) (2) رواه الكليني ج 7 ص 413 عن عدة من أصحابنا عن البرقى رفعه إليه عليه السلام وكذا في التهذيب. (3) أي حكم رسول الله صلى الله عليه وآله وأمر أن يقدم بسماع دعوى من على يمين خصمه إذا شرعا في الدعوى، فلو شرع واحد منهما فهو المقدم كذا فهمه الاصحاب وفهمه ابن سنان أو ابن محبوب من كلام الصادق عليه السلام على ما سيجيئ، ويمكن أن يكون المراد تقديم من على يمين الحاكم، وقيل: المراد بصاحب اليمين صاحب الحلف وهو بعيد. (4) رواه الكليني ج 7 ص 413 عن على، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبى عبد الله عليه السلام عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وقال: في المسالك: من وظيفة الحاكم أن يسوى بين الخصمين والسلام عليهما وجوابه واجلاسهما والقيام لهما والنظر والاستماع والكلام وطلاقة الوجه وسائر أنواع الاكرام ولا يخصص أحدهما بشئ من ذلك. هذا إذا كانا مسلمين أو كافرين أما لو كان أحدهما مسلما والاخر كافرا جاز أن يرفع المسلم في المجلس ثم التسوية بينهما في العدل في الحكم واجبة بغير خلاف. وأما في تلك الامور هل هي واجبة أم مستحبة؟ الاكثرون على الوجوب، وقيل ان ذلك مستحب واختاره العلامة في المختلف لضعف المستند، وانما عليه أن يسوى بينهما في الافعال الظاهرة، فاما التسوية بينهما بقلبه بحيث لا يميل الى أحد فغير مؤاخذ به.
[ 15 ]
3243 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام لشريح (1): " يا شريح انظر إلى أهل المعك والمطل والاضطهاد (2)، ومن يدفع حقوق الناس من أهل المقدرة واليسار، ومن يدلي
بأموال المسلمين إلى الحكام (3) فخذ للناس بحقوقهم منهم، وبع العقار والديار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: مطل المسلم الموسر ظلم للمسلم، ومن لم يكن له مال ولا عقار ولا دار فلا سبيل عليه، واعلم أنه لا يحمل الناس على الحق إلا من وزعهم عن الباطل (4)، ثم واس المسلمين بوجهك ومنطقك ومجلسك حتى لا يطمع قريبك في حيفك (5) ولا ييأس عدوك من عدلك، ورد اليمين على المدعي مع بينة فإن ذلك أجلى للعمى وأثبت في القضاء (6)، واعلم أن المسلمين عدول بعضهم على بعض إلا
(1) رواه الكليني ج 7 ص 412 عن على، عن أبيه، عن أبن محبوب، عن عمرو بن أبى المقدام، عن أبيه، عن سلمة بن كهيل وسلمة بن كهيل ضعيف. (2) في بعض النسخ " أهل الشح والمطل والاضطهاد " وفى الوافى " أهل المعك والمطل بالاضطهاد "، وفى اللغة: ما عكه بدينه: ماطله، والمطل: التسويف بالدين، والشح: البخل والحرص، والاضطهاد: القهر والغلبة والجور. (3) أدلى بمال: دفعه، وبقرابة: توسل. (4) " وزعهم " بالزاى، وفى بعض النسخ بالراء المهملة وفى النهاية " وزعه: كفه ومنعه ". (5) الحيف: الجور والظلم. (6) قوله عليه السلام " رد اليمين على المدعى " قال العلامة المجلسي - رحمه الله -: ربما يحمل هذا على التقية لموافقته لمذاهب بعض العامة، أو على اختصاص الحكم بشريح لعدم استئهاله للقضاء، أو على ما إذا كان الدعوى على الميت، أو مع الشاهد الواحد، أو مع دعوى الرد قال في المسالك: الاصل في المدعى أن لا يكلف اليمين خصوصا إذا قام البينة بحقه ولكن تخلف عنه الحكم بدليل خارج في صورة رده عليه اجماعا ومع نكول المنكر عن اليمين على خلاف، وبقى الكلام فيما إذا اقام بينة بحقه، فان كانت دعواه على مكلف حاضر فلا يمين عليه اجماعا ولكن ورد في الرواية المتضمنة لوصية على عليه السلام لشريح قوله عليه السلام
" ورد اليمين على المدعى مع بينته فان ذلك أجلى للعمى وأثبت للقضاء " وهى ضعيفة، وربما حملت على ما إذا ادعى المشهود عليه الوفاء والابراء والتمس احلافه على بقاء الاستحقاق فانه =
[ 16 ]
مجلودا في حد لم يتب منه، أو معروفا بشهادة الزور، أو ظنينا، وإياك والضجر (1) والتأذي في مجلس القضاء الذي أوجب الله تعالى فيه الاجر وأحسن فيه الذخر لمن قضى بالحق، واجعل لمن ادعى شهودا غيبا أمدا بينهم فإن أحضرهم أخذت له بحقه وإن لم يحضرهم أوجبت عليه القضية (2)، وإياك أن تنفذ حكما في قصاص أو حد من حدود الناس أو حق من حقوق الله عزوجل حتى تعرض ذلك علي، وإياك أن تجلس في مجلس القضاء حتى تطعم شيئا إن شاء الله تعالى ". روى ذلك الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سلمة ابن كهيل عن أمير المؤمنين عليه السلام. باب * (ما يجب الاخذ فيه بظاهر الحكم) * 3244 - في رواية يونس بن عبد الرحمن، عن بعض رجاله (3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن البينة إذا اقيمت على الحق أيحل للقاضي أن يقضي بقول البينة؟ فقال: خمسة أشياء يجب على الناس الاخذ فيها بظاهر الحكم: الولايات، والمناكح
= يجاب إليه لانقلاب المنكر مدعيا، وهذا الحكم لا اشكال فيه، الا أن اطلاق الوصية بعيد عنه فان ظاهرها كون ذلك على وجه الاستظهار، وكيف كان فالاتقاق على ترك العمل بها على الاطلاق - انتهى، وقال في الوافى: لعل رد اليمين على المدعى مختص بما إذا اشتبه عليه صدق البينة كما يدل قوله " فانه أجلى للعمى وأثبت للقضاء " وما بعده، وفى بعض النسخ " مع بينة ". (1) الظنين: المتهم، والضجر: الملال. (2) قال المولى المجلسي: الظاهر أن هذا فيما إذا أثبت المدعى بالشهود ثم ادعى المدعى
عليه الاداء والابراء والا فالمدعى بالخيار في الدعوى الا أن يقال بانه إذا طلب المنكر مكررا ولم يثبت يجعل الحاكم أمدا بينهما لئلا يؤذى المنكر بالطلب دائما. (3) رواه الكليني ج 7 ص 431 عن على بن ابراهيم عن محمد بن عيسى، عن يونس عن بعض رجاله عنه عليه السلام بتقديم وتأخير واختلاف في اللفظ.
[ 17 ]
والذبايح، والشهادات، والانساب، فإذا كان ظاهر الرجل طاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسأل عن باطنه " (1). باب * (الحيل في الحكم) * 3245 - في رواية النضر بن سويد يرفعه " أن رجلا حلف أن يزن فيلا؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: يدخل الفيل سفينة ثم ينظر إلى موضع مبلغ الماء من السفينة فيعلم عليه ثم يخرج الفيل ويلقي في السفينة حديدا أو صفرا أو ما شاء، فإذا بلغ الموضع الذي علم عليه أخرجه ووزنه ". 3246 - وفي رواية عمرو بن شمر، عن جعفر بن غالب الاسدي رفع الحديث قال " بينما رجلان جالسان في زمن عمر بن الخطاب إذ مر بهما رجل مقيد، فقال أحد الرجلين: إن لم يكن في قيده كذا وكذا فامرأته طالق ثلاثا، فقال الاخر: إن كان فيه كما قلت فامرأته طالق ثلاثا، فذهبا إلى مولى العبد وهو المقيد فقالا له: إنا حلفنا على كذا وكذا فحل قيد غلامك حتى نزنه، فقال مولى العبد: امرأته طالق إن حللت قيد غلامي، فارتفعوا إلى عمر فقصوا عليه القصة فقال عمر: مولاه أحق به اذهبوا به إلى علي بن ابي طالب لعله يكون عنده في هذا شئ. فأتوا عليا عليه السلام فقصوا عليه القصة، فقال: ما أهون هذا، فدعا بجفنة (2) وأمر بقيده فشد فيه خيط وأدخل رجليه والقيد في الجفنة، ثم صب عليه الماء حتى امتلات، ثم قال عليه السلام: ارفعوا القيد فرفعوا القيد حتى اخرج من الماء فلما اخرج نقص الماء، ثم
(1) ظاهره أن بناء هذه الامور على ظاهر الحال والاسلام ولا يسأل عن بواطن من يتصدى لها فالولايات يولى الامام الامارة والقضاء من كان ظاهره مأمونا، وكذا ولى الطفل والوصى، وكذا يزوج من كان على ظاهر الاسلام، وكذا يورث، وكذا يعتمد على ذبحه، وتقبل شهادته من غير مسألة عن باطنه. (2) الجفنة: البئر الصغيرة والقصعة والمراد الثاني.
[ 18 ]
دعا بزبر الحديد فأرسله في الماء حتى تراجع الماء إلى موضعه والقيد في الماء ثم قال: زنوا هذا الزبر فهو وزنه ". قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه - إنما هدى أمير المؤمنين عليه السلام إلى معرفة ذلك ليخلص به الناس من أحكام من يجيز الطلاق باليمين. (1) 3247 - وروى أحمد بن عائذ، عن أبي سلمة (2) عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجلين مملوكين مفوض إليها يشتريان ويبيعان بأموال مواليهما فكان بينهما كلام فاقتتلا فخرج هذا يعدو إلى مولى هذا، وهذا إلى مولى هذا وهما في القوة سواء فاشترى هذا من مولى هذا العبد، وذهب هذا فاشترى هذا من مولاه وجاء هذا وأخذ بتلبيب هذا، وأخذ هذا بتلبيب هذا (3) وقال كل واحد منهما لصاحبه: أنت عبدي قد اشتريتك قال: يحكم بينهما من حيث افترقا فيذرع الطريق فأيهما كان أقرب فالذي أخذ فيه هو الذي سبق الذي هو أبعد (4)، وإن كانا سواء فهما رد على مواليهما (5) ".
(1) قال المولى المجلسي - رحمه الله -: لا خلاف عندنا في أن الطلاق باليمين باطل و الطلاق ثلاثا في مجلس واحد أيضا باطل فالظاهر حمله على التقية لبيان جهلهم، على أنه عليه السلام لم يقل ان الطلاق صحيح بل ذكر امكان معرفة ذلك فتوجيه المصنف لا وجه له. أقول: وأما الحمل على التقية فقول المصنف مبنى عليه وأما معرفة الامكان فهو بعض ما ذكره المصنف. (2) هو سالم بن مكرم وقد يكنى أبا خديجة وتقدم الكلام فيه تحت رقم 3216.
(3) لببه تلبيبا: جمع ثيابه عند نحره في الخصومة وجره. (4) المملوكان المأذون لهما إذا ابتاع كل واحد منهما صاحبه من مولاه حكم بعقد السابق بخلاف المتأخر لبطلان اذنه بانتقاله عن ملك مالكه، ثم ان كان شراء كل واحد منهما لنفسه وقلنا بملكه فبطلان الثاني واضح لانه لا يملك العبد سيد. وان أحلنا الملك وكان شراؤه لسيده صح السابق وكان الثاني فضوليا فيقف على اجازة من اشترى له، ولو كان وكيلا وقلنا بأن وكالة العبد لا تبطل بالبيع فصح الثاني أيضا والا فكالمأذون، والفرق بينهما ان الاذن ما جعلت تابعة للملك والوكالة ما أباحت التصرف في العين مطلقا، ولو اقترنا لم يمضيا بل يوقفان على الاجازة، وقيل بالقرعة والقائل الشيخ وفرضها في صورة التساوى في المسافة واشتباه الحال وقيل بذرع الطريق لرواية أبى خديجة. (المسالك) (5) زاد في الكافي ج 5 ص 218 " جاءا سواء وافترقا سواء الا أن يكون أحدهما =
[ 19 ]
3248 - وفي رواية إبراهيم بن محمد الثقفي قال: " استودع رجلان امرأة وديعة وقالا لها: لا تدفعي إلى واحد منا حتى نجتمع عندك، ثم انطلقا فغابا فجاء أحدهما إليها وقال: أعطيني وديعتي فإن صاحبي قد مات، فأبت حتى كثر اختلافه إليها ثم أعطته، ثم جاء الاخر فقال: هاتي وديعتي، قالت: اخذها صاحبك وذكر أنك قد مت فارتفعا إلى عمر فقال لها عمر: ما أراك إلا وقد ضمنت؟ فقالت المرأة: اجعل عليا عليه السلام بيني وبينه، فقال له: اقض بينهما، فقال علي عليه السلام: هذه الوديعة عندها (1) وقد أمرتماها ألا تدفعها إلى واحد منكما حتى تجتمعا عندها فائتني بصاحبك ولم يضمنها، وقال علي عليه السلام: إنما أرادا أن يذهبا بمال المرأة ". 3249 - وروى عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: " كان لرجل على عهد علي عليه السلام جاريتان فولدتا جميعا في ليلة واحدة إحداهما ابنا والاخرى بنتا فعمدت (2) صاحبة الابنة فوضعت ابنتها في المهد الذي كان فيه الابن وأخذت ابنها،
فقالت صاحبة الابنة: الابن ابني، وقالت صاحبة الابن: الابن ابني، فتحاكما (3) إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأمر أن يوزن لبنهما، وقال: أيتهما كانت أثقل لبنا فالابن لها ". 3250 - وقال أبو جعفر عليه السلام (4): " ضرب رجل رجلا في هامته على عهد أمير المؤمنين عليه السلام فادعى المضروب أنه لا يبصر بعينيه شيئا، وأنه لا يشم رائحة،
= سبق صاحبه فالسابق هو له ان شاء باع وان شاء أمسك وليس له أن يضربه " وقال في رواية اخرى " إذا كانت المسافة سواء يقرع بينهما فأيما وقعت القرعة به كان عبده " والضمير راجع الى الاخر المعلوم بقرينة المقام، وفى التهذيب " عبد الاخر ". (1) رواه الكليني ج 7 ص 428 وفيه " هذه الوديعة عندي " ولعل المعنى افرض أنها عندي أو عندها فلا يجوز دفعها الا مع حضوركما. (2) في بعض النسخ " فغدت ". (3) الصواب " فتحاكمتا ". (4) رواه الكليني ج 7 ص 323 مع اختلاف في اللفظ عن على بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن محمد بن الوليد، عن محمد بن فرات، عن الاصبغ بن نباتة قال: سئل أمير المؤمنين عليه السلام.
[ 20 ]
وأنه قد خرس فلا ينطق، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن كان صادقا فقد وجبت له ثلاث ديات النفس، فقيل له: وكيف يستبين ذلك منه يا أمير المؤمنين حتى نعلم أنه صادق؟ فقال: أما ما ادعاه في عينيه وأنه لا يبصر بهما فإنه يستبين ذلك بأن يقال له: ارفع عينيك إلى عين الشمس فإن كان صحيحا لم يتمالك إلا أن يغمض عينيه (1) وإن كان صادقا لم يبصر بهما وبقيت عيناه مفتوحتين، وأما ما ادعاه في خياشيمه (2) وأنه لا يشم رائحة فانه يستبين ذلك بحراق يدني من أنفه (3) فان كان صحيحا وصلت رائحة الحراق إلى دماغه ودمعت عيناه ونحى برأسه (4) وأما ما ادعاه في لسانه من الخرس وأنه لا ينطق فإنه يستبين (5) ذلك بإبرة تضرب على لسانه فإن كان ينطق خرج الدم أحمر، وإن
كان لا ينطق خرج الدم أسود ". (6) 3251 - وروى سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباته قال: " اتي عمر بن الخطاب بجارية فشهد عليها شهود أنها بغت، وكان من قصتها أنها كانت يتيمة عند رجل وكان للرجل امرأة وكان الرجل كثيرا ما يغيب عن أهله فشبت اليتيمة، وكانت جميلة فتخوفت
(1) مفعول " لم يتمالك " محذوف يدل عليه ما سبقه أي لم يتمالك رفع عينيه الى عين الشمس لانه حينئذ يغمض عينيه فيكون " أن " مخففة من المثقلة محذوفا عنها حرف الجر، لا ناصبة، ويمكن أن يكون " يغمض عينيه " بيانا لقوله عليه السلام: " لم يتمالك ". (مراد) (2) الخيشوم أقصى الانف. (3) الحراق - بضم الحاء المهملة - والحراقة: ما تقع فيه النار عند القدح، والعامة تقوله بالتشديد. (الصحاح). (4) نحى: مال على أحد شقيه، نحى بصره إليه: أماله. (5) في بعض النسخ " يستبرأ " هنا وكذا في المواضع الثلاثة المتقدمة. (6) عمل بهذا الخبر بعض الاصحاب، والاكثر عملوا بالقسامة وحملوه على اللوث. وقال الشهيد - رحمه الله - في ابطال الشم من المنخرين معا الدية ومن أحدهما خاصة نصفها، ولو ادعى ذهابه وكذبه الجاني عقيب جناية يمكن زواله بها اعتبر بالروائح الطيبة والخبيثة والروائح الحادة فان تبين حاله وحكم به. ثم احلف القسامة ان لم يظهر بالامتحان وقضى له.
[ 21 ]
المرأة أن يتزوجها زوجها إذا رجع إلى منزله فدعت بنسوة من جيرانها فأمسكنها ثم اقتضتها بإصبعها (1) فلما قدم زوجها سأل امرأته عن اليتيمة، فرمتها بالفاحشة وأقامت البينة من جيرانها على ذلك، قال: فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فلم يدر كيف يقضي في ذلك، فقال للرجل: اذهب بها إلى علي بن أبي طالب: فأتوا عليا وقصوا
عليه القصة، فقال لامرأة الرجل: ألك بينة؟ قالت: نعم هؤلاء جيراني (2) يشهدن عليها بما أقول، فأخرج علي عليه السلام السيف من غمده وطرحه بين يديه ثم أمر بكل واحدة من الشهود، فأدخلت بيتا ثم دعا بامرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها فردها إلى البيت الذي كانت فيه، ثم دعا بإحدى الشهود وجثا على ركبتيه و قال لها: أتعرفيني أنا علي بن أبي طالب وهذا سيفي وقد قالت امرأة الرجل ما قالت ورجعت إلى الحق وأعطيتها الامان فاصدقيني وإلا ملات سيفي منك، فالتفتت المرأة إلى علي (3) فقالت: يا أمير المؤمنين الامان على الصدق؟ فقال لها علي عليه السلام: فاصدقي، فقالت لا والله مازنت اليتيمة ولكن امرأة الرجل لما رأت حسنها وجمالها وهيئتها خافت فساد زوجها فسقتها المسكر، ودعتنا فأمسكناها فاقتضتها بإصبعها، فقال علي عليه السلام: الله اكبر، الله اكبر أنا أول من فرق بين الشهود إلا دانيال ثم حد المرأة حد القاذف وألزمها ومن ساعدها على اقتضاض اليتيمة المهر لها أربع مائة درهم، وفرق بين المرأة وزوجها وزوجه اليتيمة، وساق عنه المهر إليها من ماله. فقال عمر بن الخطاب: فحدثنا يا أبا الحسن بحديث دانيال النبي عليه السلام فقال: إن دانيال كان غلاما يتيما لا أب له ولا أم، وإن امرأة من بني إسرائيل عجوزا ضمته إليها وربته وإن ملكا من ملوك بني اسرائيل كان له قاضيان، وكان له صديق و كان رجلا صالحا، وكانت له امرأة جميلة وكان يأتي الملك فيحدثه فاحتاج الملك إلى رجل يبعثه في بعض اموره فقال للقاضيين: اختارا لي رجلا أبعثه في بعض اموري، فقالا: فلان، فوجهه الملك، فقال الرجل للقاضيين أوصيكما بامرأتي خيرا، فقالا.
(1) اقتضتها - بالقاف - أي رفعت بكارتها. (2) الصواب " جاراتي ". (3) الصواب عمره
[ 22 ]
نعم فخرج الرجل وكان القاضيان يأتيان باب الصديق فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها فأبت عليهما فقالا لها، إن لم تفعلي شهدنا عليك عند الملك بالزنا ليرجمك،
فقالت: افعلا ما شئتما فأتيا الملك، فشهدا عليها أنها بغت وكان لها ذكر حسن جميل، فدخل الملك من ذلك أمر عظيم اشتد غمه وكان بها معجبا فقال لهما: إن قولكما مقبول فأجلوها ثلاثة أيام ثم ارجموها، ونادى في مدينته احضروا قتل فلانة العابدة فإنها قد بغت وقد شهد عليها القاضيان بذلك فأكثر الناس القول في ذلك فقال الملك لوزيره: ما عندك في هذا حيلة؟ فقال: لا والله ما عندي في هذا شئ. فلما كان اليوم الثالث ركب الوزير وهو آخر أيامها، فإذا هو بغلمان عراة يلعبون، وفيهم دانيال فقال دانيال: يا معشر الصبيان تعالوا حتى أكون أنا الملك و تكون أنت يا فلان فلانة العابدة ويكون فلان وفلان القاضيين الشاهدين عليها ثم جمع ترابا وجعل سيفا من قصب، ثم قال للغلمان: خذوا بيد هذا فنحوه إلى موضع كذا - والوزير واقف - وخذوا هذا فنحوه إلى موضع كذا، ثم دعا بأحدهما فقال: قل حقا فإنك إن لم تقل حقا قتلتك، قال: نعم - والوزير يسمع - فقال له: بم تشهد على هذه المرأة؟ قال: أشهد أنها زنت، قال: في أي يوم؟ قال: في يوم كذا وكذا قال: في أي وقت؟ قال: في وقت كذا وكذا، قال: في أي موضع؟ قال في موضع كذا وكذا، قال: مع من؟ قال: مع فلان بن فلان، فقال: ردوا هذا إلى مكانه، وهاتوا الاخر، فردوه وجاؤوا بالاخر فسأله عن ذلك فخالف صاحبه في القول، فقال دانيال: الله أكبر، الله اكبر شهدا عليها بزور، ثم نادى في الغلمان إن القاضيين شهدا على فلانة بالزور فحضروا قتلهما، فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره بالخبر فبعث الملك إلى القاضيين فأحضرهما ثم فرق بينهما، وفعل بهما كما فعل دانيال بالغلامين فاختلفا كما اختلفا، فنادى في الناس وأمر بقتلهما " (1).
(1) مروى في الكافي ج 7 ص 425 عن على بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبى عمير عن معاوية بن وهب، عن أبى عبد الله عليه السلام مع اختلاف في اللفظ دون المعنى.
[ 23 ]
3252 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " وجد على عهد أمير المؤمنين صلوت الله عليه رجل مذبوح في خربة وهناك رجل بيده سكين ملطخ بالدم فأخذ ليؤتى به أمير - المؤمنين عليه السلام فأقر أنه قتله، فاستقبله رجل فقال لهم: خلوا عن هذا فأنا قاتل صاحبكم فأخذ أيضا واتي به مع صاحبه أمير المؤمنين عليه السلام فلما دخلوا قصوا عليه القصة، فقال للاول: ما حملك على الاقرار؟ قال: يا أمير المؤمنين إني رجل قصاب وقد كنت ذبحت شاة بجنب الخربة فأعجلني البول، فدخلت الخربة وبيدي سكين ملطخ بالدم فأخذني هؤلاء وقالوا: أنت قتلت صاحبنا، فقلت: ما يغني عني الانكار شيئا وههنا رجل مذبوح وأنا بيدي سكين ملطخ بالدم فأقررت لهم أني قتلته، فقال علي عليه السلام للاخر: ما تقول أنت؟ قال: أنا قتلته يا أمير المؤمنين فقال أمير المؤمنين عليه السلام: اذهبوا إلى الحسن ابني ليحكم بينكم، فذهبوا إليه وقصوا عليه القصة فقال عليه السلام: أما هذا فان كان قد قتل رجلا فقد أحيا هذا والله عز وجل يقول: " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " ليس على أحد منهما شئ وتخرج الدية من بيت المال لورثة المقتول " (1). 3253 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " توفي رجل على عهد أمير المؤمنين عليه السلام وخلف ابنا وعبدا فادعى كل واحد منهما أنه الابن وأن الاخر عبد له، فأتيا أمير المؤمنين عليه السلام فتحاكما إليه فأمر أمير المؤمنين عليه السلام أن يثقب في حائط المسجد ثقبين، ثم أمر كل واحد منهما أن يدخل رأسه في ثقب ففعلا، ثم قال: يا قنبر جرد
(1) مروى في الكافي ج 7 ص 288 والتهذيب ج 2 ص 96 مع اختلاف في اللفظ واتفاق في المعنى لكن في الكافي بسند فيه ارسال عن أبى عبد الله عليه السلام، وقال الشهيد (ره) في المسالك بمضمون هذه الرواية عمل أكثر الاصحاب مع أنها مرسلة مخالفة للاصول، والاقوى تخير الولى في تصديق أيهما شاء والاستيفاء منه، وعلى المشهور لو لم يكن بيت مال أشكل درء القصاص عنهما واذهاب حق المقر له مع أن مقتضى التعليل ذلك، ولو لم يرجع الاول عن اقراره فمقتضى التعليل بقاء الحكم أيضا والمختار التخيير مطلقا.
[ 24 ]
السيف وأسر إليه لا تفعل ما آمرك به، ثم قال: اضرب عنق العبد، قال: فنحى العبد رأسه فأخذه أمير المؤمنين عليه السلام وقال للاخر: أنت الابن، وقد أعتقت هذا وجعلته مولى لك ". (1) 3254 - وروى عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة قال: اتي عمر بن الخطاب بامرأة تزوجها شيخ فلما أن واقعها مات على بطنها، فجاءت بولد فادعى بنوه أنها فجرت وتشاهدوا عليها فأمر بها عمر أن ترجم فمروا بها على علي بن أبي طالب عليه السلام، فقالت: يا ابن عم رسول الله إني مظلومة وهذه حجتي، فقال: هاتي حجتك، فدفعت إليه كتابا فقرأه، فقال: هذه المرأة تعلمكم بيوم تزوجها ويوم واقعها وكيف كان جماعه لها (2) ردوا المرأة، فلما كان من الغد دعا علي عليه السلام بصبيان يلعبون أتراب (3) وفيهم ابنها، فقال لهم: العبوا، فلعبوا حتى إذا ألهاهم اللعب، فصاح بهم فقاموا وقام الغلام الذي هو ابن المرأة متكئا على راحتيه، فدعا به علي عليه السلام فورثه من أبيه، وجلد إخوته المفترين حدا حدا، فقال له عمر: كيف صنعت؟ قال: عرفت ضعف الشيخ في تكأة الغلام على راحتيه " (4). 3255 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " دخل علي عليه السلام المسجد فاستقبله شاب وهو يبكي وحوله قوم يسكتونه، فقال عليه السلام: ما أبكاك؟ فقال: يا أمير المؤمنين إن شريحا قضى علي بقضية ما أدري ما هي إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في سفرهم فرجعوا ولم يرجع أبي فسألتهم عنه، فقالوا: مات فسألتهم عن ماله فقالوا: ما ترك مالا فقدمتهم إلى شريح فاستحلفهم، وقد علمت يا أمير المؤمنين أن أبي خرج ومعه
(1) لعله بطريق الاستيذان والالتماس لا بطريق الحكم والقطع. (2) أي تدعى مع القرائن من القبالة وغيرها. (3) الاتراب الذين ولدوا معا وسنهم واحد.
(4) يكفى في سقوط الحد شبهة وفى هذا الواقع كان صلوات الله عليه علم الواقع فيحكم بالواقع بامثال هذه الحيل الشرعية. (م ت)
[ 25 ]
مال كثير، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام: ارجعوا فردوهم جميعا والفتى معهم إلى شريح، فقال له: يا شريح كيف قضيت بين هؤلاء؟ فقال، يا أمير المؤمنين ادعى هذا الغلام على هؤلاء النفر أنهم خرجوا في سفر وأبوه معهم فرجعوا ولم يرجع أبوه، فسألتهم عنه فقالوا: مات فسألتهم عن ماله فقالوا: ما خلف شيئا، فقلت للفتى: هل لك بينة على ما تدعي؟ فقال: لا، فاستحلفتهم، فقال علي عليه السلام: يا شريح هيهات هكذا تحكم في مثل هذا (1)، فقال: كيف هذا يا امير المؤمنين؟ فقال على عليه السلام: يا شريح والله لاحكمن فيهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلا داود النبي عليه السلام، يا قنير ادع لي شرطة الخميس فدعاهم فوكل بهم بكل واحد منهم رجلا من الشرطة، ثم نظر أمير المؤمنين عليه السلام إلى وجوههم، فقال: ماذا تقولون أتقولون إني لا أعلم ما صنعتم بأب هذا الفتى إني إذا لجاهل، ثم قال: فرقوهم وغطوا رؤوسهم ففرق بينهم واقيم كل واحد منهم إلى اسطوانة من اساطين المسجد ورؤوسهم مغطاة بثيابهم، ثم دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه، فقال: هات صحيفة ودواة، وجلس علي عليه السلام في مجلس القضاء، واجتمع الناس إليه فقال: إذا أتا كبرت فكبروا، ثم قال للناس: افرجوا، ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه فكشف عن وجهه، ثم قال لعبيد الله اكتب إقراره وما يقول، ثم أقبل عليه بالسؤال، ثم قال له: في أي يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم؟ فقال الرجل: في يوم كذا وكذا، فقال: وفي أي شهر؟ فقال: في شهر كذا وكذا، وقال: وإلى أين بلغتم من سفركم حين مات أبو هذا الفتى؟ قال: إلى موضع كذا وكذا، قال: وفي إي منزل؟ قال: في منزل فلان بن فلان، قال: وما كان من مرضه؟ قال: كذا وكذا، قال: وكم يوما مرض؟ قال: كذا وكذا يوما، قال: فمن كان
(1) أي كان يجب عليك أن تسألني في أمثال تلك الوقايع حتى أحكم بالواقع كما اشترطت عليك في القضاء، أو لما كان موضع التهمة كان يجب عليك السؤال والتفتيش، أو لما ادعوا موته وأنه ما خلف مالا كان يمكنك طلب الشهود والتفريق حتى تبين الحق، أو لما خرج معهم كان يجب عليهم أن يردوه أو يثبتوا موته وأنه لم يخلف شيئا كما تدل عليه أخبار كثيرة.
[ 26 ]
يمرضه؟ وفي إي يوم مات؟ ومن غسله؟ وأين غسله؟ ومن كفنه؟ وبما كفنتموه؟ ومن صلى عليه؟ ومن نزل قبره؟ فلما سأله عن جميع ما يريد كبر علي عليه السلام وكبر الناس معه، فارتاب أولئك الباقون ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه، فأمر أن يغطى رأسه، وأن ينطلقوا به إلى الحبس. ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه، ثم قال: كلا زعمت أني لا أعلم ما صنعتم، فقال: يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد من القوم ولقد كنت كارها لقتله فأقر، ثم دعا بواحد بعد واحد فكلهم يقر بالقتل وأخذ المال، ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن فأقر أيضا فألزمهم المال والدم. فقال شريح: يا أمير المؤمنين وكيف كان حكم داود؟ فقال عليه السلام: إن داود النبي عليه السلام مر بغلمة يلعبون وينادون بعضهم بعضا: مات الدين، فدعا منهم غلاما فقال له: يا غلام ما اسمك؟ قال: اسمي مات الدين فقال له داود عليه السلام من سماك بهذا الاسم؟ قال: امي، فانطلق إلى امه، فقال يا امرأة ما اسم ابنك هذا؟ قالت: مات الدين، فقال لها: ومن سماه بهذا الاسم! قالت: أبوه، قال: وكيف كان ذلك؟ قالت: إن أباه خرج في سفر له ومعه قوم هذا الصبي حمل في بطني، فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي، فسألتهم عنه فقالوا: مات، قلت: أين ما ترك؟ قالوا: لم يخلف مالا فقلت: أوصاكم بوصية؟ قالوا: نعم زعم أنك حبلى فما ولدت من ولد ذكر أو أنثى فسميه
مات الدين فسميته، فقال، أتعرفين القوم الذين كانوا خرجوا مع زوجك؟ قالت: نعم، قال: فأحياء هم أم أموات؟ قالت: بل أحياء، قال: فانطلقي بنا إليهم ثم مضى معها فاستخرجهم من منازلهم فحكم بينهم بهذا الحكم فثبت عليهم المال والدم، ثم قال المرأة: سمي ابنك هذا عاش الدين. ثم إن الفتى والقوم اختلفوا في مال أب الفتى كم كان فأخذ علي عليه السلام خاتمه وجمع خواتيم عدة، ثم قال: أجيلوا هذه السهام فأيكم أخرج خاتمي فهو الصادق
[ 27 ]
في دعواه لانه سهم الله عزوجل (1) وهو سهم لا يخيب ". 3256 - و " قضى علي عليه السلام في امرأة أتته فقالت: إن زوجي وقع على جاريتي بغير إذني، فقال للرجل: ما تقول؟ فقال: ما وقعت عليها إلا بإذنها، فقال علي عليه السلام: إن كنت صادقة رجمناه، وإن كنت كاذبة ضربناك حدا؟ واقيمت الصلاة فقام علي عليه السلام يصلي، ففكرت المرأة في نفسها فلم ترلها في رجم زوجها فرجا ولا في ضربها الحد، فخرجت ولم تعد ولم يسأل عنها أمير المؤمنين عليه السلام ". 3257 - و " قضى علي عليه السلام في رجل جاء به رجلان فقالا: إن هذا سرق درعا، فجعل الرجل يناشده لما نظر في البينة (2) وجعل يقول: والله لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله ما قطع يدي أبدا، قال: ولم؟ قال: كان يخبره ربي عزوجل أني بريئ فيبرأني ببرأتي، فلما رأى علي عليه السلام مناشدته إياه دعا الشاهدين، وقال لهما: اتقيا الله ولا تقطعا يد الرجل ظلما وناشدهما، ثم قال: ليقطع أحدكما يده ويمسك الاخر يده، فلما تقدما إلى المصطبة (3) ليقطعا يده ضربا الناس حتى اختلطوا فلما اختلطوا أرسلا الرجل في غمار الناس (4) وفرا حتى اختلطا بالناس، فجاء الذي شهدا عليه فقال يا أمير المؤمنين شهد علي الرجلان ظلما فلما ضربا الناس واختلطوا أرسلاني وفرا ولو كانا صادقين لما فرا ولم يرسلاني، فقال علي عليه السلام: من يدلني على هذين الشاهدين
انكلهما "؟ (5).
(1) قال العلامة المجلسي: قوله " لانه سهم الله " أي القرعة أو خاتمه عليه السلام ولعله حكم في واقعة لا يتعداه، وعلى المشهور بين الاصحاب ليس هذا موضع القرعة بل عندهم أن القول قول المنكر مع اليمين. (2) مروى في الكافي ج 7 ص 294 بسند حسن كالصحيح عن محمد بن قيس عن أبى - جعفر عليه السلام، وفى القاموس ناشدة مناشدة ونشادا: حلفه. (3) المصطبة - بالكسر - كالدكان للجلوس عليه. (القاموس) (4) غمار الناس جمعهم المتكاثف. (5) من التنكيل أي أجعلهما نكالا أي عبرة لغيرهما.
[ 28 ]
باب * (الحجر والافلاس) * (1) 3258 - روى الاصبغ بن نباتة (2) عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قضى أن يحجر على الغلام المفسد حتى يعقل، وقضى عليه السلام في الدين أنه يحبس صاحبه، فإذا تبين إفلاسه والحاجة فيخلى سبيله حتى يستفيد مالا (4)، وقضى عليه السلام في الرجل يلتوي على غرمائه (4) أنه يحبس ثم يأمر به فيقسم ماله بين غرمائه بالحصص فإن أبى باعه فقسمه بينهم ". 3259 - وسأل أبو أيوب الخزاز أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يحيل الرجل بالمال أيرجع عليه (5)؟ قال: لا يرجع عليه أبدا إلا أن يكون قد أفلس قبل ذلك ".
(1) الحجر: المنع والمحجور: الممنوع، وأفلس الرجل أي صار مفلسا كأنما صارت دراهمه فلوسا وزيوفا. (الصحاح) (2) طريق المصنف الى الاصبغ ضعيف بحسين بن علوان الكلبى وعمرو بن ثابت كما في
الخلاصة فان الاول عامى وان كان له ميل ومحبة شديدة حتى قيل انه كان مؤمنا، والثانى لم يثبت مدحه ولا توثيقه مع قول فيه بالضعف والله أعلم. (جامع الرواة) (3) الظاهر أن الحبس إذا كان له أصل مال أو كان الدعوى مالا أما إذا كان مثل المهر فلا حبس. (م ت) (3) لواه بدينه ليا مطله (القاموس) لويت الحبل فتلته، ولوى الرجل رأسه وألوى برأسه: أمال وأعرض، وقوله تعالى: " وان تلووا وتعرضوا " بواوين قال ابن عباس هو القاضى يكون ليه واعراضه لاحد الخصمين على الاخر. (الصحاح) (5) يدل على ما هو مقطوع به في كلام الاصحاب من عدم جواز الرجوع مع العلم بالافلاس وجوازه مع عدمه والخبر بباب الحوالة أنسب من هذا الباب.
[ 29 ]
باب * (الشفاعات في الاحكام) * 3260 - روى السكوني باسناده قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: " لا يشفعن أحدكم في حد إذا بلغ الامام فإنه لا يملكه فيما يشفع فيه، وما لم يبلغ الامام فانه يملكه فاشفع فيما لم يبلغ الامام إذا رأيت الندم، واشفع فيما لم يبلغ الامام في غير الحد مع رجوع المشفوع له، ولا تشفع في حق امرئ مسلم أو غيره إلا بإذنه " (1). باب * (الحبس بتوجه الاحكام) * 3261 - روى صفوان بن مهران، عن عامر بن السمط (2)، عن علي بن الحسين عليهما السلام " في الرجل يقع على اخته، قال: يضرب ضربة بالسيف بلغت منه ما بلغت، فإن عاش خلد في الحبس حتى يموت ". (3) 3262 - وروى السكوني باسناده (4) " أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في رجل أمر
(1) رواه الكليني ج 7 ص 254 عن على، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبى عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام، والخبر بباب الحدود أنسب من هذا الباب، وقيل المراد بعدم البلوغ عدم الثبوت عنده بالبينة الشرعية وان كان قد ذكر عنده، إذ لا يعقل الشفاعة بدونه، وقال سلطان العلماء: لا يلزم أن يكون الشفاعة عند الامام لعلها يكون عند من يرفعه الى الامام. (2) عامر بن السمط تابعي لم أجده في كتب رجال القدماء من أصحابنا وعنونه ابن الحجر في التقريب والتهذيب ونقل توثيقه عن جماعة منهم. وفى بعض النسخ " عمرو بن السمط " ولم أجده. (3) قوله " يقع " من الوقاع وهو الجماع، وقوله " بلغت منه ما بلغت " أي سواء قتله أم لا، ولا يشترط في نكاح المحارم الاحصان، والخبر ببعض أبواب كتاب الحدود أنسب. (4) يعنى عن أبى عبد الله عن آبائه عليهم السلام.
[ 30 ]
عبده أن يقتل رجلا فقتله، قال: هل عبد الرجل إلا كسوطه وسيفه، فقتل السيد واستودع العبد السجن " (1). 3263 - و " رفع ثلاثة نفر إلى علي عليه السلام (2) أما واحد منهم أمسك رجلا وأقبل الاخر فقتله، والثالث في الرؤية يراهم (3)، فقضى علي عليه السلام في الذي في الرؤية
(1) في التهذيب والكافي ج 7 ص 385 " يقتل السيد به ويستودع العبد السجن " وسيأتى الخبر في المجلد الرابع بلفظ الكافي والتهذيب، ثم اعلم أن الشيخ وجماعة من الاصحاب فهموا معارضة بين هذا الخبر وبين الخبر الذى رواه ابن محبوب عن ابن رئاب، عن زرارة عن أبى - جعفر عليه السلام " في رجل أمر رجلا بقتل رجل فقتله، فقال: يقتل به الذى قتله ويحبس الامر في الحبس حتى يموت " حيث كان القود في الاول على الامر وفى خبر زرارة على المباشر فلذا تكلفوا في خبر السكوني وحملوه على وجوه بعيدة مثل حمل العبد على غير المميز أو غير البالغ أو على
أن السيد كان معتادا بأمر عبده بقتل الناس وأمثال ذلك، والحق أنه لا تعارض بين الخبرين فان خبر زرارة في الكافي والتهذيبين سقط منه لفظة " حرا " بعد قوله " رجلا " ففى الفقيه في باب القود ومبلغ الدية روى خبر زرارة هكذا " في رجل أمر رجلا حرا أن يقتل رجلا فقتله - الحديث " فان قلنا بالسقط في الثلاثة فلا حاجة الى تكلف الحمل لان أحدهما حكم العبد والثانى حكم الحر والفرق واضح فان العبد على ما في تعليل الامام عليه السلام بمنزلة الالة لانه كثيرا ما يكون أسيرا في يد مولاه خائفا منه على نفسه وان قتله مولاه لا يقتل به خلاف الأجنبي الحر، وان قلنا بأن الاصل ما في الكافي والتهذيبين وبزيادة لفظة " حرا " من الصدوق ذكرها توضيحا فحمله أقرب مما حملوه عليه، ونقل العلامة في المختلف ص 240 عن الشيخ في الخلاف أنه قال: اختلف روايات أصحابنا في أن السيد إذا أمر عبده بقتل غيره فقتله فعلى من يجب القود فروى في بعضها أن على السيد القود وفى بعضها أن على العبد القود ولم يفصلوا، قال: والوجه في ذلك أنه ان كان العبد مخيرا عاقلا يعلم أن ما أمره به معصية فان القود على العبد، وان كان صغيرا أو كبيرا لا يميز واعتقد أن جميع ما يأمره به سيده واجب عليه فعله كان القود على السيد - انتهى، أقول: في صورة كون العبد صغيرا أو كبيرا لا يميز أن الحكم بحبسه أبدا مشكل فتأمل. (2) رواه الكليني كالخبر السابق ج 4 ص 288 عن القمى، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبى عبد الله عليه السلام. (3) قيل: لعل المراد من يرى الاطراف لئلا يطلع أحد.
[ 31 ]
أن تسمل عيناه (1)، وقضى في الذي أمسك أن يحبس حتى يموت كما أمسكه، وقضى في الذي قتل أن يقتل ". 3264 - وفي رواية حماد، عن حريز (2) أن أبا عبد الله عليه السلام قال: " لا يخلد في السجن إلا ثلاثة: الذي يمسك على الموت يحفظه حتى يقتل (3) والمرأة المرتدة عن الاسلام (4)، والسارق بعد قطع اليد والرجل " (5).
3265 - وروى عبد الله بن سنان (6) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " على الامام أن يخرج المحبوسين في الدين يوم الجمعة إلى الجمعة، ويوم العيد إلى العيد، فيرسل معهم، فإذا قضوا الصلاة والعيد ردهم إلى السجن ". 3266 - وفي رواية أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن علي عليه السلام أنه قال: " يجب على الامام أن يحبس الفساق من العلماء والجهال من الاطباء، والمفاليس (7) من
(1) سملت عينه إذا فقأتها وقلعتها بحديدة (2) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 485 والاستبصار ج 4 ص 255 بسند صحيح. (3) بيان ليمسك أي أمسك حتى قتله آخر، أو أمر بقتله، وهذه الجملة المفسرة ليست في الكتابين. (4) وان كانت فطرية، ولا تقتل المرأة بالارتداد بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتى ترجع وتصلى. (م ت) (5) يعنى بعد قطع اليد اليمنى في الاولى والرجل اليسرى في الثانية، فيحبس في الثالثة أبدا الا أن يسرق في السجن فيقتل. (6) كذا في بعض النسخ وفى بعضها " عبد الله بن سيابة " كما في التهذيب وهو أخو عبد - الرحمن بن سيابة ولعله العلاء بن سبابة فصحف. (7) لعل وجه حبسهم أن لا يخدعوا الناس بأخذ الاموال فيذهبوا به بالمدافعة و التأخير. (سلطان)
[ 32 ]
الاكرياء " (1). وقال عليه السلام: " حبس الامام بعد الحد ظلم " (2). باب الصلح 3267 - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه
والصلح جائز بين المسلمين (3) إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا " (4).
(1) في التهذيب أيضا مرسل، والاكرياء جمع المكارى ولعل المراد الذين يدافعون ما عليهم ويؤخرون، من قولهم أكريت العشاء أي أخرته، قال الحطيئة: وأكريت العشاء الى سهيل أو الشعرى فطال بى الاناء (2) ما ورد في بعض الموارد مخصص بهذا الخبر. (مراد) (3) روى صدر الخبر الكليني - رحمه الله - ج 7 ص 415 بسند حسن كالصحيح عن ابن أبى عمير، عن الحلبي، عن جميل وهشام، عن أبى عبد الله عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله، وذيله ج 5 ص 258 في الحسن كالصحيح عن ابن أبى عمير عن حفص بن البخترى عن أبى عبد الله عليه السلام هكذا " الصلح جائز بين الناس " دون قوله " الا صلحا - الخ ". (4) قال استاذنا الشعرانى مد ظله في هامش الوافى: لاريب أن كل عقد يوجب حل حرام وحرمة حلال، فان الرجل إذا باع داره حرم له التصرف فيها وكان حلالا وحل للمشترى وكان حراما، وكذلك وطى الزوجة كان حراما وصار حلالا بعقد النكاح وكان خروج المرأة عن بيتها بغير اذن الرجل مباحا عليها وصار حراما، فالمراد تحليل ما كان في الشرع حراما مطلقا وبالعكس ولا يتغيير موضوعه بسبب العقد، مثلا الخمر حرام مطلقا ولا يتغير الخمر عن هذا الاسم بأى عقد كان، والزنا حرام ولكن يتغير موضوعه بعقد النكاح، والتصرف في مال الغير حرام ويتغير موضوعه بالا شتراء فيصير مال نفسه، واستشكل في قوله عليه السلام " أو حرم حلالا " والمتبادر الى الذهن منه أن يصير الحلال كالمحرم يمتنع منه تدينا من أول عمره الى آخره لا أن يمتنع منه في الجملة في وقت خاص وزمان خاص لان الرجل ان التزم بترك عمل كأكل اللحم في شهر بعينه لا يصدق عليه أنه حرم على نفسه اللحم بل إذا التزم بتركه مطلقا والا فما من شرط وعقد وصلح ويمين ونذر الا ويحرم به حلال في الجملة، ولتفصيل ذلك محل آخر.
[ 33 ]
3268 - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام " قال في رجلين كان لكل واحد منهما طعام عند صاحبه ولا يدري كل واحد منهما كم له عند صاحبه، فقال كل واحد منهما لصاحبه: لك ما عندك ولي ما عندي، فقال: لا بأس بذلك إذا تراضيا وطابت أنفسهما ". (1) 3269 - وروى علي بن أبي حمزة قال: " قلت لابي الحسن عليه السلام: رجل يهودي أو نصراني كانت له عندي أربعة آلاف درهم، فمات ألي أن اصالح ورثته ولا اعلمهم كم كان؟ قال: لا يجوز حتى تخبرهم ". (2) 3270 - وروى أبان، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام (3) " في الرجل يكون عليه دين إلى أجل مسمى فيأتيه غريمه ويقول له: انقدلي من الذي لي كذا وكذا وأضع لك بقيته أو يقول: انقد لي بعضا وأمد لك في الاجل فيما بقي، فقال: لا أرى به بأسا ما لم يزد على رأس ماله شيئا يقول الله عزوجل: " فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون
(1) قال الاستاذ: الصلح عقد يعتبر فيه ما يعتبر في مطلق العقود ويترتب عليه أحكام المطلق ولكن ما يختص بعقد مخصوص من الشرائط والاحكام كخيار المجلس والحيوان والشفعة في البيع فلا يجرى في الصلح ومن الشروط المطلقة الرضا وطيب النفس فيعتبر فيه كما يعتبر في سائر العقود ويترتب عليه خيار الفسخ بالشرط المأخوذ فيه إذا تخلف، وأما الغبن والعيب ان لم يكن الصلح مبنيا على المحاباة ولم يعلم طيب نفسهما مع العيب والغبن فلابد أن يلتزم اما ببطلان الصلح أو خيار الفسخ ولا سبيل الى الحكم باللزوم مع عدم طيب النفس والصحيح الخيار والظاهر أن الربا ممنوع في الصلح وقال في الكفاية بجوازه والله العالم - انتهى، أقول: استدل بهذا الخبر على جواز الصلح على المجهول وهو غير سديد إذ غاية ما يستفاد منه ابراء ذمة كل واحد منهما مما في ذمته لصاحبه فيفيد عدم اعتبار خصوص لفظ في الاسقاط. (2) رواه الكليني ج 5 ص 259 عن القمى عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن على بن أبى حمزة عنه عليه السلام وظاهره بطلان الصلح حينئذ، وظاهر الاصحاب سقوط الحق الدنيوي
وبقاء الحق الاخروي. (المرآة) (3) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 65 في الصحيح عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب الثقة، عن أبان بن عثمان المقبول خبره، عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام، ورواه الكليني ج 5 ص 259 في الحسن كالصحيح عن ابن أبى عمير عن أبى عبد الله عليه السلام.
[ 34 ]
ولا تظلمون " (1). 3271 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يعطى أقفزة من حنطة معلومة يطحنون بالدراهم، فلما فرغ الطحان من طحنه نقده الدراهم وقفيزا منه وهو شئ قد اصطلحوا عليه فيما بينهم (2) قال: لا بأس به وإن لم يكن ساعره على ذلك " (3). 3272 - وروى الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم قال: " سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إني كنت عند قاض من قضاة المدينة فأتاه رجلان فقال أحدهما: إني اكتريت من هذا دابة ليبلغني عليها من كذا وكذا إلى كذا وكذا فلم يبلغني الموضع، فقال القاضي لصاحب الدابة بلغته إلى الموضع؟ قال: لاقد أعيت دابتي فلم تبلغ، فقال له القاضي: ليس لك كراء إذ لم تبلغه إلى الموضع الذي اكترى دابتك إليه، قال عليه السلام: فدعوتهما إلي فقلت للذي اكترى: ليس لك يا عبد الله أن تذهب بكراء دابة الرجل كله، وقلت للاخر: يا عبد الله ليس لك أن تأخذ كراء دابتك كله، ولكن انظر قدر ما بقي من الموضع وقدر ما ركبته فاصطلحا عليه (4) ففعلا ".
(1) يدل على جواز الصلح ببعض الحق على بعض المدة، وعلى مدة البعض بزيادتها، وعلى عدم جواز التأجيل بالزيادة على الحق وان كان على سبيل الصلح فانه ربا، والاستدلال بالاية لنفى الزيادة وان دلت في النقص أيضا لكن ثبت جوازه بالاخبار الكثيرة (م ت) ويمكن أن يقال: نفى الظلم في الشقين للتراضي. (المرآة)
(2) يمكن أن يراد بعض الدراهم بأن يعطيه بعض الدراهم المقررة وقدرا من الدقيق عوضا عن بعضها على وجه الصلح. (سلطان) (3) كانه على القفيز والا فقد ساعره على غيره، أو المراد لا بأس وان لم يكن ساعره على شئ من الاصل فيكون حكما منه على سبيل العموم، وقال المولى المجلسي: أي وان لم يقع البيع والشراء على ذلك والصلح أيضا من أنواع المعاوضات. (4) ذلك لان عدم بلوغه كان لعذر وهو اعسار الدابة دون تفريط أو تقصير من المؤجر فلا يبعد توزيع اجرة المسمى أو أجرة المثل على الطريق، والامر بالاصطلاح لعله يكون لعسر مساحة الطريق والتوزيع، أو هو كناية عن التراد بينهما، ثم اعلم أن هذا الخبر رواه الكليني ج 5 ص 290 باسناد صحيح وفيه حذف أو نقصان لعله يخل بالمعنى.
[ 35 ]
3273 - وروى منصور بن يونس، عن محمد الحلبي (1) قال: " كنت قاعدا عند قاض وعنده أبو جعفر عليه السلام جالس فأتاه رجلان فقال أحدهما: إني تكاريت إبل هذا الرجل ليحمل لي متاعا إلى بعض المعادن فاشترطت أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا لان بها سوقا أتخوف أن يفوتني فإن احتبست عن ذلك حططت من الكراء عن كل يوم احتبسته كذا وكذا، وإنه حبسني عن ذلك الوقت كذا وكذا يوما، فقال القاضي: هذا شرط فاسد وفه كراه، فلما قام الرجل أقبل إلي أبو جعفر عليه السلام وقال: شرطه هذا جائز ما لم يحط بجميع كراه " (2). 3274 - وفي رواية عبد الله بن المغيرة عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجلين كان معهما درهمان فقال أحدهما: الدرهمان لي، وقال الاخر: هما بيني وبينك، فقال: أما الذي قال: هما بيني وبينك فقد أقر بأن أحد الدرهمين ليس له وأنه لصاحبه ويقسم الاخر بينهما " (3). 3275 - وروى عبد الله بن مسكان، عن سليمان بن خالد قال: " سألت أبا عبد الله
(1) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 176 باسناده عن محمد الحلبي، ورواه الكليني ج 5 ص 290 بسند موثق. (2) يمكن أن يقال: التكارى المذكور في الرواية مع الاشتراط المذكور يتصور على نحوين أحدهما أن يكون الكرى على تقدير ادخال الرجل المعدن يوم كذا المقدار المعين وعلى تقدير التأخير مقدارا آخر، ولا اشكال في أنه نظير البيع بثمنين أو أزيد، والنحو الاخر أن يكون الكرى معينا ليس غير واشتراط براءة ذمته على تقدير التأخير وهذا ليس كالبيع بثمنين أو أزيد وليس تعليقا في المعاملة ولا مانع من صحته فان بنينا على حفظ القواعد وعدم التخصيص فيها فلابد من حمل الرواية على النحو الثاني أو الحمل على الجعالة وان كان الحمل على الجعالة بعيدا جدا، وان قلنا بأنه لا مانع من تخصيص القواعد بالنص المعتبر فلا مانع من الصحة في كلتا الصورتين (جامع المدارك) ثم اعلم أن ذكر الرواية في كتاب الاجارة أنسب كالخبر السابق وذكرهما المصنف في هذا الباب نظرا إلى لفظ الصلح أو معناه. (3) حمل على ما إذا أقاما البينة أو حلفا أو نكلا. (سلطان)
[ 36 ]
عليه السلام عن رجلين كان لهما مال. منه بأيديهما ومنه متفرق عنهما فاقتسما بالسوية ما كان في أيديهما وما كان غائبا، فهلك نصيب أحدهما مما كان عنه غائبا واستوفى الاخر أيرد على صاحبه؟ قال: نعم ما يذهب بماله " (1). 3276 - وفي رواية ابن فضال، عن أبي جميلة، عن سماك بن حرب، عن ابن طرفة (2) أن رجلين ادعيا بعيرا فأقام كل واحد منهما بينة فجعله علي عليه السلام بينهما " (3). 3277 - وفي رواية الحسين بن أبي العلاء (4) عن إسحاق بن عمار قال: " قال أبو عبد الله عليه السلام في الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهما في ثوب (5) وآخر عشرين درهما في ثوب، فبعث الثوبين ولم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه، قال: يباع الثوبان فيعطى
صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن، والاخر خمسي الثمن، قال: فقلت: فإن صاحب
(1) في بعض النسخ " ما يذهب ماله " و " ما " للنفي، وقال سلطان العلماء: ينبغى حمله على ما في الذمة وان كان يشمل الغير أيضا، وأيضا ينبغى حمله على مااذا لم يصلحا بل اكتفيا بالقسمة، وظاهر ذكره في باب الصلح عدم جواز الصلح أيضا. وقال المولى المجلسي: الخبر يدل على عدم جواز قسمة ما في الذمم بل كل ما حصل لكل واحد منهما كان عليهما، هذا إذا لم يقع الصلح في القسمة. (2) أبو جميلة هو المفضل بن صالح الاسدي النخاس مولاهم ضعيف كذاب يضع الحديث كما في الخلاصة، وسماك بن حرب مذكور في كتب رجال العامة ووثقه ابن معين، يروى عن جماعة منهم تميم بن طرفة الطائى الكوفى الذى وثقه ابن سعد وأبو داود وقال الشافعي: تميم بن طرفة مجهول وتوفى سنة 94 أو 93. والخبر رواه الكليني ج 7 ص 419. (3) أي بعنوان المصالحة ليناسب ذكره في المقام أو انما فعل ذلك لتساوي البينتين، وقال سلطان العلماء: هذا مع عدم اختصاص أحدهما باليد كما سيجئ. (4) الطريق إليه ضعيف بموسى بن سعدان، ومروى في الكافي ج 7 ص 421 أيضا بسند فيه موسى بن سعدان. (5) أي أعطاه ثلاثين درهما ليشترى به ثوبا، والبضاعة طائفة من المال تبعثها للتجارة.
[ 37 ]
العشرين قال: لصاحب الثلاثين اختر أيهما شئت؟ قال: لقد أنصفه " (1). 3278 - وفي رواية السكوني عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام " في رجل استودع رجلا دينارين واستودعه آخر دينارا فضاع دينار منهما، فقال: يعطى صاحب الدينارين دينارا ويقتسمان الدينار الباقي بينهما نصفين ". 3279 - وروي عن صباح المزني رفعه (2) قال: " جاء رجلان إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال أحدهما: يا أمير المؤمنين إن هذا غاداني فجئت أنا بثلاثة أرغفة وجاء هو
بخمسة أرغفة فتغدينا ومر بنا رجل فدعوناه إلى الغداء فجاء فتغدى معنا فلما فرغنا وهب لنا ثمانية دراهم ومضى، فقلت: يا هذا قاسمني فقال: لا أفعل إلا على قدر الحصص من الخبز، قال: إذهبا فاصطلحا، قال: يا أمير المؤمنين إنه يأبى أن يعطيني إلا ثلاثة دراهم ويأخذ هو خمسة دراهم فاحملنا على القضاء، قال: فقال له: يا عبد الله أتعلم أن ثلاثة أرغفة تسعة أثلاث؟ قال: نعم، قال: وتعلم أن خمسة أرغفة خمسة عشر ثلثا؟ قال: نعم، قال: فأكلت أنت من تسعة أثلاث ثمانية وبقي لك واحد وأكل هذا من خمسة عشر ثمانية وبقي له سبعة، وأكل الضيف من خبز هذا سبعة أثلاث ومن خبزك هذا الثلث الذي بقي من خبزك، فأصاب كل واحد منكم ثمانية
(1) قال في المسالك: هذا الحكم مشهور بين الاصحاب ومستندهم رواية اسحاق والمحقق عمل بمقتضى الرواية من غير تصرف وقبله الشيخ وجماعة، وفصل العلامة فقال: ان امكن بيعهما منفردين وجب ثم ان تساويا فلكل واحد ثمن ثوب ولا اشكال، وان اختلفا فالاكثر لصاحبه، وكذا الاقل بناء على الغالب وان أمكن خلافه الا أنه نادر ولا أثر له شرعا، وان لم يمكن صار كالمال المشترك شركة اجبارية كما لو امتزج الطعامان فيقسم الثمن على رأس المال وعليه تنزل الرواية، وأنكر ابن ادريس ذلك كله وحكم بالقرعة وهو أوجه من الجميع لولا مخالفة المشهور وظاهر النص مع أنه قضية في واقعة. (2) صباح بن يحيى المزني ثقة، وروى الخبر الكليني بلفظ آخر عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، وعن على بن ابراهيم، وعن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن ابن الحجاج.
[ 38 ]
أثلاث، فلهذا سبعة دراهم بدل كل ثلث درهم، ولك أنت لثلثك درهم، فخذ أنت درهما وأعط هذا سبعة دراهم ". (باب العدالة)
3280 - روي عن عبد الله بن أبي يعفور (1) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال: أن تعرفوه بالستر (2) والعفاف، وكف البطن والفرج واليد واللسان (3) وتعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عزوجل عليها النار من شرب الخمور، والزنا، والربا، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف وغير ذلك، والدلالة على ذلك كله أن يكون ساترا لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس، ويكون معه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهن، وحفظ مواقيتهن بحضور جماعة من المسلمين (4) وأن لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم إلا من علة فإذا (5) كان كذلك لازما لمصلاه عند حضور الصلوات الخمس، فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلته قالوا: ما رأينا منه إلا خيرا، مواظبا على الصلوات، متعاهدا لاوقاتها في مصلاه، فإن ذلك يجيز شهادته وعدالته
(1) روى الخبر الشيخ في التهذيب ج 2 ص 74 في الصحيح عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن موسى، عن الحسن بن على، عن أبيه، عن على بن عقبة، عن موسى بن أكيل النميري عن ابن أبى يعفور والمراد بالحسن بن على بن فضال الذى يروى عن أبيه، عن على بن عقبة كثيرا. (2) أي يكون مستور العيوب سواء لم يكن له عيب أم كان ولم يعلم لانا مكلفون بالظاهر (م ت) (3) الى هنا معنى أصل العدالة والباقى بيان امور تدل على وجودها في صاحبها. (4) في التهذيبين " باحضار جماعة المسلمين " بدون لفظة " من " ولعله الاصوب. (5) من هنا الى قوله " عدالته بين المسلمين " ليس في التهذيبين.
[ 39 ]
بين المسلمين، وذلك أن الصلاة ستر، وكفارة للذنوب (1) وليس يمكن الشهادة على الرجل بأنه يصلي إذا كان لا يحضر مصلاه ويتعاهد جماعة المسلمين، وإنما جعل
الجماعة والاجتماع إلى الصلاة لكي يعرف من يصلي ممن لا يصلي، ومن يحفظ مواقيت الصلوات ممن يضيع، ولولا ذلك لم يمكن أحد أن يشهد على آخر بصلاح لان من لا يصلي لا صلاح له بين المسلمين، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله هم بأن يحرق قوما في منازلهم لتركهم الحضور لجماعة المسلمين، وقد كان منهم من يصلي في بيته فلم يقبل منه ذلك، وكيف تقبل شهادة أو عدالة بين المسلمين ممن جرى الحكم من الله عز وجل ومن رسوله صلى الله عليه وآله فيه الحرق في جوف بيته بالنار، وقد كان يقول رسول الله صلى الله عليه وآله: لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد مع المسلمين إلا من علة " (2).
(1) من هنا الى قوله " ممن يضيع " ليس في التهذيبين وبعده فيهما هكذا " ولولا ذلك لم يكن لاحد أن يشهد على أحد بالصلاح لان من لم يصل فلا صلاح له بين المسلمين، لان الحكم جرى فيه من الله ومن رسوله صلى الله عليه وآله بالحرق في جوف بيته وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا صلاة لمن لا يصلى في المسجد مع المسلمين الا من علة " وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا غيبة الا لمن صلى في جوف بيته ورغب عن جماعتنا، ومن رغب عن جماعة المسلمين وجبت غيبته وسقطت بينهم عدالته ووجب هجرانه " وإذا رفع الى امام المسلمين أنذره وحذره، فان حضر جماعة المسلمين والا أحرق عليه بيته، ومن لزم جماعتهم حرمت عليهم غيبته وثبتت عدالته بينهم ". (2) قال الاستاذ - مد ظله -: زعم بعض الفقهاء أن الاطلاع على العدالة غير ممكن وهو خطأ فان العدالة كسائر الصفات النفسانية كالبخل والجود والحسد والعلم والجهل والذوق، يدل عليها بالاعمال والظواهر وذكر في هذا الحديث نبذا من أمثلة ما يدل على العدالة وليست توقيفية لان الحكم الشرعي على نفس العدالة لا على ما يدل عليه فإذا علمت بأى دليل كفى، ولو كلفنا الله تعالى بالعلم بالعدالة لم يكن تكليفا بمالا يطاق لان العلم بها ممكن واكتفى بعض علمائنا بحصول الظن بها زعما منه أن تحصيل العلم بها غير ممكن، ونقول هو ممكن بل ميسور وسهل الا في المبتلين بالوسواس الذى يصعب العلم في جميع الاشياء
ومنها العدالة، وتدل الروايات على أن الاصل العدالة فلا يحتاج الى تكلف الدليل عليه.
[ 40 ]
باب * (من يجب رد شهادته ومن يجب قبول شهادته) * 3281 - روي عن عبيد الله بن علي الحلبي قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عما يرد من الشهود؟ فقال: الظنين والمتهم والخصم، قال: قلت: فالفاسق والخائن؟ قال: هذا يدخل في الظنين " (1). 3282 - وفي حديث آخر (2) قال: " لا يجوز شهادة المريب والخصم ودافع مغرم أو أجير أو شريك أو متهم أو تابع (3) ولا تقبل شهادة شارب الخمر، ولا شهادة اللاعب بالشطرنج والنرد، ولا شهادة المقامر " (4). 3283 - وروى علي بن أسباط (5) عن محمد بن الصلت قال: " سألت أبا الحسن
(1) الظنين هو الذى يظن به السوء، والمتهم من يجر بشهادته نفعا كالوصي فيما هو وصى فيه واشتباهه قال في النهاية " لا يجوز شهادة ظنين " أي متهم في دينه فعيل بمعنى مفعول من الظنة التهمة. والخبر رواه الكليني ج 7 ص 395 بسند صحيح عن عبد الله بن سنان وأبى بصير عنه عليه السلام، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 75 بسند صحيح من حديث سليمان ابن خالد وفى أخرى عن أبى بصير عنه عليه السلام. ولعل المراد بالخصم من كان بين المدعى عليه وبينه عداوة وحمل على العداوة الدنيوية. (2) روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 75 في الصحيح عن الحسن بن سعيد، عن زرعة عن سماعة صدره. (3) قوله عليه السلام " دافع مغرم " كشهادة العاقلة بنفى الجناية فبما أمكن فيه شهادة كما إذا شهد شهود بأنه وقع الجناية في يوم الخميس وشهدت العاقلة بانها كانت في يوم الجمعة، والمريب من يحصل الريب في صدقه كالسائل بكفه والعبد لمولاه، والتابع كالخدم والعبيد
المتهمين، وفى بعض النسخ " بايع " كشهادته لاحد المشتريين بملكه قبل قبض الثمن. (م ت) (4) تعميم بعد تخصيص أي من يلعب بالقمار أي قمار كان. (سلطان) (5) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة كان فطحيا فرجع وأما محمد بن الصلت فهو مجهول الحال. وفى الكلافى ج 7 ص 394 عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن أسباط، عن محمد بن الصلت.
[ 41 ]
الرضا عليه السلام عن رفقة كانوا في طريق فقطع عليهم الطريق فاخذ اللصوص (1) فشهد بعضهم لبعض، فقال: لا تقبل شهادتهم إلا بالاقرار من اللصوص أو شهادة من غيرهم عليهم " (2). 3284 - وروى الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " تجوز (3) شهادة العبد المسلم على الحر المسلم ". قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: يعني لغير سيده. 3285 - وروى الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار بن مروان قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام - أو قال: سأله بعض أصحابه - عن الرجل يشهد لابيه أو الاخ لاخيه، أو الرجل لامرأته، قال: لا بأس بذلك إذا كان خيرا (4) تقبل شهادته لابيه، والاب لابنه، والاخ لاخيه ".
(1) في الكافي والتهذيب فأخذوا اللصوص ". (2) ينبغى تخصيص الحكم بما إذا كان المشهود به مما كان لهم فيه شركة (الوافى) وقال العلامة المجلسي: لا خلاف في عدم قبول شهادة كل منهم فيما أخذ منه ولا في قبول شهادته إذا لم يؤخذ منه شئ، وفى شهادته في حق الشركاء إذا اخذ منه أيضا خلاف والاشهر عدم القبول والخبر يدل عليه - انتهى، وقال المولى المجلسي: عمل بمضمون الخبر أكثر الاصحاب، وحمله بعضهم على كونهم شركاء، أو على التقية وهو أظهر لان الغالب أنه
كان في مجلسه بخراسان جماعة من العامة وكان عليه السلام يتقى منهم كثيرا والا فالرفاقة والصحبة لا يمنع من قبول الشهادة عندنا. (3) في بعض النسخ " لا تجوز - الخ " وتفسير المؤلف يؤيد ما في المتن، وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 76 والاستبصار ج 3 ص 16 خبرين عن محمد بن مسلم في أحدهما " تجوز " وفى اخرى " لا تجوز " وقال الشهيد الثاني في شرحه على الشرايع بعد نقل الاختلاف في قبول شهادة المملوك وعد خمسة أقوال: قال ابنا بابويه: لا بأس بشهادة العبد إذا كان عدلا لغير سيده. وهذا يدل على أن النسخة التى عنده بدون لفظة " لا " فالخبر يدل على قبول شهادة العبد وتقييد المصنف - رحمه الله - سيذكر وجهه قريبا. (4) أي إذا كان كل واحد منهم عادلا.
[ 42 ]
3286 - وفي خبر آخر: " أنه لا تقبل شهادة الولد على والده " (1). 3287 - وروى الحسن بن زيد - نحوا مما ذكره - (2) عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: " اتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون قد شرب الخمر فشهد عليه رجلان أحدهما خصي وهو عمرو التميمي والاخر المعلى بن الجارود (3) فشهد أحدهما أنه رآه يشرب وشهد الاخر أنه رآه يقئ الخمر، فأرسل عمر إلى اناس من أصحاب رسول - الله صلى الله عليه واله فيهم علي بن أبي طالب عليه السلام فقال لعلي عليه السلام ما تقول يا أبا الحسن، فإنك الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أعلم هذه الامة وأقضاها بالحق، فإن هذين قد اختلفا في شهادتهما فقال علي عليه السلام: ما اختلفا في شهادتهما وما قاءها حتى شربها (4) فقال: هل تجوز شهادة الخصي؟ فقال عليه السلام: ما ذهاب انثييه (5) إلا كذهاب بعض أعضائه ".
(1) قيل: هذا الخبر وان كان غير مناف للاخبار السابقة لانها له وهذا عليه الا أنه مناف لمنطوق الاية الشريفة " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والاقربين " وكذا قوله تعالى " وأقيموا الشهادة لله " وللاخبار المتواترة بالنهي عن كتمان الشهادة ولقوله تعالى " ومن يكتمها فانه آثم قلبه " وقيل: وجوب شهادة
الولد على الوالد لا يستلزم وجوب قبولها، وقال في المسالك: لا خلاف في قبول شهادة الاقرباء بعضهم لبعض وعلى بعض الا شهادة الولد على والده فان أكثر الاصحاب ذهبوا الى عدم قبولها حتى نقل الشيخ في الخلاف عليه الاجماع، وقد خالف في ذلك المرتضى - قدس سره - لقوله تعالى " كونوا قوامين - الاية " والاخبار، واليه ذهب الشهيد في الدروس وعلى الاول هل يتعدى الحكم الى من علا من الاباء وسفل من الاولاد وجهان. (2) كذا في جمع النسخ. ولا ادرى ما يعنى بهذا الكلام وكأنه وقع فيه سقط. وفى الكافي ج 7 ص 401 والتهذيب ج 2 ص 85 مسندا عن الحسين بن زيد ولعله الحسين بن زيد بن على بن الحسين عليهما السلام الذى يلقب ذا الدمعة. (3) كذا والصواب جارود بن المعلى. (4) قال في الروضة قال الشهيد في شرح الارشاد عليها فتوى الاصحاب لم أقف فيه على مخالف، والعلامة استشكل الحكم في القواعد من حيث ان القيئ وان لم يحتمل الا الشرب الا أن مطلق الشرب لا يوجب الحد لجواز الاكراه، ويندفع بأن الاكراه خلاف الاصل و لانه لو كان لادعاه. (5) في الكافي والتهذيب " ما ذهاب لحيته " ولا منافاة لان الخصى لا تنبت لحيته.
[ 43 ]
3288 - وروى إسماعيل بن مسلم عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: " لا تقبل شهادة ذي شحناء (1) أو ذي مخزية في الدين " (2). 3289 - وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (3): " من شهد عندنا بشهادة ثم غير أخذنا بالاولى وطرحنا الاخرى " (4). 3290 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " لا تصلي خلف من يبغي على الاذان والصلاة بالناس أجرا، ولا تقبل شهادته ". 3291 - وروى العلاء بن سيابة (5) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا تقبل شهادة، صاحب النرد، والاربعة عشر، وصاحب الشاهين (6)، يقول: لا والله، وبلى والله
مات والله شاهه وقتل والله شاهه، والله تعالى ذكره شاهه ما مات ولا قتل " (7).
(1) أي ذاالعداوة الدنيوية وان لم يوجب الفسق. (2) المخزية ما يوجب الخزى كولد الزنا والمحدود قبل التوبة أو غير الاثنى عشرية أو الفاسق مطلقا أو المستخف بأمر الدين كالسائل بالكف والذى يأخذ الاجرة على الاذان والصلاة وأمثالهما (م ت) وفى بعض النسخ " ذى خزية في الدين ". (3) رواه الشيخ بسند ضعيف عن السكوني عن الصادق عن أبيه عن على عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله. (4) حمل على ما إذا كان اقرارا على نفسه لما سيجئ ما ينافيه، والا فالتغير يرفع الامان عن قوله فكيف يؤخذ به، وربما حمل على ما إذا شهد في وقت بحكم بعدالته ثم رجع بعد ما تغير حاله عن العدالة وهو بعيد. (5) الطريق إليه صحيح والعلاء بن سيابة مجهول الحال روى عنه أبان بن عثمان وقيل في روايته عنه اشعار ما بعدم كونه ضعيفا. (6) الاربعة عشر نوع من القمار وكما قال الطريحي: صفان من نقر يوضع فيها شئ يلعب فيه، في كل صف سبع نقر محفورة - انتهى، والشاهين - بصيغة التثنية -: الشطرنج لان فيه شاهين ووزيرين (سلطان) وقال الفاضل التفرشى: ان لكل من المقامرين في الشطرنج ما يسمونه " شاه " بمعنى الملك ينقلونه من بيت من بيوت بساط الشطرنج الى بيت، فإذا صار بحيث لا يمكن نقله الى بيت آخر وله مانع من بقائه في البيت الذى هو فيه يقولون: مات. (7) مروى في الكافي ج 7 ص 396 وفيه " يقول: لا والله، وبلى والله، مات والله =
[ 44 ]
3292 - وروى سماعة بن مهران، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا بأس بشهادة الضيف إذا كان عفيفا صائنا (1)، قال: ويكره شهادة الاجير لصاحبه ولا بأس بشهادته لغيره، ولا بأ س بها له عند مفارقته " (2).
3293 - وروى فضالة، عن أبان قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن شريكين شهد أحدهما لصاحبه، قال: تجوز شهادته إلا في شئ له فيه نصيب " (3). 3294 - وروى عن طلحة بن زيد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: " شهادة الصبيان جائزة بينهم ما لم يتفرقوا أو يرجعوا إلى أهليهم " (4).
= شاه وقتل والله شاه، وما مات وما قتل " أي مع أنه يقامر يحلف بالله وقد نهى الله تعالى عنه وقال سبحانه " ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم " وكذا يكذب وهو قبيح، قال العلامة المجلسي - رحمه الله - لعل هذه الوجوه الاستحسانية انما وردت الزاما على العامة لاعتنائهم بها في المسائل الشرعية والا فالمجاز ليس بكذب ولعل لفظ ما في المتن يكون تفسيرا من المؤلف فسره بذلك فرارا عما ذكر مع أنه لا ينفع كما لا يخفى. (1) أي نفسه عن المحرمات أو حافظا ضابطا للشهادة. (2) مروى في التهذيب ج 2 ص 78 والاستبصار ج 3 ص 21 وفيه " لا بأس بها له بعد مفارقته " وفيهما باسناده عن العلاء بن سيابة عن أبى عبد الله عليه السلام قال: " كان أمير المؤمنين عليه السلام " لا يجيز شهادة الاجير " وقال الشيخ (ره): هذا الخبر وان كان عاما في أن شهادة الاجير لا تقبل على سائر الاحوال ومطلقا فينبغي أن يخص ويقيد بحال كونه أجيرا لمن هو أجير له، فأما لغيره أوله بعد مفارقته له فانه لا بأس بها على كل حال، واستدل على قوله هذا بخبر صفوان وخبر أبى بصير هذا. (3) قال العلامة المجلسي - رحمه الله -: لا خلاف في عدم قبول شهادة الشريك فيما هو شريك فيه. (4) حمل على ما إذا تواتر بحيث يحصل العلم من اتفاقهم أو يعتمد على شهادتهم إذا كانت محفوفة بالقرينة فإذا تفرقوا أو رجعوا الى أهليهم انعدمت القرينة، وربما حمل على القتل، وقوله " جائزة بينهم " أي بين الصبيان.
[ 45 ]
3295 - وروى إسماعيل بن مسلم (1) عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام " أن شهادة الصبيان إذا شهدوا وهم صغار جازت إذا كبروا ما لم ينسوها (2)، وكذلك اليهود والنصارى إذا أسلموا جازت شهادتهم (3)، والعبد إذا اشهد على شهادة ثم اعتق جازت شهادته إذا لم يردها الحاكم قبل أن يعتق، وقال عليه السلام: إن اعتق العبد لموضع الشهادة لم تجز شهادته " (4). قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: أما قوله عليه السلام: " إذا لم يردها الحاكم قبل أن يعتق " فإنه يعني به أن يردها لفسق ظاهر أو حال يجرح عدالته، لا لانه عبد لان شهادة العبد جائزة، وأول من رد شهادة المملوك عمر، وأما قوله عليه السلام: إن اعتق العبد لموضع الشهادة لم تجز شهادته كأنه يعني إذا كان شاهدا لسيده (5)، فأما إذا كان شاهدا لغير سيده جازت شهادته عبدا كان أو معتقا إذا كان عدلا. 3296 - وروى الحسن بن محبوب (6)، عن العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر
(1) طريق المصنف الى اسماعيل بن مسلم السكوني فيه الحسين بن يزيد النوفلي وقال قوم من القميين أنه غلا في آخر عمره مع أنه لم يوثقه أحد. (2) في الكافي ج 7 ص 389 " إذا أشهدوهم وهم صغار - الخ " ويدل على أن الاعتبار بحال الاداء لا التحمل. (م ت) (3) مروى في الكافي ج 7 ص 398 وفيه " اليهود والنصارى إذا شهدوا ثم أسلموا جازت شهادتهم، أي إذا صاروا شاهدين. (4) قال الشيخ في الاستبصار ج 3 ص 18 بعد نقل هذا الذيل: فالوجه في قوله عليه السلام " إذا لم يردها الحاكم " أن نحمله على أنه إذا لم يردها لفسق أو ما يقدح في قبول الشهادة لا لاجل العبودية، وقوله عليه السلام: " ان اعتق لموضع الشهادة لم تجز شهادته " محمول على أنه إذا اعتقه مولاه ليشهد له لم تجز شهادته - انتهى.
(5) كأن المصنف - رحمه الله - حمله على كون المراد أعتقه سيده لتكون شهادته مقبولة ويمكن توجيهه بوجه آخر بأن يكون المراد إذا اعتق العبد بسبب شهادته لم تجز شهادته كما شهد على أن ابني اشتراني. (6) طريق المصنف الى ابن محبوب صحيح كما في الخلاصة والمراد بالعلاء العلاء ابن رزين الثقة والسند صحيح ورواه الشيخ في التهذيبين بسند صحيح أيضا.
[ 46 ]
عليه السلام قال: " تجوز شهادة المملوك من أهل القبلة على أهل الكتاب ". 3297 - وروى محمد بن أبي عمير، عن العلاء بن سيابة عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال أبو جعفر عليه السلام: لا تقبل شهادة سابق الحاج إنه قتل راحلته، وأفنى زاده، و أتعب نفسه، واستخف بصلاته (1)، قيل: فالمكاري والجمال والملاح (2)؟ فقال: وما بأس بهم تقبل شهادتهم إذا كانوا صلحاء ". 3298 - وروي عن عبد الله بن المغيرة قال: قلت للرضا عليه السلام: " رجل طلق امرأته وأشهد شاهدين ناصبيين، قال: كل من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته " (2).
(1) سابق الحاج بالباء الموحدة أي سبقهم لا يصال خبرهم الى منازلهم ويمكن أن يقره بالياء كأنه يذهب بالمتخلفين بالسرعة والذم بقراءة الاول أنسب، وقوله عليه السلام " أنه قتل راحلته " تعليل لعدم قبول شهادته إذ لا أقل من أن يكون في تلك الامور خلاف المروة واتعاب راحلته كأنه قتلها ظاهرا، وكذا اتعاب نفسه زائدا على المتعارف وكذا الاستخفاف بالصلاة اما بمعنى أنه لم يأت بفعلها على ما ينبغى واما بمعنى أنه لا يهتم بها، و أما افناء الزاد فليس لها وجه ظاهر ويمكن حمله على أن ذلك يؤدى الى القاء بعضه عند اعياء الراحلة فكأنه قد جعله في معرض الفناء، وروى المصنف والبرقي في القوى عن الوليد بن صبيح " أنه قال لابي عبد الله عليه السلام ان أبا حنيفة رأى هلال ذى الحجة بالقادسية
وشهد معنا عرفة، فقال: مالهذا صلاة مالهذا صلاة ". وفى مرآة العقول قال يحيى بن سعيد في جامعه: " لا تقبل شهادة سابق الحاج فانه أتعب نفسه وراحلته وأفنى زاده واستخف بصلاته " والاكثر لم يتعرضوا له. (2) فهم وان كانوا اجراء ولكن لا يطلق الاجير غالبا الا على من آجر نفسه فلا ينافى أخبار كراهة شهادة الاجير وان أمكن أن يكون المراد شهادتهم لغير من استأجر منهم. (3) قال المولى المجلسي: هذه الرواية وردت تقية، أو عليهم أو على الكفار لا على المؤمنين فانه لا خلاف بين الاصحاب في اشتراط الايمان - انتهى. وفى الروضة " لا يقبل شهادة غير الامامي مطلقا مقلدا كان أم مستدلا " وأضاف الفاضل التونى وقال: سواء كان مخالفا لاجماع المسلمين أو ما علم ثبوته من الدين ضرورة أم لا، قال في التحرير: والمسائل الاصولية التى ترد الشهادة لمخالفتها كل ما يتعلق بالتوحيد وما لا يجوز عليه من الصفات وما يستحيل عليه والعدل والنبوة والامامة، أما الصفات التى لا مدخل لها في العقيدة مثل المعاني والاحوال والاثبات والنفى، وما شابه ذلك من فروع الكلام فلا ترد شهادة المخطئ فيها.
[ 47 ]
3299 - وروي عن عبيد الله بن علي الحلبي قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام هل تجوز شهادة أهل الذمة على غير أهل ملتهم (1)؟ قال: نعم إن لم يوجد من أهل ملتهم جازت شهادة غيرهم إنه لا يصلح ذهاب حق أحد " (2). 3300 - وروى الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عمر قال: " سألته عن قول الله عزوجل: " ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم " قال: اللذان منكم مسلمان واللذان من غيركم من أهل الكتاب فإن لم تجد من أهل الكتاب فمن المجوس لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " وذلك إذا مات الرجل بأرض
(1) كاليهودي على النصراني أو على المجوسى أو سائر أصناف الكفار فان الكفر ملة واحدة، أو على مسلم في الوصية (م ت) أقول: استثناء الوصية لظاهر قوله تعالى " يا أيها
الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم - الاية " أي من غير أهل ملتكم، ويكون " أو " ههنا للتفصيل لا للتخيير لان المعنى أو آخران من غيركم ان لم تجدوا شاهدين منكم، ويشترط فيها العدالة لظاهر العطف على قوله " منكم " الداخل في حيز العدالة. ولموثقة سماعة قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن شهادة أهل الملة، قال: فقال: لا تجوز الا على أهل ملتهم، فان لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصية لانه لا يصلح ذهاب حق أحد " ولحسنة هشام بن الحكم عن أبى عبد الله عليه السلام " في قول الله عزوجل " أو آخران من غيركم " فقال: إذا كان في أرض غربة ولا يوجد فيها مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصية ". (2) في الروضة: لا تقبل شهادة الكافر وان كان ذميا ولو كان المشهود عليه كافرا على الاصح خلافا للشيخ حيث قبل شهادة أهل الذمة لملتهم وعليهم استنادا الى رواية ضعيفة، وللصدوق حيث قبل شهادتهم على مثلهم وان خالفهم في الملة كاليهود على النصارى ولا تقبل شهادة غير الذمي اجماعا، ولا شهادته على المسلم اجماعا الا في الوصية عند عدم عدول المسلمين فتقبل شهادة الذمي بها، ويمكن أن يريد اشتراط فقد المسلمين مطلقا بناء على تقديم المستورين (أي اللذين لم يعلم عدالتهما) والفاسقين اللذين لا يستند فسقهما الى الكذب وهو قول العلامة في التذكرة ويضعف باستلزامه التعميم في غير محل الوفاق ".
[ 48 ]
غربة فلم يجد مسلمين يشهدهما فرجلان من أهل الكتاب " (1). 3301 - وروى حماد، عن الحلبي قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في المكاتب: كان الناس مدة لا يشترطون إن عجز فهورد في الرق (2)، فهم اليوم يشترطون والمسلمون عند شروطهم، ويجلد في الحد على قدر ما اعتق منه، قلت: أرأيت إن اعتق نصفه أتجوز شهادته في الطلاق؟ قال: إن كان معه رجل وامرأة جازت شهادته ". قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: إنما ذلك على جهة التقية وفي
الحقيقة تقبل شهادة المكاتب والرجل معه بشاهدين (3) وأدخل المرأة في ذلك لئلا يقول المخالفون: إنه قبل شهادة قدردها إمامهم (4) وأما شهادة النساء في الطلاق فغير مقبولة على أصلنا. 3302 - وروى عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا (5) عليه السلام قال: " من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته " (6). 3303 - وروي عن العلاء بن سيابة قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن شهادة من يلعب بالحمام، قال: لا بأس إذا كان لايعرف بفسق، قلت: فإن من قبلنا يقولون:
(1) اعلم أن هذا الخبر وكذا بعض الاخبار الاخر يدل على اشتراط السفر وذهب إليه الشيخ وجماعة من الاصحاب محتجا بظاهر الاية وبهذه الاخبار، وذهب بعض الى عدمه لعمومها على عدمه لكن ذهب جمهور الاصحاب الى اختصاص الحكم بوصية المال وكثير من الاخبار خالية عن التقييد. (سلطان) (2) في بعض النسخ " كان الناس مرة " وقال سلطان العلماء هذا الكلام اشارة الى المكاتب والمشروط على الاصطلاح المشهور بين الفقهاء، وقوله " ان عجز - الخ " مفعول " لا يشترط ". (3) متعلق بقوله " يقبل " أي يحسبان بشاهدين معتبرين (سلطان) وفى بعض النسخ " شاهدان ". (4) يعنى الذى هو أول من رد شهادة المملوك كما مر سابقا. (5) تقدم تحت رقم 3298. (6) قيل: لعل فيه دلالة على قبول شهادة المخالف الصالح لكونه على فطرة الاسلام.
[ 49 ]
قال عمر: هو شيطان (1) فقال: سبحان الله أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الملائكة لتنفر عند الرهان وتلعن صاحبه ماخلا الحافر والخف والريش والنصل (2) فإنها
تحضرها الملائكة، وقد سابق رسول الله صلى الله عليه وآله اسامة بن زيد وأجرى الخيل " (3). 3304 - وروي عن داود بن الحصين قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أقيموا الشهادة على الوالدين والولد ولا تقيموها على الاخ في الدين الضير (8) قلت: وما الضير؟ قال: إذا تعدى فيه صاحب الحق الذي يدعيه قبله خلاف ما أمر الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله، ومثل ذلك أن يكون لرجل على آخر دين وهو معسر، وقد أمر الله تعالى بإنظاره حتى ييسر، فقال: " فنظرة إلى ميسرة " ويسألك أن تقيم الشهادة
(1) الظاهر رجوع الضمير الى الحمام ويحتمل رجوعه الى من يلعب به. (سلطان) (2) الحافر اسم فاعل، وحافر الدابة هو بمنزلة القدم للانسان، والخف - بالضم - للبعير والنعام بمنزلة الحافر لغيرهما، والمراد صاحب الخف وصاحب الحافر من الدواب. والريش: كسوة الطائر وزينته وهو له بمنزلة الشعر لغيره من الحيوان، والريش أيضا اللباس الفاخر، وذو الريش: فرس، والنصل: حديدة السهم والرمح والسيف. (3) المشهور عدم جواز السبق والرهان على الطيور، وظاهر هذا الخبر الجواز، وحمل على التقية، وقال المولى المجلسي: يمكن أن يكون المراد بقوله " سبحان الله " انكار كون اللاعب به مطلقا شيطانا ويكون الاستشهاد لحرمة الرهان كما قال عليه السلام " ما لم يعرف بفسق " أي رهانة فسق لا مطلق اللعب به - انتهى، أقول: يستفاد من الخبر أن اللعب بالحمام ليس بفسق واللاعب به تقبل شهادته، والرهان بالريش جائز. وأما كون المراد من الريش أي شئ الطائر أو السهم فغير معلوم، وقال صاحب الوسائل في الهامش في الخبر دلالة على أن الريش هو الحمام في السبق دون النشاب، ويحتمل الاتحاد مع النصل، وعند أهل مكة لعب الحمام هو لعب الخيل، فان صح أمكن ارادته من الخبر فتدبر - انتهى وقال سلطان العلماء: لعل الاستشهاد على جواز السبق في الجملة حتى يؤيد جواز اللعب بالحمام. (4) في بعض النسخ " الصبر " في الموضعين. وداود بن الحصين الكوفى واقفى موثق
ولكن في الطريق إليه الحكم بن مسكين وهو مهمل.
[ 50 ]
وأنت تعرفه بالعسر، فلا يحل لك أن تقيم الشهادة في حال العسر ". 3305 - وروى مسمع كردين (1) عن أبي عبد الله عليه السلام " في أربعة شهدوا على رجل بالزنا فرجم، ثم رجع أحدهم وقال: شككت في شهادتي، قال: عليه الدية، قال: قلت: فانه قال: شهدت عليه متعمدا، قال: يقتل " (2). 3306 - وروى محمد بن قيس (3) عن أبي جعفر عليه السلام قال: " كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: لا آخذ بقول عراف، ولا قائف (4) ولا لص، ولا أقبل شهادة الفاسق إلا على نفسه ". (5)
(1) هو أبوسيار الكوفى الثقة، وفى الطريق إليه القاسم بن محمد الجوهرى وهو واقفى غير موثق بل ضعيف. (2) ويرد على وارث المقتول ثلاثة أرباع الدية. (م ت) (3) قال الشهيد - رحمه الله - في درايته: " كلما كان محمد بن قيس عن أبى جعفر فهو مردود لاشتراكه بين الثقة والضعيف " أقول: كونه محمد بن قيس الثقة مما لاريب فيه لان له كتاب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام وليس لسميه، والخبر أقوى قرينة على ذلك وهكذا الكلام في جميع أبواب كتاب القضاء، قال النجاشي: محمد بن قيس أبو عبد الله البجلى ثقة كوفى روى عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام له كتاب القضاء المعروف رواه عنه عاصم بن الحميد الحناط وقال الشيخ في الفهرست: محمد بن قيس البجلى له كتاب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام، عاصم بن حميد عنه، وقال المصنف - رحمه الله - في المشيخة: " ما كان فيه عن محمد بن قيس فقد رويته عن أبى - رضى الله عنه - عن سعد ابن عبد الله، عن ابراهيم بن هاشم، عن عبد الرحمن بن أبى نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس.
(4) العراف - كشداد -: الكاهن والمنجم والذى يدعى علم الغيب. والقائف: هو الذى يثبت النسب أو يعلمه بالاثار والنظر الى أعضاء المولود والقيافة. (5) أي اقراره، كان فيه أن اعتراف العقلاء على أنفسهم مسموع من غير نظر الى صلاح وفساد.
[ 51 ]
3307 - وروى سليمان بن داود المنقري (1) عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " قال له رجل: أرأيت إذا رأيت شيئا في يدي رجل أيجوز لي أن أشهد أنه له؟ فقال: نعم، قلت: فلعله لغيره؟ قال: ومن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكا لك ثم تقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه (2) ولا يجوز لك ان تنسبه إلى من صار ملكه إليك من قبله؟ ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: لو لم يجز هذا ما قامت للمسلمين سوق ". 3308 - وروى إسماعيل بن مسلم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام " أن أمير المؤمنين عليه السلام شهد عنده رجل وقد قطعت يده ورجله بشهادة فأجاز شهادته وقد كان تاب وعرفت توبته ". (3) 3309 - وروى صفوان بن يحيى، عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال: " سألته عن شهادة النساء هل تجوز في نكاح أو طلاق أو رجم؟ قال: تجوز شهادة النساء فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه (4)، وتجوز في النكاح إذا كان معهن رجل،
(1) الطريق إليه صحيح عند العلامة وفيه القاسم بن محمد الاصبهاني وهو غير مرضى وسليمان موثق، وحفص بن غياث قاض عامى له كتاب معتمد. (2) يعنى أن جواز اشترائك الشئ ممن في يده المال والحكم بعد الشراء بأنه صار ملكا لك وجائز التصرف لك فيه ليس مستندا الا الى شهادتك بأن ذلك المبيع ملكا للبايع لكونه في تصرفه فلولا أن يصح الحكم بأنه ملكه لما صح تلك الاحكام، قال العلامة المجلسي لا خلاف في جواز الشهادة بالملك بالاستفاضة وهى خبر جماعة يفيد الظن الغالب إذا اقترنت
باليد والتصرف بالبناء والهدم والاجارة وغيرها من غير معارض، واختلف في الاستفاضة بدون اليد المتصرفة والاشهر الاكتفاء بها، ثم اختلف في التصرف فقط بدونها والمشهور الاكتفاء به أيضا، ثم القائلون بالتصرف اختلفوا في الاكتفاء باليد بدون التصرف واختار العلامة وأكثر المتأخرين الاكتفاء بها وهذا الخبر حجة لهم. (3) كذا في التهذيب والاستبصار والكافي وبعض نسخ الفقيه، وفى أكتر النسخ " روى اسماعيل بن مسلم عن جعفر عن أبيه عليهما السلام " في رجل شهد عنده بشهادة وقد قطعت يده ورجله فأجاز شهادته وقد كان تاب وعرفت توبته ". (4) كالعذرة فان النظر الى فرج المرأة حرام على الرجال والنساء لكن عند الاضطرار تقدم المرأة وجوبا. (م ت)
[ 52 ]
ولا تجوز في الطلاق ولا في الدم، وتجوز في حد الزنا إذا كان ثلاثة رجال وامرأتين، ولا تجوز شهادة رجلين وأربع نسوة " (1). 3310 - وسأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبد الله عليه السلام " عن شهادة القابلة في الولادة، قال: تجوز شهادة الواحدة وشهادة النساء في المنفوس والعذرة " (2). 3311 - و " قضى أمير المؤمنين عليه السلام (3) في غلام شهدت عليه امرأة أنه دفع غلاما في بئر فقتله، فأجاز شهادة المرأة " (4). 3312 - وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام " في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا فقالت: أنا بكر، فنظرت إليها النساء فوجدوها بكرا، قال: تقبل شهادة النساء " (5). 3313 - وسأل عبد الله بن الحكم أبا عبد الله عليه السلام " عن امرأة شهدت على رجل
(1) المشهور أن هذا في الرجم وأما الحد بالجلد فيكفى فيه رجلان وأربع نسوة (سلطان) وفى الروضة: " يكفى في الزنا الموجب للرجم ثلاثة رجال وامرأتان وللجلد رجلان وأربع نسوة ".
(2) لانه يعسر اطلاع الرجال عليهما غالبا والمنفوس المولود حديثا. (3) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 81 والاستبصار ج 3 ص 17 في الصحيح عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس عن أبى جعفر عليه السلام. (4) لعل المراد مع غيرها، أو اجازة شهادتها في اثبات الدية فقط كما هو المشهور لا القصاص فلا ينافى ما سبق في رواية صفوان، عن محمد بن الفضيل أنه لا يجوز شهادتهن في الدم، وقد يحمل ذلك على شهادتهن منفردات. (سلطان) (5) أي في البكارة، لكن ذلك لا ينافى الزنا لامكان وقوعه في الدبر، لكن حينئذ يمكن دفع الحد لتطرق الشبهة الا إذا صرحت الشهود بالوطى في القبل (مراد) وقال سلطان العلماء: الخبر انما يدل على ثبوت البكارة بذلك أما حكم الحد من أنه هل يسقط بذلك أم لا لاحتمال الوطى في الدبر فغير معلوم منه وان كان يشعر في الجملة بالسقوط، ويمكن توجيهه بأنها شبهة يسقط بها الحد، وهذا على تقدير أن يشهد الرجال بالوطى في القبل.
[ 53 ]
أنه دفع صبيا في بئر فمات، قال: على الرجل ربع دية الصبي بشهادة المرأة ". 3314 - وروى ابن أبي عمير، عن الحسين بن خالد الصيرفي (1) عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: " كتبت إليه في رجل مات وله أم ولد وقد جعل لها سيدها شيئا في حياته ثم مات، قال: فكتب عليه السلام: لها ما آتاها به سيدها في حياته معروف ذلك لها (2) تقبل على ذلك شهادة الرجل والمرأة والخدم غير المتهمين " (3). 3315 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال " إن رسول الله صلى الله عليه وآله أجاز شهادة النساء في الدين (4) وليس معهن رجل ". 3316 - وروى الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد قال " " سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل مات وترك امرأة وهي حامل فوضعت بعد موته غلاما ثم مات الغلام بعد ما وقع إلى الارض، فشهدت المرأة التي قبلتها به أنه استهل (5) وصاح حين وقع إلى الارض، ثم مات بعد، فقال: على الامام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام " (6).
(1) في بعض النسخ " يحيى بن خالد " وهو تصحيف. (2) في بعض النسخ " لها ما أثابها به سيدها " أي السيد يعطيها الاشياء في حياته وكان متعارفة، وقال الفاضل التفرشى: يمكن أن يكون " معروف " خبر مبتدا محذوف أي ما آتاها أو أثابها به سيدها وأعطاها اياها معروف واحسان، وأن يكون خبر ذلك قدم للاهتمام، فيكون " لها " خبر مبتدا محذوف. (3) المشهور عدم قبول شهادة النساء متفردات في الاموال والديون وان انضم إليها اليمين، وقوى الشهيدان في الدروس والروضة قبول شهادة امرأتين ويمين في الاموال. (4) أي في الوصية بالدين. (م ت) (5) الاستهلال ولادة الولد حيا ليرث، سمى ذلك استهلالا للصوت الحاصل عند ولادته ممن حضر عادة كتصويت من رأى الهلال فاشتق منه. قاله في الروضة، وفى القاموس استهل الصبى: رفع صوته بالبكاء كأهل. (6) السند صحيح وعليه الفتوى وقالوا بثبوت النصف بشهادة اثنتين والثلاثة أرباع بشهادة ثلاث والكل بشهادة أربع، واستدلوا على الجميع بهذا الخبر وفيه خفاء، كما في المرسلة الاتية والاثنتان في صحيحة ابن سنان كما يأتي في الهامش، وقال العلامة المجلسي رحمه الله - ولعل هذه الامور مع الشهرة التامة بين الاصحاب تكفى في ثبوت الحكم.
[ 54 ]
3317 - وفي رواية اخرى: " إن كانت امرأتين تجوز شهادتهما في نصف الميراث وإن كن ثلاث جازت شهادتهن في ثلاثة أرباع الميراث، وإن كن أربعا جازت شهادتهن في الميراث كله " (1).
باب * (الحكم بشهادة الواحد ويمين المدعى) * 3318 - " قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بشهادة شاهد ويمين المدعي (2)، وقال صلى الله عليه وآله: نزل علي جبرئيل عليه السلام بالحكم بشهادة شاهد ويمين صاحب الحق، وحكم به أمير المؤمنين عليه السلام بالعراق " (3). 3319 - وروى الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " لو كان الامر إلينا لاجزنا شهادة الرجل إذا علم منه خير مع يمين
(1) لم أجده وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 82 والكليني في الكافي ج 7 ص 156 باسنادهما الصحيح عن عبد الله بن سنان قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: " تجور شهادة القابلة في المولود إذا استهل وصاح في الميراث ويورث الربع من الميراث بقدر شهادة امرأة واحدة، قلت: فان كانتا امرأتين، قال: تجور شهادتهما في النصف من الميراث ". (2) روى الكليني في الكافي ج 7 ص 38 5 بسند موثق عن أبى بصير قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون له عند الرجل الحق وله شاهد واحد، قال: فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقضى بشاهد واحد ويمين صاحب الحق، وذلك في الدين "، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 83 وقال العلامة المجلسي - رحمه الله -: أجمع علماؤنا - رضوان الله عليهم - على القضاء في الجملة بالشاهد واليمين واليه ذهب أكثر العامة، وخالف فيه بعضهم، والمشهور القضاء بذلك في كل ما كان مالا أو كان المقصود منه المال وفى النكاح والوقف خلاف. (3) روى المؤلف - رحمه الله - في الامالى ص 218 من طبع الكمبانى نحوه بسند عامى فيه جهالة.
[ 55 ]
الخصم (1) في حقوق الناس، فأما ما كان من حقوق الله عزوجل ورؤية الهلال فلا ".
باب * (الحكم بشهادة امرأتين ويمين المدعى) * 3320 - روى منصور بن حازم " أن أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: إذا شهد لطالب الحق امرأتان ويمينه فهو جائز " (2). 3321 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام " أن رسول الله صلى الله عليه وآله: أجاز شهادة النساء مع يمين الطالب في الدين يحلف بالله إن حقه لحق " (3). باب * (اقامة الشهادة بالعلم دون الاشهاد (4)) * 3322 - روى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر عليه السلام " في الرجل يشهد حساب الرجلين ثم يدعى إلى الشهادة، قال: إن شاء شهد وإن شاء لم يشهد " (5). 3323 - وروى ابن فضال، عن أحمد بن يزيد، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام " في الرجل يشهد حساب الرجلين ثم يدعى إلى الشهادة قال: يشهد " (6).
(1) قوله عليه السلام " لو كان الامر الينا " أي كنا مبسوطي اليد وأمر الحكومة والخلافة بايدينا. والمراد بالخصم المدعى. (2) رواه الكليني في الكافي ج 7 ص 386 بسند مرسل. (3) أي أن الحق الذى ادعى الطالب لثابت (مراد) والخبر مروى في الكافي ج 7 ص 386 في الحسن كالصحيح. (4) أي من دون أن يجعلوه شاهدا. (5) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 79 بلفظ آخر وزاد في آخره " فان شهد شهد بحق قد سمعه. وان لم يشهد فلا شئ عليه لانهما لم يشهداه ". (6) روى الكليني في الحسن كالصحيح عن هشام بن سالم عن أبى عبد الله عليه السلام قال: =
[ 56 ]
3324 - وروى علي بن أحمد بن أشيم (1) قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل طهرت امرأته من حيضها فقال: فلانة طالق وقوم يسمعون كلامه ولم يقل لهم اشهدوا أيقع الطلاق عليها؟ قال: نعم هذه شهادة (2) أفتتركها معلقة " (3). قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: معنى هذا الخبر الذي جعل الخيار فيه إلى الشاهد بحساب الرجلين هو إذا كان على ذلك الحق غيره من الشهود، فمتى علم أن صاحب الحق مظلوم ولا يحيى حقه إلا بشهادته وجب عليه إقامتها ولم يحل
= " إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها فهو بالخيار، ان شاء شهد وان شاء سكت، وقال: إذا اشهد لم يكن له الا أن يشهد " وفى الصحيح عن محمد بن مسلم نحوه وقال الشيخ في النهاية: " من علم شيئا من الاشياء ولم يكن قد اشهد عليه ثم دعى الى أن يشهد كان بالخيار في اقامتها، وفى الامتناع منها، اللهم الا أن يعلم انه أن لم يقمها بطل حق مؤمن فحينئذ يجب عليه اقامة الشهادة " ويظهر من كلام ابن الجنيد التخيير مطلقا موافقا لظاهر أكثر الاخبار، والمشهور وجوب الاقامة مطلقا لكن على التحقيق يرجع الخلاف بين الشيخ والمشهور الى اللفظ لانه على المشهور إذا كان هناك من الشهود ما ثبت به المدعى فالاقامة غير لازم لان وجوبه كفائى وحملوا الاخبار على هذه الصورة، ولا يخفى أنه على ما حملوه لا وجه للفرق بين الاشهاد وعدمه الا أن يحمل على أنه مع الاشهاد تأكد استحباب الاقامة. (1) " أشيم " بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح الياء المنقطة تحتها نقطتين وكان على من أصحاب الرضا عليه السلام وحاله مجهول والطريق إليه صحيح عند العلامة وفيه محمد بن على ما جيلويه وهو من مشايخ الاجازة، وقال المحقق البهبهانى: على بن أحمد بن أشيم حكم خالي العلامة بحسنه لوجود طريق للصدوق إليه والرواية عنه كثيرة ويؤيده رواية أحمد بن محمد بن عيسى عنه - انتهى، ورواه الكليني ج 6 ص 71 عنه. (2) يدل على الاكتفاء بسماع الشاهدين وان لم يشهدهما، قال في المسالك: أجمع الاصحاب على أن الاشهاد شرط في صحة الطلاق والمعتبر سماع الشاهدين لانشاء الطلاق سواء
قال لهما: أشهد أم لا. وقوله " أفتتركها معلقة " استفهام للانكار أي بلا زوج وبلا رخصة تزويج، مع أنها مطلقة في الواقع، وهذا الكلام سبب لعدم رغبة الازواج فيها. (3) في بعض النسخ " أفيتركها معلقة "،
[ 57 ]
له كتمانها (1) 3325 - فقد قال الصادق عليه السلام: " العلم شهادة إذا كان صاحبه مظلوما " (2). باب * (الامتناع من الشهادة وما جاء في اقامتها وتأكيدها وكتمانها) * 3326 - روي عن محمد بن الفضيل (3) قال: قال العبد الصالح عليه السلام: " لا ينبغي للذي يدعى إلى شهادة أن يتقاعس عنها " (4). 3327 - وروى هشام بن سالم (5) عن أبي عبد الله عليه السلام " في قول الله عزوجل: " ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا " قال: قبل الشهادة، وفي قوله عزوجل: " ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " (6) قال: بعد الشهادة " (7). 3328 - وروى عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(1) استبعد بعض الاكابر قول المصنف (ره) في بيان الخبر وقال: ظاهر الحديث أن من تحمل شهادة بالاشهاد يجب عليه اقامتها لانها أمانة عنده، ولا يجب على من شهد القضية من غير اشهاد، وما استدل به من قول الصادق عليه السلام فالظاهر منه أن العلم الحاصل بتواتر أو بقرينة فهو بمنزلة حضور القضية. والله أعلم. (2) لم أجده مسندا، وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 79 بسند فيه ارسال عن أبى عبد الله عليه السلام قال: " إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها فهو بالخيار ان شاء شهد وان شاء سكت الا إذا علم من الظالم فيشهد، ولا يحل له أن لا يشهد " و " من " في قوله " من الظالم " موصولة.
(3) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 84 بسند صحيح عنه. (4) التقاعس: التأخر كما في القاموس. (5) طريق المصنف الى هشام بن سالم صحيح وهو ثقة. (6) في المجمع اسناد الاثم الى القلب لان الكتمان فعله لان العزم على الكتمان انما يقع بالقلب ولان اضافة الاثم الى القلب أبلغ في الذم كما أن اضافة الايمان الى القلب أبلغ في المدح. (7) روى الكليني الخبر في الكافي بتقطيع في موضعين بسند حسن كالصحيح.
[ 58 ]
قلت له: " يكون للرجل من إخواني عندي الشهادة ليس كلها تجيزها القضاة عندنا، قال: إذا علمت أنها حق فصححها بكل وجه حتى يصح له حقه " (1). 3329 - وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كتم الشهادة أو شهد بها ليهدر بها دم امرئ مسلم أو ليتوي مال امرئ مسلم (2) أتى يوم القيامة ولوجهه ظلمة مد البصر وفي وجهه كدوح (3) تعرفه الخلائق باسمه ونسبه، ومن شهد شهادة حق ليحيي بها مال امرئ مسلم أتى يوم القيامة ولوجهه نور مد البصر تعرفه الخلائق باسمه ونسبه، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: ألا ترى أن الله عزوجل يقول: " وأقيموا الشهادة لله " (4). 3330 - وقال عليه السلام " في قول الله عزوجل: " ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " قال: كافر قلبه " (5).
(1) كأن يكون لامرأة من جهة مهر المتعة شئ عند رجل وإذا أخبر بأنه من جهة المتعة لا يجيزها العامة فيغيرها ويقول من جهة النكاح أو يقول: لها عليه هذا المبلغ ولا يسمى شيئا، أو كان من جهة الرد في الارث وهم لا يجيزونها بل يحكمون به للعصبة فيشهد بأن له عليهم دين كذا وكذا وهكذا في سائر ما هو مخالف لرأى العامة، ومن الافاضل من عمم الخبر بحيث يشمل حكم العدل كما إذا شهدت المرأة بوصية عشرة دراهم لرجل والحاكم
يحكم بربعه فيشهد بأربعين درهما ليصل إليه ما أوصى له، وفيه اشكال والله يعلم. (المرآة) (2) توى - كرضى -: هلك (القاموس) وفى الكافي ج 7 ص 380 والتهذيب ج 2 ص 84 بسند فيه أبو جميلة مفضل بن صالح الضعيف " ليزوى " وفى النهاية " مازويت عنى مما أحب " أي صرفته وقبضته، واللام فيه وفى " ليهدر " للعاقبة. (3) " مد البصر " أي تسرى ظلمته الى غيره بقدر مد البصر، والكدوح: الخدوش جمع كدح وكل أثر من خدش أو عض فهو كدح كما في النهاية. (4) أي يجب أن تكون اقامة الشهادة لله فإذا تضمن اتلاف مال المسلم أو اهدار دمه من غير حق فلا يكون لله قال في المجمع: هذا - الكلام - خطاب للشهود أي أقيموها لوجه الله واقصدوا بأدائها التقرب الى الله لا الطلب لرضا المشهود له والاشفاق من المشهود عليه. (5) لم أجده مسندا، ورواه المفسر الجرجاني في تفسيره مرسلا أيضا.
[ 59 ]
باب * (شهادة الزور وما جاء فيها) * (1) 3331 - روى محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام " في شهادة الزور قال: " إذا كان الشئ قائما بعينه رد على صاحبه (2)، وإن لم يكن قائما ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل " (3). 3332 - وروى سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " شهود الزور يجلدون حداوليس له وقت (4) ذلك إلى الامام، ويطاف بهم حتى يعرفوا ولا يعودوا، قال قلت: فإن تابوا وأصلحوا أتقبل شهادتهم بعد؟ فقال: إذا تابوا تاب الله عليهم وقبلت شهادتهم بعد ". 3333 - و " كان علي عليه السلام إذا أخذ شاهد زور (5) فإن كان غريبا (6) بعث به إلى حيه، وإن كان سوقيا بعث به إلى سوقه (7) ثم يطيف به، ثم يحبسه أياما،
ثم يخلي سبيله ". 3334 - وروى إبراهيم بن عبد الحميد (8) عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
(1) أي حكم شهادة الزور وما جاء في شاهد الزور. (2) يعنى بعد ظهور الزور. (3) أي ضمن الشاهد بالزور بقدر ما أتلف بسبب شهادته. (4) أي ليس له مقدار معين والامر موكول الى الامام وتعيينه، والوقت: القدر والمقدار. (5) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 85 باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن ابراهيم، عن جعفر عن أبيه عليهما السلام هكذا " أن عليا عليه السلام كان إذا حد شاهد زور - الخ ". (6) في التهذيب في نسخة " ان كان أعرابيا ". (7) أي بعد اجراء الحد. (8) الطريق حسن كالصحيح بابراهيم بن هاشم، وابراهيم بن عبد الحميد ثقة.
[ 60 ]
" في امرأة شهد عندها شاهدان بأن زوجها مات فتزوجت، ثم جاء زوجها الاول (1)، قال: لها المهر بما استحل من فرجها الاخير، ويضرب الشاهدان الحد ويضمنان المهر بما غرا الرجل، ثم تعتد، (2) وترجع إلى زوجها الاول ". 3335 - وروى الحسن بن محبوب، عن العلاء، وأبي أيوب، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام " في رجلين شهدا على رجل غائب عند امرأته بأنه طلقها، فاعتدت المرأة وتزوجت، ثم إن الزوج الغائب قدم فزعم أنه لم يطلقها وأكذب نفسه أحد الشاهدين، فقال لا سبيل للاخير عليها، ويؤخذ الصداق من الذي شهد و رجع فيرد على الاخير (3) ويفرق بينهما، وتعتد من الاخير، ولا يقربها الاول
حتى تنقضي عدتها ". 3336 - وروى علي بن مطر (4) عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إن شهود الزور يجلدون حدا ليس له وقت، ذلك إلى الامام، ويطاف بهم حتى يعرفهم الناس، وقوله عزوجل (5): " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا "، قلت: بم تعرف توبته؟ قال: يكذب نفسه على رؤوس الاشهاد حيث يضرب، ويستغفر ربه عزوجل فإن هو فعل ذلك فثم ظهرت توبته ". 3337 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله (6): " لا ينقضي كلام شاهد زور من بين يدي الحاكم
(1) فتعين أن الشاهدين شهدا زورا. (م ت) (2) " يضرب الشاهدان الحد " حمل على التعزير، وفى بعض النسخ " بما غرم الرجل " وقوله " تعتد " أي من الزوج الاخير. (3) أي فيرد الصداق المأخوذ من الاخير من الشاهد الذى رجع عن شهادته الى الاخير وربما يحمل على نصف مهر المثل وقيل: يشكل الحكم في الرواية بأخذ كل الصداق منه لانه نصف السبب فلا يضمن الا النصف. (4) مجهول، وفى طريقه محمد بن سنان وهو ضعيف. (5) مروى في التهذيب ج 2 ص 80 في الموثق عن سماعة بن مهران مضمرا. (6) مروى في الكافي ج 7 ص 383 بسند ضعيف عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه السلام.
[ 61 ]
حتى يتبوأ مقعده من النار (1)، وكذلك من كتم الشهادة ". 3338 - وروى صالح بن ميثم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " ما من رجل يشهد شهادة زور على رجل مسلم ليقطع ماله إلا كتب الله له مكانه صكا إلى النار " (2). 3339 - وروى جميل بن دراج، عمن أخبره (3) عن أحدهما عليهما السلام " في الشهود إذا شهدوا على رجل ثم رجعوا عن شهادتهم وقد قضي على الرجل ضمنوا ما شهدوا
به وغرموا، فإن لم يكن قضي طرحت شهادتهم ولم يغرم الشهود شيئا (4). باب * (بطلان حق المدعى بالتحليف وان كان له بينة) * 3340 - روى عبد الله بن أبي يعفور (5) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا رضي صاحب الحق بيمين المنكر لحقه فاستحلفه فحلف أن لا حق له قبله ذهبت اليمين بحق المدعي ولا دعوى له، قلت: وإن كانت له بينة عادلة؟ قال: نعم وإن أقام بعد
(1) في القاموس تبوأت منزلا أي هيأته. (2) الصك - بشد الكاف - ما يقال له: برات أي كتاب الاقرار بالمال. وقال العلامة المجلسي - رحمه الله -: قوله عليه السلام " مكانه " مفعول فيه أي قبل أن يزول عن مكانه، وقيل: عوضه ولا يخفى بعده. (3) السند مرسل كالصحيح لصحة الطريق وكون جميل ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه. (4) قال العلامة المجلسي - رحمه الله - قال في المسالك: إذا رجع الشاهدان عن شهادة فان كان قبل حكم الحاكم لم يحكم، وان كان بعد الحكم فان كان مالا واستوفى لم ينقض الحكم ويغرم الشهود وان كانت العين باقية، وقال الشيخ في النهاية: يرد العين مع بقائها، ولو كانوا شهدوا بالزنا ورجعوا قبل الحكم واعترفوا بالتعمد حدوا للقذف، فان قالوا: اخطأنا فوجهان، ولو رجعوا بعد القضاء فان كان قبل الاستيفاء فان كان مالا قيل يستوفى وقيل: لا، وان كان في حد الله لم يستوف وان كان حد آدمى أو مشتركا فوجهان. (5) هو ثقة، والطريق إليه صحيح.
[ 62 ]
ما استحلفه بالله خمسين قسامة (1) ما كان له حق فإن اليمين قد أبطلت كل ما ادعاه قبله مما قد استحلفه عليه " (2).
3341 - قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (3): " من حلف لكم بالله على حق فصدقوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ذهبت اليمين بدعوى المدعي (4) ولا دعوى له ". قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: متى جاء الرجل الذي يحلف على حق تائبا وحمل ما عليه مع ما ربح فيه فعلى صاحب الحق أن يأخذ منه رأس المال ونصف
(1) القسامة الجماعة يشهدون أو يقسمون على شئ. (2) قال في المسالك ج 2 ص 368: من فوائد اليمين انقطاع الخصومة في الحال لا براءة الذمة من الحق في نفس الامر، بل يجب على الحالف فيما بينه وبين الله أن يتخلص من حق المدعى كما كان عليه له ذلك قبل الحلف، وأما المدعى فان لم يكن له بينة بقى حقه في ذمته الى يوم القيامة ولم يكن له أن يطالبه به ولا أن يأخذه مقاصة كما كان له ذلك قبل التحليف ولا معاودة المحاكمة ولا تسمع دعواه لو فعل، هذا هو المشهور بين الاصحاب لا يظهر فيه مخالف ومستنده أخبار كثيرة منها قوله (ص) " من حلف لكم بالله فصدقوه " (كما يأتي) وقوله عليه السلام " من حلف له بالله فليرض " (الكافي ج 7 ص 438) ورواية ابن أبى يعفور عن أبى عبد الله عليه السلام - ثم ساق الكلام الى أن قال: - " ولو أقام بعد احلافه بينة بالحق ففى سماعها أقوال: أحدها - وهو الاشهر - عدم سماعها مطلقا للتصريح به في رواية ابن أبى يعفور ودخولها في عموم الاخبار واطلاقها، وادعى عليه الشيخ في الخلاف الاجماع، ولان اليمين حجة للمدعى عليه كما أن البينة حجة للمدعى وكما لا يسمع يمين المدعى عليه، بعد حجة المدعى كذلك لا تسمع حجة المدعى بعد حجة المدعى عليه، وللشيخ في المبسوط قول آخر بسماعها مطلقا ذكره في فصل فيما على القاضى والشهود، وفصل في موضع آخر منه بسماعها مع عدم علمه بها أو نسيانه، وهو خيرة ابن ادريس، وقال المفيد يسمع الا مع اشتراط سقوطها، محتجا بأن كل حال يجب عليه الحق باقراره فيجب عليه بالبينة كما قبل اليمين، وأجيب بالفرق بين البينة والاقرار لان الثاني أقوى فلا يلزم التسوية في الحكم، والحق أن الرواية ان صحت كانت هي الحجة والفارق والا فلا.
(3) لم أجده مسندا وجعله في الوسائل تتمة لخبر ابن أبى يعفور. (4) في بعض النسخ " بحق المدعى " وقوله " لا دعوى له " أي لا تبقى دعوى له.
[ 63 ]
الربح ويرد عليه نصف الربح لان هذا رجل تائب، روى ذلك مسمع أبوسيار عن أبي عبد الله عليه السلام وسأذكر الحديث بلفظه في هذا الكتاب في باب الوديعة إن شاء الله تعالى. باب * (الحكم برد اليمين وبطلان الحق بالنكول) * 3342 - روى أبان، عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا أقام المدعي البينة فليس عليه يمين، وإن لم يقم البينة فرد عليه الذي ادعي عليه اليمين فأبى فلا حق له " (1). باب * (الحكم باليمين على المدعى على الميت حقا بعد اقامة البينة) * 3343 - روي عن ياسين الضرير، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: " قلت للشيخ - يعني موسى بن جعفر - عليهما السلام (2) أخبرني عن الرجل يدعي قبل الرجل الحق فلا يكون له بينة بماله، قال: فيمين المدعى عليه (3)، فإن حلف فلا حق له
(1) رواه الكليني ج 7 ص 417 بسند فيه ارسال عن أبان عن البقباق عنه عليه السلام والضمير في " أبى " راجع الى المدعى يعنى المدعى ان لم يقم البينة وطلب المدعى عليه منه اليمين فأبى أن يحلف فلا حق له. ثم اعلم أن " عن جميل " في السند كان مصحف " عن رجل ". (2) كذا في النسخ وقوله " يعنى " من المؤلف وليس في الكافي والتهذيب وعبد الرحمن ثقة وعده الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام لكن هنا وفى التهذيب باب وجوه الصيام
ج 1 ص 436 في خبر روى عن أبى الحسن عليه السلام وفى الاستبصار ج 3 ص 133 أيضا في صوم يوم عرفة، فما استظهر بعض الشراح بأن المراد بالشيخ الصادق عليه السلام لانه مذكور في رواته دون رواة موسى بن جعفر عليهما السلام لا وجه له. (3) الظاهر أن خبره محذوف أي ثابت ولازم، وقيل: هو على صيغة اسم الفاعل والضمير المجرور للمنكر أي فيمين المدعى ثابت على المدعى عليه. (سلطان عن م ق ر)
[ 64 ]
وإن رد اليمين على المدعي فلم يحلف فلا حق له، فإن كان المطلوب بالحق قد مات وأقيمت عليه البينة فعلى المدعي اليمين بالله الذي لا إله إلا هو لقد مات فلان وإن حقه لعليه، فإن حلف وإلا فلا حق له لانا لا ندري لعله قد أوفاه بينة لا نعلم موضعهم أو بغير بينة قبل الموت، فمن ثم صارت عليه اليمين مع البينة، وإن ادعى بلا بينة فلا حق له لان المدعى عليه ليس بحي، ولو كان حيا لالزم اليمين أو الحق أو يرد اليمين (1) فمن ثم لم يثبت له حق " (2). باب * (حكم المدعيين في حق يقيم كل واحد منهما البينة على أنه له) * 3344 - روى شعيب (3)، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه ذكر أن عليا عليه السلام أتاه قوم يختصمون في بغلة فقامت البينة لهؤلاء أنهم انتجوها على مذودهم (4) لم يبيعوا ولم يهبوا، وقامت البينة لهؤلاء أنهم انتجوها على مذودهم لم يبيعوا و
(1) قال العلامة المجلسي: الخبر يدل على ما هو المشهور من أنه لو كانت الدعوى على ميت يستحلف المدعى مع البينة على بقاء الحق في ذمة الميت ولا يظهر في ذلك مخالف من الاصحاب، وفى تعدى حكم المسألة الى ما شاركها في المعنى كالدعوى على الطفل أو الغائب أو المجنون قولان ومذهب الاكثر ذلك نظرا الى مشاركتهم للميت في العلة المومى إليها فيكون من باب منصوص العلة ومن باب اتحاد طريق المسألتين، وفيه أن العلة المذكورة
في الخبر احتمال توفية الميت قبل الموت وهى غير حاصلة في محل البحث وان حصل مثله إذ مورد النص أقوى من الملحق به، وذهب جماعة من الاصحاب منهم المحقق الى العدم قصرا للحكم على مورد النص وهو غير بعيد. (2) أي ولما لم يكن حيا فلا يتصور شئ من الثلاثة فلا يسمع دعواه. (سلطان) (3) شعيب هذا هو العقرقوفى ابن اخت أبى بصير يحيى بن القاسم وهو ثقة عين ولم يذكر المؤلف طريقه إليه، ورواه الكليني مع الخبر الاتى في الكافي ج 7 ص 418 في الصحيح كليهما في خبر. (4) أي اتخذوها بالنتاج، والمذود - كمنبر - معتلف الدابة.
[ 65 ]
يهبوا، فقضى عليه السلام بها لاكثرهم بينة واستحلفهم " (1). 3345 - قال أبو بصير: (2) " وسألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي القوم فيدعي دارا في أيديهم ويقيم البينة ويقيم الذي في يده الدار البينة أنها ورثها عن أبيه و لا يدري كيف أمرها، فقال: أكثرهم بينة يستحلف وتدفع إليه ". قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: لو قال الذي في يده الدار: إنها لي وهي ملكي وأقام على ذلك بينة (3) وأقام المدعي على دعواه بينة كان الحق أن يحكم بها للمدعي لان الله عزوجل إنما أوجب البينة على المدعي ولم يوجبها على المدعى عليه (4)، ولكن هذا المدعى عليه ذكر أنه ورثها عن أبيه ولا يدري كيف أمرها فلهذا
(1) وجوب اليمين على من رجحت بينته هو مختار الشهيد في الدروس، وظاهر عبارة اللمعة عدم وجوب اليمين. (سلطان) (2) رواه الكليني في صدر الخبر المتقدم. (3) في بعض النسخ " على ذلك البينة ". (4) ظاهره أنه لا فرق بين كون بينة ذى اليد أكثر أو أعدل أم لا في ذلك وهذا
يخالف مفهوم ما سيأتي من قوله " واستوى الشهود في العدالة " الا أن يقال: أن ذلك من كلام أبيه ولا يرتضى به (سلطان) وقال استاذنا الشعرانى - مد ظله العالي -: ظاهر كلام الصدوق يدل على أن ذا اليد لا يقبل بينته إذا كانت خالية عن ذكر السبب، وأما إذا ذكر السبب فتقبل بينته كما تقبل بينة غير ذى اليد فيعارض بينهما فيرجح الاكثر عددا وقال بعد ذلك فيما لو كان المتداعيان غير ذوى أيدى يرجح الاعدل ثم الاكثر عددا، ولا فرق بين كون المتصرف أحدهما أو خارجا عنهما والى هذا الاختلاف في الكلام أشار سلطان العلماء، وأما قبول بينة ذى اليد إذا كانت مستندة الى سبب فغير بعيدة لان الزام البينة على المنكر ينتفى في الشرع لكونه حرجا فإذا رضى المنكر باقامة البينة والتزم بالحرج فهو له، وانما قلنا الزامه بالبينة حرج لانه لا يمكن لاحد أن يحفظ الشهود على براءة ذمته من كل دين محتمل وكون ما في يده من الاموال مما لا حق لاحد عليه، وأيضا فان من شرط شهادة الشهود أن يزيد بها على علم القاضى وظاهر أن الشهود انما يشهدون على ملك الناس لما في أيديهم باستناد تصرفهم وتقلبهم فيها فلا يزيد بشهادة الشهود على علم القاضى شئ فانه يعرف تصرفه وتقلبه فيما بيده ولا ينكره المدعى أيضا فلا فائدة في الشهادة الا إذا شهدوا بالسبب فانه =
[ 66 ]
أوجب الحكم باستحلاف أكثرهم بينة ودفع الدار إليه. ولو أن رجلا ادعى على رجل عقارا أو حيوانا أو غيره وأقام شاهدين وأقام الذي في يده شاهدين واستوى الشهود في العدالة لكان الحكم أن يخرج الشئ من يدي مالكه إلى المدعي لان البينة عليه، فإن لم يكن الشئ في يدي أحد وادعى فيه الخصمان جميعا فكل من أقام البينة فهو أحق به، فإن أقام كل واحد منهما البينة فإن أحق المدعيين من عدل شاهداه، فان استوى الشهود في العدالة فأكثرهما شهودا يحلف بالله ويدفع إليه الشئ هكذا ذكره أبي رضي الله عنه في رسالته إلي -.
باب * (الحكم في جميع الدعاوى) * قال أبي - رضي الله عنه - في رسالته إلي: إعلم يا بني أن الحكم في الدعاوي كلها أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، فإن نكل عن اليمين لزمه الحق (1)، فإن رد المدعى عليه اليمين على المدعي إذا لم يكن للمدعي شاهدان
= يزيد على الاعتماد على التصرف وهو شئ ينافى شهود المدعى فرضا كما في الحديث إذ شهد كل من البينتين بالانتاج على ندور من شهدت له وحينئذ فلا وجه لرد شهادة ذى اليد مطلقا والحكم بشهادة غير ذى اليد فالصحيح أن يقال: إذا شهدت بينة ذى اليد بالسبب ولم يكتف بالاعتماد على التصرف في الشهادة على الملك قبل منه وعارضت بينه الخارج. وقال سلطان - العلماء - رحمه الله - في وجه الحديث: ان بينة الداخل مع ذكر السبب فيه خاصة مقدم على الخارج وهو مختار بعض الاصحاب. راجع المختلف (1) لعل ذلك مع اللوث لغلبة ظن الحاكم بصدق المدعى فاكتفى بيمينه وهو القسامة على النحو المذكور في كتب الفروع، ومختاره القضاء بمجرد النكول وهو مختار الشيخين أيضا، وقيل رد اليمين على المدعى فان حلف قضى بحقه ولا يسقط وهو مختار بعض المحققين. (سلطان)
[ 67 ]
فلم يحلف فلا حق له إلا في الحدود فلا يمين فيها، وفي الدم فإن البينة على المدعى عليه، واليمين على المدعي (1) لئلا يبطل دم امرئ مسلم. باب * (الشهادة على المرأة) * 3346 - روي عن علي بن يقطين (2) عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: " لا بأس بالشهادة على إقرار المرأة وليست بمسفرة (3) إذا عرفت بعينها أو يحضر من عرفها (4)،
- ولايجوز عندهم أن يشهد الشهود على إقرارها دون أن تسفر فينظر إليها - ". 3347 - وكتب محمد بن الحسن الصفار - رضي الله عنه - إلى أبي محمد الحسن ابن علي عليهما السلام " في رجل أراد أن يشهد على امرأة ليس لها بمحرم هل يجوز له أن يشهد عليها من وراء الستر ويسمع كلامها إذا شهد عدلان أنها فلانة بنت فلان
(1) قيل: هذا مخالف للاصل وعليه الفتوى، وقيل: هذا مخصوص ببعض الصور كأن يقيم المدعى عليه البينة على نفى الدم عنه وينسب الى غيره بالبينة العادلة، وقيل: المراد باليمين هو القسامة وهى خمسون يمينا، أقول: في الكافي ج 7 ص 415 في الموثق عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام قال: " ان الله حكم في دمائكم بغير ما حكم به في أموالكم، حكم في أموالكم أن البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه، وحكم في دمائكم أن البينة على من ادعى عليه واليمين على من ادعى لكيلا يبطل دم امرئ مسلم ". (2) كذا في النسخ وهو الصواب وفى الكافي ج 7 ص 400 عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن أخيه جعفر بن عيسى بن يقطين عن أبى الحسن الاول عليه السلام وكان فيه سقط والصواب " عن أخيه جعفر بن عيسى عن ابن يقطين " وهو على بن يقطين كما في المتن. (3) سفرت المرأة: كشفت عن وجهها فهى سافر. (القاموس) (4) الى هنا مروى في الكافي والتهذيب وفيهما بعده هكذا " فأما ان لا تعرف بعينها ولا يحضر من يعرفها فلا يجوز للشهود أن يشهدوا عليها وعلى اقرارها دون أن تسفر وينظروا إليها " فهو بيان ما يستفاد من أول الحديث وما في المتن بعده نقل مذهب العامة من كلام المؤلف.
[ 68 ]
التي تشهدك وهذا كلامها، أو لا تجوز الشهادة عليها حتى تبرز وتثبتها بعينها (1)؟ فوقع عليه السلام: تتنقب وتظهر للشهود إن شاء الله " (2) وهذا التوقيع عندي بخطه عليه السلام. باب
* (ابطال الشهادة على الجنف والربا وخلاف السنة) * 3348 - روى إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام " أنه قال: تبطل الشهادة في الربا والجنف (3)، وإذا قال الشهود: إنا لا نعلم (4) خل
(1) في بعض النسخ " يبينها بعينها ". (2) لا يخفى أن مضمون الخبر الاول أنه لا حاجة الى استسفار الوجه إذا عرفت بعينها وهذا لا ينافيه من هذه الجهة بل يوافقه لانه عليه السلام أمر بالنقاب، والمنافاة من جهة أنه اكتفى في السابق بحضور من عرفها ولم يكتف هنا بل أمر بالظهور للشهود ولذا تصدى الشيخ للتوجيه (سلطان) وقال في الاستبصار ج 3 ص 19: " هذا لا ينافى الخبر الاول من وجهين أحدهما أن يكون محمولا على الاحتياط والاستظهار، والثانى أن يكون تتنقب وتظهر للشهود الذى يعرفون بأنها فلانة لانه لا يجوز لهم أن يعرفونها بانها فلانة بسماع الكلام وان لم يشاهدوها لان الاشتباه يدخل في الكلام ويبعد من دخوله مع البروز والمشاهدة " وقال استاذنا الشعرانى - مد ظله -: الظاهر أن الشهود الذين أمرت بالظهور لهم غير الشهود الذين شهدوا عليها بالاقرار لان الشهود المعرفين كانوا من المحارم الذين يعرفونها لانهم رأوها مرارا عديدة وأما شهود الاقرار فلا يعرفونها بعد الظهور والاستسفار أيضا لانهم لم يروها سابقا فقوله عليه السلام " تتنقب " أي للشهود الذين شهدوا عليها بالاقرار لانهم أجانب لا يعرفونها ولو بعد الكشف، وقوله " تظهر " للشهود أي للشهود الذين يشهدون بأنها فلانة إذ يعرفونها بالكشف والرؤية، ولا يخفى دلالة الحديث على جريان السيرة في عهدهم عليهم السلام في النساء باحتجاب الوجه وعدم جواز الكشف لغير المحارم الا لضرورة. (3) " تبطل " أمر في صورة الخبر (الوافى) والجنف - محركة -: الميل والجور وقد جنف في وصيته - كفرح - وأجنف مختص بالوصية، والجنف مطلق الميل عن الحق. كما في القاموس، وفى بعض النسخ هنا وما يأتي " الحيف ". (4) أي انا كنا لا نعلم انه ربا أو جنف أو خلاف سنة أو لا نعلم عدم جواز الشهادة =
[ 69 ]
سبيلهم، وإذا علموا عزرهم ". 3349 - وفي رواية عبد الله بن ميمون، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: " جاء رجل من الانصار إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أحب أن تشهد لي على نخل نحلتها ابني، قال: مالك ولد سواه؟ قال: نعم، قال: فنحلتهم كما نحلته؟ قال: لا، قال: فإنا معاشر الانبياء لا نشهد على الجنف " (1). 3350 - وفي رواية أبي الحسين محمد بن جعفر الاسدي - رضي الله عنه - قال الصادق عليه السلام: " لا تشهد على من يطلق لغير السنة " (2). باب * (الشهادة على الشهادة) * 3351 - قال الصادق عليه السلام: " إذا شهد رجل على شهادة رجل فإن شهادته تقبل وهي نصف شهادة (3) وإن شهد رجلان عدلان على شهادة رجل فقد ثبت شهادة رجل واحد ".
= عليه (الوافى) أو لا نعلم سبب استحقاق المدعى بل انما شهدنا باقرار المدعى عليه، أولا نعلم أن مثله في المعاملة لا يوجب الاستحقاق، ولا يبعد أن يكون ذلك فيما لم يكن بطلانه من ضروريات الدين كالربا. (مراد) (1) لعل ذلك من خواص الانبياء عليهم السلام، فلا يخفى أن سماع قوله " نحلتها ابني " لا يوجب تحمل الشهادة ما لم يعين النحلة والابن ولم يصرح بالاقباض وان المراد بالشهادة ما يترتب عليها حكم حكم الحاكم بمقتضاها، فلا يرد أن السماع موجب لتحمل الشهادة فكيف يقول صلى الله عليه وآله لا نشهد (مراد) أقول: قوله " من خواص الانبياء " لعله لما سيجئ من جواز تفضيل بعض الاولاد على بعض. (2) السنة هنا بالمعنى الاعم أي ما يقابل البدعة كالطلاق في الحيض.
(3) لا يصح انقسام اليمين لكنها جزء علة، فإذا انضم إليها شهادة آخر يصير بمنزلة شاهد واحد. (م ت)
[ 70 ]
3352 - وروى غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام " أن عليا عليه السلام كان لا يجيز شهادة رجل على شهادة رجل إلا شهادة رجلين على شهادة رجل ". 3353 - وروي عن عبد الله بن سنان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل شهد على شهادة رجل فجاء الرجل (1) فقال: إني لم أشهده قال: تجوز شهادة أعدلهما، وإن كانت عدالتهما واحدة لم تجز شهادته " (2). 3354 - وسأل صفوان بن يحيى أبا الحسن عليه السلام " عن رجل أشهد أجيره على شهادة ثم فارقه أتجوز شهادته بعد أن يفارقه؟ قال: نعم، قلت: فيهودي اشهد على شهادة، ثم أسلم أتجوز شهادته؟ قال: نعم " (3). 3355 - وروى العلاء عن محمد بن مسلم قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن الذمي والعبد يشهدان على شهادة ثم يسلم الذمي ويعتق العبد أتجوز شهادتهما على ما كانا اشهدا عليه؟ قال: نعم إذا علم منهما بعد ذلك خير جازت شهادتهما ". 3356 - وروى غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: " قال
(1) أي المشهود عليه. (2) عمل الشيخ في النهاية وجماعة بمدلول الخبر وقالوا: ان كذب الفرع الاصل تعمل بشهادة أعدلهما فان تساويا طرح الفرع، والاشهر بين المتأخرين هو أنه ان كان قبل الحكم الحاكم لا عبرة بشهادة الفرع مع تكذيب الاصل وان كان بعده نفذ حكم الحاكم ولا عبرة بقول الاصل فيحملون هذا الخبر وأمثاله على ما إذا شك الاصل قبل حكم الحاكم فينفذ بعده مطلقا، ومنهم من قال به بعد الحكم فيبطل شهادة الفرع قبل مطلقا، والاول أقوى لصحة الخبر.
(المرآة) (3) قوله " أشهد أجيره على شهادة " كأنه فهم المصنف منه أنه أشهد الاجير على شهادة شخص آخر وكذا في الخبر الاتى فلذا أوردهما في هذا الباب والظاهر أنه أشهد أجيره على واقعة فالمراد من الشهادة في قوله " على شهادة " هي المشهود به (سلطان) وقال في الوافى قوله " على شهادة " أي شهادة شاهد لهذا الرجل فيصير الاجير شاهدا له.
[ 71 ]
علي عليه السلام: لا تجوز شهادة على شهادة في حد، ولا كفالة في حد " (1). 3357 - وروي عن محمد بن مسلم عن الباقر أبي جعفر عليه السلام " في الشهادة على شهادة الرجل وهو بالحضرة في البلد، قال نعم ولو كان خلف سارية، ويجوز ذلك إذا كان لا يمكنه أن يقيمها لعلة تمنعه من أن يحضر ويقيمها، فلا بأس بإقامة الشهادة على شهادته " (2). 3358 - وروى عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: " أشهد على شهادتك من ينصحك، قالوا: أصلحك الله كيف يزيد وينقص؟! قال: لا ولكن من يحفظها عليك " (3). ولا تجوز شهادة على شهادة على شهادة (4). باب * (الاحتياط في اقامة الشهادة) * 3359 - روي عن علي بن غراب (5) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا تشهدن على
(1) في الروضة ضابطة قبول الشهادة على الشهادة كل ما لم يكن عقوبة لله تعالى مختصة به كشرب الخمر اجماعا أو مشتركة كالقذف على الخلاف. (2) السارية: الاسطوانة، وقوله عليه السلام " يجوز ذلك " أي الشهادة على الشهادة مع حضور الاصل وهذا الكلام بمنزلة التقييد والتخصيص لقوله السابق (سلطان) أي جواز
الاشهاد على شهادته مع حضوره في البلد مشروط بعدم تمكنه. (مراد) (3) قوله " قالوا أصلحك الله " أي الحضار عند أبيه عليه السلام، ولما كان تخصيص الاشهاد بالناصح أي الذى يريد اصلاح حال المنصوح يوهم أن غير الناصح قد يزيد وينقص في الشهادة قالوا: كيف يزيد وينقص من يشهد على شهادة فبين عليه السلام ان المراد بالناصح من يحفظ الشهادة (مراد) أو المراد أن الشاهد مع عدالته لا يزيد ولا ينقص فلا يحتاج الى كونه ناصحا فأجاب عليه السلام بأن المراد كونه حافظا للشهادة. (4) يمكن أن يكون من تتمة خبر عمرو بن جميع أو كلاما للمؤلف أو خبرا ولم أجده. (5) على بن غراب مشترك والطريق إليه اما ضعيف أو مجهول والخبر في الكافي =
[ 72 ]
شهادة حتى تعرفها كما تعرف كفك " (1). 3360 - وروي عن علي بن سويد قال: قلت لابي الحسن الماضي عليه السلام " يشهدني هؤلاء على إخواني؟ قال: نعم أقم الشهادة لهم وإن خفت على أخيك ضررا ". قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله هكذا وجدته في نسختي، ووجدت في غير نسختي " وإن خفت على أخيك ضررا فلا " ومعناهما قريب وذلك أنه إذا كان لكافر على مؤمن حق وهو موسر ملي به وجب إقامة الشهادة عليه بذلك وإن كان عليه ضرر بنقص من ماله، ومتى كان المؤمن معسرا وعلم الشاهد بذلك فلا تحل له إقامة الشهادة عليه وإدخال الضرر عليه بأن يحبس أو يخرج عن مسقط رأسه أو يخرج خادمه عن ملكه، وهكذا لا يجوز للمؤمن أن يقيم شهادة يقتل بها مؤمن بكافر ومتى كان غير ذلك فيجب إقامتها عليه، فإن في صفات المؤمن ألا يحدث أمانته الاصدقاء ولا يكتم شهادة الاعداء (2). 3361 - وروي عن عمر بن يزيد قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " رجل يشهدني على الشهادة فأعرف خطي وخاتمي ولا أذكر من الباقي قليلا ولا كثيرا، فقال: إذا
كان صاحبك ثقة ومعك رجل ثقة فأشهد له " (3).
= عن أحمد بن محمد، عن محمد بن حسان وقد ضعفه العلامة، عن ادريس بن الحسن وهو غير مذكور عن على بن غياث. (1) ظاهره في الشهادة على الشهادة، ويمكن أن يكون " على " بمعنى " في " أو الشهادة بمعنى المشهود به. (2) روى الكليني في الكافي ج 2 ص 231 باسناده عن على بن الحسين عليهما السلام قال: " المؤمن يصمت ليسلم، وينطق ليغنم، لا يحدث أمانته الاصدقاء ولا يكتم شهادته من البعداء، وفى بعض نسخه " من الاعداء ". (3) حمله العلامة في المختلف على ما إذا حصل بالقرائن الحالية والمقالية للشاهد ما استفاد به العلم وحينئذ فشهادته مستندة الى العلم لا الى خطه، والشيخ - رحمه الله - في النهاية عمل باطلاق الخبر ولم يقيده بالخاتم كما ذكر واللازم ذلك وقوفا فيما خالف الاصل على مورده مع معارضته باخبار كثيرة دلت على عدم الاكتفاء بذلك. (الروضة البهية)
[ 73 ]
وروي أنه لا تكون الشهادة إلا بعلم، من شاء كتب كتابا [ أ ] ونقش خاتما (1). باب * (شهادة الوصي للميت وعليه دين) * 3362 - كتب محمد بن الحسن الصفار - رضي الله عنه - إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام " هل تقبل شهادة الوصي للميت بدين له على رجل مع شاهد آخر عدل؟ فوقع عليه السلام: إذا شهد معه آخر عدل فعلى المدعي يمين. (2) وكتب إليه أيجوز للوصي أن يشهد لوارث الميت صغيرا أو كبيرا بحق له على الميت أو على غيره وهو القابض للوارث الصغير وليس للكبير بقابض؟ فوقع عليه السلام: نعم وينبغي للوصي أن يشهد بالحق (3) ولا يكتم شهادته. وكتب إليه أو تقبل شهادة الوصي على الميت بدين مع شاهد آخر
(1) روى الكليني في الكافي عن القمى، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبى عبد الله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تشهد بشهادة لا تذكرها فانه من شاء كتب كتابا ونقش خاتما ". (2) لعل المراد به وارث الميت والحكم بها كناية عن عدم قبول شهادة الوصي فيما هو وصى فيه كما هو المشهور (خلافا لابن الجنيد حيث قبل شهادة الوصي ومال إليه في الدروس) فيثبت الحق بالشاهد الواحد واليمين وعلى هذا يحتاج الى تأويل فيما بعد، ويحتمل أن يقال المراد ضم اليمين هنا الى الشاهدين للاستظهار كما في بعض المواضع وحينئذ لا يحتاج الى تأويل فيما بعد لكن خلاف المشهور من جهتين (سلطان) وفى الوافى: انما أوجب اليمين في المسألة الاخيرة لان الدعوى على الميت وأما في المسألة الاولى فلعله للاستظهار والاحتياط لمكان التهمة، وقال العلامة المجلسي: قوله " فعلى المدعى يمين " أي لا عبره بشهادة الوصي ومع وجود شاهد آخر يثبت الحق به وبيمين الوارث. (3) هذا لا ينافى عدم قبول شهادته في حق الصغير كما هو المشهور من عدم قبول شهادة الوصي فيما هو وصى فيه، وذهب ابن الجنيد الى قبولها كما يوهمه الخبر. (المرآة)
[ 74 ]
عدل؟ فوقع عليه السلام: نعم من بعد يمين " (1). باب * (النهى عن احياء الحق بشهادات الزور) * 3363 - سئل أبو عبد الله عليه السلام (2) " عن الرجل يكون له على الرجل حق فيجحد حقه ويحلف أن ليس له عليه شئ وليس لصاحب الحق على حقه بينة أيجوز له إحياء حقه بشهادة الزور إذا خشي ذهاب حقه؟ قال: لا يجوز ذلك لعلة التدليس " وهذا في رواية يونس بن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام.
باب * (نوادر الشهادات) * 3364 - قال الصادق عليه السلام: " إذا دفنت في الارض شيئا فأشهد عليها فانها لا تؤدي إليك شيئا ". 3365 - وقال عليه السلام: " أول شهادة شهد بها بالزور في الاسلام شهادة سبعين رجلا حين انتهوا إلى ماء الحوأب فنبحتهم كلابها فأرادت صاحبتهم الرجوع، و قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لازواجه: " إن إحديكن تنبحها كلاب الحوأب (3)
(1) يدل مع صحته على ثبوت اليمين الاستظهاري إذا كان الدعوى على الميت، إذ لا مانع من قبول شهادة الوصي على الميت وانما لا يقبل إذا كانت له. (المرآة) (2) مروى في الكافي ج 7 ص 388 والتهذيب ج 2 ص 80 عن على بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه عنه عليه السلام. (3) الحوأب: موضع بئر من مياه العرب على طريق البصرة وفيه نبحت كلابه على عائشة عند مقبلها الى البصرة كما في المجلد الثالث ص 356 من معجم الحموى وقال: " في =
[ 75 ]
في التوجه إلى قتال وصيي علي بن أبي طالب عليه السلام " فشهد عندها سبعون رجلا إن ذلك ليس بماء الحوأب، فكانت أول شهادة شهد بها في الاسلام بالزور ". 3366 - وقيل للصادق عليه السلام: " إن شريكا يرد شهادتنا، فقال: لا تذلوا أنفسكم " (1). قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: ليس يريد عليه السلام بذلك النهي عن إقامتها لان إقامة الشهادة واجبة، إنما يعني بها تحملها يقول: لا تتحملوا الشهادات فتذلوا أنفسكم بإقامتها عند من يردها، وقد روي عن أبي كهمس أنه قال: " تقدمت إلى شريك في شهادة لزمتني فقال لي: كيف أجيز شهادتك وأنت تنسب إلى ما تنسب
إليه، قال أبو كهمس: فقلت: وما هو؟ قال: الرفض، قال: فبكيت ثم قلت: نسبتني إلى قوم أخاف ألا أكون منهم، فأجاز شهادتي " وقد وقع مثل ذلك لابن أبي يعفور ولفضيل سكرة.
= الحديث أن عائشة لما أرادت المضى الى البصرة في وقعة جمل مرت بهذا الموضع فسمعت نباح الكلاب فقالت: ما هذا الموضع؟ فقيل لها: هذا موضع يقال له: حوأب فقالت: ردوني وهمت بالرجوع فغالطوها وحلفوا لها أنه ليس بالحوأب ". وفى شرح النهج لابن أبى الحديد قال: " قال أبو مخنف: لما انتهت عائشة في مسيرها الى الحوأب وهو ماء لبنى عامر بن صعصعة نبحتها الكلاب حتى نقرت صعاب ابلها، فقال قائل من أصحابها: الا ترون ما أكثر كلاب الحوأب وما أنشد نباحها، فأمسكت زمام بعيرها وقالت: وانها لكلاب الحوأب؟ ردوني ردوني، فانى سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول. وذكرت الخبر، فقال قائل: مهلا يرحمك الله، فقد جزنا ماء الحوأب، فقالت: فهل من شاهد؟ فلفقوا لها خمسين أعرابيا جعلوا لهم جعلا، فحلفوا لها ان هذا ليس بماء الحوأب، فسارت لوجهها ". (1) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 86 باسناده عن ابن أبى عمير، عن محمد بن أبى حمزة عمن ذكره عنه عليه السلام والمراد بشريك شريك بن عبد الله بن أبى شريك النخعي الكوفى القاضى وكان من قضاة العامة ولى القضاء بواسط سنة 155 ثم ولى الكوفة وتوفى بها سنة سبع وسبعين ومائة، وقيل: المراد أنه لا تذلوا أنفسكم باقامة الشهادة عند من لا يقبلها.
[ 76 ]
(باب الشفعة) (1) 3367 - روى طلحة بن زيد عن الصادق عن أبيه عليه السلام " أن رسول الله صلى الله عليه وآله قضى بالشفعة ما لم تورف (2) - يعني تقسم -). 3368 - وروى عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بالشفعة بين الشركاء في الارضين والمساكن، وقال: لا ضرر ولا [ إ ] ضرار " (3).
(1) الشفعة - بالضم -: استحقاق حق تملك الشقص على شريكه المتجدد ملكه قهرا بعوض والشريك شفيع لانه يضم المبيع الى ملكه فيشفعه به وكانه كان واحدا وترا فصار زوجا شفعا (م ت) وفى الشرايع هي استحقاق أحد الشريكين حصة شريكه بسبب انتقالها بالبيع. (2) في فصل الهمزة من القاموس " الارفة - بالضم -: الحد بين الارضين " وفى فصل الواو " ورف الارض - من باب التفعيل - قسمها ". وطلحة بن زيد بترى يكنى أبا الخزرج كان ضعيفا عامى المذهب. (3) نهى في صورة النفى. أي لا يضر الرجل ابتداء ولا يضره جزاء لان الضرر يكون من الواحد، والضرار من الاثنين بمعنى الضارة، وهو أن تضر من ضرك، وفى المجمع: الضرار فعال من الضر أي يجازيه على اضراره بادخال الضرر عليه، والضرر فعل الواحد والضرار فعل الاثنين، والضرر ابتداء الفعل والضرار الجزاء عليه، " وقيل: الضرر ما تضر به صاحبك وتنتفع أنت به، والضرار أن تضره من غير أن تنتفع أنت به. وقال استادنا الشعرانى - مد ظله -: اختلف أصحابنا في ثبوت الشفعة في جميع الاملاك أو في بعضها، وأثبت كثير من قدمائنا الشفعة في كل مال منقول أو غير منقول وخصها كثير من المتأخرين بغير المنقول، قال في القواعد: كل عقار ثابت مشترك بين اثنين قابل للقسمة، وعلى هذا فلا تثبت في المنقول ولا في البناء ولا الاشجار من غير المنقول إذا بيعا منفردين ولا في مثل الغرفة المبنية على بيت لعدم كونها ثابتة على الارض، فلا تدخل تلك الغرفة في شفعة الارض تبعا للارض وتثبت في الدولاب تبعا لانه غير منقول في العادة، ولا تثبت في الثمرة على الشجرة ولو تبعا، ولا تثبت الشفعة في كل مال غير قابل للقسمة وان كان غير منقول كالطاحونة وبئر الماء والحمام وذلك لان حكمة الشفعة التضرر بالقسمة وإذا لم يمكن تقسيم المال أمن الضرر =
[ 77 ]
3369 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا أرفت الارف وحدت الحدود فلا شفعة (1) [ ولا شفعة إلا لشريك غير مقاسم ] " (2).
3370 - وروى إسماعيل بن مسلم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام، قال: " قال علي عليه السلام (3): الشفعة على عدد الرجال " (4). 3371 - وفي رواية طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام، قال: " قال علي عليه السلام: الشفعة على عدد الرجال ".
= ولا يمكن أن يكون نفس الشركة ضررا موجبا للشفعة فانها كانت حاصلة ولم يثبت بالبيع شئ لم يكن. قلت: يمكن أن تكون الحكمة أن الشريك الاول ربما يكون بحيث يمكن مساكنته ومعاملته بخلاف الشريك الثاني إذ ربما يكون سيئ المعاشرة والمعاملة فلذلك تثبت الشفعة شرعا. (1) هذا الخبر في الكافي والتهذيب جزء من خبر عقبة بن خالد. (2) هذا الذيل ليس في بعض النسخ ولا الكتابين ولعلها من زيادات النساخ. (3) في بعض النسخ " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ". (4) أي لكل واحد من الشركاء استحقاق الاخذ بالشفعة وظاهر هذا الخبر وما يأتي بل وخبر عقبة بن خالد حصول الشفعة مع تعدد الشركاء وأنها على عدد الرؤوس لا على قدر السهام، وفى ثبوت الشفعة مع كثرة الشركاء اختلاف بين الفقهاء - قدس الله أسرارهم - وذلك لاختلاف النصوص ففى التهذيب في الصحيح عن أبى عبد الله عليه السلام قال: " لا تكون الشفعة الا لشريكين ما لم يتقاسما فإذا صاروا ثلاثة فليس لواحد منهم شفعة " وفى آخر كما يأتي عنه عليه السلام " إذا كان الشئ بين الشريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره، فان زاد على الاثنين فلا شفعة لاحد منهم " وعمل بذلك الاخبار على بن بابويه - كما في الايضاح - والصدوق نفسه في المقنع ونسب ثبوتها مع الكثرة الى الرواية، والشيخان والمرتضى والسلار وأبو الصلاح وابن البراج وابن حمزة وابن زهرة وقطب الدين الكيدرى وابن ادريس - وادعى عليه الاجماع في السرائر - والمحقق والعلامة. وبما خالفها من الاخبار الصدوق في الفقيه في غير الحيوان وابن الجنيد، وحجة القائلين بعدم
ثبوتها مع الكثرة سوى النصوص أصالة عدم الشفعة وثبوت الملك في غير موضع الوفاق. راجع لمزيد البيان المسالك ج 2 ص 272.
[ 78 ]
3372 - وقال عليه السلام: " ليس لليهودي والنصراني شفعة، ولا شفعة إلا لشريك غير مقاسم " (1). 3373 - وفي رواية طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: " قال علي عليه السلام: الشفعة لا تورث " (2). 3374 - وفي رواية السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لاشفعة في سفينة ولا في نهر ولا في طريق ولا في رحى ولا في حمام ". 3375 - وقال علي عليه السلام: " وصي اليتيم بمنزلة أبيه يأخذ له الشفعة إذا كانت
(1) رواه الشيخ والكليني عن القمى، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبى عبد الله عليه السلام، وقوله عليه السلام: " ليس لليهودي - الخ " أي على المسلم للاجماع على ثبوتها لهما على غير المسلم، وعدم ثبوت شفعة الكافر على المسلم ايضا اجماعي. (المرآة) (2) قال في الروضة: الشفعة تورث عن الشفيع كما يورث الخيار في أصح القولين لعموم أدلة الارث، وقيل: لا يورث استنادا الى رواية ضعيفة السند وهى رواية طلحة بن زيد. (3) حمل على ما إذا كانت هذه الاشياء ضيقة لا تقبل القسمة، قال استاذنا الشعرانى: أما السفينة فمال منقول وأيضا غير قابل للقسمة، والنهر غير قابل لها غالبا، والطريق ان بيع منفردا عن الدور فلا شفعة فيها ان كان ضيقا غير قابل للتقسيم كما هو الغالب في الطريق التى تباع، والرحى والحمام أيضا لا يقبلان القسمة، فهذا الخبر لا يخالف مذهب أكثر
المتأخرين فانهم اشترطوا امكان الانقسام في المأخوذ بالشفعة لان في كثير من أخبار - الشفعة اثباتها في ما لم يقسم وظاهرها أن يكون قابلا للانقسام ولم يقسم لا السالبة بانتفاء القابلية - انتهى. وفى الشرايع " في ثبوت الشفعة في النهر والطريق والحمام وما لا تضر قسمته تردد أشبهه أنها لا تثبت، ونعنى بالضرر أن لا ينتفع به بعد قسمته، والمتضرر لا يجبر على القسمة، ولو كان الحمام أو الطريق أو النهر مما لا تبطل منفعته بعد القسمة أجبر الممتنع وتثبت الشفعة.
[ 79 ]
[ له ] رغبة، وقال عليه السلام: للغائب الشفعة " (1). 3376 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إذا وقعت السهام ارتفعت الشفعة (2). 3377 - وسئل الصادق عليه السلام (3) " عن الشفعة لمن هي؟ وفي أي شئ هي؟ وهل تكون في الحيوان شفعة؟ وكيف هي؟ قال: الشفعة واجبة في كل شئ من حيوان أو أرض أو متاع إذا كان الشئ بين شريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره، فإن زاد على الاثنين فلا شفعة لاحد منهم " (4). (1) مروى في الكافي ج 5 ص 281 عن القمى، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبى عبد الله عنه صلوات الله عليهما. وقوله عليه السلام " إذا كانت له رغبة " أي مصلحة للطفل فيها، ويدل على أن الاب والجد والوصى يأخذون بالشفعة للطفل إذا كان له غبطة، و على أن للغائب شفعة كما هو المشهور فيهما. وقال المحقق: " وتثبت للغائب والسفية وكذا المجنون والصبى ويتولى الاخذ وليهما مع الغبطة " وقال في المسالك: لا شبهة في ثبوتها لمن ذكر لعموم الادلة المتناولة للمولى عليه وغيره، وأما الغائب فيتولى هو الاخذ بعد حضوره وان طال زمان الغيبة، ولو تمكن من المطالبة في الغيبة بنفسه أو وكيله فكالحاضر، ولا عبرة بتمكنه من الاشهاد على المطالبة فلا يبطل حقه ولو لم يشهد بها.
(2) مروى في الكافي ج 5 ص 280 في الضعيف عن حماد، عن جميل، عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام. (3) في الكافي والتهذيب مسندا عن يونس عن بعض رجاله عن الصادق عليه السلام. (4) قال في المسالك ج 2 ص 269: " اختلف الاصحاب في محل الشفعة من الاموال بعد اتفاقهم على ثبوتها في العقار الثابت للقسمة كالارض والبساطين على أقوال كثيرة منشاؤها اختلاف الروايات فذهب أكثر المتقدمين وجماعة من المتأخرين منهم الشيخان والمرتضى و ابن الجنيد وأبو الصلاح وابن ادريس الى ثبوتها في كل مبيع منقولا كان أم لا، قابلا للقسمة أم لا، ومال إليه الشهيد في الدروس ونفى عنه العبد، وقيده آخرون بالقابل للقسمة وتجاوز آخرون بثبوتها في المقسوم أيضا اختاره ابن أبى عقيل واقتصر أكثر المتأخرين على ما اختاره المحقق من اختصاصها بغير المنقول عادة مما يقبل القسمة " والمراد بقبول القسمة هو أن لا يخرج عن حد الانتفاع بحيث لا يمكن الاستفاد المعتد بها منه.
[ 80 ]
قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: يعني بذلك الشفعة في الحيوان وحده فأما في غير الحيوان فالشفعة واجبة للشركاء وإن كانوا أكثر من اثنين، وتصديق ذلك ما رواه (1): 3378 - أحمد بن محمد بن أبى نصر، عن عبد الله بن سنان قال: " سألته عن مملوك بين شركاء أراد أحدهم بيع نصيبه، قال: يبيعه، قال قلت: فإنهما كانا اثنين، فأراد أحدهما بيع نصيبه فلما أقدم على البيع قال له شريكه: أعطني، قال: هو أحق به، ثم قال عليه السلام: لا شفعة في حيوان إلا أن يكون الشريك فيه واحدا " (2). 3379 - وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل اشترى دارا برقيق ومتاع وبز وجوهر، فقال: ليس لاحد فيها شفعة " (3).
وإذا كانت دارا فيها دور وطريق أربابها في عرصة واحدة فباع أحدهم دارا منها من رجل وطلب صاحب الدار الاخرى الشفعة فإن له عليه الشفعة إذا لم يتهيأ
(1) قال الفاضل التفرشى: يمكن التوفيق بينه وبين ما سبق من جريان الشفعة مع تكثر الشركاء بأن يكون هذا على وجوب الشفعة أي وجوب دفع المشترى ما اشتراه الى الشريك الواحد عند طلبه وحمل ما سبق على استحباب ذلك أي استحباب دفعه عند طلب الشركاء، وأما حمل المصنف ففى غاية البعد واستشهاده مبنى على اعتبار المفهوم في قوله عليه السلام " لا شفعة في حيوان " وهو غير حجة على ما تقرر في الاصول مع أنه من قبيل مفهوم اللقب. (2) مفهوم هذه الرواية ثبوت الشفعة في غير الحيوان إذا كان الشريك أكثر. ولا يخفى ضعف دلالة المفهوم مع تضمن الخبر ثبوت الشفعة في الحيوان وفى موثقة سليمان بن خالد عن أبى عبد الله عليه السلام أنه قال: " ليس في الحيوان شفعة " (التهذيب ج 2 ص 163). (3) في المسالك: لا خلاف في ثبوت الشفعة على تقدير كون الثمن مثليا، واختلفوا فيما إذا كان قيميا فذهب جماعة منهم الشيخ في الخلاف مدعيا الاجماع والعلامة في المختلف الى عدم ثيوت الشفعة حينئذ اقتصارا فيما خالف الاصل على موضع اليقين ولرواية على بن رئاب عن الصادق عليه السلام وذهب الاكثر ومنهم الشيخ في غير الخلاف، والعلامة في غير المختلف الى ثبوتها لعموم الادلة ولان القيمة بمنزلة العوض المدفوع ولضعف مستند المنع سندا ودلالة =
[ 81 ]
له أن يحول باب الدار التي اشتراها إلى موضع آخر (1)، فإن كان حول بابها فلا شفعة لاحد عليه (2).
= أما الاول ففى طريقة الحسن بن سماعة وهو واقفى والعجب من دعوى العلامة في التحرير صحته مع ذلك، ودلالته على موضع النزاع ممنوعة، فان نفى الشفعة أعم من كونه بسبب كون الثمن قيميا أو غيره إذ لم يذكر أن في الدار شريكا فجاز نفى الشفعة لذلك عن الجار وغيره أو لكونها غير قابلة للقسمة أو لغير ذلك، وبالجملة فان المانع من الشفعة غير مذكور وأسباب المنع كثيرة
فلا وجه لحمله على المتنازع فيه أصلا، والعجب مع ذلك من دعوى أنها نص في الباب مع أنها ليست ظاهرة فضلا عن النص - انتهى، أقول: تضعيفه - رحمه الله - السند لا وجه له لانه مبنى على طريق الشيخ في التهذيب حيث رواه باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن ابن محبوب عن ابن رئاب وأما المصنف فطريقه الى ابن محبوب في غاية الصحة حيث رواه عن شيخه محمد بن موسى بن المتوكل وهو ثقة جليل، عن عبد الله بن جعفر الحميرى القمى وهو شيخ القميين ووجههم - وثقه الشيخ والنجاشى وغيرهما - أو عن سعد بن عبد الله القمى الاشعري وهو شيخ الطائفة وفقيهها ووجهها وثقه كلهم، عن أحمد بن محمد بن عيسى بن سعد بن مالك الاشعري الذى هو من الاجلاء وكان شيخا وجيها فقيها غير مدافع وثقه النجاشي والشيخ والعلامة. والبز اما مطلق الثياب أو متاع البيت الثياب وغيره. (1) كأن مدرك هذه الفتوى حسنة منصور بن حازم قال " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن دار فيها دور وطريقهم واحد في عرصة الدار فباع بعضهم منزله من رجل هل لشركائه في الطريق أن يأخذوا بالشفعة؟ فقال: ان كان باع الدار وحول بابها الى طريق غير ذلك فلا شفعة لهم، وان باع الطريق مع الدار فلهم الشفعة " رواه الكليني ج 5 ص 280 في الحسن كالصحيح، وروى في آخر حسن عن منصور أيضا قال: " قلت لابي عبد الله عليه السلام: دار بين قوم اقتسموها فأخذ كل واحد منهم قطعة وبناها وتركوا بينهم ساحة فيها ممرهم، فجاء رجل فاشترى نصيب بعضهم أله ذلك؟ قال: نعم ولكن يسد بابه ويفتح بابا الى الطريق أو ينزل من فوق البيت و يسد بابه فان أراد صاحب الطريق بيعه فانهم أحق به والا فهو طريقه يجيئ حتى يجلس على ذلك الباب ". (2) هذا إذا لم يكن البايع قد باع حقه من الطريق المشترك مع داره، بل باع الدار فقط وفتح لها بابا الى الطريق السالك فلا شفعة حينئذ لان المبيع غير مشتركة ولا في حكمه كالاشتراك في الطريق وان كان باع الدار مع الطريق المشترك تثبت الشفعة. (زين الدين)
[ 82 ]
ومن طلب شفعة وزعم أن ماله غير حاضر وأنه في بلد آخر انتظر به مسيرة الطريق في ذهابه ورجوعه وزيادة ثلاثة أيام فإن أتى بالمال وإلا فلا شفعة له (1). وإذا قال طالب الشفعة للمشتري: بارك الله لك فيما اشتريت (2) أو طلب منه مقاسمة فلا شفعة له (3). وكان شيخنا محمد بن الحسن - رضي الله عنه - يقول: ليس في الموهوب والمعاوض به شفعة (4) إنما الشفعة فيما اشتريت بثمن معلوم ذهب أو فضة ويكون غير مقسوم.
(1) في المسالك: " إذا ادعى غيبة الثمن فان ذكر أنه ببلده أجل ثلاثة أيام من وقت حضوره للاخذ وان ذكر أنه ببلد آخر أجل مقدار ذهابه وعوده وثلاثة أيام كما تقتضيه الرواية " أقول: الظاهر مراده من الرواية حسنة على بن مهزيار في التهذيب ج 2 ص 163 " قال: سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام عن رجل طلب شفعة أرض فذهب على أن يحضر المال فلم يتفق فكيف يصنع صاحب الارض ان أراد بيعها أيبيعها أو ينتظر مجئ شريكه صاحب الشفعة؟ قال: ان كان معه بالمصر فلينتظر به ثلاثة أيام فان أتاه بالمال والا فليبع وبطلت شفعته في الارض، وان طلب الاجل الى أن يحمل المال من بلد آخر فلينتظر به مقدار ما سافر الرجل الى تلك البلدة وينصرف وزيادة ثلاثة أيام إذا قدم فان وافاه والا فلا شفعة له " وقيده الاصحاب بما إذا لم يتضرر المشترى بالتأخير بأن كان البلد الذى نسب الثمن إليه بعيدا جدا كالعراق من - الشام ونحو ذلك والا بطلت، والمراد ببطلانها على تقدير عدم احضاره في المدة المضروبة سقوطها. (2) لتضمنه الرضا بالبيع أو لمنافاته الفورية، وفيه كلام راجع المسالك ج 2 ص 283. (3) هذا أيضا من حيث دلالته على الرضا بالبيع المبطل للشفعة. (4) ذلك لاشتراط انتقال الشقص بالبيع فلا تثبت لو انتقل بهبة أو صلح أو صداق أو صدقة خلافا لابن الجنيد حيث ذهب الى ثبوتها بانتقال الحصة وان لم يكن بعقد وقيل: وكأنه احتج بأن حكمة تشريعها موجودة في جميع صور الانتقالات وفيه نظر لان وجود الحكمة غير كاف
لعدم الانضباط والشارع ضبطها بالبيع لكونها وصفا مضبوطا ألا ترى أنه ضبط القصر بالسفر وان وجدت المشقة في غيره، ويمكن أن يقال: التخصيص بالذكر ليس دليلا على تخصيص الحكم به لان الغالب في المعاملات ونقل الاملاك البيع، واستدل أيضا بخبر أبى بصير الاتى وفيه نظر لجواز أن يكون نفى الشفعة لكثرة الشركاء، والحق أن حق الشفعة خلاف الاصل وكل ما هو على خلاف الاصل يقتصر فيه على موارد النص.
[ 83 ]
وحديث علي بن رئاب يؤيد ذلك (1). وإذا تبرأ الرجل إلى الرجل من نصيبه في دار أو أرض فلا شفعة لاحد عليه (2) ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 3380 - وروى الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام (3) قال: " سألته عن رجل تزوج امرأة على بيت في دار له، وله في تلك الدار شركاء، قال: جائز له ولها، ولا شفعة لاحد من الشركاء عليها " (4). (باب الوكالة) 3381 - روي جابر بن يزيد، ومعاوية بن وهب (5) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " من وكل رجلا على إمضاء أمر من الامور فالوكالة ثابتة أبدا حتى يعلمه بالخروج منها كما أعلمه بالدخول فيها " (6). 3382 - وروى عن عبد الله بن مسكان، عن أبي هلال الرازي قال: قلت لابي - عبد الله عليه السلام: " رجل وكل رجلا بطلاق امرأته إذا حاضت وطهرت، وخرج الرجل
(1) حيث نفى الشفعة فيما إذا كان الثمن قيميا. (2) الظاهر أن المراد أنه جعل نفسه بريئا من نصيبه في ذلك الشئ وأعطاه لشريكه وأبرأه من حصته فلا شفعة لان الشفعة مختصة بالبيع. (سلطان) (3) في بعض النسخ " عن أبى عبد الله عليه السلام ".
(4) استدل به على انحصار حق الشفعة بالبيع وتقدم الاشكال فيه. (5) طريق المصنف الى جابر بن يزيد ضعيف بعمرو بن شمر، والى معاوية بن وهب صحيح كما في الخلاصة. (6) التشبيه اما في أصل الاعلام أو في كيفيته، فعلى الثاني لا يكفى اخبار الواحد غير العدل بل العادل، لكن صحيحة هشام بن سالم كما سيأتي تحت رقم 3385 - تدل على الاكتفاء بالثقة (سلطان) وقال المولى المجلسي: يمكن أن يقال بجواز الدخول في الوكالة أيضا بقول الثقة وان لم يثبت الا بالعدل وهو الاظهر من الاخبار. أقول: في الروضة " لا يكفى في انعزاله الاشهاد من الموكل على عزله على الاقوى خلافا للشيخ وجماعة ".
[ 84 ]
فبدا له فأشهد أنه قد أبطل ما كان أمره به وأنه قد بدا له في ذلك، قال: فليعلم أهله وليعلم الوكيل " (1). 3383 - وروي عن علاء بن سيابة قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة وكلت رجلا بأن يزوجها من رجل فقبل الوكالة فأشهدت له بذلك فذهب الوكيل فزوجها ثم إنها أنكرت ذلك الوكيل وزعمت أنها عزلته عن الوكالة، فأقامت شاهدين أنها عزلته، فقال: ما يقول من قبلكم في ذلك؟ قال: قلت: يقولون ينظر في ذلك، فإن كانت عزلته قبل أن يزوج فالوكالة باطلة والتزويج باطل، وإن عزلته وقد زوجها فالتزويج ثابت على ما زوج الوكيل وعلى ما اتفق معها من الوكالة إذا لم يتعد شيئا مما أمرت به واشترطت عليه في الوكالة، قال: ثم قال: يعزلون الوكيل عن وكالتها ولم تعلمه بالعزل؟! فقلت: نعم يزعمون أنها لو وكلت رجلا وأشهدت في الملا و قالت في الملا اشهدوا اني قد عزلته وأبطلت وكالته بلا أن يعلم بالعزل وينقضون جميع ما فعل الوكيل في النكاح خاصة، وفي غيره لا يبطلون الوكالة إلا أن يعلم الوكيل بالعزل ويقولون: المال منه عوض لصاحبه (2) والفرج ليس منه عوض إذا وقع منه
ولد (3) فقال عليه السلام: سبحان الله ما أجور هذا الحكم وأفسده!! إن النكاح أحرى و أحرى أن يحتاط فيه وهو فرج ومنه يكون الولد، إن عليا عليه السلام أتته امرأة استعدته على أخيها (4) فقالت: يا أمير المؤمنين وكلت أخي هذا بأن يزوجني رجلا وأشهدت له ثم عزلته من ساعته تلك فذهب فزوجني ولي بينة أني عزلته قبل أن يزوجني فأقامت البينة، فقال الاخ: يا أمير المؤمنين إنها وكلتني ولم تعلمني أنها عزلتني
(1) أما اعلام الوكيل فظاهر، وأما اعلام الاهل فللتأكيد استحبابا أو لادخال السرور عليها (م ت) وظاهره أنه بدون الاعلام لا ينعزل. (2) أي فلو كانت الوكالة باطلة كان الامر سهلا لان له عوضا. (3) أي لو كان العقد باطلا كان الولد ولد زنا وليس النكاح من قبيل المعاوضات حتى لو كان باطلا كان المهر بازاء الوطى وكان عوضه لان الزنا لا عوض له، فالاحتياط عدم امضاء الوكالة. (م ت) (4) استعداه: استغاثه واستنصره. (القاموس)
[ 85 ]
عن الوكالة حتى زوجتها كما أمرتني، فقال لها: ما تقولين؟ قالت: قد أعلمته يا أمير المؤمنين، فقال لها: ألك بينة بذلك؟ فقالت: هؤلاء شهودي يشهدون، قال لهم: ما تقولون؟ قالوا: نشهد إنها قالت: اشهدوا إني قد عزلت أخي فلانا عن الوكالة بتزويجي فلانا واني مالكة لامري قبل ان يزوجنى فلانا، فقال " اشهدتكم على ذلك بعلم منه ومحضر؟ قالوا: لا، قال: فتشهدون أنها أعلمته العزل كما أعلمته الوكالة؟ قالوا: لا، قال: أرى الوكالة ثابتة والنكاح واقعا أين الزوج؟ فجاء فقال: خذ بيدها بارك الله لك فيها، قالت: يا أمير المؤمنين أحلفه أني لم أعلمه العزل وأنه لم يعلم بعزلي إياه قبل النكاح، فقال: وتحلف (1)؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين فحلف وأثبت وكالته وأجاز النكاح
". 3384 - وروي عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن رجل قال لاخر: اخطب لي فلانة فما فعلت شيئا مما قاولت من صداق أو ضمنت من شئ أو شرطت فذلك لي رضى وهو لازم لي، ولم يشهد على ذلك، فذهب فخطب له وبذل عنه الصداق وغير ذلك مما طالبوه وسألوه، فلما رجع أنكر ذلك كله، قال: يغرم لها نصف الصداق عنه (2)، وذلك أنه هو
(1) بطريق الاستفهام ولعل المراد أنه هل يقدر على الحلف أو تنكل عنه لا أن المراد تخييره في الحلف، وفائدة هذا الحلف غير ظاهر لان النكاح قد ثبت ولا معنى للحلف لاثبات حق الغير فلو قال الوكيل بعد ذلك انها أعلمتني لم يسمع في حق الزوج فكيف إذا نكل نعم لو أقر بالاعلام لغرر. (سلطان) (2) للاصحاب في هذه المسألة ثلاثة أقوال: الاول لزوم كل المهر على الوكيل وهو اختيار الشيخ في النهاية، والثانى - وهو المشهور بين الاصحاب واختاره الشيخ في المبسوط - لزوم نصف المهر على الوكيل مستندا بهذه الرواية وبأنه فسخ قبل الدخول فيجب معه نصف المهر كالطلاق والثالث - وهو مختار المحقق - بطلان النكاح ظاهرا وانتفاء المهر ظاهرا، ويمكن حمل الرواية بناء على هذا المذهب على ضمان الوكيل المهر وفى الرواية اشعار به. (سلطان)
[ 86 ]
الذي ضيع حقها (1)، فلما لم يشهد لها عليه بذلك الذي قال له (2)، حل لها أن تتزوج، ولا تحل للاول فيما بينه وبين الله عزوجل إلا أن يطلقها (3) لان الله تعالى يقول: " فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " فإن لم يفعل فإنه مأثوم فيما بينه وبين الله عزوجل وكان الحكم الظاهر حكم الاسلام، وقد أباح الله عز وجل لها أن تتزوج ". 3385 - وروى محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام
" في رجل وكل آخر على وكالة في أمر من الامور وأشهد له بذلك شاهدين، فقام الوكيل فخرج لامضاء الامر، فقال: اشهدوا أني قد عزلت فلانا عن الوكالة،
(1) حيث ترك الاشتهاد. (2) " عليه " أي على الموكل " بذلك الذى قال له " أي التوكيل. قال في الشرايع " إذا زوجه امرأة فأنكر الوكالة ولا بينة كان القول قول الموكل مع يمينه، ويلزم الوكيل مهرها وروى نصف مهرها وقيل يحكم ببطلان العقد في الظاهر ويجب على الموكل أن يطلقها ان كان يعلم صدق الوكيل وأن يسوق إليها نصف المهر وهو قوى " وقال في المسالك: وجه الاول أن المهر يجب بالعقد كلا وانما ينتصف بالطلاق وليس. وقد فوته الوكيل عليها بتقصيره بترك الاشهاد فيضمنه وهو اختيار الشيخ في النهاية، والثانى هو المشهور بين الاصحاب و اختاره الشيخ أيضا في المبسوط ومستنده ما رواه عمر بن حنظلة عن الصادق عليه السلام، ولانه فسخ قبل الدخول فيجب معه نصف المهر كالطلاق، وفى الاخير منع وفى سند الحديث ضعف ولو صح لم يمكن العدول عنه، والقول الثالث الذى اختاره أقوى ووجهه واضح، فانه إذا أنكر الوكالة وحلف على نفيها انتفى النكاح ظاهرا، ومن ثم يباح لها أن تتزوج وقد صرح به في الرواية فينتقى المهر أيضا لان ثبوته يتوقف على لزوم العقد ولانه على تقدير ثبوته انما يلزم الزوج لانه عوض البضع والوكيل ليس بزوج، نعم لو ضمن الوكيل المهر كله أو نصفه لزمه حسب ما ضمن، ويمكن حمل الرواية عليه، وأما وجوب الطلاق على الزوج مع كذبه في نفس الامر ووجوب نصف المهر عليه فواضح. (3) انما يجوز للمرأة التزويج مع حلف الموكل إذا لم يصدق الوكيل عليها ولم تعلم. والا لا يجوز لها التزويج قبل الطلاق. (سلطان)
[ 87 ]
فقال: إن كان الوكيل أمضى الامر الذي وكل عليه (1) قبل أن يعزل عن الوكالة
فإن الامر واقع ماض على ما أمضاه الوكيل، كره الموكل أم رضي، قلت: فإن الوكيل أمضى الامر قبل أن يعلم بالعزل أو يبلغه أنه قد عزل عن الوكالة فالامر على ما أمضاه؟ قال: نعم (2)، قلت: فإن بلغه العزل قبل أن يمضي الامر ثم ذهب حتى أمضاه لم يكن ذلك بشئ؟ قال: نعم إن الوكيل إذا وكل ثم قام عن المجلس فأمره ماض أبدا، والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه أو يشافه بالعزل عن الوكالة " (3). 3386 - وروى حماد، عن الحلبي (4) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " في رجل ولته امرأة أمرها إما ذات قرابة أو جارة له لا يعلم دخيلة أمرها (5) فوجدها قد دلست عيبا هو بها، قال: يؤخذ المهر منها (6) ولا يكون على الذي زوجها شئ، وقال: في امرأة ولت أمرها رجلا فقالت: زوجني فلانا، قال: لا زوجتك حتى تشهدي
(1) في التهذيب " وكل فيه ". (2) يدل على أن ما فعله الوكيل صحيح ماض الى أن يبلغه الثقة بالعزل، والمشهور بين الاصحاب أن الثقة: العدل الضابط، والظاهر من اللفظ: المعتمد عليه في القول كما ذكره الشيخ في الراوى وما ذكره أحوط، وهل يكفى الثقة في الفعل؟ ظاهر المساواة ذلك، والمشهور أن الوكالة لا تثبت الا بعدلين، وظاهر الخبر السابق أيضا ذلك، فان شهادة العدل يفيد العلم الشرعي والفرق بين الفعل والترك بين، فان التصرف في مال الغير يحتاج الى اذن الشرعي بخلاف الترك فان بناءه على الاحتياط، ومن هذا يظهر أن المعتمد عليه كاف فيه. (م ت) (3) ظاهره كفاية ثقة واحدة في التبليغ وهو مختار الشهيد الثاني في شرحه على اللمعة. (سلطان) (4) رواه الشيخ أيضا بسند صحيح. (5) أي لا يعلم الوكيل باطن أمرها. (6) أي بعد الفسخ لو دفع إليها المهر استرجع منها، وهذا على تقدير عدم الدخول
ظاهر، وان كان بعد الدخول فلها المسمى لانه ثبت المهر بالدخول ثبوتا مستقرا فلا يسقط بالفسخ ان كان المدلس غيرها، ولو كان هو المرأة رجع عليها أيضا بمعنى أنه لا يثبت لها مهر إذ لا معنى لاعطائها وأخذها الا أن وقع الاعطاء قبل العلم بالعيب فيسترجع. (سلطان)
[ 88 ]
بأن أمرك بيدي، فأشهدت له، فقال: عند التزويج للذي يخطبها يا فلان عليك كذاوكذا؟ قال: نعم، فقال هو للقوم (1): اشهدوا إن ذلك لها عندي وقد زوجتها من نفسي، فقالت المرأة: ما كنت أتزوجك ولا كرامة ولا أمري إلا بيدي و ما وليتك أمري إلا حياء من الكلام، قال: تنزع منه ويوجع رأسه " (2). 3387 - وفي نوادر محمد بن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل قبض صداق ابنته من زوجها، ثم مات هل لها أن تطالب زوجها بصداقها؟ أو قبض أبيها قبضها (3)؟ فقال عليه السلام: إن كانت وكلته بقبض صداقها من زوجها فليس لها أن تطالبه، وإن لم تكن وكلته فلها ذلك، ويرجع الزوج على ورثة أبيها بذلك إلا أن تكون حينئذ صبية في حجره فيجوز لابيها أن يقبض صداقها عنها، ومتى طلقها قبل الدخول بها فلابيها أن يعفو عن بعض الصداق ويأخذ بعضا (4)، وليس له أن يدع كله وذلك قول الله عزوجل: " إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " يعني الاب والذي توكله المرأة وتوليه أمرها من أخ أو قرابة أو غيرهما ".
(1) أي قال الوكيل للقوم الحاضرين. (2) يدل على ما هو المشهور من أن الوكيل في النكاح لا يزوجها من نفسه، ومعنى العبارة أنه ليس له ذلك سواء أطلقت الاذن أم عممته على وجه يتناوله العموم لان المتبادر كون الزوج غيره، ونقل عن العلامة - قدس سره - أنه احتمل في التذكرة جوازه مع الاطلاق. و قوله " يوجع رأسه " أي بالضرب واللطمة للتدليس في كيفية أخذ الاذن، وقال الفاضل
التفرشى: الظاهر من التفويض تفويض المهر وغيره الى رأى الوكيل لا التزويج من غير الزوج المذكور. (3) أي أو يكون قبض أبيها بمنزلة قبضها فلا لها أن تطالبه. (4) أي يأخذ بعض الصداق الذى استحقت أخذه وهو النصف فيأخذ بعض النصف ويعفو بعضه، ولعل هذا مبنى على عدم لزوم مراعاة الغبطة على الولى أو الوكيل. (سلطان)
[ 89 ]
باب * (الحكم بالقرعة) * 3388 - روى حماد بن عيسى، عمن أخبره، عن حريز (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال: " أول من سوهم عليه مريم بنت عمران وهو قول الله عزوجل: " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم " والسهام ستة، ثم استهموا في يونس عليه السلام لما ركب مع القوم فوقعت (2) السفينة في اللجة، فاستهموا فوقع السهم على يونس ثلاث مرات قال: فمضى يونس عليه السلام إلى صدر السفينة فإذا الحوت فاتح فاه فرمى نفسه، ثم كان عند عبد المطلب تسعة بنين فنذر في العاشر إن رزقه الله غلاما أن يذبحه (3)، فلما ولد عبد الله لم يكن يقدر أن يذبحه ورسول الله صلى الله عليه وآله في صلبه
(1) كان فيه اضطراب لان حماد بن عيسى يروى عن حريز بلا واسطة في جميع ما يروى عنه، والصواب كما في الخصال والبحار وغيرهما عن حماد بن عيسى عن حريز عمن أخبره عن أبى جعفر عليه السلام وكان حريز من أصحاب أبى عبد الله وموسى بن جعفر عليهما السلام وقال يونس: انه لم يرو عن أبى عبد الله عليه السلام الا حديثين، وهو لم يدرك أبا جعفر الباقر عليه السلام. (2) في بعض النسخ " فوقفت ". (3) جاءت هذه القصة في كثير من كتب الحديث من الطريقين واشتهرت بين الناس و
أرسلها جماعة من المؤلفين ارسال المسلمات ونقلوها في مصنفاتهم دون أي نكير، وهى كما ترى تضمنت أمرا غريبا بل منكرا لا يجوز أن ينسب الى أحد من أوساط الناس والسذج منهم فضلا عن مثل عبد المطلب الذى كان من الاصفياء وهو في العقل والكياسة والفطنة على حد يكاد أن لا يدانيه أحد من معاصريه، وقد يفتخر النبي صلى الله عليه وآله مع مقامه السامى بكونه من أحفاده وذراريه ويباهى به القوم ويقول: أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب. وفى الكافي روايات تدل على عظمته وجلالته وكمال ايمانه وعقله ودرايته ورئاسته في قومه ففى المجلد الاول منه ص 446 في الصحيح عن زرارة عن أبى عبد الله عليه السلام قال " يحشر عبد المطلب يوم القيامة أمة وحده، عليه سيماء الانبياء وهيبة الملوك " يعنى إذا حشر الناس فوجا فوجا يحشر هو وحده، لانه كان في زمانه منفردا بدين الحق من بين قومه كما =
[ 90 ]
فجاء بعشر من الابل فساهم عليها وعلى عبد الله فخرجت السهام على عبد الله، فزاد عشرا فلم تزل السهام تخرج على عبد الله ويزيد عشرا، فلما أن خرجت مائة خرجت
= قاله العلامة المجلسي - رحمه الله - وفى حديث آخر رواه الكليني أيضا مسندا عن الصادق (ع) قال: " يبعث عبد المطلب أمة وحده عليه بهاء الملوك، وسيماء الانبياء، وذلك أنه أول من قال بالبداء " وفى الحسن كالصحيح عن رفاعة عن أبى عبد الله (ع) قال: " كان عبد المطلب يفرش له بفناء الكعبة، لا يفرش لاحد غيره، وكان له ولد يقومون على رأسه فيمنعون من دنا منه "، الى أمثالها الكثير الطيب كلها تدل على كمال ايمانه وعقله وحصافة رأيه وان أردت أن تحيط بذلك خبرا فانظر الى تاريخ اليعقوبي المتوفى في أواخر القرن الثالث ما ذكر من سننه التى سنها وجاءت بها الاسلام من تحريمه الخمر، والزنا ووضع الحد عليه، وقطع يد السارق، ونفى ذوات الرايات، ونهيه عن قتل المؤودة، ونكاح المحارم، واتيان البيوت من ظهورها، وطواف البيت عريانا، و حكمه بوجوب الوفاء بالنذر وتعظيم الاشهر الحرم، وبالمباهلة، بمائة ابل في الدية ثم تأمل كيفية سلوكه مع أبرهة صاحب الفيل في تلك الغائلة المهلكة المهدمة كيف حفظ بحسن
تدبيره وسديد رأيه قومه ودماءهم وأموالهم من الدمار والبوار دون أي مؤونة وقال: أنا رب الابل ولهذا البيت رب يمنعه " مع أن الواقعة موحشة بحيث تضطرب في أمثالها قلوب أكثر السائسين، فإذا كان الامر كذلك فكيف يصح أن يقال: انه نذر أن يذبح سليله وثمرة مهجته وقرة عينه قربة الى الله سبحانه، وأنى يتقرب بفعل منهى عنه في جميع الشرايع والقتل من أشنع الامور وأقبحها، والعقل مستقل بقبحه بل يعده من أعظم الجنايات، مضافا الى كل ذلك أن النذر بذبح الولد قربانا للمعبود من سنن الوثنيين والصابئين وقد ذكره الله تعالى في جملة ما شنع به على المشركين وقال في كتابه العزيز بعد نقل جمل من بدعهم و مفترياتهم: " كذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون " (الانعام: 137) وهذا غير مسألة الوأد المعروف الذى كان بنو تميم من العرب يعملون به، فان المفهوم من ظاهر لفظ الاولاد أعم من الذكور منهم والبنات والوأد مخصوص بالبنات، وأيضا غير قتلهم أولادهم من املاق أو خشيئته، بل هو عنوان آخر يفعلونه على سبيل التقرب الى الالهة. فان قيل: لعله كان مأمورا من جانب الله سبحانه كما كان جده ابراهيم (ع) مأمورا، قلنا: هذا التوجيه مخالف لظاهر الروايات فانه صرح في جميعها بأنه نذر، مضافا الى أنه لو كان مأمورا فلا محيص له عنه =
[ 91 ]
السهام على الابل، فقال عبد المطلب: ما أنصفت ربي فأعاد السهام ثلاثا فخرجت على الابل فقال: الآن علمت أن ربي قد رضي فنحرها ".
= ويجب عليه أن يفعله كما أمر، فكيف فداه بالابل، ولم لم يقل في جواب من منعه - كما في الروايات -: انى مأمور بذلك. وبالجملة في طرق هذه القصة وما شاكلها مثل خبر " أنا ابن الذبيحين " جماعة كانوا ضعفاء أو مجهولين أو مهملين أو على غير مذهبنا مثل أحمد بن سعيد الهمداني المعروف بابن عقدة وهو زيدي جارودي، أو أحمد بن الحسن القطان وهو شيخ من أصحاب الحديث عامى
ويروى عنه المؤلف في كتبه بدون أن يردفه بالرضيلة مع أن دأبه أن يتبع مشايخه بها ان كانوا اماميا، وكذا محمد بن جعفر بن بطة الذى ضعفه ابن الوليد وقال: كان مخلطا فيما يسنده وهكذا عبد الله بن داهر الاحمري وهو ضعيف كما في (صه وجش) وأبو قتادة ووكيع بن الجراح وهما من رجال العامة ورواتهم ولا يحتج بحديثهم إذا كان مخالفا لاصول المذهب وان كانوا يسندون خبرهم الى أئمة أهل البيت عليهم السلام، وانك إذا تتبعت أسانيد هذه القصة وما شابهها ما شككت في أنها من مفتعلات القصاصين ومخترعاتهم نقلها المحدثون من العامة لجرح عبد المطلب ونسبة الشرك - العياذ بالله - إليه رغما للامامية حيث أنهم نزهوا آباء النبي صلى الله عليه وآله عن دنس الشرك، ويؤيد ذلك أن كثيرا من قدماء مفسريهم كالزمخشري والفخر الرازي والنيشابوري وأضرابهم والمتأخرين كالمراغي وسيد قطب وزمرة كبيرة منهم نقلوا هذه القصة أو أشارو إليها عند تفسير قوله تعالى " وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم " وجعلوا عبد المطلب مصداقا للاية انتصارا لمذهبهم الباطل في اعتقاد الشرك في آباء النبي صلى الله عليه وآله وأجداده. قال العلامة المجلسي - رحمه الله -: اتفقت الامامية - رضوان الله عليهم - على أن والدى الرسول صلى الله عليه وآله وكل أجداده الى آدم عليه السلام كانوا مسلمين بل كانوا من الصديقين إما أنبياء مرسلين أو أوصياء معصومين، ثم نقل عن الفخر الرازي أنه قال: " قالت الشيعة ان أحدا من آباء الرسول صلى الله عليه وآله وأجداده ما كان كافرا " ثم قال: نقلت ذلك عن امامهم الرازي ليعلم أن اتفاق الشيعة على ذلك كان معلوما بحيث اشتهر بين المخالفين ". وان قيل: لا ملازمة بين هذا النذر وبين الشرك، ويمكن أن يقال ان نذر عبد المطلب كان لله واما المشركون فنذروا لالهتهم، قلت: ظاهر الاية أن النذر بذبح الولد من سنن المشركين دون الموحدين فالناذر اما مشرك أو تابع لسنن الشرك وجل ساحة عبد المطلب أن يكون مشركا - العياذ بالله - أو تابعا لسنن =
[ 92 ]
3389 - وروي عن محمد بن الحكيم (1) قال: " سألت أبا الحسن موسى بن جعفر
عليهما السلام عن شئ فقال لي: كل مجهول ففيه القرعة، فقلت: إن القرعة تخطئ وتصيب فقال: كل ما حكم الله عزوجل به فليس بمخطئ ". 3390 - وقال الصادق عليه السلام: " ما تقارع قوم ففوضوا أمرهم إلى الله تعالى إلا خرج سهم المحق ". 3391 - وقال عليه السلام (2): " أي قضية أعدل من القرعة إذا فوض الامر إلى الله، أليس الله تعالى يقول: " فساهم فكان من المدحضين " (3). 3392 - وروى الحكم بن مسكين (4)، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا وطئ رجلان أو ثلاثة جارية في طهر واحد فولدت فادعوه جميعا أقرع الوالي بينهم، فمن قرع (5) كان الولد ولده ويرد قيمة الولد على صاحب الجارية (6)، قال: فإن اشترى رجل جارية فجاء رجل فاستحقها وقد ولدت من المشتري رد
= المشركين، والاصرار بتصحيح أمثال هذه القصص مع نكارتها كثيرا ما يكون من الغفلة عما جنته يد الافتعال، ثم اعلم أن المصنف - رضوان الله تعالى عليه - لم يحتج بهذا الخبر في حكم من الاحكام انما أورده في هذا الكتاب طردا للباب ويكون مراده جواز القرعة فقط وهو ظاهر من الخبر. (1) طريق المصنف الى محمد بن الحكيم صحيح وهو ممدوح. (2) روى البرقى في المحاسن ص 603 عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن منصور بن حازم قال: " سأل بعض أصحابنا أبا عبد الله عليه السلام عن مسألة فقال له: هذه تخرج في القرعة، ثم قال: وأى قضية - الخ ". (3) يعنى يقول في قصة يونس عليه السلام هو كان من المخرجين بالقرعة. (م ت) (4) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 296 والاستبصار ج 3 ص 368 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن معاوية بن عمار. (5) في القاموس: قرعهم - كنصر - غلبهم بالقرعة. وقال المولى المجلسي: الظاهر
أنها كانت ملكهم والملك شبهة وان علموا بالتحريم. (6) أي بقية القيمة أو تمامها إذا أحل صاحبها لهم ووطؤوها بالشبهة والا فالزنا لا يلحق به النسب (م ت) وقال سلطان العلماء: يحتمل كون ذلك على تقدير اشتراك الجارية =
[ 93 ]
الجارية عليه وكان له ولدها بقيمته " (1). 3393 - وروى زرعة، عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إن رجلين اختصما إلى علي عليه السلام في دابة فزعم كل واحد منهما أنها نتجت على مذوده (3)، و أقام كل واحد منهما بينة سواء في العدد، فأقرع بينهما سهمين فعلم السهمين على كل واحد منهما بعلامة، ثم قال: " اللهم رب السماوات السبع ورب الارضين السبع ورب العرش العظيم، عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، أيهما كان صاحب الدابة وهو أولى بها فأسألك أن تخرج سهمه، فخرج سهم أحدهما، فقضى له بها ". 3394 - وروى البزنطي، عن داود بن سرحان (4) عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجلين شهدا على رجل في أمر وجاء آخران فشهدا على غير الذي شهد عليه الاوليان، قال: يقرع بينهم فأيهم قرع فعليه اليمين وهو أولى بالقضاء ".
= بينهم ووطؤوها بشبهة تحليل الشركة فيكون المراد حينئذ بقوله " ويرد قيمة الولد على صاحب الجارية " أنه يرد نصيب الشركاء عليهم كما يشعر به رواية عاصم بن حميد التى يأتي في آخر الباب، ويحتمل أن يكون الجارية لمالك آخر فوطؤوها بشبهة وحينئذ كان الكلام على ظاهره فتأمل. (1) أي كان للمشترى ولدها بالشبهة بقيمة يوم ولد (ت) وقال السيد - رحمه الله - الامة المشركة لا يجوز لاحد من الشركاء وطيها لكن لو وطئها بغير اذن الشريك لم يكن زانيا بل كان عاصيا يستحق التغرير يلحق به الولد وتقوم عليه الامة والولد يوم سقط حيا وهذا
لا اشكال فيه، ولو فرض وطى الجميع لها في طهر واحد فعلوا محرما ولحق بهم الولد لكن لا يجوز الحاقه بالجميع بل بواحد منهم بالقرعة فمن خرجت له القرعة ألحق به وغرم حصص الباقين. (المرآة) (2) المذود - كمنبر -: معتلف الدابة. (3) طريق المصنف الى البزنطى وهو أحمد بن محمد بن أبى نصر صحيح وهو ثقة جليل وداود ابن سرحان ثقة أيضا والخبر رواه الكليني ج 7 ص 419 والشيخ ج 2 ص 72 من التهذيب كلاهما بسند ضعيف على المشهور.
[ 94 ]
3395 - وروى حماد بن عثمان، عن عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل قال: أول مملوك أملكه فهو حر فورث سبعة جميعا، قال: يقرع بينهم و يعتق الذي خرج سهمه " (1). 3396 - وروى حريز، عن محمد بن مسلم قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل يكون له المملوكون فيوصي بعتق ثلثهم، قال: كان علي عليه السلام يسهم بينهم ". 3397 - وروى موسى بن القاسم البجلي، وعلي بن الحكم، عن عبد - الرحمن بن أبي عبد الله قال، قال أبو عبد الله عليه السلام: " كان علي عليه السلام إذا أتاه رجلان يختصمان بشهود عدتهم سواء وعدالتهم [ سواء ] أقرع بينهما على أيهما تصير اليمين (2) وكان يقول: " اللهم رب السماوات السبع ورب الارضين السبع، من كان الحق له فأده إليه " ثم يجعل الحق للذي تصير اليمين عليه إذا حلف " (3). 3398 - وروى الحسن بن محبوب، عن جميل، عن فضيل بن يسار عن أبي - عبد الله عليه السلام قال: سألته عن مولود ليس له ما للرجال وليس له ما للنساء، قال: هذا يقرع عليه الامام يكتب على سهم عبد الله، وعلى سهم آخر أمة الله، ثم يقول الامام أو المقرع " اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين
عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، بين لنا أمر هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في كتابك " ثم يطرح السهمين في سهام مبهمة، ثم تجال فأيهما خرج ورث عليه ". 3399 - وروى عاصم بن حميد. عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام إلى اليمن فقال له حين قدم: حدثني بأعجب ما ورد عليك، قال: يا رسول الله أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطؤوها جميعا في طهر واحد
(1) في بعض النسخ " خرج اسمه " وحمل الخبر على النذر لعدم انعقاد عتق ما لم يملك بعد، وهل يفتقر الى صيغة العتق ثانيا أولا؟ وجهان. (2) أي أيهما خرج راجحا في القرعة حتى يصير اليمين عليه. (3) أي بعد الحلف.
[ 95 ]
فولدت غلاما فاختلفوا فيه كلهم يدعي فيه، فأسهمت بينهم ثلاثة فجعلته للذي خرج سهمه وضمنته نصيبهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ليس من قوم تقارعوا وفوضوا أمرهم إلى الله إلا خرج سهم المحق " (1). (باب الكفالة) 3400 - روى سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة قال: " قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل تكفل بنفس رجل أن يحبس، وقال له: اطلب صاحبك. وقضى عليه السلام أنه لا كفالة في حد ". 3401 - وقال الصادق عليه لسلام لابي العباس الفضل بن عبد الملك (2): " ما منعك من الحج؟ قال: كفالة تكفلت بها، قال: مالك وللكفالات؟ أما علمت أن الكفالة
(1) قال في المسالك: الاصحاب حكموا بمضمونها وحملوا قوله " ضمنته نصيبهم " على النصيب من الولد والام معا كما لو كان الواطى واحدا منهم ابتداء فانه يلحق به ويغرم نصيبهم منهما كذلك، لكن يشكل الحكم بضمانه لهم نصيب الولد لادعاء كل منهم أنه ولده
وأنه لا يلحق بغيره ولازم ذلك أنه لا قيمة له على غيره من الشركاء وهذا بخلاف مالو كان الواطى واحدا فان الولد محكوم بلحوقه به، لما كان من نماء الامة المشتركة جمع بين الحقين باغرامه قيمة الولد لهم والحاقه به بخلاف ما هنا، والرواية ليست بصريحة في ذلك لان قوله " وضمنته نصيبهم " يجوز ارادة النصيب من الام لانه هو النصيب الواضح لهم باتفاق الجميع بخلاف الولد، ويمكن أن يكون الوجه في اغرامه نصيبهم من الولد أن ذلك ثابت عليه بزعمه أنه ولده ودعواهم لم يثبت شرعا فيؤخذ المدعى باقراره بالنسبة الى حقوقهم والنصيب في الرواية يمكن شموله لهما معا من حيث أن الولد نماء أمتهم فلكل منهم فيه نصيب سواء الحق به أم لا ولهذا يغرم من لحق به نصيب الباقين في موضع الوفاق، وعلى كل حال فالعمل بما ذكره الاصحاب متعين ولا يسمع الشك فيه مع ورود النص به ظاهرا وان احتمل غيره. (2) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 65 باسناده عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن أبى الحسن الخزاز قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لابي العباس الفضل بن عبد الملك - الخ " والظاهر أن المراد بأبى الحسن الخزاز أحمد بن النضر الثقة.
[ 96 ]
هي التي أهلكت القرون الاولى "!! (1). 3402 - وروي عن الحسين بن خالد (2) قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: " جعلت فداك قول الناس الضامن غارم، فقال: ليس على الضامن غرم إنما الغرم على من أكل المال " (3). 3403 - وروى داود بن الحصين، عن أبي العباس، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يتكفل بنفس الرجل إلى أجل فإن لم يأت به فعليه كذا و كذا درهما، قال: إن جاء به إلى الاجل فليس عليه ما قال، وهو كفيل بنفسه أبدا إلا أن يبدأ بالدراهم فإن بدأ بالدراهم فهو لها ضامن إن لم يأت به إلى الاجل الذي أجله " (4).
(1) روى الكليني في الكافي ج 5 ص 103 بسند صحيح عن حفص بن البخترى قال: " أبطأت عن الحج فقال لى أبو عبد الله عليه السلام ما أبطأ بك عن الحج؟ فقلت جعلت فداك تكفلت برجل فخفر بى فقال: مالك والكفالات أما علمت أنها أهلكت القرون الاولى، ثم قال: ان قوما أذنبوا ذنوبا كثيرة فأشفقوا منها وخافوا خوفا شديدا وجاء آخرون فقالوا ذنوبكم علينا فأنزل الله عزوجل عليهم العذاب، ثم قال تبارك وتعالى خافوني واجترأتم علي ". (2) رواه الكليني في مرسل مجهول ج 5 ص 104 والشيخ في التهذيب في الحسن عنه. (3) قال العلامة المجلسي: لعله محمول على ما إذا ضمن باذن الغريم فان له الرجوع عليه بما أدى فالغرم عليه لا على الضامن - انتهى، وقيل: لعل المصنف حمل الضامن على الكفيل. وقال سلطان العلماء - ره - قوله " انما الغرم - الخ " لان كل ما يغرمه الكفيل والضامن يأخذ منه فلم يبق عليهما غرم وهذا في الكفالة مع الاذن في الكفالة أو الاذن في الاداء ولعل الحديث محمول على هذا بناء على أنه الغالب - انتهى - وقال الفيض - رحمه الله -: أراد بالضامن ضامن النفس أعنى الكفيل أو يكون المراد به ضامن المال ويكون الوجه في نفى الغرم عنه أنه يرجع الى الغريم بما أداه. (4) هكذا رواه الشيخ في الموثق، وروى الكليني ج 5 ص 104 عن أبى العباس في الموثق أيضا قال: و " قلت لابي عبد الله عليه السلام " رجل كفل لرجل بنفس رجل فقال: ان جئت به والا عليك خمسمائة درهم، قال: عليه نفسه ولا شئ عليه من الدراهم فان قال: على =
[ 97 ]
3404 - وسأل داود بن سرحان أبا عبد الله عليه السلام " عن الكفيل والرهن بيع النسية، قال: لا بأس " (1). 3405 - وقال الصادق عليه السلام: " الكفالة خسارة، غرامة، ندامة " (2). (باب الحولة)
3406 - روى غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليه السلام " في رجلين بينهما مال منه بأيديهما ومنه غائب عنهما، فاقتسما الذي بأيديهما وأحال كل واحد منهما بنصيبه فقبض أحدهما ولم يقبض الاخر، فقال: ما
= خمسمائة درهم ان لم أدفعه اليك، قال تلزمه الدراهم ان لم يدفعه إليه وفى القواعد ولو قال ان لم أحضره كان على كذا لزمه الاحضار خاصة ولو قال على كذا الى كذا ان لم أحضره وجب عليه ما شرط في المال. وفى شرح المحقق الشيخ على - رحمه الله -: هذا مروى من طريق الاصحاب وقد أطبقوا على العمل به ولا يكاد يظهر الفرق بين الصيغتين باعتبار اللفظ ومثل هذا مما يصار إليه من غير نظر الى حال اللفظ مسيرا الى النص والاجماع - انتهى، وقال الفيض رحمه الله -: الفرق بين الصيغتين في الخبرين غير بين ولا مبين وقد تكلف في ابدائه جماعة من أصحابنا بما لا يسمن ولا يغنى من جوع صونا لهما من الرد، وقد ذكره الشهيد الثاني في شرحه للشرايع من أراد الوقوف عليه وعلى ما يرد عليه فليراجع إليه ويخطر بالبال أن مناط الفرق ليس تقديم الشرط على الجزاء وتأخيره عنه كما فهموا بل مناطه ابتداء الكفيل بضمان الدراهم من قبل نفسه مرة والزامه المكفول له بذلك من دون قبوله اخرى كما هو ظاهر خبر الكافي، وخبر المتن وان كان ظاهره خلاف ذلك الا أنه يجوز حمله عليه فان قول السائل فان لم يأت به فعليه كذا ليس صريحا في أنه قول الكفيل وعلى تقدير ابائه عن هذا الحمل على وهم الراوى أو سوء تقريره فان مصدر الخبرين واحد والسائل فيها واحد هذا على نسخة الكافي كما كتبناه - انتهى. (1) الطريق إليه صحيح وهو ثقة، والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 66 عن البزنطى عنه. (2) أي موجبة لتلك الامور. (مراد)
[ 98 ]
قبض أحدهما فهو بينهما وما ذهب فهو بينهما " (1).
3407 - وروي (2) أنه احتضر عبد الله بن الحسن فاجتمع إليه غرماؤه فطالبوه بدين لهم فقال: ما عندي ما أعطيكم ولكن ارضوا بمن شئتم من أخي وبني عمي علي بن الحسين أو عبد الله بن جعفر (3) فقال الغرماء: أما عبد الله بن جعفر فملي مطول (4)، وأما علي بن الحسين فرجل لا مال له صدوق وهو أحبهما إلينا، فأرسل إليه فأخبره الخبر فقال عليه السلام: أضمن لكم المال إلى غلة ولم يكن له غلة، فقال القوم: قد رضينا فضمنه، فلما أتت الغلة أتاح الله عزوجل له المال [ فأداه ] " (5). 3408 - وسأل أبو أيوب أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يحيل الرجل بالمال أيرجع عليه؟ قال: لا يرجع عليه أبدا إلا أن يكون قد أفلس قبل ذلك " (6).
(1) لعل وجهه أن مثل تلك الحوالة يرجع الى توكيل كل منهما الاخر في أخذ حقه من المديون واحتسابه عما أخذه الاخر من المديون الاخر فإذا أخذ أحدهما ثلث حق الموكل عنده وهذا الحق باق الى أن يأخذ الاخر من المديون الاخر ويحتسب عنه فإذا لم يأخذ بقى حقه عند الاخر، هذا إذا كان المراد بالمال الغائب ما في الذمم وهو الذى يجرى فيه الحوالة وأما الاعيان القائمة الغائبة عنهما فيمكن صحة تقسيمها وان يبيع كل واحد منهما حصته من الاخر فليس لمن لم يصل إليه ذلك المال أن يأخذ حصته من الذى وصل إليه ما اشتراه الا إذا تلف ذلك المال الغائب قبل قبضه أولم يقدر عليه فانه حينئذ يبطل بنفسه. (مراد) (2) رواه الكليني مسندا ج 5 ص 97 عن عيسى بن عبد الله. (3) في الكافي " ارضوا بما شئتم من ابني عمى على بن الحسين عليهما السلام وعبد الله ابن جعفر " والمراد بعبدالله بن الحسن عبد الله بن الحسن المثنى. (4) مطول: مماطل ذا مطل وهو التسويف بالدين. (5) تاح له الشئ: تهيأ، وأتاح الله له الشئ أي قدره له ويسره. وقال الفاضل التفرشى: ظاهر الخبر أنه الى وقت حصول غلة كالحنطة ويستفاد منه أن توقيت الضمان صحيح وان كان وقته قابلا للزيادة والنقصان.
(6) تقدم تحت رقم 3259 - ورواه الكليني مسندا عن منصور بن حازم بأدنى اختلاف وقال الفاضل التفرشى قوله: " لا يرجع عليه أبدا " محمول على ما إذا اشتغل ذمة المحيل بحق المحتال وذمة المحال عليه بحق المحيل، فلا ينافى ما تقدم من بطلان حوالة ما في الذمم.
[ 99 ]
3409 - وروى البزنطي عن داود بن سرحان (1) قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل كانت له عند رجل دنانير فأحال له على رجل آخر بدنانيره فيأخذ بها دراهم أيجوز ذلك؟ قال: نعم ". باب * (الحكم في سيل وادى مهزور) * 3410 - روى غياث بن إبراهيم (2) عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: " قضى رسول الله صلى الله عليه وآله في سيل وادي مهزور (3) أن يحبس الاعلى على الاسفل الماء للزرع إلي الشراك وللنخل إلى الكعب، ثم يرسل الماء إلى الاسفل من ذلك " (4). 3411 - وفي خبر آخر " للزرع إلى الشراكين وللنخل إلى الساقين " (5) وهذا على حسب قوة الوادي وضعفه. قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: سمعت من أثق به من أهل المدينة أنه وادي مهزور (6) ومسموعي من شيخنا محمد بن الحسن - رضي الله عنه - أنه قال: وادي مهروز بتقديم الراء غير المعجمة على الزاى المعجمة وذكر أنها كلمة فارسية وهو من هرز الماء، والماء الهرز بالفارسية الزائد على المقدار الذي يحتاج إليه.
(1) داود بن سرحان مولى كوفى ثقة، له كتاب روى عنه البزنطى. (2) الطريق الى غياث صحيح وهو بترى موثق. (3) مهزور بتقديم الزاى على الراء وادى بنى قريظة، وعلى العكس موضع سوق المدينة
كما نقل عن الفائق للزمخشري وسيأتى الكلام فيه عن المؤلف. (4) في التهذيب " الى أسفل من ذلك " وهو الصواب. (5) الظاهر أن المراد بالكعب هنا أصل الساق لا قبة القدم لانها موضع الشراك فلا يحصل الفرق، ولعله على هذا لا تنافى بين الخبرين. (المرأة). (6) يعنى بالزاى أولا والراء أخيرا.
[ 100 ]
باب * (الحكم في الحظيرة بين دارين) * 3412 - سأل منصور بن حازم أبا عبد الله عليه السلام " عن حظيرة بين دارين فذكر أن عليا عليه السلام قضى بها لصاحب الدار الذي من قبله القماط " (1). 3413 - وروى عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده عن علي عليهم السلام " أنه قضى في رجلين اختصما إليه في خص فقال: إن الخص للذي إليه القمط ". قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: الخص: الطن (2) الذي يكون في السواد بين الدور، والقمط: هو شد الحبل، يعني أن يكون الخص هو الذي إليه شد الحبل وقد قيل: إن القماط هو الحجر الذي يغلق منه على الباب (3). باب * (الحكم في نفش الغنم في الحرث) * (4) 3414 - روى جميل بن دراج، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام " في قوله عز و جل " وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم " قال: لم يحكما
(1) في النهاية: في حديث شريح " اختصم إليه رجلان في خص فقضى بالخص للذى يليه معاقد القمط " هي جمع قماط وهى الشرط التى يشد بها الخص ويوثق من ليف أو خوص أو
غيرهما ومعاقد القمط تلى صاحب الخص، والخص: البيت الذى يعمل من القصب هكذا قاله الهروي بالضم وقال الجوهرى بالكسر كأنه عنده واحد. (2) الطن - بضم الطاء المهملة وتشديد النون -: حزمة القصب. (3) أي من الخص بأن يشد رأس حبل على الخص ورأسه الاخر على الحجر الذى يرخى على الباب ليمنع من فتح الباب بسهولة. (مراد) (4) نفشت الابل والغنم تنفش نفوشا أي رعت ليلا بلا راع.
[ 101 ]
إنما كانا يتناظران، ففهمناها سليمان " (1). 3415 - وروى الوشاء، عن أحمد بن عمر الحلبي قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام " عن قول الله عزوجل: " وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث " قال: كان حكم داود عليه السلام رقاب الغنم، والذي فهم الله عزوجل سليمان عليه السلام أن حكم لصاحب الحرث باللبن والصوف ذلك العام كله " (2). باب * (حكم الحريم) * 3416 - روى إسماعيل بن مسلم عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: " قضى رسول الله صلى الله عليه وآله في رجل باع نخله، واستثنى نخلة قضى له بالمدخل إليها والمخرج منها ومدى جرائدها " (3). 3417 - وروى وهب بن وهب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام " أن علي ابن أبي طالب عليه السلام كان يقول: حريم البئر العادية (4) خمسون ذراعا إلا أن يكون إلى عطن (5) أو إلى طريق فيكون أقل من ذلك إلى خمسة وعشرين ذراعا ". 3418 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: حريم النخلة طول سعفتها " (6).
(1) اشارة الى الاية وفى بعض النسخ " ففهمها سليمان ".
(2) أي يكون الغنم لصاحب الزرع والمراد بالحكم هنا أيضا ما فسره به أبو جعفر عليه السلام في الحديث السابق أي كان في التناظر، مع هذا الاحتمال فلا منافاة بينه وبين الحديث السابق، والظاهر أن ضمير " ففهمها " للغنم باعتبار حكمها. (مراد) (3) أي له حق المرور مادامت رطبة وله منتهى بلوغ أغصانها في هواء الحائط و بازائها في الارض مسقط التمر، والمدى الغاية. (4) العادية: القديمة، وفى القاموس شئ عادى أي قديم كانه منسوب الى عاد. (5) العطن والمعطن واحد الاعطان وهى مبارك الابل عند الماء لتشرب عللا بعد نهل فإذا استوفت ردت الى المرعى. (6) لم أجده مسندا وروى ابن ماجه في الضعيف عن ابن عمر عن عبادة بن صامت عن النبي صلى الله عليه وآله قال: " حريم النخلة مد جرائدها " والجريدة السعف.
[ 102 ]
3419 - وروي " أن حريم المسجد أربعون ذراعا من كل ناحية، وحريم المؤمن في الصيف باع " وروي " عظم الذراع " (1). 3420 - وروى عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل أتى جبلا فشق منه قناة جرى ماؤها سنة، ثم إن رجلا أتى ذلك الجبل فشق منه قناة اخرى فذهبت قناة الاخر بماء قناة الاول، قال: يقايسان بحقائب البئر ليلة ليلة فينظر أيتها أضرت بصاحبتها، فإن كانت الاخيرة أضرت بالاولى فليتعور (2)، وقضى رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك، وقال: إن كانت الاولى أخذت ماء الاخيرة لم يكن لصاحب الاخيرة على الاولى سبيل ". 3421 - وسئل عليه السلام " (3) " عن قوم كان لهم عيون في أرض قريبة بعضها من بعض، فأراد رجل أن يجعل عينه أسفل من موضعها الذي كانت عليه، وبعض العيون إذا فعل بها ذلك أضرت ببقيتها، وبعضها لا تضر من شدة الارض، فقال: ما كان
في مكان جليد فلا يضره (4)، وما كان في أرض رخوة بطحاء فإنه يضر ". 3422 - وقال عليه السلام " يكون بين البئرين إن كانت أرضا صلبة خمسمائة
(1) ولا منافاة بينهما لان ذلك على سبيل الاستحسان والتخيير، ويمكن أن يراد بالباع حريم الجانبين مجموعا فيقرب لكل جانب من عظم الذراع (مراد) والباع قدر مد اليدين، قال سلطان العلماء: ولعل هذا في الشتاء وذلك في الصيف أو يحمل الباع على الافضل. (2) الحقائب جمع الحقيبة وهى العجيزة ووعاء يجمع الراحل فيه زاده وحقب المطر أي تأخر واحتبس يعنى منتهى البئر، والحاصل أنه يحبس كل ليلة ماء احدى القناتين ليعلم أيتهما تضر بالاخرى. وفى التهذيب " بجوانب البئر " وفى بعض النسخ " بعقائب البئر " وقال الفيض رحمه الله - العقبة - بالضم -: النوبة، والتعوير: الطم، وفى النهاية: عورت الركية وأعورتها إذا طممتها وسددت أعينها التى ينبع منها الماء. (3) مروى في الكافي ج 5 ص 293 عن القمى، عن أبيه، عن محمد بن حفص عنه عليه السلام مع زيادة. (4) الجليد: الارض الصلبة.
[ 103 ]
ذراع، وإن كانت رخوة فألف ذراع " (1). 3423 - وروى الحسن الصيقل (2)، عن أبي عبيدة الحذاء قال: قال أبو جعفر عليه السلام: " كان لسمرة بن جندب نخلة في حائط بني فلان، فكان إذا جاء إلى نخلته نظر إلى شئ من أهل الرجل يكرهه الرجل، قال: فذهب الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فشكاه، فقال: يا رسول الله إن سمرة يدخل علي بغير إذني فلو أرسلت إليه فأمرته أن يستأذن حتى تأخذ أهلي حذرها منه، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله فدعاه فقال: يا سمرة ما شأن فلان يشكوك ويقول: يدخل بغير إذني فترى من أهله ما يكره ذلك، يا سمرة إستأذن إذا أنت دخلت، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يسرك أن
يكون لك عذق في الجنة بنخلتك؟ قال: لا، قال: لك ثلاثة؟ قال: لا، قال: ما أراك يا سمرة إلا مضارا، اذهب يا فلان فاقطعها واضرب بها وجهه " (3).
(1) مروى في الكافي والتهذيب ج 2 ص 157 بسند فيه محمد بن عبد الله بن هلال وهو مجهول الحال. (2) في الطريق إليه من لم يوثق صريحا، ورواه الكليني والشيخ مع اختلاف وبنحو أبسط وفيهما " باع نخلا واستثنى عليه نخلة ". (3) في التهذيب " فقال رسول الله (ص) للانصاري: اذهب فاقطعها وارم بها إليه، فانه لا ضرر ولا ضرار " وفى الكافي " وشكا الانصاري الى رسول الله (ص) فأرسل إليه رسول الله (ص) فأتاه فقال له: ان فلانا قد شكاك وزعم أنك تمر عليه وعلى أهله بغير أذنه فاستأذن عليه إذا أردت أن تدخل، فقال: يا رسول الله أستأذن في طريقي الى عذقى؟ فقال له رسول الله (ص): خل عن ولك مكانه عذق في مكان كذا وكذا، فقال: لا، قال: فلك اثنان، قال: لا أريد، فلم يزل يزيده حتى بلغ عشرة أعذاق، فقال: لا، قال: فلك عشرة في مكان كذا وكذا فأبى فقال: خل عنه ولك مكانه عذق في الجنة، قال: لا أريد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: انك رجل مضار، ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن، قال: ثم أمر بها رسول الله (ص) فقلعت ثم رمى بها إليه، وقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: انطلق واغرسها حيث شئت، وقال استاذنا الشعرانى - مد ظله العالي -: هذا الحديث معتبر منقول بطرق مختلفة عن العامة والخاصة فلا بأس بالعمل به في مورده وهو أن يكون لرجل عذق في أرض رجل ولا يستأذن في الدخول و =
[ 104 ]
قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: ليس هذا الحديث بخلاف الحديث الذي ذكرته في أول هذا الباب من قضاء رسول الله صلى الله عليه وآله في رجل باع نخلة واستثنى نخلة فقضى له بالمدخل إليها والمخرج منها، لان ذلك فيمن اشترى النخلة مع الطريق إليها (1)، وسمرة كانت له نخلة ولم يكن له الممر إليها (1).
= يأبى عن البيع والمعاوضة، وأما إذا تخلف بعض الشروط مثل أن يكون مال آخر غير النخل كشجرة التفاح أو زرع أو بناء أو كان الارض غير مسكونة لاحد وكان الداخل يستأذن إذا دخل أو يرضى بعوضه أو عوض ثمرته فهو خارج عن مدلول الحديث، ويمكن تعميم الحكم بالنسبة الى كل شجرة غير النخل والى الزرع والبناء، والاضرار بأمور أخرى غير عدم الاستيذان وأما إذا لم يضر واستأذن أو رضى بعوض فوق قيمته فجواز قلع الشجرة أو هدم الدار ممنوع، و بالجملة القدر المسلم حرمة اضرار الغير الا أن يكون في أموال حفظها على مالكها ففرط في حفظها وتضرر بتفريطه في الحفظ. فيجوز أن يعمل في ملكه عملا يضر جاره، وعلى الجار أيضا حفظ ملكه ثم ان الضرر مع حرمته لا يوجب لنا اختراع أحكام من قبل أنفسنا لدفع الضرر، مثلا إذا تلفت غلة قرية بآفة لا يجوز لنا الحكم ببراءة ذمة المستأجر من مال الاجارة، أو إذا استلزم خروج المستأجر من الدار والحانوت وانتقاله الى مكان آخر ضررا لا يجوز لنا المنع من اخراجه وأمثال ذلك كثيرة في العقود والمعاملات ولا ينفى عنها بمقتضياتها إذا استلزم ضررا وكذلك لا يحلل به المحرمات كالربا إذا استلزم الامتناع منه ضررا ويجب في كل مورد من موارد الضرر اتباع الادلة الخاصة به. (1) حق العبارة " فيمن كانت له النخلة مع الطريق إليها " لان استثناء النخلة ليس بشرائها مع طريقها وان كان في حكم ذلك، ففى العبارة مسامحة، ويمكن حمل فعل النبي (ص) على أن سمرة لما لم يسمع قول رسول الله (ص) ولم يرض من نخلته بثلاثة من عذق الجنة استحق ذلك ولا بعد فيه، وأيضا ما مر من أن لصاحب النخلة الدخول والخروج وغير ذلك لا ينافى وجوب الاستيذان وان وجب الاذن على صاحب الحائط عنده، ولا بعد أيضا في أن صاحب النخلة ان لم يرض بالاستيذان وكان ينظر الى ما يكرهه صاحب الحائط استحق أن يقلع نخلته لدفع الاضرار. وقال سلطان العلماء: يمكن الجمع بأنه صلى الله عليه وآله لما علم أن غرض سمرة الاضرار والعناد والنظر الى أهل الرجل أمر بقلع نخلتها كما يشعر به قوله عليه السلام " ما أراك الا مضارا " بعد الالتماس منه بخلاف ما سبق، فلا منافاة.
[ 105 ]
باب * (الحكم باجبار الرجل على نفقة اقربائه) * 3424 - روى محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: " من الذي اجبر على نفقته؟ قال: الوالدان والولد والزوجة (1)، والوارث الصغير يعني الاخ وابن الاخ وغيره (2). باب * (ما يقبل من الدعاوى بغير بينة) * 3425 - " جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله (3) فادعى عليه سبعين درهما ثمن
(1) مروى في التهذيب ج 2 ص 89 والاستبصار ج 3 ص 43 نحو صدره مسندا عن حريز عن أبى عبد الله عليه السلام في حديث وذيله عن محمد الحلبي في آخر، وأما اعتبار الصغر فهو مناف للاصول ويمكن أن يكون الصغير تصحيفا للفقير ويؤيد ذلك أنه نقل عن الشهيد - قدس سره - ذكر في بعض مصنفاته أن الشيخ ذكر في المبسوط أنه يجب نفقة الوارث الفقير للرواية. والظاهر أن المراد هذه الرواية لعدم وجودي غيرها. وقال الفاضل التفرشى: يمكن أن يراد بالوارث من ليس للمنفق أقرب وأن يراد من من شأنه أنه يصير وارثا، والاول أقرب - انتهى (2) في الاستبصار والتهذيب " يعنى الاخ وابن الاخ ونحوه " وقال في المسالك: المشهور أنه لا يجب نفقه غير العمودين من الاقارب ونقل العلامة في القواعد في ذلك خلافا وأسنده الشراح الى الشيخ وأنه ذهب الى وجوبها على كل وارث والشيخ في المبسوط قطع باختصاصها بالعمودين وأسند وجوبها على الوارث الى رواية وحملها على الاستحباب - انتهى. (3) روى المصنف في الامالى المجلس (22) عن على بن محمد بن قتيبة، عن حمدان
ابن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن اسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن علقمة، عن الصادق عليه السلام نحو هذا الخبر، وفى الانتصار للسيد المرتضى - قدس الله روحه - نحوه راجع مسائل القضاء والشهادات منه.
[ 106 ]
ناقة باعها منه، فقال: قد أوفيتك، فقال: اجعل بيني وبينك رجلا يحكم بيننا، فأقبل رجل من قريش فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: احكم بيننا، فقال للاعرابي ما تدعي على رسول الله؟ قال: سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه، فقال: ما تقول يا رسول الله؟ قال: قد أوفيته فقال للاعرابي: ما تقول؟ قال: لم يوفني فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله ألك بينة على أنك قد أوفيته؟ قال: لا، قال للاعرابي: أتحلف أنك لم تستوف حقك وتأخذه؟ فقال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تحاكمن مع هذا إلى رجل يحكم بيننا بحكم الله عزوجل (1)، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام ومعه الاعرابي " فقال علي عليه السلام مالك يا رسول الله؟ قال: يا أبا الحسن أحكم بيني وبين هذا الاعرابي، فقال علي عليه السلام: يا أعرابي ما تدعي على رسول الله؟ قال: سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه، فقال: ما تقول يا رسول الله؟ قال: قد أوفيته ثمنها، فقال: يا أعرابي أصدق رسول الله صلى الله عليه وآله فيما قال؟ قال: لا ما أوفاني شيئا، فأخرج علي عليه السلام سيفه فضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لم فعلت يا علي ذلك؟! فقال: يارسول الله نحن نصدقك على أمر الله ونهيه وعلى أمر الجنة والنار والثواب والعقاب و وحي الله عزوجل ولا نصدقك في ثمن ناقة هذا الاعرابي! وإني قتلته لانه كذبك لما قلت له أصدق رسول الله فيما قال فقال: لاما أوفاني شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أصبت يا علي فلا تعد إلى مثلها، ثم التفت إلي القرشي وكان قد تبعه، فقال: هذا حكم الله لا ما حكمت به " (2). 3426 - وفي رواية محمد بن بحر الشيباني، عن أحمد بن الحرث قال: حدثنا
أبو أيوب الكوفي قال: حدثنا إسحاق بن وهب العلاف قال: حدثنا أبو عاصم النبال،
(1) أي مع هذا الاعرابي، و " لاتحاكمن " جواب القسم المحذوف. (2) تحاكم النبي (ص) الى القرشى ابتداء ورد حكمه ثانيا يعطى جواز التحاكم الى من في ظاهره قابلية التحكم ورد حكمه عند العلم بخطائه، وكذا ما يجيئ من قضية شريح في درع طلحة.
[ 107 ]
عن ابن جريج، عن الضحاك (1)، عن ابن عباس قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من منزل عائشة فاستقبله أعرابي ومعه ناقة فقال: يا محمد تشتري هذه الناقة؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: نعم بكم تبيعها يا أعرابي؟ فقال: بمائتي درهم فقال النبي صلى الله عليه وآله: بل ناقتك خير من هذا، قال: فما زال النبي صلى الله عليه وآله يزيد حتى اشترى الناقة بأربع مائة درهم، قال: فلما دفع النبي صلى الله عليه وآله إلى الاعرابي الدراهم ضرب الاعرابي يده إلى زمام الناقة، فقال: الناقة ناقتي والدراهم دراهمي فإن كان لمحمد شئ فليقم البينة قال: فأقبل رجل فقال النبي صلى الله عليه وآله: أترضى بالشيخ المقبل؟ قال: نعم يا محمد، فقال النبي صلى الله عليه وآله: تقضي فيما بيني وبين هذا الاعرابي؟ فقال: تكلم يارسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي، فقال الاعرابي: بل الناقة ناقتي و الدراهم دراهمي إن كان لمحمد شئ فليقم البينة، فقال الرجل: القضية فيها واضحة يارسول الله وذلك أن الاعرابي طلب البينة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: إجلس فجلس ثم أقبل رجل آخر فقال النبي صلى الله عليه وآله: أترضى يا أعرابي بالشيخ المقبل؟ قال: نعم يا محمد، فلما دنا قال النبي صلى الله عليه وآله: إقض فيما بيني وبين الاعرابي قال تكلم يارسول الله فقال النبي صلى الله عليه وآله: الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي، فقال الاعرابي: بل الناقة ناقتي والدراهم دراهمي إن كان لمحمد شئ فليقم البينة، فقال الرجل: القضية فيها واضحة يارسول الله لان الاعرابي طلب البينة، فقال
النبي صلى الله عليه وآله: اجلس حتى يأتي الله بمن يقضي بيني وبين الاعرابي بالحق، فأقبل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال النبي صلى الله عليه وآله: أترضى بالشاب المقبل؟ قال: نعم فلما دنا قال النبي صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن إقض فيما بيني وبين الاعرابي، فقال: تكلم
(1) ذكر المصنف هنا تمام السند لانه مقطوع وجل رواته من العامة، ومحمد بن بحر مرمى بالغلو وارتفاع المذهب والقول بالتفويض، وأحمد بن الحرث مشترك بين جماعة غير موثقين ولعله تصحيف أحمد بن حرب وهو حفيد محمد البخاري العامي، و أبو أيوب الكوفى ان كان الخزاز فهو ثقة والا فمجهول، واسحاق بن وهب عامى وكذا بقية رجال السند الى ابن عباس.
[ 108 ]
يارسول الله فقال النبي صلى الله عليه وآله: الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي فقال الاعرابي: لا بل الناقة ناقتي والدراهم دراهمي إن كان لمحمد شئ فليقم البينة، فقال علي عليه السلام: خل بين الناقة وبين رسول الله صلى الله عليه وآله فقال الاعرابي: ما كنت بالذي أفعل أو يقيم البينة (1) قال: فدخل علي عليه السلام منزله فاشتمل على قائم سيفه (2) ثم أتى فقال: خل بين الناقة وبين رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما كنت بالذي أفعل أو يقيم البينة: قال: فضربه علي عليه السلام ضربة فاجتمع أهل الحجاز على أنه رمى برأسه وقال بعض أهل العراق بل قطع منه عضوا، قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما حملك على هذا يا علي!؟ فقال: يارسول الله نصدقك على الوحي من السماء ولا نصدقك على أربعمائة درهم "!. قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: هذان الحديثان غير مختلفين لانهما في قضيتين، وكانت هذه القضية قبل القضية التي ذكرتها قبلها (3). 3427 - وروى محمد بن بحر الشيباني، عن عبد الرحمن بن أحمد الذهلي قال: حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري قال: حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع
الحمصي، قال: حدثنا شعيب، عن الزهري، عن عبد الله بن أحمد الذهلي قال (4) حدثني عمارة بن خزيمة بن ثابت أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله " أن النبي صلى الله عليه وآله ابتاع فرسا من أعرابي فأسرع النبي صلى الله عليه وآله المشي ليقبضه ثمن فرسه فأبطأ الاعرابي فطفق رجال يعترضون الاعرابي فيساومونه بالفرس (5) وهم لا يشعرون
(1) " أو يقيم " بمعنى الى أن يقيم. (2) قائم السيف وقائمته: مقبضه. (المصباح) (3) قال ذلك دفعا لان النبي صلى الله عليه وآله نهاه في الخبر السابق عن العود الى مثله، لكن في الخبرين غرابة كما لا يخفى والعلم عند الله. (4) السند عامى وروى نحوه الكليني ج 7 ص 401 من الكافي في الموثق كالصحيح عن معاوية بن وهب مقطوعا. وذكر القضية جماعة من العامة واشار إليه ابن قتيبة في المعارف وابن الاثير في اسد الغابة. (5) المساومة المقاولة في البيع والشراء والمجاذبة بين البايع والمشترى على السلعة وفضل ثمنها.
[ 109 ]
أن النبي صلى الله عليه وآله ابتاعه حتى زاد بعضهم الاعرابي في السوم على الثمن فنادى الاعرابي فقال: إن كنت مبتاعا لهذا الفرس فابتعه وإلا بعته، فقام النبي صلى الله عليه وآله حين سمع الاعرابي فقال: أو ليس قد ابتعته منك؟ فطفق الناس يلوذون بالنبي صلى الله عليه وآله و بالاعرابي وهما يتشاجران فقال الاعرابي: هلم شهيدا يشهد إنى قد بايعتك، و من جاء من المسلمين قال للاعرابي: إن النبي صلى الله عليه وآله لم يكن ليقول إلا حقا حتى جاء خزيمة بن ثابت فاستمع لمراجعة النبي صلى الله عليه وآله والاعرابي فقال خزيمة: إني أنا أشهد أنك قد بايتعه، فأقبل النبي صلى الله عليه وآله على خزيمة فقال: بم تشهد!؟ قال: بتصديقك يارسول الله فجعل النبي صلى الله عليه وآله شهادة خزيمة بن ثابت شهادتين وسماه ذا -
الشهادتين ". 3428 - وروى محمد بن قيس (1) عن أبي جعفر عليه السلام " أن عليا عليه السلام كان في مسجد الكوفة فمر به عبد الله بن قفل التيمي ومعه درع طلحة فقال علي عليه السلام: هذه درع طلحة اخذت غلولا (2) يوم البصرة، فقال ابن قفل: يا أمير المؤمنين اجعل بيني وبينك قاضيك الذي ارتضيته للمسلمين فجعل بينه وبينه شريحا فقال علي عليه السلام: هذه درع طلحة اخذت غلولا يوم البصرة فقال شريح: يا أمير المؤمنين هات على ما تقول بينة فأتاه بالحسن بن علي عليه السلام فشهد أنها درع طلحة اخذت يوم البصرة غلولا فقال شريح: هذا شاهد ولا أقضي بشاهد حتى يكون معه آخر، فأتي بقنبر فشهد أنها درع طلحة اخذت غلولا يوم البصرة، فقال: هذا مملوك ولا أقضى بشهادة المملوك، فغضب علي عليه السلام، ثم قال: خذوا الدرع فإن هذا قد قضى بجور ثلاث مرات فتحول شريح عن مجلسه وقال: لا أقضي بين اثنين حتى تخبرني من أين قضيت
(1) رواه الكليني ج 7 ص 385 عن القمى، عن أبيه، عن ابن أبى عمير عن عبد الرحمن ابن الحجاج، والشيخ في التهذيب ج 2 ص 87 في الموثق عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبى عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبى جعفر عليه السلام والظاهر أنه سقط محمد ابن قيس في الكتابين لان عبد الرحمن لم يلق أبا جعفر عليه السلام. (2) الغلول: الخيانة في المغنم خاصة.
[ 110 ]
بجور ثلاث مرات؟ فقال له علي عليه السلام: إني لما قلت لك: إنها درع طلحة اخذت غلولا يوم البصرة فقلت هات على ما تقول بينة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حيثما وجد غلول اخذ بغير بينة (1)، فقلت: رجل لم يسمع الحديث، ثم أتيتك بالحسن فشهد فقلت: هذا شاهد واحد ولا أقضي بشاهد حتى يكون معه آخر وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بشاهد ويمين، فهاتان اثنتان، ثم أتيتك بقنبر، فشهد فقلت: هذا مملوك،
وما بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلا فهذه الثالثة (2)، ثم قال عليه السلام: يا شريح إن إمام المسلمين يؤتمن من أمورهم على ما هو أعظم من هذا (3)، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: فأول من رد شهادة المملوك - رمع - " (4). 3429 - وروى محمد بن عيسى بن عبيد، عن أخيه جعفر بن عيسى قال: " كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام: جعلت فداك المرأة تموت فيدعي أبوها أنه أعارها بعض ما كان عندها من المتاع والخدم أتقبل دعواه بلا بينة، أم لا تقبل دعواه إلا ببينة؟ فكتب عليه السلام: تجوز بلا بينة، قال: وكتبت إلى أبي الحسن - يعني علي بن محمد - عليهما السلام جعلت فداك إن ادعى زوج المرأة الميتة أو أبو زوجها أو أم زوجها في متاعها أو في خدمها مثل الذي ادعى أبوها من عارية بعض المتاع والخدم أيكون بمنزلة الاب
(1) لعل مبنى ذلك على أنه لم يكن كلام في أنها درع طلحة لعلمهم بذلك بحيث لا يمكن انكاره حيث رأوها مرة بعد أخرى، بل الكلام انما كان في أن عبد الله بن قفل هل أخذه غلولا أو على وجه شرعى، والاصل عدم انتقالها إليه بنافل شرعى (مراد) وقال العلامة المجلسي - رحمه الله - قوله " حيث ما وجد غلول " لعله محمول على ما إذا كان معروفا مشهورا بين الناس أو عند الامام والا فالحكم به مطلقا لا يخلو عن اشكال. (2) يستفاد منه تعديل قنبر وقبول شهادة المملوك العادل. (3) الخبر في الكافي والتهذيب الى هنا. (4) مقلوب عمر. وحاصل الخبر أن طلب البينة من المدعى انما يكون فيمن لم يعلم عصمته، وأما فيمن علم عصمته بالدليل فيعلم بقوله حقية دعواه فلم يحتج الحاكم في الحكم الى بينة لوجوب حكمه بعلمه ولهذا يجب تصديقه في جميع الاحكام الشرعية والاعتقادات. (مراد)
[ 111 ]
في الدعوى؟ فكتب عليه السلام: لا " (1).
3430 - وروى محمد بن أبي عمير، عن رفاعة بن موسى النخاس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا طلق الرجل امرأته فادعت أن المتاع لها وادعى أن المتاع له كان له ما للرجال ولها ما للنساء " (2). وقد روي أن المرأة أحق بالمتاع لان من بين لابتيها قد يعلم أن المرأة تنقل إلى بيت زوجها المتاع (3). قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: يعني بذلك المتاع الذي هو من متاع النساء والمتاع الذي هو يحتاج إليه الرجال كما تحتاج إليه النساء، فأما ما لا يصلح إلا للرجال فهو للرجل، وليس هذا الحديث بمخالف للذي قال: له ما للرجال و لها ما للنساء وبالله التوفيق.
(1) مروى في الكافي ج 7 ص 431 وفى التهذيب ج 2 ص 87، وقال العلامة المجلسي - رحمه الله -: لعل الفرق فيما إذا علم كونها ملكا للاب سابقا كما هو الغالب بخلاف غيره، فالقول قول الاب لانه كان ملكه والاصل عدم الانتقال، وقال في التحرير: هذه الرواية محمولة على الظاهر لان المرأة تأتى بالمتاع من بيت أهلها. (2) مروى في التهذيب ج 2 ص 89 والاستبصار ج 3 وص 47 في ذيل حديث. (3) هذا الكلام مضمون خبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 90 في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبى عبد الله عليه السلام قال: " سألني هل يقضى ابن أبى ليلى بقضاء يرجع عنه فقلت له: بلغني أنه قضى في متاع الرجل والمرأة إذا مات أحدهما فادعى ورثة الحى وورثة الميت، أو طلقها الرجل فادعاه الرجل وادعته المرأة أربع قضيات قال: ماهن؟ قلت: أما أول ذلك فقضى فيه بقضاء ابراهيم النخعي أن يجعل متاع المرأة الذى لا يكون للرجل للمرأة، ومتاع الرجل الذى لا يكون للمرأة للرجل، وما يكون للرجال والنساء بينهما نصفين ثم بلغني أنه قال: هما مدعيان جميعا والذى بأيديهما جميعا مما يتركان بينهما نصفين ثم قال: الرجل صاحب البيت والمرأة الداخلة عليه وهى المدعية فالمتاع كله للرجل الا متاع
النساء الذى لا يكون للرجال فهو للمرأة، ثم قضى بعد ذلك بقضاء لولا انى شهدته لم أروه عليه، ماتت امرأة مناولها زوج وتركت متاعا فرفعته إليه فقال اكتبوا لى المتاع فلما قرأه قال: هذا يكون للمرأة وللرجل وقد جعلته للمرأة الا الميزان فانه من متاع الرجل، =
[ 112 ]
(باب نادر) 3431 - روى السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام " أنه سئل عن رجل أبصر طيرا فتبعه حتى وقع على شجرة فجاء رجل آخر فأخذه فقال: للعين ما رأت ولليد ما أخذت ". 3432 - وروى علي بن عبد الله الوراق - رحمه الله - عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد، عن محمد بن مسلم قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الاخرس كيف يحلف إذا ادعي عليه دين ولم يكن للمدعى بينة فقال إن أمير المؤمنين عليه السلام اتي بأخرس وادعي عليه دين فأنكره ولم يكن للمدعي عليه بينة فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى بينت للامة جميع ما يحتاج إليه، ثم قال: ائتوني بمصحف فاتي به، فقال للاخرس: ما هذا فرفع رأسه إلى السماء وأشار أنه كتاب الله، ثم قال: ائتوني بوليه فأتوه بأخ له فأقعده إلى جنبه، ثم قال: يا قنبر علي بدواة وصينية فأتاه بهما (1) ثم قال لاخ الاخرس: قل لاخيك: هذا بينك وبينه انه علي، فتقدم إليه بذلك ثم كتب أمير - المؤمنين عليه السلام: والله الذي لاإله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، الطالب الغالب الضار النافع، المهلك المدرك، الذي يعلم السر والعلانية، إن فلان بن فلان المدعي ليس له قبل فلان بن فلان - أعني الاخرس - حق ولا طلبة بوجه من
= فهو لك، قال، فقال لى على أي شئ هو اليوم؟ قلت: رجع الى أن جعل البيت للرجل، ثم سألته عن ذلك فقلت له: ما تقول فيه أنت؟ قال: القول الذي أخبرتني أنك شهدت منه وان
كان قد رجع عنه، قلت له: يكون المتاع للمرأة؟ فقال: لو سألت من بينهما - يعنى الجبلين - ونحن يومئذ بمكة لا خبروك أن الجهاز والمتاع يهدى علانية من بيت المرأة الى بيت الرجل فيعطى التى جاءت به وهو المدعى فان زعم أنه أحدث فيه شيئا فليأت بالبينة ". (1) يعنى قصعة، والخبر مروى في التهذيب ج 2 ص 97.
[ 113 ]
الوجوه ولا سبب من الاسباب ثم غسله وأمر الاخرس أن يشربه، فامتنع فألزمه الدين " (1). باب * (العتق وأحكامه) * 3433 - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أعتق مؤمنا أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار، وإن كانت انثى أعتق الله بكل عضوين منها عضوا من النار، لان المرأة بنصف الرجل " (2). 3434 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " يستحب للرجل أن يتقرب عشية عرفة ويوم عرفة بالعتق والصدقة ". 3435 - وروي عن أبي بصير، وأبي العباس، وعبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا ملك الرجل والديه أو اخته أو عمته أو خالته أو ابنة أخيه أو ابنة اخته وذكر أهل هذه الاية (3) من النساء عتقوا جميعا، ويملك الرجل عمه وابن
(1) قال في المسالك: في حلف الاخرس أقوال أشهرها تحليفه بالاشارة المفهمة الدالة عليه كسائر أموره، والشيخ في النهاية اشترط مع ذلك وضع يده على اسم الله تعالى، وقيل: بكتب اليمين في لوح ويؤمر بشر به بعد اعلامه، واحتجوا بهذا الخبر، وحمله ابن ادريس على أخرس لا يكون له كتابة معقولة ولا اشارة مفهومة، وما ذكر في الخبر من فهمه اشارة على عليه السلام إليه بالاستفهام عن المصحف ينافى ذلك.
(2) هذا إذا كان المعتق - على صيغة الفاعل - رجلا، أما إذا كانت امرأة فالظاهر من العلة المذكورة أن يعتق بكل عضو منها عضوا منها من النار، وفى صورة العكس ينعتق بكل عضو منه عضوان بمعنى تضاعف الاجر، وفى المجلد الاول من الكافي ص 453 باب مولد أمير المؤمنين عليه السلام " أن فاطمة بنت اسد قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله: انى اريد أن أعتق جاريتي هذه، فقال لها: أن فعلت أعتق الله بكل عضو منها عضوا منك من النار ". والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 309 والكليني ج 6 ص 180. (3) المراد قوله تعالى " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم - الاية ".
[ 114 ]
أخيه وابن أخته وخاله، ولا يملك امه من الرضاعة ولا اخته ولا عمته ولا خالته، فإذا ملكهن عتقن، قال: وما يحرم من النسب من النساء فإنه يحرم من الرضاع (1)، وقال: يملك الذكور ما خلا الوالد والولد، ولا يملك من النساء ذات محرم، قلت: وكذلك يجري في الرضاع؟ قال: نعم يجري في الرضاع مثل ذلك " (2). 3436 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام " في جارية كانت بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه قال: إن كان موسرا كلف أن يضمن وإن كان معسرا اخدمت بالحصص " (3). 3437 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قضى أمير المؤمنين عليه السلام في عبد كان بين رجلين فحرر أحدهما نصفه وهو صغير وأمسك الاخر نصفه (4)، قال: يقوم قيمة يوم حرر الاول وامر المحرر أن يسعى في نصفه الذي لم يحرر حتى يقضيه ". 3438 - وروى محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: " سألت أبا - عبد الله عليه السلام عن الرجلين يكون بينهما الامة فيعتق أحدهما نصفه فتقول الامة للذي
لم يعتق نصفه: لا اريد أن تقومني ذرني كما أنا أخدمك وإنه أراد أن يستنكح النصف
(1) اختلف الاصحاب تبعا لاختلاف الروايات في أن من ملك من الرضاع من ينعتق عليه لو كان بالنسب هل ينعتق أم لا، فذهب الشيخ وأتباعه وأكثر المتأخرين الى الانعتاق، وذهب المفيد وابن أبى عقيل وسلار وابن ادريس - رحمهم الله - الى عدم الانعتاق. (المرآة) (2) ظاهر الحديث يدل على انعتاق كل من بين تحريمها في الاية وان كان بالمصاهرة كام الزوجة وزوجة الولد، ولكنهم خصصوا الحكم بالمحرمات بالنسب والرضاع. (مراد) (3) كذا في الاستبصار، وفى بعض النسخ " اخذت " وفى التهذيب " اخدمت بالحصة "، وقيل: يمكن أن يحمل ذلك على ما إذا لم يقدر على السعي في تحصيل قيمة ما بقى لها من الرق أو لم يسع بقرينة ما يجيئ. (4) في الكافي ج 6 ص 183 " وأمسك الاخر نصفه حتى كبر الذى حرر نصفه ".
[ 115 ]
الاخر، قال لا ينبغي له أن يفعل إنه لا يكون للمرأة فرجان ولا ينبغي له أن يستخدمها ولكن يقومها ويستسعيها " (1). وفي رواية أبي بصير مثله إلا أنه قال: " وإن كان الذي أعتقها محتاجا فليستسعها ". 3439 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه " سئل عن رجلين كان بينهما عبد فأعتق أحدهما نصيبه، قال: إن كان مضارا كلف أن يعتقه كله و إلا استسعى العبد في النصف الاخر " (2). 3440 - وروى حريز، عن محمد بن مسلم قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " رجل ورث غلاما وله فيه شركاء فأعتق لوجه الله نصيبه، فقال: إذا أعتق نصيبه مضارة وهو موسر ضمن للورثة، وإذا أعتق نصيبه لوجه الله عزوجل كان الغلام قد اعتق منه حصة من أعتق، ويستعملونه على قدر ما لهم فيه، فإن كان فيه نصفه عمل لهم يوما
وله يوم، وإن أعتق الشريك مضارا فلا عتق له لانه أراد أن يفسد على القوم و يرجع القوم على حصتهم ". 3441 - وقال الصادق عليه السلام: " لا عتق إلا ما اريد به وجه الله عزوجل " (3). 3442 - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن الرجل تكون له الامة، فيقول: متى آتيها فهي حرة، ثم يبيعها من رجل، ثم يشتريها بعد ذلك، قال: لا بأس بأن يأتيها قد خرجت من ملكه ". 3443 - وروي عن سماعة قال: " سألته عن رجل قال لثلاثة مماليك له: أنتم أحرار، وكان له أربعة فقال له رجل من الناس: أعتقت مماليكك؟ قال: نعم أيجب
(1) رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 482 وفيه " فيستسعيها ". (2) أي إذا كان قصده بذلك الاضرار على شريكه فيلزمه العتق فيما بقى ويؤخذ بما بقى لشريكه، والخبر رواه الشيخ في الاستبصار ج 4 ص 4 والتهذيب ج 2 ص 310. (3) كذا في جميع النسخ كما في الكافي ج 6 ص 178 وفى التهذيب ج 2 ص 309 " ولا أعتق الا ما أريد به وجه الله تعالى ".
[ 116 ]
عتق الاربعة حين أجملهم؟ أو هو للثلاثة الذين أعتق؟ قال: إنما يجب العتق لمن أعتق ". 3444 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل زوج أمته من رجل وشرط له أن ما ولدت من ولد فهو حر، فطلقها زوجها أو مات عنها فزوجها من رجل آخر ما منزلة ولدها؟ قال: بمنزلتها إنما جعل ذلك للاول (1) وهو في الاخر بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء أمسك ". 3445 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك " (2). 3446 - وسأله عبد الرحمن بن أبي عبد الله " عن رجل قال لغلامه: أعتقك
على أن أزوجك جاريتي هذه فإن نكحت عليها أو تسريت فعليك مائة دينار، فأعتقه على ذلك فنكح أو تسرى أعليه مائة دينار ويجوز شرطه؟ قال: يجوز عليه شرطه " (3). 3447 - وقال أبو عبد الله عليه السلام " في رجل أعتق مملوكه على أن يزوجه ابنته وشرط عليه إن تزوج أو تسرى عليها فعليه كذا وكذا، قال: يجوز ". (4)
(1) في التهذيب ج 2 ص 311 " قال منزلتها ما جعل ذلك الا للاول - الخ، وقال سلطان العلماء: ينبغى حمل ذلك على صورة يفيد فيها هذا الشرط ويصح كون الولد بمنزلة الام مع عدم الاشتراط كما إذا كان الزوج عبدا أو كما ذهب إليه ابن الجنيد من كون الولد رقا وان كان الزوج حرا الا مع اشتراط الحرية، والمشهور كون ولد الزوج الحر حر الا مع اشتراط الرقية، وقيل: لا تأثير لشرط الرقية. (2) رواه الكليني في الكافي ج 6 ص 179 في الحسن كالصحيح. ويمكن حمله على أن المراد لا يصح عتق يكون انعتاقه قبل الملك لئلات ينافى الاخبار الدالة ظاهرا على صحة تعليقه بالملك ولكن حملها الشيخ على النذر. (3) أجمع الاصحاب على أن المعتق إذا شرط على العبد شرطا سائغا في العتق لزمه الوفاء، وهل يشترط في لزوم الشرط قبول المملوك، قيل: لا، وهو اختيار المحقق، وقيل: يشترط مطلقا وهو اختيار العلامة في التحرير وفصل في القواعد وقال بلزومه في شرط المال دون الخدمة. (4) روى نحوه الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام.
[ 117 ]
3448 - وسأله يعقوب بن شعيب " عن رجل أعتق جاريته وشرط عليها أن تخدمه خمس سنين فأبقت ثم مات الرجل فوجدها ورثته ألهم أن يستخدموها؟ قال: لا " (1).
3449 - وروى جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام " في رجل أعتق عبدا له مال لمن مال العبد؟ قال: إن كان علم أن له مالا تبعه ماله وإلا فهو للمعتق (2). وفي رجل باع مملوكا وله مال، قال: إن علم مولاه الذي باعه أن له مالا فالمال للمشتري، وإن لم يعلم البايع فالمال للبايع ". 3450 - وروى ابن بكير، عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا كان للرجل مملوك فأعتقه وهو يعلم (3) أن له مالا ولم يكن استثنى السيد المال حين أعتقه فهو للعبد ". 3451 - وسأله عبد الرحمن بن أبي عبد الله (4) " عن رجل أعتق عبدا له و
(1) مروى في الكافي ج 6 ص 179 في الصحيح، وعليه الاصحاب، وقوله " فأبقت " من الاباق أي هربت من سيدها. (2) الى هنا رواه الكليني في الكافي ج 6 ص 190 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 311. (3) كذا، وفى الكافي ج 6 ص 190 والتهذيب " قال: إذا كاتب الرجل مملوكه وأعتقه وهو يعلم - الخ " وفى الاستبصار كما في المتن وزاد في بعض نسخه بعد قوله " فهو للعبد " " والا فهو له - أي وان لم يعلم أن له مالا فالمال للسيد - ". (4) رواه الشيخ في التهذيبين باسناده عن محمد بن على بن محبوب، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضاله، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبى عبد الله، عن أبى عبد الله عليه السلام، وقال بعده: هذه الاخبار عامة مطلقة ينبغى أن نقيدها بأن نقول انما يكون له المال إذا بدأ به في اللفظ قبل العتق بأن يقول: لى مالك وأنت حر، فان بدأ بالحرية لم يكن له من المال شئ، يدل على ذلك ما رواه محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن سعد بن سعد، عن أبى جرير قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قال لمملوكه: أنت حر ولى مالك، قال: لا يبدء بالحرية قبل المال يقول له: لى مالك وأنت حر برضا المملوك فان ذلك أحب الى ".
[ 118 ]
للعبد مال فتوفي الذي أعتق العبد لمن يكون مال العبد؟ أيكون للذي أعتق العبد، أو للعبد؟ قال: إذا أعتقه وهو يعلم أن له مالا فماله له، وإن لم يعلم فماله لولد سيده ". 3452 - وروى جميل، عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل أعتق مملوكه عند موته وعليه دين، قال: إن كان قيمة العبد مثل الذي عليه ومثله (1) جاز عتقه وإلا لم يجز " (2).
(1) في بعض النسخ " ومثليه " والظاهر أنه من النساخ كما في جميع كتب الاخبار والفقه وكما سيجيئ أيضا مفردا يعنى إذا اعتق سدس الغلام يستسعى في الباقي الا إذا كان أقل منه فانه اضرار على الورثة وأصحاب الديون ويؤيده، موثقة الحسن بن الجهم في الكافي والتهذيب. (2) قال في المسالك: إذا أوصى بعتق مملوكه تبرعا أو أعتقه منجزا على أن المنجزات من الثلث وعليه دين فان كان الدين يحيط بالتركة بطل العتق والوصية وان فضل منها عن الدين فضل وان قل صرف ثلث الفاضل في الوصايا فيعتق من العبد بحساب ما يبقى من الثلث ويسعى في ما بقى من قيمته، هذا هو الذى تقتضيه القواعد ولكن وردت روايات صحيحة في أنه يعتبر قيمة العبد الذى اعتق في مرض الموت فان كانت بقدر الدين مرتين أعتق العبد وسعى في خمسة أسداس قيمته لان نصفه حينئذ ينصرف الى الدين فيبطل فيه العتق ويبقى منه ثلاثة أسداس للمعتق منها سدس وهو ثلث التركة بعد الدين وللورثة سدسان، وان كانت قيمة العبد أقل من قدر الدين مرتين بطلت العتق فيه أجمع، وقد عمل بمضمونها المحقق وجماعة والشيخ وجماعة عدوا الحكم من منطوق الرواية الى الوصية بالعتق، والمحقق اقتصر على الحكم في المنجز، وأكثر المتأخرين ردوا الرواية لمخالفتها لغيرها من الروايات الصحيحة ولعله أولى ويرد على القائل بتعديتها الى الوصية معارضتها فيها لصحيحة الحلبي (الاتى) حيث تدل
باطلاقها باعتاقه متى زادت قيمته عن الدين فلا وجه لعمل الشيخ بتلك الرواية مع عدم ورودها في مدعاه واطراح هذه، ومن الجائز اختلاف حكم المنجز والموصى به في مثل ذلك كما اختلفا في كثير من الاحكام على تقدير تسليم حكمها في المنجز ويبقى في رواية الحلبي أنه عليه السلام حكم باستسعاء العبد في قضاء دين مولاه ولم يتعرض لحق الورثة مع أن لهم في قيمته مع زيادتها عن الدين حقا كما تقرر الا أن ترك ذكرهم لا يقدح لا مكان استفادته عن خارج وتخصيص الامر بوفاء الدين لا ينافيه.
[ 119 ]
3453 - وروى حماد، عن الحلبي عنه عليه السلام أنه قال: " في الرجل يقول: إن مت فعبدي حر وعلى الرجل دين قال: إن توفي وعليه دين قد أحاط بثمن العبد بيع العبد، وإن لم يكن أحاط [ بثمن العبد ] استسعي العبد في قضاء دين مولاه وهو حر به إذا أوفاه " (1). 3454 - وروى محمد بن مروان عنه عليه السلام أنه قال: " أن أبي عليه السلام ترك ستين مملوكا وأوصى بعتق ثلثهم، فأقرعت بينهم فأخرجت عشرين فأعتقتهم " (2). 3455 - وروى حريز، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن رجل ترك مملوكا بين نفر فشهد أحدهم أن الميت أعتقه، قال: إن كان الشاهد مرضيا لم يضمن وجازت شهادته في نصيبه، واستسعى العبد فيما كان للورثة " (3).
(1) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 313، وقال سلطان العلماء: قوله " إذا مت فعبدي حر " هذا بطريق الوصية والسابق بطريق التخيير، ولعل الحكم فيها مختلف كما هو مذهب بعض الاصحاب، فلا منافاة - انتهى، وما بين القوسين ليس في أكثر النسخ وهو موجود في التهذيب. (2) مروى في التهذيب ج 2 ص 314. (3) الظاهر أنه الفرد الخفى أي مع أنه مرضى لا يصير اقراره سببا للسراية لانه لم
يعتق، فكيف إذا لم يكن مرضيا، ويمكن أن يكون مفهومه إذا لم يكن مرضيا يضمن القيمة للورثة كما في السراية إذا كان مضارا، وفيه بعد، ويمكن أن لا يسمع قوله مع عدم كونه مرضيا في السراية وان سمع اقراره على نفسه في عتق حصته (م ت) وقال سلطان العلماء: لو كانا اثنين يظهر فائدة كونهما مرضيين إذ بشهادتهما يحكم بعتق الكل أما في الواحد فلا يظهر وجهه الا أن يقال لدفع احتمال قصد الاضرار المبطل وهو بعيد وفيه تأمل - انتهى، وقال العلامة في المختلف: الوجه أن نقول: الاقرار يمضى في حق المقر سواء كان مرضيا أم لا ولا يجب السعي، وبالجملة فلا فرق بين المرضى وغيره، ويمكن أن يقال: ان عدالته ينفى التهمة فيمضى الاقرار في حقه خاصة وأما في حق الشركاء فيستسعى العبد كمن أعتق حصة من عبد ولم يقصد الاضرار مع الاعسار وأما إذا لم يكن مرضيا فانه لا يلتفت الى قوله الا في حقه فلا يستسعى العبد بل يبقى حصص الشركاء على العبودية ويحكم في حصته بالحرية، وهذا عندي محمول على الاستحباب عملا بالرواية.
[ 120 ]
(باب التدبير) (1) 3456 - سأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه السلام " عن الرجل يعتق مملوكه عن دبر، ثم يحتاج إلى ثمنه، قال: يبيعه، قال: قلت فإن كان له عن ثمنه غنى (2) قال: إذا رضي المملوك فلا بأس ". 3457 - وروى جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن المدبر أيباع؟ قال: إن أحتاج صاحبه إلى ثمنه ورضي المملوك فلا بأس " (3). 3458 - وروي عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام " في الرجل يعتق غلامه أو جاريته عن دبر منه، ثم يحتاج إلى ثمنه أيبيعه؟ قال: لا إلا أن يشترط على الذي يبيعه إياه أن يعتقه عند موته " (4). 3459 - وسئل أبو إبراهيم عليه السلام (5) " عن امرأة دبرت جارية لها فولدت
(1) التدبير هو التفعيل من الدبر، والمراد به تعليق العتق بدبر الحياة، وقيل: سمى تدبيرا لانه دبر أمر دنياه باستخدامه واسترقاقه وأمر آخرته باعتاقه وهذا راجع الى الاول لان التدبير في الامر مأخوذ من لفظ الدبر أيضا لانه نظر في عواقب الامور. (المسالك) (2) أي لا يحتاج إليه فهل يجوز بيعه. (3) لا يخفى صحة الرواية وهى تدل على اشتراط الاحتياج ورضى المملوك في جواز بيعه وهى تنافى الرواية السابقة واللاحقة، ولم ينقل من واحد من الاصحاب العمل بها والجمع بين الروايات المذكورة لا يخلو من اشكال والله اعلم. (سلطان) (4) في المحكى عن المسالك: قال الصدوق: لا يجوز بيعه الا أن يشترط على الذى يبيعه اياه أن يعتقه عند موته، وقريب منه قول ابن أبى عقيل. والمشهور جواز بيعه مطلقا كأنهم حملوا الروايات الدالة على اشتراط الشرائط المذكورة على الاستحباب والكراهة بدونها ولذا اختلف في الروايات ذكر الشرائط وهو بعيد. وقال الفاضل التفرشى: محمول على الكراهة بدون الاشتراط، والظاهر رجوع ضمير " موته " الى البايع ليبقى معنى التدبير. (5) رواه الكليني ج 6 ص 184 عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى الكلانى عنه عليه السلام.
[ 121 ]
الجارية جارية نفيسة فلم يدر أمدبرة هي مثل أمها أم لا؟ فقال: متى كان الحمل (1)؟ كان وهي مدبرة أو قبل التدبير؟ قلت: جعلت فداك لا أدري أجنبي فيهما جميعا، فقال: إن كانت الجارية حبلى قبل التدبير ولم يذكر ما في بطنها فالجارية مدبرة و ما في بطنها رق، وإن كان التدبير قبل الحمل ثم حدث الحمل فالولد مدبر مع امه لان الحمل إنما حدث بعد التدبير " (2). 3460 - وسأل الحسن بن علي الوشاء أبا الحسن عليه السلام " عن رجل دبر جارية وهي حبلي، فقال: إن كان علم بحبل الجارية فما في بطنها بمنزلتها، وإن كان لم يعلم فما في بطنها رق (3)، قال: وسألته عن الرجل يدبر المملوك وهو حسن الحال
ثم يحتاج أيجوز له أن يبيعه؟ قال: نعم إذا أحتاج إلى ذلك " (4). 3461 - وروي عن العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: المدبر من الثلث، وللرجل أن يرجع في ثلثه إن كان أوصى في صحة أو مرض " (5). 3462 - وروى أبان، عن أبي مريم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن الرجل
(1) استفهام وما بعده تفصيل لذلك. (2) حمل على أنه لم يعلم ذلك وانما ينكشف له بعد ذلك أنها كانت حاملا في حال ما دبرها، فلاجل ذلك صار ولدها رقا، ولو علم في حال التدبير أنها حامل كان حكم الولد حكم الام على ما تضمنه الخبر الاتى. (3) في المسالك: المشهور بين الاصحاب أن الحمل لا يتبع الحامل، وذهب الشيخ في النهاية الى أنه مع العلم يتبعها والا فلا، استنادا الى رواية الوشاء وقيل بسراية التدبير الى الولد مطلقا، وقال: عمل بمضمون خبر الوشاء كثير من المتقدمين والمتأخرين ونسبوها الى الصحة، والحق أنها من الحسن، وذهب المحقق والعلامة وقبلهما الشيخ في المبسوط وابن ادريس الى عدم تبعيته لها مطلقا للاصل وانفصاله عنها حكما كنظائره. (4) يدل على جواز الرجوع عن التدبير كما هو المذهب. (المرآة) (5) رواه الكليني بسند موثق ويدل على أن التدبير من الثلث كما ذكره الاصحاب، وقيل كأنه حمل المصنف الشرائط السابقة من رضى العبد والاحتياج على الاستحباب.
[ 122 ]
يعتق جاريته عن دبر أيطأها إن شاء، أو ينكحها، أو يبيع خدمتها حياته؟ قال: نعم أي ذلك شاء فعل " (1). 3463 - وروى عاصم (2)، عن أبي بصير قال: " سألته عن العبد والامة يعتقان عن دبر، فقال: لمولاه أن يكاتبه إن شاء (3) وليس له أن يبيعه إلا أن يشاء العبد أن يبيعه مدة حياته (4)، وله أن يأخذ ماله إن كان له مال " (5).
3464 - وسأله عبد الله بن سنان " عن امرأة أعتقت ثلث خادمها عند موتها أعلى أهلها إن يكاتبوها أن شاؤوا وإن أبوا (6) قال: لا ولكن لها من نفسها ثلثها و للوارث ثلثاها، يستخدمها بحساب الذي له منها ويكون لها من نفسها بحساب ما أعتق منها ". 3465 - وروى أبان، عن عبد الرحمن قال: " سألته عن الرجل قال: لعبده
(1) قال العلامة في المختلف: يحمل بيع الخدمة على اجارتها فانها في الحقيقة بيع المنافع مدة معينة فإذا انقضت المدة جاز أن يوجره أخرى وهكذا مدة حياته، وحمل ابن ادريس بيع الخدمة على الصلح مدة حياته، والمحقق قطع ببطلان بيع الخدمة لانها مجهولة. (سلطان) (2) الطريق إليه حسن كالصحيح بابراهيم بن هاشم، وعاصم بن حميد ثقة والمراد بابى بصير ليث المرادى ظاهرا. (3) لانه تعجيل للعتق لان معنى الكتابة كما في النهاية أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه إليه منجما، فإذا أداه صار حرا، وسميت كتابة لمصدر كتب، كأنه يكتب على نفسه لمولاه ثمنه ويكتب مولاه له عليه العتق، وقد كاتبة مكاتبة والعبد مكاتب. (4) محمول على الاستحباب. (5) يدل على أن العبد لا يملك. (6) أي أيحب على أهلها أن يكاتبوها ويمهلوها لتؤدى قيمتها سواء رضوا بذلك أم لا، بل لهم استخدامها بقدر حصتهم (مراد) وقال سلطان العلماء قوله " أن يكاتبوها " أي في الثلثين الباقيين ولعل المكاتبة كناية عن عتقها أجمع وسعيها في قيمة باقيها. وقال المولى المجلسي. لاريب في عدم وجوب المكاتبة فيحمل على ما ترد الى ذمة ويحمل على ما لو يكن لها سواها والا فالظاهر انعتاقها بانعتاق جزء منها كما تقدم في السراية وان كان أكثر الاخبار في السراية في حصة الشريك لكن تدل على نفسه بالطريق الاولى.
[ 123 ]
إن حدث بي حدث فهو حر، وعلى الرجل تحرير رقبة في كفارة يمين أو ظهار أله أن يعتق عبده الذي جعل له العتق إن حدث به حدث في كفارة تلك اليمين؟ قال: لا يجوز الذي يجعل له في ذلك " (1). 3466 - وروى وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل دبر غلامه وعليه دين فرارا من الدين، قال: لا تدبير له، وإن كان دبره في صحة منه وسلامة فلا سبيل للديان عليه " (2). 3467 - وروى ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن بريد بن معاوية قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل دبر مملوكا له تاجرا موسرا (3) فاشترى المدبر جارية بأمر مولاه فولدت منه أولادا، ثم إن المدبر مات قبل سيده، فقال: أرى
(1) أي لا يجوز التدبير الذى جعل للعبد في الكفارة بأن يحسب منها (مراد) وقال سلطان العلماء: لعل من قال بجواز الرجوع في التدبير مطلقا حمل ذلك على الكراهة فانه إذا جوز بيعه فالعتق أولى لانه تعجيل لما تشبث به من الحرية، ويمكن حمله بناء على مذهب من اشترط في جواز الرجوع أحد الشرائط المذكورة على صورة فقدان الشرائط المذكورة فتأمل. (2) قال في المسالك: لما كان التدبير كالوصية اعتبر في نفوذه كونه فاضلا من الثلث بعد أداء الدين وما في معناه من الوصايا الواجبة والعطايا المنجزة والمتقدمة عليه لفظا، ولا فرق في الدين بين المتقدم منه على ايقاع صيغة التدبير والمتأخر على الاصح للعموم كالوصية والقول بتقديمه على الدين مع تقدمه عليه الشيخ في النهاية استنادا الى صحيحة أبى بصير عن الصادق عليه السلام، وصحيحة ابن يقطين (المروية في التهذيب ج 2 ص 321) قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن المدبر قال: إذا أذن في ذلك فلا بأس وان كان على مولى العبد دين فدبره فرارا من الدين فلا تدبير له وان كان دبره في صحة وسلامة فلا سبيل للديان عليه ويمضى تدبيره، وأجيب بحمله على التدبير الواجب بنذر وشبهه فانه إذا وقع كذلك مع
سلامة من الدين لم ينعقد نذره لانه لم يقصد به الطاعة وهو محمل بعيد (3) صفتان للمملوك.
[ 124 ]
أن جميع ما ترك المدبر من متاع أو ضياع فهو للذي دبره، وأرى أن أم ولده رق للذي دبره، وأرى أن ولدها مدبرين كهيئة أبيهم فإذا مات الذى دبر أباهم فهم أحرار ". 3468 - وقال علي عليه السلام (1): " المعتق عن دبر هو من الثلث، وما جنى هو و المكاتب وأم الولد فالمولى ضامن لجنايتهم " (2). (باب المكاتبة) (3) 3469 - روى محمد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام " في قول الله عزوجل: " فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا " قال: إن علمتم لهم مالا (4)، قال قلت: " وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ". قال: تضع عنه من نجومه التي لم تكن تريد أن تنقصه منها شيئا ولا تزيده فوق ما في نفسك (5)، فقلت: كم؟ قال: وضع أبو جعفر
(1) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 321 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبى جعفر عن أبى الجوزاء (منبه بن عبد الله) عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد عن زيد بن على، عن آبائه، عن على عليه السلام والحسين بن علوان وعمرو بن خالد عدا من رجال العامة والثانى بترى. (2) في المسالك جناية المدبر على غيره كجناية القن فإذا جنى على انسان تعلق برقبته فان كان موجبا للقصاص فاقتص منه فات التدبير، وان عفى عنه أو رضى المولى بالمال أو كانت الجناية توجب مالا ففداه السيد بأرش الجنابة أو بأقل الامرين على الخلاف المقرر في جناية القن بقى على التدبير وله بيعه فيها أو بعضه فيبطل فيما بيع منه. والمولى المجلسي حمل
الخبر على التقية لان رواته من الزيدية. (3) تقدم معنى المكاتبة آنفا. (4) الخير المال كما في قوله تعالى " انه لحب الخير لشديد " ولعل المراد منه القدرة على المال وان كان بالاكتساب، وقال قوم من المفسرين ان الاية خطاب للمؤمنين بمعونتهم على خلاص رقابهم من الرق وعلى ما في الرواية كان الخطاب لمواليهم. (5) المراد بالنجوم الاقساط يعنى المال الذى يؤديه نجوما من مال الكتابة، وقوله " قلت: وآتوهم من مال الله - الاية " أي وما معنى قوله تعالى: " وآتوهم - الخ ".
[ 125 ]
عليه السلام لمملوك له ألفا من ستة آلاف ". 3470 - وروى عمرو بن شمر، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: " سألته عن المكاتب يشترط عليه إن عجز فهو رد في الرق، فعجز قبل أن يؤدي شيئا، قال: لا يرد في الرق حتى يمضي له ثلاث سنين (1)، ويعتق منه مقدار ما أدى صدرا (2) فإذا أدى صدرا فليس لهم أن يردوه في الرق ". 3471 - وسئل الصادق عليه السلام " عن مكاتب عجز عن مكاتبته وقد أدى بعضها قال: يؤدي عنه من مال الصدقة إن الله عزوجل يقول في كتابه: " وفي الرقاب " (3). 3472 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن رجل كاتب مملوكه فقال بعد ما كاتبه: هب لي بعض مكاتبتي وأعجل لك مكاتبتي أيحل ذلك؟ قال: إن كان هبة فلا بأس، وإذا قال: تحطه عني واعجل لك فلا يصلح " (4).
(1) حمله الشهيد الثاني في شرحه على الشرايع (يعنى المسالك) على الاستحباب و استدل به على استحباب الصبر للمولى مع عجز العبد، ويحتمل أن المراد بالسنين النجوم، أي يستحب أن يصبر المولى الى ثلاثة أنجم، وقد حمل الشيخ - رحمه الله - العام على النجم في بعض هذه الروايات فلا تستبعد. (سلطان)
(2) قوله " ويعتق " ابتداء كلام ولعل الغرض بيان حكم المشروط الذى أدى شيئا بعد ما بين حكم من لم يؤد شيئا فحينئذ يكون قوله " يعتق " بطريق الاستحباب، وقوله " وليس لهم أن يردوه، بطريق الكراهة (سلطان) والصدر أعلى مقدم كل شئ وأوله والطائفة من الشئ (القاموس) ولا يخفى مناسبة كلا المعنيين هنا فتأمل (سلطان) وقال الفاضل التفرشى لعل المراد بصدر ازمان قبل انقضاء المدة المشترطة. (3) جواز الدفع الى المكاتب من الزكاة مشترك بين القسمين لكن وجوب الفك مختص بالمطلق من سهم الرقاب مع الامكان فان تعذر كان كالمشروط يجوز فسخ الكتابة واسترقاقه أو ما بقى منه ان كان قد أدى شيئا. (المسالك) (4) قوله " بعض مكاتبتي " أي بعض المال الذى وقع عليه الكتابة، والفرق بين العبارة الاولى والثانية وقوع الاولى بلفظ الهبة، والثانية بلفظ الحطة ليناسب الاولى كون التعجيل وعدمه إذ يناسب الثانية كونه عوضا، فعلى الاولى للسيد أن يحسب تلك الهبة من الوضع =
[ 126 ]
3473 - وروى عمار بن موسى الساباطي (1) عن أبي عبد الله عليه السلام " في مكاتب بين شريكين فيعتق أحدهما نصيبه كيف يصنع الخادم؟ قال: يخدم الثاني يوما ويخدم نفسه يوما (2)، قلت: فإن مات وترك مالا؟ قال: المال بينهما نصفان بين الذي أعتق وبين الذي أمسك " (3). 3474 - وروى إبن محبوب، عن عمر بن يزيد قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أراد أن يعتق مملوكا له وقد كان مولاه يأخذ منه ضريبة فرضها عليه (4) في كل سنة ورضي بذلك منه المولى فأصاب المملوك في تجارته مالا سوى ما كان يعطي مولاه من الضريبة، فقال: إذا أدى إلى سيده ما كان فرض عليه فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك، قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: أليس قد فرض الله عز وجل على العباد فرائض فإذا أدوها إليه لم يسألهم عما سواها، قلت له: فللمملوك
أن يتصدق مما اكتسب ويعتق بعد الفريضة التي يؤديها إلى سيده؟ قال: نعم (5) وأجر
= المستحب دون الثاني لان الحط في مقابل التعجيل، ويمكن حمل عدم الصلوح على الكراهة. (مراد) (1) الطريق إليه قوى وهو فطحى موثق ورواه الكليني ج 7 ص 172 بسند موثق. (2) محمول على عدم تحقق السراية (المرآة) ويحتمل أن يكون في صورة عجزه عن أداء مال الكتابة، ولعل المراد من قوله " يخدم الثاني " أي يسعى في أداء مال الكتابة (سلطان). (3) بولاء العتق إذا لم يكن له وارث آخر. (4) الضريبة من ضربت عليه خراجا أي وظيفة، وضريبة العبد هو ما يؤدى لسيده من الخراج المقدر عليه. وقال سلطان العلماء: لعل المصنف - رحمه الله - حمل ذلك على المكاتبة ولذا نقله في هذا الباب فيكون المراد أنه ان يحصل له العتق بعد أداء مال الكتابة ويكون المراد بالضريبة مال الكتابة الذى فرضه عليه في النجوم. (5) قال المحقق في الشرايع: العبد لا يملك، وقيل: يملك فاضل الضريبة وهو المروى وأرش الجناية على قول، ولو قيل: يملك مطلقا لكنه محجور عليه بالرق حتى يأذن المولى. =
[ 127 ]
ذلك له قلت: فإن أعتق مملوكا مما كان اكتسب سوى الفريضة (1) لمن يكون ولاء المعتق؟ فقال: يذهب فيتولى إلى من أحب، فإذا ضمن جريرته وعقله (2) كان مولاه وورثه، قلت له: أليس قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الولاء لمن أعتق؟ فقال: هذا سائبة (3) لا يكون ولاؤه لعبد مثله، قلت: فإن ضمن العبد الذي أعتقه جريرته وحدثه يلزمه ذلك ويكون مولاه ويرثه؟ فقال: لا يجوز ذلك، لا يرث عبد حرا ". 3475 - وروى أبان، عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن رجل قال: غلامي حر وعليه عمالة (4) كذا وكذا سنة، قال: هو حر وعليه العمالة
قلت: إن إبن أبي ليلى يزعم أنه حر وليس عليه شئ، قال: كذب إن عليا عليه السلام أعتق أبا نيزر وعياضا ورياحا (5) وعليهم عمالة كذا وكذا سنة ولهم رزقهم وكسوتهم بالمعروف في تلك السنين " (6).
= كان حسنا. وقال الشهيد في شرحه على الشرايع القول بالملك في الجملة للاكثر ومستنده الاخبار وذهب جماعة الى عدم ملكه مطلقا واستدلوا عليه بادلة مدخولة ولعل القول بعدم الملك متجه، ويمكن حمل الاخبار على اباحة تصرفه فيما ذكر لا بمعنى ملك رقبة المال فيكون وجها للجمع، وقال في الدروس صحيحة عمر بن يزيد عن الصادق عليه السلام مصرحة بملكه فاضل الضريبة وجواز تصدقه وعتقه منه غير أنه لا ولاء عليه بل سائبة. ولو ضمن العبد جريرته لم يصح وبذلك أفتى في النهاية - انتهى، وأقول: السائبة المهملة والعبد يعتق على أن لا ولاء له. (1) أي فان أعتق العبد مملوكا من كسبه. (2) الجريرة: الجناية والعقل: الدية، يعنى إذا ضمن هو جريرته وعقله كان مولاه يرثه. (3) أي هذا المعتق الذى أعتقه العبد سائبة ليس له مولى. (4) العمالة مثلثة: رزق العامل وأجر العمل، والظاهر أن المراد هنا الخدمة تجوزا. (م ت) (5) في بعض النسخ والكافي " رباحا " بالباء الموحدة ولعله هو الصواب. (6) يدل على جواز شرط العمل في العتق ولا ينافى القربة بل ربما كان له أصلح وعدم ذكر القربة لا يدل على العدم. (م ت)
[ 128 ]
3476 - وروى القاسم بن بريد (1)، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام " في مكاتب شرط عليه إن عجز أن يرد في الرق، قال: المسلمون عند شروطهم ".
3477 - وسئل الصادق عليه السلام " عن المكاتب، فقال: يجوز عليه ما شرطت عليه " (2). 3478 - و " قضى أمير المؤمنين عليه السلام (3) في مكاتبة توفيت وقد قضت عامة ما عليها (4) وقد ولدت ولدا في مكاتبتها، فقضى في ولدها أن يعتق منه مثل الذي عتق منها ويرق منه مثل ما رق منها ". 3479 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام " في المكاتب يشترط عليه مولاه أن لا يتزوج إلا باذن منه حتى يؤدي مكاتبته، قال: ينبغي له أن لا يتزوج إلا باذن منه، إن لهم شرطهم " (5). 3480 - وروى جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام " في مكاتب (6) يموت وقد أدى بعض مكاتبته وله إبن من جاريته وترك مالا، قال: يؤدي إبنه بقية مكاتبته ويعتق ويرث ما بقي " (7).
(1) القاسم بن بريد بن معاوية العجلى ثقة والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان (2) ما لم يخالف الكتاب والسنة، والخبر رواه الكليني ج 6 ص 186 بسند فيه ضعف وارسال. (3) رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن قيس عن أبى جعفر عليه السلام. (4) أي أكثر ما عليها من مال الكتابة. والمراد المطلقة فانه يعتق منه ومن ولده بمقدار ما يؤدى. (5) رواه الكليني ج 6 ص 187 ذيل خبر عن حماد عن الحلبي وفيه " فان له شرطه ". (6) أي مكاتب مطلق. (7) هذا في المكاتب المطلق إذ المشروط يبطل كتابته بالموت رأسا اجماعا وان بقى عليه شئ يسير، وبمضمون هذه الرواية عمل ابن الجنيد وظاهرها عدم قسمة تركته بين المولى والورثة بنسبة الحرية والرقية بل يؤدى بقية مال الكتابة من أصل التركة وكان الباقي للورثة ويعتقون جميعا، والاشهر بين الاصحاب خلاف ذلك فانهم قالوا: ان أدى المطلق =
[ 129 ]
3481 - وسأله سماعة " عن العبد يكاتبه مولاه وهو يعلم أن ليس له قليل ولا كثير، قال: فليكاتبه وإن كان يسأل الناس، ولا يمنعه المكاتبة من أجل أنه ليس له مال (1) فإن الله عزوجل يرزق العباد بعضهم من بعض فالمحسن معان " (2). 3482 - وقال عليه السلام (3) " في رجل ملك مملوكا له (4) فسأل صاحبه المكاتبة أله أن لا يكاتبه إلا على الغلاء؟ قال: نعم " (5). 3483 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام " في المكاتب يكاتب ويشترط عليه مواليه أنه إن عجز فهو مملوك ولهم ما أخذوا منه، قال: يأخذه
= بعض مال الكتابة تحرر منه بحسابه ويحرر من أولاده التابعين له بقدر حريته وميراثه لمولاه ووارثه بالنسبة ويتعلق بقية مال الكتابة بنصيب الورثة التابعين له، وان زاد منه في نصيبهم شئ فلهم، ولو لم يخلف مالا فعليهم أداء الباقي ويعتقون بأدائه، وهل يجبرون على السعي فيه وجهان ويشهد لقول الاصحاب بعض الروايات الصحيحة، وطريق الجمع أن يحمل الاداء في هذه الرواية على الاداء من نصيب الولد لامن أصل التركة وانه يرث ما بقى من نصيبه وهذا وان كان خلاف الظاهر الا أنه متعين لمراعاة الجمع بين الاخبار الصحيحة، وفى التحرير توقف في الحكم والتفصيل يطلب من شرح الشهيد الثاني على الشرايع. (سلطان) (1) لا ينافي ما سبق من الاخبار من اشتراط الخير وهو المال على ما فسر به في الرواية السابقة إذ يجوز كون ذلك شرطا للاستحباب كما مر جوابه أو شرط تأكيده فلا ينافى الجواز وحصول أصل الاستحباب بدونه. (2) أي إذا أحسن المولى بالكتابة يعينه الله بايفاء ماله، أو يلزم الناس اعانته، والخبر مروى في الكافي ج 6 ص 187 بسند موثق عن سماعة. (3) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 324 باسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عمن أخبره عن أبى عبد الله عليه السلام.
(4) زاد هنا في التهذيب " مال " فعليه يدل على تملك العبد ظاهرا، ويمكن حمله على القدرة على تحصيل المال. (5) يدل على جواز المكاتبة بأكثر من ثمنه أو المعتاد المعروف وان كان الاكتفاء بذلك أولى (م ت) وقال سلطان العلماء: لعل ما سبق من تفسير " وآتوهم من مال الله " بأنه لا تزيده فوق ما في نفسه من القيمة كان بطريق الاستحباب فلا منافاة.
[ 130 ]
مواليه بشرطهم " (1). 3484 - وروى معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال " في مملوك كاتب على نفسه وماله (2) وله أمة وقد شرط عليه أن لا يتزوج فأعتق الامة وتزوجها قال: لا يصلح له أن يحدث في ماله إلا الا كلة من الطعام ونكاحه فاسد مردود، قيل: فإن سيده علم بنكاحه ولم يقل شيئا؟ قال: إذا صمت حين يعلم ذلك فقد أقر (3)، قيل: فإن كان المكاتب أعتق أفترى أن يجدد نكاحه، أو يمضي على النكاح الاول؟ قال: يمضي على نكاحه " (4). 3485 - وروى علي بن النعمان، عن أبي الصباح عن أبي عبد الله عليه السلام " في المكاتب يؤدي نصف مكاتبته ويبقى عليه النصف، ثم يدعو مواليه إلى بقية مكاتبته فيقول لهم: خذوا ما بقي ضربة واحدة، قال: يأخذون ما بقي ثم يعتق (5)، وقال: في المكاتب يؤدي بعض مكاتبته، ثم يموت ويترك ابنا ويترك مالا أكثر مما عليه من مكاتبته، قال: يوفي مواليه ما بقي من مكاتبته وما بقي فلولده " (6).
(1) يدل على جواز الشرط في الكتابة بأن يقول: إذا عجزت فأنت رق وما أعطيت فلى. (م ت) (2) بأن يصير حرا بمال الكتابة وبأن يكون مال العبد له بعد أداء مال الكتابة (م ت) (3) المشهور أن عقد العبد والامة لانفسهما فضولي موقوف على الاجازة، وهل يكفى
علم المولى وسكوته في الاجازة؟ المشهور أنه لا يكفى، وقال ابن الجنيد: يكفى وهذا الخبر يؤيده، قال في المسالك: ومما يحجر فيه على المكاتب: تزوجه بغير اذن المولى ذكرا كان أم انثى، فان بادرت بالعقد كان فضولا لانها لم يملك نفسها على وجه تستقل به، وكذا لا يجوز للمكاتب وطى امة يبتاعها الا باذن مولاه لان ذلك تصرف بغير الاكتساب. (4) لعله على تقدير صمت المولى لا مطلقا. (5) لعله محمول على جواز الاخذ مع التراضي حذرا من مخالفة القواعد الشرعية وأوجب ابن الجنيد على المولى قبوله قبل الاجل بشروط. (سلطان) (6) يوافق مضمونه ما سبق من رواية جميل وقد عرفت التفصيل فيه. (سلطان)
[ 131 ]
3486 - وروى إبن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام " في مكاتب يموت وقد أدى بعض مكاتبته وله إبن من جاريته، قال: إن كان إشترط عليه إن عجز فهو مملوك رجع ابنه مملوكا والجارية، وإن لم يكن إشترط عليه أدى إبنه ما بقي من مكاتبته وورث ما بقي ". 3487 - وروى جميل بن دراج، عن مهزم قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المكاتب يموت وله ولد، فقال: إن كان إشترط عليه (1) فولده مماليك وإن لم يكن اشترط عليه سعى ولده في مكاتبة أبيهم وعتقوا إذا أدوا ". 3488 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إن اشترط المملوك المكاتب على مولاه أنه لا ولاء لاحد عليه (2) أو اشترط السيد ولاء المكاتب فأقر المكاتب الذي كوتب فله ولاؤه (3)، قال: وقضى أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في مكاتب اشترط عليه ولاؤه إذا أعتق فنكح وليدة لرجل آخر فولدت له ولدا فحرر ولده (4) ثم توفي المكاتب فورثه ولده فاختلفوا في ولده من يرثه فألحق ولده
(1) أي يكون مكاتبا مشروطا.
(2) مروى في التهذيب ج 2 ص 324 في الصحيح وفيه " أنه لا ولاء لاحد عليه إذا قضى " المال فأقر بذلك الذى كاتبه فانه لا ولاء لاحد عليه ". (3) يحتمل أن المراد أحد غير مولاه أي يكون الولاء لمولاه وحينئذ يستقيم المراد بظاهره لشقي الترديد، ويكون ضمير " له " في الجزاء للمولى وظاهر العبارة هنا أن المراد نفى الولاء مطلقا حتى عن المولى أيضا، ويحتمل على هذا ارجاع ضمير " له " في الجزاء الى المملوك المكاتب أي ولاءه لنفسه وضعه أين يشاء لمولاه ولغيره، وأما تقدير الجزاء للاول كقولنا يصح الشرط فبعيد بحسب العبارة لكن الجزاء مذكور في عبارة التهذيب فهو يؤيد هذا. (سلطان) (4) يحتمل كونه بصيغة المجهول أي فصار ولده حرا من حيث كون أبيه حرا بالمكاتبة وحينئذ يستقيم الحكم بالحاق الولد الى موالى أبيه لانه تابع لابيه، ولو قرئ بصيغة المعلوم ويكون الضمير راجعا الى الرجل مالك الوليدة (وهى الامة) يشكل الحكم بالحاق الولد الى موالى أبيه الا أن يحمل تحريره على الاتيان بصيغة التحرير مع عدم ترتب الثمرة عليها من حيث كونه حرا بسبب عتق أبيه والله أعلم. (سلطان)
[ 132 ]
بموالي أبيه ". 3489 - وقضى علي عليه السلام (1) " في مكاتبة توفيت وقد قضت عامة الذي عليها فولدت ولدا في مكاتبتها فقضى في ولدها أنه يعتق منه مثل الذي عتق منها، ويرق منه مثل الذي رق منها ". 3490 - وروى عمر صاحب الكرابيس (2) عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل كاتب مملوكه واشترط عليه أن ميراثه له، فرفع ذلك إلى علي عليه السلام فأبطل شرطه، وقال: شرط الله قبل شرطك " (3). 3491 - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام " في قول الله عز
وجل: " فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا " قال: الخير أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويكون بيده عمل يكتسب به، أو يكون له حرفة " (4). 3492 - وروي عن القاسم بن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام " أن عليا عليه السلام كان يستسعي المكاتب لانهم لم يكونوا يشترطون إن عجز فهو رق (5)، وقال أبو عبد الله عليه السلام: لهم شروطهم، وقال عليه السلام: ينتظر بالمكاتب (6) ثلاثة أنجم فان هو عجز رد رقيقا ". 3493 - قال: " وسألته عن قول الله عزوجل: " وآتوهم من مال الله الذي
(1) تقدم تحت رقم 3478 مع بيانه. (2) كذا وفى التهذيب ج 2 ص 324 باسناد صحيح عن عمرو صاحب الكرابيس وهو غير معنون في المشيخة. (3) لان ميراثه لوارثه أو لضامن جريرته أو للامام، وقال سلطان العلماء: لعل ذلك محمول على اشتراط ميراثه له وان كان له وارث نسبي أو سببي. (4) لا ينافى ما سبق اذلا دلالة فيما سبق على الحصر في المال. (سلطان) (5) أي لم يكن الشرط في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله والصحابة وكانت الكتابة مطلقة. (سلطان) وفى بعض النسخ " فهو رقيق ". (6) محمول على الاستحباب.
[ 133 ]
آتاكم " قال: سمعت أبي عليه السلام يقول: لا يكاتبه على الذي أراد أن يكاتبه ثم يزيد عليه، ثم يضع عنه ولكنه يضع عنه مما نوى أن يكاتبه عليه ". باب * (ولاء المعتق) * 3494 - روى أسماعيل بن مسلم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال:
" قال النبي صلى الله عليه وآله: الولاء لحمة كلحمة النسب لا تباع ولا توهب " (1). 3495 - وقيل للصادق عليه السلام: " لم قلتم مولى الرجل منه؟ قال: لانه خلق من طينه (2) ثم فرق بينهما فرده السبي إليه، فعطف عليه ما كان فيه منه فأعتقه، فلذلك هو منه ". 3496 - وروي عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يعتق الرجل في كفارة يمين أو ظهار لمن يكون الولاء؟ قال: للذي أعتق) (3).
(1) اللحمة - بضم اللام - القرابة، وقوله صلى الله عليه وآله " كلحمة النسب " أي اشتراك واشتباك كالسدى مع اللحمة في النسج فلا تباع ولا توهب أي أن الولاء بمنزلة القرابة فكما لا يمكن الانفصال منها لا يمكن الانفصال عنه، وقد كانوا في الجاهلية ينقلون الولاء بالبيع فأبطله الشارع، وقال بعض: معنى أنه كلحمه النسب أنه تعالى أخرجه بالحرية الى النسب حكما كما أن الاب أخرجه بالنطفة الى الوجود حسا لان العبد كالمعدوم في حق الاحكام لا يقضى ولا يملك ولا يلى فأخرجه السيد بالحرية من ذل الرق الى عز وجود هذه الاحكام فجعل الولاء له والحق برتبة النسب في منع البيع وغيره. (2) يعنى هما مخلوقان من طينة واحدة، وفى بعض النسخ " من طينته ". (3) المشهور أنه لا ولاء الا في العتق تبرعا أما إذا كان العتق واجبا بكفارة أو نذر أو شبهه فلا ولاء للمعتق. فلا بد من حمل الخبر وقال الشيخ: فالوجه أن نحمله على أنه يكون ولاؤه له إذا توالى العبد إليه بعد العتق لانه لم يتوال العبد إليه كان سائبة - انتهى، ويمكن أن يقرء " أعتق " بصيغة المجهول فالمعنى أن العبد كان ولاؤه لنفسه يتولى من يشاء.
[ 134 ]
3497 - وفي رواية عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه ذكر " أن بريرة كانت عند زوج لها وهي مملوكة فإشترتها عائشة فأعتقتها، فخيرها رسول
الله صلى الله عليه واله إن شاءت تقر عند زوجها، وإن شاءت فارقته، وكان مواليها الذين باعوها قد إشترطوا ولاءها على عائشة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الولاء لمن أعتق (1)، وصدق على بريرة بلحم فأهدته إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فعلقته عائشة وقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لا يأكل الصدقة، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله واللحم معلق، فقال: ما شأن هذا اللحم لم يطبخ؟ قالت: يا رسول الله صدق به على بريرة وأنت لا تأكل الصدقة، فقال صلى الله عليه وآله: هو لها صدقة ولنا هدية، ثم أمر بطبخه فجرت فيها ثلاث من السنن " (2). 3498 - وروى صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى عبدا وله أولاد من امرأة حرة فأعتقه، قال: ولاء أولاده لمن أعتقه " (3).
(1) أي ليس للبايع وان اشترط، ويدل على عدم فساد البيع بفساد الشرط. (2) في بعض النسخ " فجاء فيها ثلاث من السنن " وهذه الجملة من كلام الصادق عليه السلام والسنة الاولى يتخير المعتقة في فسخ نكاحها. والثانية أن الولاء لمن أعتق لا للذى اشترط لنفسه، والثالثة حل الصدقة لبنى هاشم إذا أهداها لهم المتصدق عليه لانها ليست لهم بصدقة. (3) ظاهره أن الام كانت حرة أصلية فعلى المشهور بين الاصحاب بل ظاهرهم الاتفاق عليه أن لا ولاء لاحد على الولد، وظاهر كثير من الاخبار أن الولاء ينجر الى موالى الاب إذا اعتق ولو كانت الام حرة أصلية، ويمكن حمل هذا الخبر على أن الام كانت معتقة فبعد عتق الاب ينجر ولاء الاولاد من موالى الام الى الاب كما هو المشهور، ويمكن ارجاع الضمير الى الولد بناء على صحة اشتراط رقية الولد لكنه بعيد، وقال في المسالك: لو كانت الام حرة أصلية والاب معتق ففى ثبوت الولاء عليه لمعتق الاب من حيث الانتساب الى الاب وهو معتق أو عدم الولاء عليه كما لو كان الاب حرا بناء على أنه يتبع أشرف الابوين وجهان أشهرهما عند الاصحاب الثاني، بل ظاهرهم الاتفاق عليه وعلى هذا فشرط الولاء أن لا يكون في أحد الطرفين حر أصلى.
[ 135 ]
3499 - وروي عن بكر بن محمد أنه قال: " دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ومعي علي بن عبد العزيز فقال لي: من هذا؟ قلت: مولانا، فقال: أعتقتموه أو أباه؟ فقلت: بل أباه، فقال: ليس هذا مولاك هذا أخوك وابن عمك (1)، وإنما المولى الذي جرت عليه النعمة، فإذا جرت على أبيه فهو أخوك وإبن عمك (2). قال: وسأله رجل وأنا حاضر فقال: يكون لي الغلام ويشرب ويدخل في هذه الامور المكروهة فاريد عتقه فاعتقه أحب إليك؟ أم أبيعه وأتصدق بثمنه؟ فقال: إن العتق في بعض الزمان أفضل، وفي بعض الزمان الصدقة أفضل، العتق أفضل إذا كان الناس حسنة حالهم، وإذا كان الناس شديدة حالهم فالصدقة أفضل، وبيع هذا أحب إلي إذا كان بهذه الحال ". 3500 - وروى الحسن بن محبوب، عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل يملك ذا رحمه هل يصلح له أن يبيعه أو يستعبده؟ قال: لا يصلح له بيعه ولا يتخذه عبدا وهو مولاه وأخوه في الدين، وأيهما مات ورثه صاحبه إلا أن يكون له وارث أقرب إليه منه ". 3501 - وروى حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " المعتق هو المولى
(1) أي بمنزلة أخيك وابن عمك لا ينبغى ان تسميه المولى بل انما ينبغى اطلاق اسم المولى على من وقعت له نعمة العتق لا أنه ليس لك بالنسبة إليه ولاء لو لم يكن له وارث يرثه (مراد) وقال الشيخ انما نفى في الخبر أن يكون الولد مولى وهذا صحيح لان المولى في اللغة هو المعتق نفسه ولا يطلق ذلك على ولده وليس إذا انتفى أن يكون مولى ينتفى الولاء أيضا لان أحد الامرين منفصل من الاخر - انتهى، فعليه لا ينافي الاخبار التى جاءت بان ولاء الولد لمن أعتق الاب. (2) الى هنا رواه الكليني ج 6 ص 199 والباقى ص 194 في الصحيح عن بكر بن محمد.
(3) لعل المراد بالرحم أحد العمودين فيكون النهى بطريق التحريم، ويحتمل التعميم فالنهى للتنزيه. (سلطان) (4) قال الفاضل التفرشى: ينبغى حمل قوله عليه السلام " لا يصلح " على الكراهة وأنه يستحب له اعتاقه ليتحقق التوارث بينهما.
[ 136 ]
والولد ينتمي إلى من يشاء ". 3502 - وروى الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن السائبة قال: هو الرجل يعتق غلامه ثم يقول له: إذهب حيث شئت ليس لي من ميراثك شئ ولا علي من جريرتك شئ، ويشهد على ذلك شاهدين ". 3503 - وروي عن شعيب (2)، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه سئل عن المملوك يعتق سائبة، قال: يتولى من شاء وعلى من يتولى جريرته وله ميراثه، قال: قلت: فإن سكت حتى يموت ولم يتول أحدا؟ قال: يجعل ماله في بيت مال المسلمين ". 3504 - وروى ابن محبوب، عن عمار بن أبي الاحوص (3) قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن السائبة، قال: أنظر في القرآن فما كان فيه تحرير رقبة فذلك يا عمار السائبة التي لا ولاء لاحد من المسلمين عليه إلا الله عزوجل، فما كان ولاؤه لله عزوجل فهو لرسوله، وما كان لرسوله صلى الله عليه وآله فأن ولاءه للامام وجنايته على الامام وميراثه له ". 3505 - وروى ياسين، عن حريز، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن مملوك أراد أن يشتري نفسه فدس إنسانا (4) هل للمدسوس أن يشتريه
(1) قال في الدروس: ويتبرى المعتق من ضمان الجريرة عند العتق لا بعده على قول قوى
ولا يشترط الاشهاد في التبرى نعم هو شرط في ثبوته وعليه صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السلام قال: " من أعتق رجلا سائبة فليس عليه من جريرته شئ وليس له من ميراثه شئ وليشهد على ذلك " في الامر بالاشهاد، وظاهر ابن الجنيد والصدوق والشيخ انه شرط في الصحة. (2) يعنى العقرقوفى كما صرح به في الكافي ج 7 ص 171 في الحسن كالصحيح. (3) في الكافي ج 7 ص 171 " عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن عمار بن أبى الاحوص ". (4) أي أعطى مالا لرجل وقال اشترني من سيدى بهذا المال، ويدل على تملك العبد ويحمل على الضريبة أو أرش الجناية، وقيل مبنى على أن العبد يملك ما ملكه المولى وهو قول ثالث.
[ 137 ]
كله من مال العبد ولا يخبر السيد أنه إنما يشتريه من مال العبد؟ قال: لا ينبغي وإن أراد أن يستحل ذلك فيما بينه وبين الله عزوجل حتى يكون ولاؤه له فليزد هو ما يشأ (1) بعد أن يكون زيادة من ماله في ثمن العبد يستحل به الولاء فيكون ولاء العبد له ". 3506 - وروى الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن بريد العجلي قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل كان عليه عتق رقبة فمات من قبل أن يعتق رقبة، فانطلق ابنه فابتاع رجلا من كسبه فأعتقه عن أبيه، وإن المعتق أصاب بعد ذلك مالا ثم مات وتركه لمن يكون ميراثه؟ قال: فقال: إن كانت الرقبة التي كانت على أبيه في نذر أو شكر أو كانت واجبة عليه (2) فإن المعتق سائبة لا سبيل لاحد عليه، قال: فإن كان تولى قبل أن يموت إلى أحد من المسلمين فضمن جنايته و جريرته (3) كان مولاه ووارثه إن لم يكن له قريب [ من المسلمين ] يرثه، وإن لم يكن توالى إلى أحد حتى مات فإن ميراثه للامام إمام المسلمين إن لم يكن له قريب يرثه من المسلمين، قال: وإن كانت الرقبة التي على أبيه تطوعا وقد كان
أبوه أمره أن يعتق عنه نسمة، فإن ولاء المعتق هو ميراث لجميع ولد (4) الميت، قال: ويكون الذي اشتراه فأعتقه بأمر أبيه كواحد من الورثة إذا لم يكن للمعتق قرابة من المسلمين أحرار يرثونه، قال: وإن كان ابنه الذي اشترى الرقبة فأعتقها
(1) قيل: لعل المراد بالزيادة جميع الثمن لانه زائد على مال العبد والا أشكل الحال ويمكن أن يقال: مع اخبار السيد بأنه يشتريه من مال العبد وزيادة من ماله يجوز. (2) في الكافي ج 7 ص 171 " في ظهار أو شكر أو واجبة عليه " وهكذا في الاستبصار والتهذيب والمراد بالشكر النذر ولعل ما في المتن تصحيف وقع من النساخ. (3) في بعض النسخ " وحدته ". (4) في الكافي والتهذيبين " لجميع ولد الميت من الرجال " وحينئذ ينطبق على القول المشهور.
[ 138 ]
عن أبيه من ماله بعد موت أبيه تطوعا منه من غير أن يكون أبوه أمره بذلك فإن ولاءه وميراثه للذي اشتراه من ماله فأعتقه عن أبيه إذا لم يكن للمعتق وارث من قرابته " (1). باب * (أمهات الاولاد) * 3507 - روى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " سألته عن أم الولد، قال: أمة تباع وتورث وتوهب، وحدها حد الامة " (2). 3508 - وروى الحسن بن محبوب، عن وهب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل زوج أم ولدله عبدا له ثم مات السيد قال: لا خيار لها على العبد هي مملوكة للورثة " (3).
3509 - وفي رواية محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن البزنطي، عن عبد الله بن سنان قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يموت وله أم ولد وله منها ولد أيصلح للرجل أن يتزوجها؟ فقال: اخبرت أن عليا عليه السلام
(1) استدل العلامة - رحمه الله - في المختلف بهذا الحديث على أن من أعتق عبد نفسه عن غيره باذنه تطوعا كان ولاؤه للغير الاذن لا للمعتق، وهو اختيار الشيخ أيضا خلافا لابن ادريس حيث جعل الولاء للمعتق، دون الاذن. (سلطان) (2) قوله عليه السلام " أمة " أي ليس محض الاستيلاد سببا لعدم جواز البيع بل تباع في بعض الصور كما لو مات ولدها أو في ثمن رقبتها وغير ذلك من المستثنيات، وهو رد على العامة حيث منعوا من بيعها مطلقا، وأما كونها موروثة فيصح مع وجود الولد أيضا فانها تجعل في نصيب ولدها ثم تعتق، وقوله عليه السلام " حدها حد الامة " يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المعنى حكمها في سائر الامور حكم الامة، تأكيدا لما سبق، وثانيهما أنها إذا فعلت ما يوجب الحد فحكمها فيه حكم الامة. (3) يمكن حملها على من لم يبق لها ولد بعد سيدها. (مراد) (4) أي لرجل، وليس اللام للعهد.
[ 139 ]
أوصى في امهات الاولاد اللاتي كان يطوف عليهن من كان منهن (1) لها ولد فهي من نصيب ولدها، ومن لم يكن لها ولد فهي حرة، وإنما جعل من كان منهن لها ولد من نصيب ولدها لكيلا تنكح إلا بإذن أهلها " (2). 3510 - وروى سليمان بن داود المنقري، عن عبد العزيز بن محمد قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام - أو سمعته يقول -: لا تجبر الحرة على رضاع الولد، وتجبر أم الولد ". 3511 - وروى ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن بعضهم عليهم السلام (3) قال:
" كان علي عليه السلام إذا مات الرجل وله امرأة مملوكة اشتراها من ماله فأعتقها ثم ورثها " (4). 3512 - وروى عمر بن يزيد عن أبي إبراهيم عليه السلام (5) قال: قلت له " أسألك، قال: سل، قلت: لم باع أمير المؤمنين عليه السلام امهات الاولاد؟ فقال: في فكاك رقابهن، قلت: وكيف ذاك؟ قال: أيما رجل اشترى جارية فأولدها ثم لم يؤد ثمنها ولم يدع من المال ما يؤدى عنه اخذ ولدها منها وبيعت وادي ثمنها، قلت: فتباع فيما
(1) قوله " يطوف عليهن " كناية عن الوطى، وفى بعض النسخ هنا وما يأتي " فمن كان فيهن ". (2) لما جعلت المرأة حرة من نصيب الولد يكون الولد كالمعتق لها ومولى لها فلا ينبغى أن تنكح الا باذن ولدها فالنهى في قوله " لكيلا تنكح " نهى تنزيه لا نهى تحريم. (3) رواه الشيخ في التهذيب والاستبصار ج 4 ص 178 باسناد ذكره عن سليمان بن خالد عن أبى عبد الله عليه السلام. (4) قال الشيخ: الوجه في هذا الخبر أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يفعل على طريق التطوع لانا قد بينا أن الزوجة إذا كانت حرة ولم يكن هناك وارث لم يكن لها أكثر من الربع والباقى يكون للامام وإذا كان المستحق للمال أمير المؤمنين عليه السلام جاز أن يشترى الزوجة ويعتقها ويعطيها بقية المال تبرعا وندبا دون أن يكون فعل ذلك واجبا لازما. (5) رواه الكليني مع اختلاف في بعض الالفاظ بسند صحيح عن عمر بن يزيد قال: قلت لابي عبد الله أو قال لابي ابراهيم - الخ. (6) في بعض النسخ " احد ولدها ثمنها منه بيعت ".
[ 140 ]
سوى ذلك من الدين؟ قال: لا ". 3513 - وروى عاصم، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قال أمير -
المؤمنين عليه السلام: أيما رجل ترك سرية لها ولد أو في بطنها ولد أو لا ولد لها، فإن كان أعتقها ربها عتقت، وإن لم يعتقها حتى توفي فقد سبق فيها كتاب الله عزوجل وكتاب الله أحق (1)، قال: وإن كان لها ولد وترك مالا تجعل في نصيب ولدها ويمسكها أولياء ولدها حتى يكبر الولد فيكون هو الذي (2) يعتقها إن شاء ويكونون هم يرثون ولدها مادامت أمة، فإن أعتقها ولدها عتقت، وإن توفي عنها ولدها ولم يعتقها فإن شاؤوا أرقوا وإن شاؤوا أعتقوا، وقضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل ترك جارية وقد ولدت منه ابنة وهي صغيرة غير أنها تبين الكلام فأعتقت امها فتخاصم فيها موالي أب الجارية فأجاز عتقها لامها ". 3514 - وروى الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن الوليد بن هشام قال: " قدمت من مصر ومعي رقيق فمررت بالعاشر (4) فسألني فقلت: هم أحرار كلهم فقدمت المدينة، فدخلت على أبي الحسن عليه السلام فأخبرته بقولي للعاشر، فقال: ليس عليك شئ (5)، فقلت: إن فيهم جارية قد وقعت عليها وبها حمل، قال: لا أليس ولدها بالذي يعتقها إذا هلك سيدها صارت من نصيب ولدها " (6).
(1) لان كتاب الله نزل بالميراث فهى تصير مملوكة للابن بالميراث ثم تعتق، وأما أن جميعها يجعل في نصيبه فقد ظهر من السنة. (المرآة) (2) في الاستبصار ج 4 ص 13 " فيكون المولود هو الذى - الخ " وكذا في التهذيب. (3) يمكن أن يكون الاجازة لانها قد صارت حرة بمجرد الملك بدون اعتاقها لا للعتق لانه لا اعتداد بفعلها. (المرآة) (4) العاشر هو الذى يأخذ العشور من الرقيق وغيره من الاموال. (5) أي ليس عليك من تحرير الرقيق شئ. (6) قوله " لا " أي ليس عليك شئ من تحريرها فلا يتحرر بذلك بل انها يتحرر باعتاق ولدها اياها، وظاهر هذا الحديث أن أم الولد لا تعتق ولدها اياها، ويمكن حمل
الاعتاق على أن الولد يصير سببا لعتقها فيكون اسناد الاعتاق الى الولد مجازا. (مراد)
[ 141 ]
(باب الحرية) 3515 - روى الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: " كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: إن الناس كلهم أحرار إلا من أقر علي نفسه بالرق وهو مدرك، من عبد أو أمة، ومن شهد عليه شاهدان بالرق صغيرا كان أو كبيرا ". 3516 - وروي عن العباس بن عامر، عن أبان، عن محمد بن الفضل الهاشمي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " رجل أقر أنه عبد، قال: يأخذه بما قال أو يرد المال " (1). 3517 - وروي السكوني عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا عمي العبد فلا رق عليه، والعبد إذا أجذم فلا رق عليه " (2).
(1) أي إذا اشتراه أحد باقراره بالعبودية ثم ظهر كذبه فعليه أن يرد على المشترى الثمن بل بما أعزم لانه ضيع حقه (م ت) وقال سلطان العلماء: قوله " يأخذه " لعل المراد أنه يأخذ المشترى العبد بما قال أي بما أقر على نفسه بالعبودية أو " يرد المال " بصيغة المجهول أي الثمن من البايع الى المشترى لو لم يقر بالعبودية، ولعل هذا إذا لم يكن ثابت العبودية بأن يباع في الاسواق فان ظاهر اليد والتصرف يقتضى الملك بل وجده في يده وادعى رقيته ولم يعلم شراءه ولا بيعه فانه حينئذ لو لم يقر بالعبودية بل أنكرها لم يقبل دعوى البايع الا بالبينة عملا بأصالة الحرية، وان سكت أو كان صغيرا فاستقرب في التذكرة أصالة الحرية وفى التحرير ظاهر اليد واختاره الشهيد (ره)، واحتمال كون " يرد " بصيغة المعلوم وارجاع ضمير الفاعل الى العبد أي يرد العبد ثمنه الى المشترى على تقدير ثبوت حريته لانه موجب لتلفه يأباه لفظة " أو " بل المناسب حينئذ الواو.
(2) يدل على الاتعتاق بالعمى والجذام كما هو المشهور بين الاصحاب، وألحق ابن حمزة بالجذام البرص، وألحق الاكثر الاقعاد ومستندهم غير معلوم ويظهر من المحقق التوقف فيه. (المرآة)
[ 142 ]
3518 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا عمي العبد فقد عتق " (1). 3519 - وروى هشام بن سالم، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قضى أمير المؤمنين عليه السلام فيمن نكل بمملوكه أنه حر لا سبيل له عليه سائبة يذهب فيتولى إلى من أحب فإذا ضمن حدثه فهو يرثه " (2). 3520 - وروي " في امرأة قطعت ثدي وليدتها أنها حرة لا سبيل لمولاتها عليها " (3). 3521 - وروى طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام " في رجل أعتق بعض مملوكه، قال: هو حر كله ليس لله عزوجل شريك " (4). 3522 - وروى السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام " في رجل أعتق أمة وهي حبلى فاستثنى ما في بطنها (5)، قال: الامة حرة وما في بطنها حر لان ما في بطنها منها " (6). 3523 - وروي عن سيف بن عميرة قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام أيجوز
(1) رواه الكليني ج 6 ص 189 في الحسن كالصحيح عن ابن أبى عمير، عن حماد بن عثمان عنه عليه السلام. (2) في الكافي " فإذا ضمن جريرته فهو يرثه " وعليه الاصحاب. (المرآة) (3) هذا الخبر مروى في الكافي ج 7 ص 303 في صدر الخبر المتقدم هكذا " قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة قطعت - الخ " ويدل على ان التنكيل موجب للعتق من غير ولاء كما هو المشهور.
(4) قال في الدروس: من أعتق شقصا من عبده عتق جميعه لقوله عليه السلام " ليس لله شريك " الا ان يكون مريضا ولا يخرج من الثلث. (المرآة) (5) أي فاستثنى حال العقد فيكون محمولا على الاستحباب، أو بعده بزمان لا يتصل به. (6) أي بمنزلة جزئها فيسرى العتق إليه، قال في المسالك: المشهور بين الاصحاب أن عتق الحامل لا يسرى الى الحمل وبالعكس لان الرواية في الاشقاص، وذهب الشيخ في النهاية وجماعة الى تبعية الحمل لها في العتق وان استثناه استنادا الى رواية السكوني عن الصادق عن الباقر عليهما السلام وضعف الرواية وموافقتها للعامة يمنع من العمل بمضمونها، هذا، وقال بعض الاعلام: يحتمل كون الاصل فيه " فما استثنى " فصحف.
[ 143 ]
للمسلم أن يعتق مملوكا مشركا؟ قال: لا " (1). 3524 - وروى أبوالبختري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام قال: " لا يجوز في العتاق (2) الاعمى والاعور والمقعد، ويجوز الاشل والا عرج ". 3525 - وروي عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: " سألته عن رجل عليه عتق رقبة فأراد أن يعتق نسمة أيهما أفضل أن يعتق شيخا كبيرا أو شابا أجرد؟ قال: أعتق من أغنى نفسه (3)، الشيخ الكبير أفضل من الشاب الاجرد " (4). 3526 - وروي عن أحمد بن هلال قال: " كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام (5) كان
(1) عمل بها أكثر الاصحاب بل حكموا بعدم الجواز في الكافر غير المشرك أيضا و قال الشيخ في المبسوط والخلاف بصحة عتقه مطلقا وفصل في النهاية والاستبصار بصحته مع النذر وبطلانه مع التبرع جمعا بين الاخبار (سلطان) أقول: روى الكليني في الكافي ج 6 ص 182 بسند صحيح عن الحسن بن صالح الزيدى عن أبى عبد الله عليه السلام قال: " ان عليا عليه السلام أعتق عبدا له نصرانيا فأسلم حين أعتقه " وقال في المسالك القول باشتراط اسلام المملوك
المعتق للاكثر والقول بصحته مع النذر وبطلانه مع التبرع للشيخ في النهاية والاستبصار جمعا بحمل فعل على عليه السلام على أن كان قد نذر عتقه لئلا ينافى النهى عن عتقه مطلقا وهو جمع بعيد لا اشعار به في الخبر. (2) أي الواجب في الكفارة وشبهها. وقال سلطان العلماء " والاعور " لعله مأخوذ من العوار بمعنى العيب ويكون محمولا على الجذام والبرص لا من العور بمعنى ذهاب احدى العينين إذ يجوز عتقه في الكفارة اجماعا الا أن يكون ناشيا من مولاه - انتهى. والمراد بالاشل من يبست يداه، وبالاعرج من اعتل رجلاه. (3) أي عن الخدمة فيكون كالتعليل لما بعده، ويحتمل أن يكون المراد أن العمدة في ذلك أن يكون له كسب أو صنعة لا يحتاج في معيشته الى السؤال ولو اشتركا في ذلك فالشيخ أفضل. (المرآة) (4) رواه الكليني ج 6 ص 196 بسند صحيح. (5) المراد أبو الحسن على بن محمد الهادى عليهما السلام وأما أحمد بن هلال العبر تائى ففيه كلام، راجع جامع الرواة
[ 144 ]
علي عتق رقبة فهرب لي مملوك لست أعلم أين هو أيجزيني عتقه؟ فكتب عليه السلام نعم ". 3527 - وروي عن أبي هاشم الجعفري قال، " سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل له مملوك قد أبق منه يجوزأن يعتقه في كفارة الظهار؟ قال: لا بأس به ما لم يعرف منه موتا " (1). باب * (ما جاء في ولد الزنا واللقيط) * 3528 - روى سعيد بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا بأس بأن يعتق
ولد الزنا " (2). 3529 - وروى عنبسة بن مصعب (3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: " جارية لي زنت أبيع ولدها؟ قال: نعم، قلت: أحج بثمنه؟ قال: نعم " (4).
(1) رواه الكليني ج 6 ص 200 بسند حسن كالصحيح وزاد في آخره " قال أبو هاشم: " وكان سألتى نصر بن عامر القمى أن أسأله عن ذلك، وقال العلامة المجلسي: ظاهر الخبر عدم الاكتفاء باستصحاب الحياة. (2) رواه الكليني في الصحيح والمشهور جواز عتق ولد الزنا ومنع منه السيد المرتضى وابن ادريس بناء على كفره ولم يثبت بل هو ممنوع. (3) طريق المصنف إليه غير مذكور وهو واقفى ناووسى ولم يوثق، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 312 في الصحيح عن الحسين بن سعيد، عن على بن النعمان، عن ابن مسكان، عن اسحاق بن عمار عنه. (4) روى الكليني ج 5 ص 226 في القوى عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام قال: قلت له: " تكون لى المملوكة من الزنا أحج من ثمنها وأتزوج؟ فقال: لا تحج ولا تتزوج منه " ونقلها الشيخ في التهذيب وقال: محمول على ضرب من الكراهة لانا قد بينا جواز بيع ولد الزنا والحج من ثمنه والصدقة منه.
[ 145 ]
3530 - وروى حماد، عن الحلبي قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن ولد الزنا أيشترى أو يباع أو يستخدم؟ قال: نعم إلا جارية لقيطة فإنها لا تشتري " (1). 3531 - وروى حماد بن عيسى، عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " المنبوذ حر إن شاء جعل ولاءه للذين ربوه وإن شاء لغيرهم ". 3532 - وفى رواية المثنى (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إن طلب الذي رباه بنفقته وكان موسرا رد عليه، وإن لم يكن موسرا كان ما أنفق صدقة " (3).
3533 - وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: " في لقيطة وجدت، فقال: حرة لا تشترى ولا تباع، وإن كان ولد مملوك لك من الزنا فأمسك أو بع إن أحببت، هو مملوك لك ". (باب الاباق) 3534 - قال أبو جعفر عليه السلام: " العبد الابق لا تقبل له صلاة حتى يرجع إلى مولاه ". 3535 - وقال الصادق عليه السلام: " المملوك إذا هرب ولم يخرج من مصره لم
(1) اللقيط: المولود الذى تنبذه أمه في الطريق، وحمل على لقيط دار الاسلام أو لقيط دار الكفر إذا كان فيها مسلم يمكن الحاقه به. (2) رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبى نجران، عن المثنى في ذيل حديث. (3) المشهور أنه ينفق عليه من ماله ان كان له مال باذن الحاكم ان أمكن والا فمن بيت المال وان تعذر ولم يوجد متبرع وأنفق الملتقط من ماله يرجع عليه بعد البلوغ ان كان له مال مع نية الرجوع والا فلا، وذهب ابن ادريس الى عدم الرجوع مطلقا. (4) الظاهر أنه الخبر الذى رواه الكليني ج 6 ص 199 مسندا عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: " ثلاثة لا يقبل الله عزوجل لهم صلاة: أحدهم العبد الابق حتى يرجع الى مولاه ".
[ 146 ]
يكن آبقا ". 3536 - وروى زيد الشحام (2) عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه سئل عن رجل يتخوف إباق مملوكه أو يكون المملوك قد أبق أيقيده أو يجعل في عنقه راية (3) قال: إنما هو بمنزلة بعير يخاف شراده (4)، فإذا خفت ذلك فاستوثق منه وأشبعه
واكسه، قلت: وكم شبعه؟ قال: أما نحن نرزق عيالنا مدين تمرا ". 3537 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " سألته عن جارية مدبرة أبقت من سيدها سنين ثم أنها جاءت بعد ما مات سيدها بأولاد ومتاع كثير وشهد لها شاهدان أن سيدها كان قد دبرها في حياته من قبل أن تأبق، قال: أرى أن جميع ما معها للورثة (5)، قلت: ولا تعتق من ثلث سيدها؟ قال: لا إنها أبقت عاصية لله ولسيدها، فأبطل الا باق التدبير " (6). 3538 - وروى إسماعيل بن مسلم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام " أن عليا عليه السلام اختصم إليه في رجل أخذ عبدا آبقا وكان معه ثم هرب منه، قال: يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما سلبه ثيابه ولا شيئا مما كان عليه، ولا باعه، ولا داهن في، إرساله، فإذا حلف برء من الضمان ". 3539 - وروى غياث بن إبراهيم الدارمي عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام
(1) رواه الكليني ج 6 ص 200 بسند مرفوع عن أبي عبد الله عليه السلام، ويمكن حمله على ما إذا كان في بيوت أقاربه وأصدقائه بحيث لا يسمى آبقا عرفا، والا فهو مخالف للمشهور ولما ورد في جعل من رد الابق من المصر. ويظهر الفائدة في ابطال التدبير وفى فسخ المشترى وفى الجعل لرد الابق وغيرها كما في المرآة. (2) مروى في الكافي ج 6 ص 200 عن القمى، عن أبيه، عن ابن أبى نصر عن أبى جميلة عن زيد، وأبو جميلة هو المفضل بن صالح الضعيف ولكن لا يضر. (3) الراية بالمثناة: القلادة أو التى توضع في عتق الغلام الابق. (4) شرد البعير: نفر. (5) كذا وفى الكافي والتهذيبين " أنها وجميع ما معها للورثة ". (6) أجمع اصحاب على أنه إذا أبق المدبر بطل تدبيره وكان من يولد بعد الاباق رقا. (7) محمول على ما إذا ادعى المالك عليه تلك الامور. (المرآة
[ 147 ]
" أن عليا عليه السلام قال في جعل الابق: إن المسلم يرد على المسلم " (1). 3540 - وقال عليه السلام (2) " في رجل أخذ آبقا ففرمنه قال: ليس عليه شئ ". 3541 - وروى الحسن بن محبوب، عن الحسن بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن رجل أصاب دابة (3) قد سرقت من جار له فأخذها ليأتيه بها فنفقت قال: ليس عليه شئ " (4). 3542 - وروى علي بن رئاب، عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إن العبد إذا أبق من مواليه ثم سرق لم يقطع وهو آبق لانه بمنزلة المرتد عن الاسلام ولكن يدعى إلى الرجوع إلى مواليه والدخول في الاسلام فإن أبى أن يرجع إلى مواليه قطعت يده بالسرقة ثم قتل، والمرتد إذا سرق بمنزلة " (5).
(1) مروى في الكافي بسند موثق وقال العلامة المجلسي " الملسم يرد على المسلم " أي يلزم أن يرد المسلم الابق على المسلم ولا يأخذ منه جعلا، أو ينبغى أن يرد الجعل على المسلم لو أخذه منه أو لا يأخذه لو أعطاه، ويحتمل بعيدا أن يكون المعنى أن المسلم المالك يرد أن يعطى الجعل. وعلى التقادير الاولة فهو محمول على الاستحباب إذا قرر جعلا وعلى الوجوب مع عدمه إذا لم نقل بوجوب الدينار والاربعة دنانير، ويمكن أن يكون المراد أنه إذا أخذ جعلا ولم يرد العبد يجب عليه رد الجعل - انتهى، أقول: قال الفاضل التفرشى وسلطان العلماء نحوا مما مر في بيان الخبر، ولكن بنظري القاصر أن المراد أن العبد الابق إذا كان مسلما ومولاه أيضا مسلما يجوز أخذ الجعل والرد، وأما إذا كان المولى كافرا والابق مسلما فلا يجوز الرد ولا أخذ الاجر " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ". (2) يعنى الصادق عليه السلام ظاهرا فان الخبر رواه الكليني ج 6 ص 200 في الصحيح عن الحسن بن صالح هكذا قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل أصاب عبدا آبقا فأخذه وأفلت منه العبد، قال: ليس عليه شئ " وحمل على عدم التفريط فان المشهور أنه
لو أبق العبد اللقيط أوضاع من غير تفريط لم يضمن ولو كان بتفريط ضمن. (3) كذا في النسخ والظاهر أنه تصحيف لعدم مناسبته بالباب وفى الكافي " أصاب جارية ". (4) نفقت الدابة تنفق نفوقا أي ماتت، وهذا الخبر في الكافي تتمة للخبر السابق. (5) قال العلامة المجلسي - رحمه الله -: لم أر أحدا من الاصحاب قال بظاهر الخبر غير الكليني والصدوق حيث أورداه في كتابيهما، ويمكن أن يحمل على ما إذا ارتد بعد الاباق.
[ 148 ]
3543 - وروى إبن أبي عمير، عن أبي حبيب، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " سألته عن رجل اشترى من رجل عبدا وكان عنده عبدان، فقال للمشتري: إذهب بهما فأختر أحدهما ورد الاخر، وقد قبض المال، فذهب بهما المشتري فأبق أحدهما من عنده، قال: ليرد الذي عنده، منهما ويقبض نصف ثمن ما أعطى من البائع ويذهب في طلب الغلام فإن وجده أختار أيهما شاء ورد الاخر وإن لم يجده كان العبد بينهما نصفه للبائع ونصفه للمبتاع " (1). 3544 - وروي عن أبي جميلة، عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " اكتب للابق في ورقة أو في قرطاس: " بسم الله الرحمن الرحيم يد فلان مغلولة إلى عنقه إذا أخرجها لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور، ثم لفها ثم أجعلها بين عودين ثم ألقها في كوة بيت مظلم في الموضع الذي كان يأوي فيه " (2). 3545 - وروي عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ادع بهذا
(1) قال المحقق: إذا اشترى عبدا في الذمة ودفع البائع إليه عبدين وقال: اختر أحدهما فأبق واحد، قيل: يكون التالف بينهما ويرجع بنصف الثمن، فان وجده اختاره والا كان الموجود لهما، وهو بناء على انحصار حقه فيهما - الخ، وقال في المسالك: هذا الحكم ذكره الشيخ وتبعه عليه بعض الاصحاب ومستنده ما رواه محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام وفى طريقها ضعف يمنع من العمل، مع ما فيها من المخالفة للاصول الشرعية من انحصار الحق
الكلى دون تعيينه في فردين وثبوت المبيع في نصف الموجود المقتضى للشركة مع عدم الموجب لها ثم الرجوع الى التخيير لو وجد الابق، ونزلها الاصحاب على تساويهما قيمة ومطابقتهما للمبيع الكلى وصفا وانحصار حقه فيهما حيث دفعهما إليه وعينهما للتخيير كما لو حصر الحق في واحد، وعدم ضمان الابق اما بناء على عدم ضمان المقبوض بالسوم أو تنزيل هذا التخيير منزلة الخيار الذى لا يضمن التالف في رقبة، ويشكل الحكم بانحصار الحق فيهما على هذه التقادير أيضا لان البيع أمر كلى لا يتشخص الا بتشخيص البايع ودفعه الاثنين لتخيير أحدهما ليس تشخيصا وان حصر الامر فيهما لاصالة بقاء الحق في الذمة الى أن يثبت المزيل ولم يثبت شرعا كون ذلك كافيا كما لو حصر في عشرة فصاعدا. (2) الكوة ثقب البيت وإذا لم يكن البيت الذى يأوى إليه مظلما فليجعل مظلما. (م ت)
[ 149 ]
الدعاء للابق وأكتبه في ورقة (1) " اللهم السماء لك والارض لك وما بينهما لك، فاجعل ما بينهما أضيق على فلان من جلد جمل حتى ترده علي وتظفرني به " وليكن حول الكتاب آية الكرسي مكتوبة مدورة (2) ثم أدفنه وضع فوقه شيئا ثقيلا في الموضع الذي كان يأوي فيه بالليل ". (باب الارتداد) 3546 - روى هشام بن سالم، عن عمار الساباطي قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل مسلم بين مسلمين (3) ارتد عن الاسلام وجحد محمدا صلى الله عليه وآله نبوته و كذبه فإن دمه مباح لكل من سمع ذلك منه، وامرأته بائنة منه فلا تقربه (4)، و يقسم ماله على ورثته، وتعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها، وعلى الامام أن يقتله إن أتي به ولا يستتيبه ". 3547 - وروى السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام " أن المرتد عن الاسلام تعزل عنه امرأته، ولا تؤكل ذبيحته، ويستتاب ثلاثا (6) فإن رجع
وإلا قتل يوم الرابع إذا كان صحيح العقل (7).
(1) ظاهره أن القراءة والكتابة كليهما لازمان ويحتمل أن يكون العطف تفسيريا. (2) أي يكون على شكل الدائرة. (3) في بعض النسخ " كل مسلم ابن مسلمين " والظاهر لا يشمل من كان أحد أبويه كافرا وفى بعض النسخ " كل مسلم ابن مسلم " وهذا لا يشمل من كانت امه مسلمة فقط. (4) أن لا تمكنه من نفسها. (5) ظاهره اختصاص الحكم بمن كان أبواه مسلمين فلا يشمل من كان أحد أبويه مسلما، والمشهور بل المتفق عليه الاكتفاء فيه بكون أحدهما مسلما ولعله ورد على سبيل المثال، وقال في الدروس: قاتل المرتد الامام أو نائبه ولو بادر غيره الى قتله فلا ضمان فانه مباح الدم ولكنه يأثم ويعزر قاله الشيخ، وقاله الفاضل يحل قتله لكل من سمعه وهو بعيد. (المرآة) (6) كذا وفى الكافي " ثلاثة أيام " رواه عن مسمع عن أبى عبد الله عليه السلام. (7) قال الشيخ في المبسوط بعدم التحديد بل قال يستتاب القدر الذى يمكن معه الرجوع والمحقق استحسن التحديد بثلاثة أيام فقتل في الرابع عملا بالرواية المذكورة. (سلطان)
[ 150 ]
قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: يعني بذلك المرتد الذي ليس بابن مسلمين. 3548 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في المرتدة عن الاسلام قال: " لا تقتل وتستخدم خدمة شديدة وتمنع عن الطعام والشراب إلا ما تمسك به نفسها، وتلبس أخشن الثياب، وتضرب على الصلوات " (1). 3549 - وفي رواية غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام " أن عليا عليه السلام قال: إذا ارتدت المرأة عن الاسلام لم تقتل ولكن تحبس أبدا ". 3550 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إن عليا عليه السلام لما فرغ من أهل البصرة أتاه
سبعون رجلا من الزط (2) فسلموا عليه وكلموه بلسانهم (3)، ثم قال لهم: إني لست كما قلتم إنا عبد الله مخلوق، قال: فأبوا عليه وقالوا - لعنهم الله -: لا بل أنت أنت هو، فقال لهم: لئن لم ترجعوا عما قلتم ولم تتوبوا (4) إلى الله عزوجل لاقتلنكم، قال: فأبوا عليه أن يتوبوا ويرجعوا (5) قال: فأمر عليه السلام أن تحفر لهم آبار فحفرت، ثم خرق بعضها إلى بعض، ثم قذف بهم فيها، ثم جن رؤوسها، ثم ألهب في بئر منها نارا وليس فيها أحد منهم فدخل فيها الدخان عليهم فماتوا ". قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: إن الغلاة - لعنهم الله - يقولون: لو
(1) كل ذلك على تقدير امتناعها من التوبة فلو تابت قبل منها وان كان ارتدادها عن فطرة عند الاصحاب، ويشعر عبارة التحرير بالخلاف في القبول في الفطرية، وعلى هذا يمكن ابقاء الروايات على ظواهرها من استمرار هذه الامور دائما حملا على الفطرة وما يدل على التوبة ففى الملية (سلطان) وقال الفاضل التفرشى: أي يضرب في وقت كل صلاة لتتوب وتصلى، ويمكن أن يراد بالحبس في الخبر الاتى هذا المعنى أي منعها من الطعام والشراب والاستراحة. (2) الزط - بضم الزاى وتشديد الطاء -: جنس من السودان والهنود. (3) رواه الكليني ج 7 ص 259 بسند ضعيف مرسل وزاد هنا " فرد عليهم بلسانهم ". (4) في بعض النسخ " ثم تتوبوا - الخ " وفى الكافي " قلتم في وتتوبوا ". (5) في بعض النسخ " أن يقبلوا ويرجعوا ".
[ 151 ]
لم يكن علي ربا لما عذبهم بالنار (1)، فيقال لهم: لو كان ربا لما احتاج إلى حفر الابار وخرق بعضها إلى بعض وتغطية رؤوسها ولكان يحدث نارا في أجسادهم فتلهب بهم فتحرقهم، ولكنه لما كان عبدا مخلوقا حفر الابار وفعل ما فعل حتى أقام حكم الله فيهم وقتلهم ولو كان من يعذب بالنار ويقيم الحد بها ربا لكان من عذب
بغير النار ليس برب، وقد وجدنا الله تعالى عذب قوما بالغرق، وآخرين بالريح وآخرين بالطوفان، وآخرين بالجراد والقمل والضفادع والدم، وآخرين بحجارة من سجيل، وإنما عذبهم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام على قولهم بربوبيته بالنار دون غيرها لعلة فيها حكمة بالغة وهي أن الله تعالى ذكره حرم النار على أهل توحيده، فقال علي عليه السلام: لو كنت ربكم ما أحرقتكم وقد قلتم بربوبيتي، ولكنكم استوجبتم مني بظلمكم ضد ما استوجبه الموحدون من ربهم عزوجل، وأنا قسيم ناره بإذنه، فإن شئت عجلتها لكم، وإن شئت أخرتها فمأواكم النار هي مولاكم - أي هي أولى بكم - وبئس المصير، ولست لكم بمولى، وإنما أقامهم أمير المؤمنين عليه السلام في قولهم بربوبيته مقام من عبد من دون الله عز وجل صنما. 3551 - وذلك أن رجلين بالكوفة من المسلمين (2)، " أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام فشهد أنه رآهما يصليان لصنم فقال علي عليه السلام: ويحك لعله بعض من يشتبه عليك أمره، فأرسل رجلا فنظر إليهما وهما يصليان لصنم فاتي بهما، قال فقال لهما:
(1) المعروف أن الغلاة تمسكوا بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا يعذب بالنار الا رب النار " وهذا الخبر على فرض صدوره حكم لا خبر واحراقه عليه السلام اياهم كان بامر الله تعالى وقد جاء أخبار في حد اللواط تدل على جواز احتراق الواطى بالنار ولا خلاف فيه. (2) مروى في التهذيب ج 2 ص 484 مسندا عن الفضيل بن يسار عن أبى عبد الله عليه السلام هكذا " ان رجلين من المسلمين كانا بالكوفة فأتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام - الخ ".
[ 152 ]
ارجعا فأبيا، فخد لهما في الارض أخدودا وأجج فيه نارا فطرحهما فيه " (1) روى ذلك موسى بن بكر، عن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام.
3552 - وكتب غلام لامير المؤمنين عليه السلام (2) إليه " أني قد أصبت قوما من المسلمين زنادقة [ وقوما من النصارى زنادقة ] فقال: أما من كان من المسلمين ولد على الفطرة ثم ارتد فاضرب عنقه، ولا تستتبه، ومن لم يولد منهم على الفطرة فاستتبه فإن تاب وإلا فاضرب عنقه، وأما النصارى فماهم عليه أعظم من الزندقة " (3). 3553 - وفي رواية موسى بن بكر، عن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام " أن رجلا من المسلمين تنصر فاتي به علي عليه السلام فاستتابه فأبى عليه، فقبض على شعره وقال: طئوا عباد الله (4) [ عليه ]. فوطئ حتى مات ". 3554 - وروى فضالة، عن أبان أن أبا عبد الله عليه السلام قال " في الصبي إذا شب فاختار النصرانية وأحد أبويه نصراني أو جميعا مسلمين قال: لا يترك ولكن يضرب على الاسلام " (5). 3555 - وروى ابن فضال، عن أبان (6) أن أبا عبد الله عليه السلام قال " في الرجل يموت مرتدا عن الاسلام وله أولاد ومال، قال: ماله لولده المسلمين " (7). 3556 - وقال علي عليه السلام: " إذا أسلم الاب جرالولد إلى الاسلام، فمن
(1) الاخدود: الحفرة المستطيلة، جمعه أخاديد، والاجيج: تلهب النار. (2) مروى في التهذيب ج 2 ص 484 عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى رفعه قال: " كتب عامل أمير المؤمنين عليه السلام - الخ ". (3) أي فلا تقتلهم بالزندقة، ولعل المراد بالزندقه هنا عدم الاعتقاد بالاخرة فالقول بالتثليث أعظم منها. (4) أمر من وطئ برجله وطأ. (5) ظاهره عدم قتل الفطري ابتداء، ويمكن حمله على المراهق للبلوغ. (6) في الكافي ج 7 ص 152 عن القمى، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن أبان بن عثمان عمن ذكره عن أبى عبد الله عليه السلام.
(7) قال في الدروس: المرتد يرثه المسلم ولو فقد فالامام ولا يرثه الكافر على الاقرب.
[ 153 ]
أدرك من ولده دعي إلى الاسلام فإن أبى قتل، وإن أسلم الولد لم يجر أبويه ولم يكن بينهما ميراث ". (1) باب * (نوادر العتق) * 3557 - روى سعد بن سعد عن حريز (2) قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قال لمملوكه: أنت حر ولي مالك، قال: يبدأ بالمال قبل العتق يقول: لي مالك و أنت حر برضى من المملوك " (3). 3558 - و " سأله الحسن الصيقل عن رجل قال: أول مملوك أملكه فهو حر فأصاب ستة، فقال: إنما كانت نيته على واحد فليختر أيهم شاء فليعتقه " (4). 3559 - وروى إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار قال: " كتبت إليه (5) أسأله عن المملوك يحضره الموت فيعتقه مولاه في تلك الساعة فيخرج من الدنيا حرا هل للمولى في عتقه ذلك أجر؟ أو يتركه مملوكا فيكون له أجر إذا مات وهو مملوك له أفضل؟ فكتب عليه السلام: يترك العبد مملوكا في حال موته فهو آجر لمولاه (6) وهذا العتق في تلك الساعة (7) لم يكن نافعا له ".
(1) أي من الطرفين فلا ينافى وراثة المسلم من الاخر. (2) في الكافي " عن أبى جرير ". (3) فيه اشعار بان العبد يملك. (مراد). (4) عمل به ابن الجنيد واختاره الشهيد في شرح الارشاد، وقيل بالقرعة وهو اختيار الشيخ في النهاية، وربما قيل ببطلان النذر لافادة الصيغة وحدة المعتق ولم توجد وربما احتمل عتق الجميع لوجود الاولية في كل واحد وهو اختيار العلامة في المختلف. (سلطان) (5) يعنى الهادى عليه السلام.
(6) رواه الكليني ج 6 ص 195 مع اختلاف في اللفظ بسند صحيح وقوله " فهو آجر " لان العتق الذى ليس للقربة لا يثاب عليه ولا يمكن قصد القربة مع الجزم أو الظن الغالب بموته وأما الاجر فهو لكل مضرة دنيوية وهو حاصل. (م ت) (7) في بعض النسخ " وهذا عتق في تلك الساعة ".
[ 154 ]
3560 - وروى محمد بن عيسى العبيدي، عن الفضل بن المبارك أنه كتب إلى أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام " في رجل له مملوك فمرض أيعتقه في مرضه أعظم لاجره أو يتركه مملوكا؟ فقال: إن كان في مرض فالعتق أفضل له لانه يعتق الله عزوجل بكل عضو منه عضوا من النار، وإن كان في حال حضور الموت فيتركه مملوكا أفضل له من عتقه ". 3561 - وروى محمد بن عيسى العبيدي، عن الفضل بن المبارك البصري، عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: " جعلت فداك الرجل يجب عليه عتق رقبة مؤمنة فلا يجدها كيف يصنع؟ فقال: عليكم بالاطفال فأعتقوهم فإن خرجت مؤمنة فذاك، وإن لم تخرج مؤمنة فليس عليكم شئ " (1). 3562 - وروى معاوية بن ميسرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يبيع عبده بنقصان من ثمنه ليعتق، فقال له العبد فيما بينهما: لك علي كذا وكذا، أله أن يأخذه منه (2)؟ قال: يأخذه منه عفوا ويسأله إياه في عفو فإن أبى فليدعه " (3). 3563 - وروى السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام " في مكاتبة يطأها مولاها فتحبل، قال: يرد عليها مهر مثلها وتسعى في قيمتها، فإن عجزت فهي من امهات الاولاد " (4).
(1) السؤال مبنى على توهم عدم شمول رقبة مؤمنة للاطفال فمراده عدم وجدان البالغ فقال عليه السلام يكفى الاطفال. (سلطان)
(2) أي يجوز أن يأخذ البائع من العبد المال. (3) العفو ما فضل عن النفقة والمراد به هنا السهولة والرفق فانه غير لازم عليه. (4) لعله محمول على صورة اكراه المولى لها أو وطى الشبهة فيلزم عليه لها المهر لانه من جملة مكاسبها، ومكاسبا لهافى حال المكاتبة، وفى غير صورة الاكراه والشبهة لا مهر لها لانها زانية، وكذلك تحد فانه لا يجوز وطيها لا بالملك ولا بالعقد (سلطان) وقال الشهيد في المسالك: من التصرف الممنوع منه وطى المكاتبة بالعقد والملك لعدم صيرورتها حرة تصلح للعقد وخروجها بعقد المكاتبة عن محض الرق المسوغ للوطى، فان وطئها عالما بالتحريم عزر، وان لم يتحرر منها شئ، وحد بنسبة الحرية ان تبعضت، ولو طاوعته هي حدت =
[ 155 ]
3564 - ودخل ابن أبي سعيد المكاري (1) على الرضا عليه السلام فقال له: " أبلغ الله من قدرك أن تدعي ما يدعي أبوك؟! فقال له: مالك أطفأ الله نورك وأدخل الفقر بيتك، أما علمت أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكرا فوهب له مريم ووهب لمريم عيسى، فعيسى من مريم ومريم من عيسى، وعيسى ومريم شئ واحد، وأنا من أبي وأبي مني وأنا وأبي شئ واحد (2)، فقال له ابن أبي سعيد: فأسألك عن مسألة؟ فقال: لا أخا لك تقبل مني، ولست من غنمي (3) ولكن هلمها، فقال: رجل قال عند موته كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه الله تعالى، فقال: نعم إن الله عزوجل يقول: " حتى عاد كالعرجون القديم " فما كان من مماليكه أتى له ستة أشهر فهو قديم حر، قال: فخرج وافتقر حتى مات ولم يكن له مبيت ليلة - لعنه الله - ". 3565 - وروى الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي الورد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: " سألته عن مملوك نصراني لرجل مسلم عليه جزية؟ قال: نعم إنما هو مالكه يفتديه (4) إذا اخذ يؤدي عنه ".
= حد المملوك ان لم تتبعض والا فبالنسبة، وان أكرهها اختص بالحكم ولها مهر المثل،
وفى تكرره بتكرره أوجه ثالثها اشتراطه بتخلل أدائه إليها بين الوطيين ورابعها تعدده مع العلم بتعدد الوطى، ومع الشبهة المتسمرة مهرا واحدا. (1) هو الحسين بن هاشم بن حيان المكارى، كان هو وأبوه من وجوه الواقفة وكان الحسين ثقة في حديثه كما في (جش) (2) الظاهر أن الواقفة كانوا متمسكين بقول الصادق عليه السلام: " يخرج منى من ينور الله به العباد والبلاد ويظهر الحق " فقالوا يجب أن يكون ذلك موسى بن جعفر عليهما السلام ولم يحصل منه في أيامه فيجب أن يكون باقيا الى أو ان ظهوره وهو المهدى، فأجابه عليه السلام بأن الذى قاله جدى هو في وفى ولدى القائم كما أوحى الله - الخ. (م ت) (3) أي لا أظنك تقبل منى والحال أنك لا تكون من شيعتي ورعبتي. (4) أي هي فداء الغلام النصراني فلا يضر أخذه من المسلم والمشهور عدمه، ويمكن حمله على التقية (م ت) وفى المسالك: قيل بسقوط الجزية عن المملوك مطلقا، وروى أنها تؤخذ منه. وفى بعض النسخ " هو ماله يفتديه ".
[ 156 ]
(كتاب المعيشة) باب * (المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات) * 3566 - روى الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة " قال: رضوان الله والجنة في الاخرة، والسعة في الرزق والمعايش وحسن الخلق في الدنيا ". 3567 - وروى ذريح بن يزيد المحاربي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " نعم العون الدنيا على الاخرة ". 3568 - وقال عليه السلام: " ليس منا من ترك دنياه لاخرته ولا آخرته لدنياه " (1).
3569 - وروي عن العالم عليه السلام أنه قال: " اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لاخرتك كأنك تموت غدا " (2). 3570 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " نعم العون على تقوى الله الغنى " (3). 3571 - وروى عمر بن أذينة عن الصادق عليه السلام أنه قال: " إن الله تبارك وتعالى ليحب الاغتراب (4) في طلب الرزق ".
(1) معنى ترك الدنيا للاخرة هو ترك الاتيان بما يجب من تحصيل الرزق، وترك التزويج الذى هو من السنة، والرهبانية وأمثال ذلك كما فعله عاصم بن زياد أخو العلاء بن زياد ونهاه أمير المؤمنين عليه السلام وزجره وقد حكى الله تعالى لنبيه قوم موسى حيث قالوا لقارون " وابتغ فيما آتاك الله الدار الاخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا ". (2) لعل المصنف - رحمه الله - حمل هذا الحديث على العمل في الدنيا أي اجتهد في تحصيل الدنيا وزراعتها وعمارتها كاجتهاد من يعيش فيها أبدا، وربما يحمل الحديث على ترك العمل للدنيا فان من يعيش أبدا لا يلزم عليه التعجيل في السعي ويمكنه التسويف والتأخير لوسعة وقته فيكون المراد أنه أخر عمل دنياك كشخص له وقت وسيع للعمل. (سلطان) (3) يحتمل غنى النفس فانه معين على التقوى. (4) الغرب - بالضم -: النزوح عن الوطن كالغربة والاغتراب والتغرب. (القاموس)
[ 157 ]
3572 - وقال عليه السلام: " أشخص يشخص لك الرزق " (1). 3573 - وروى علي بن عبد العزيز عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إني لاحب أن أرى الرجل متحرفا (2) في طلب الرزق، إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اللهم بارك لا متي في بكورها " (3). 3574 - وقال صلى الله عليه وآله: " إذا أراد أحدكم الحاجة فليبكر إليها فإني سألت ربي عزوجل أن يبارك لا متي في بكورها ".
3575 - وقال عليه السلام: " إذا أراد أحدكم الحاجة فليبكر إليها وليسرع المشي إليها ". 3576 - وروى حماد اللحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا تكسلوا في طلب معايشكم فإن آباءنا كانوا يركضون فيها ويطلبونها " (4). 3577 - و " أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله رجلا في حاجة فكان يمشي في الشمس، فقال له: إمش في الظل فإن الظل مبارك " (5). 3578 - وقال الصادق عليه السلام: " من ذهب في حاجة على غير وضوء فلم تقض حاجته فلا يلومن إلا نفسه " (6).
(1) شخص من بلد الى بلد: ذهب، وقال المولى المجلسي: ينبغى أن يحمل على ما إذا تعسر الرزق في البلد لما سيجيئ من أن السعادة أن يكون متجر المرء في بلده، و يمكن أن يكون المراد الخروج من الدار أو الاعم. (2) كذا في جل النسخ، والتحرف: الميل، ويمكن أن يكون الاصل " محترفا " فصحف بتقديم التاء على الحاء ولكن لا يلائم لفظة " في " الا بتكلف، وفى بعض النسخ " متبكرا " والتبكر التقدم في العمل، والمراد القيام بكرة في طلب الرزق. (3) أي في ذهابهم بكرة في طلب الرزق. (4) الكسل: التثاقل عن الامر، والركض تحريك الرجل، والمراد السرعة في المشى. (5) قيل المشى في الظل كناية عن التبكر ظاهرا. (6) يدل على كراهة الذهاب في طلب الحاجة بدون الوضوء.
[ 158 ]
3579 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " إني أجدني أمقت الرجل (1) يتعذر عليه المكاسب فيستلقي على قفاه ويقول: اللهم أرزقني ويدع أن ينتشر في الارض ويلتمس من فضل الله، والذرة تخرج من جحرها تلتمس رزقها " (2).
3580 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " إن الله تبارك وتعالى يحب المحترف الامين ". 3581 - وروي عن محمد بن عذافر، عن أبيه قال: دفع إلي أبو عبد الله عليه السلام سبعمائة دينار وقال: يا عذافر اصرفها في شئ ما، وقال: ما أفعل هذا على شره مني (3) ولكني أحببت أن يراني الله تبارك وتعالى متعرضا لفوائده، قال عذافر: فربحت فيها مائة دينار فقلت له في الطواف: جعلت فداك قد رزق الله عزوجل فيها مائة دينار، قال: أثبتها في رأس مالي ". 3582 - وروى إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله قد علمت ابني هذا الكتاب ففي أي شئ أسلمه؟ فقال: أسلمه - لله أبوك - ولا تسلمه في خمس لا تسلمه سياء ولا صائغا ولا قصابا ولا حناطا ولا نخاسا، فقال: يا رسول الله وما السياء (4)؟ قال: الذي يبيع الاكفان ويتمنى موت أمتي، وللمولود من أمتي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، وأما الصائغ، فإنه يعالج غبن امتي (5)، وأما القصاب فإنه يذبح
(1) المقت في الاصل أشد البغض. (2) الذرة: النملة الصغيرة، والحجر - بتقديم المعجمة المضمومة على الحاء المهملة الساكنة -: حفرة الهوام والسباع كالبيت للانسان. (3) الشره - محركة -: الحرص الغالب. (4) رواه المصنف في معاني الاخبار ص 150 في الضعيف وكذا الشيخ في التهذيب، والسياء بالياء المثناة المشددة قال ابن الاثير في النهاية في الحديث " لا تسلم ابنك سياء " جاء تفسيره في الحديث أنه الذى يبيع الاكفان ويتمنى موت الناس. ولعله من السوء والمساءة أو من السيئ بالفتح. (5) " غبن " بالمعجمة لعل المراد أنه يزاول ما يحتمل الغرر ويقبل القلب فكأنه بصدد =
[ 159 ]
حتى تذهب الرحمة من قلبه، وأما الحناط: فإنه يحتكر الطعام على أمتي، و لان يلقى الله العبد سارقا أحب إلي من أن يلقاه قد احتكر طعاما أربعين يوما، و أما النخاس: فانه أتاني جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد إن شر امتك الذين يبيعون الناس " (1). 3583 - وروي عن سدير الصير في قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: " حديث بلغني عن الحسن البصري فإن كان حقا فإنا لله وإنا إليه راجعون، قال: وما هو؟ قلت: بلغني أن الحسن كان يقول: لو غلى دماغه من حر الشمس ما إستظل بحائط صيرفي، ولو تفرثت كبده (2) عطشا لم يستسق من دار صيرفي ماء، وهو عملي و تجارتي، وعليه نبت لحمي ودمي، ومنه حجتي وعمرتي، قال: فجلس عليه السلام ثم قال: كذب الحسن خذ سواء وأعط سواء، فإذا حضرت الصلاة فدع ما بيدك وأنهض إلى الصلاة، أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة " يعني صيارفة الكلام ولم يعن صيارفة الدراهم.
= غبنهم، وفى بعض النسخ " عين أمتى " بالعين المهملة والياء المثناة من تحت ولعله بمعنى النقد المضروب، وفى بعضها " غنى امتى " ولا يخفى بعدهما. (1) النخاس بياع الدواب والرقيق، والحناط بايع الحنطة، والمشهور كراهة هذه الصنايع الخمسة وحملوا الاخبار المعاوضة على نفى الحرمة. (2) أي تشققت وانتثرت والكبد مؤنث لفظا. (3) الخبر في الكافي والتهذيب الى هنا والبقية كلام المؤلف أخذه من خبر آخر رواه عن ما جيلويه عن محمد بن يحيى العطار معنعنا عن عبد الله بن يحيى الكاهلى عن أبى عبد الله عليه السلام في حديث طويل، والذى حمله على نقل هذا التأويل في المقام تواتر أن أصحاب الكهف كانوا من أبناء الملوك وأشراف الروم ولم يكونوا تجارا. وقال المولى المجلسي
في بيان قول الامام عليه السلام: " ان أصحاب الكهف كانوا صيارفة " أي عنى عليه السلام أنهم كانوا صيارفة الكلام فكأنه قال لسدير: مالك ولقول الحسن البصري أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام ونقدة الاقاويل فانتقدوا ما قرع أسماعهم فأخذوا الحق ورفضوا الباطل ولم يسمعوا أمانى أهل الضلال وأكاذيب رهط السفاهة فانت أيضا كن صيرفيا لما قرع سمعك من الاقاويل، ناقدا منتقدا، فخذ الحق واترك الباطل.
[ 160 ]
3584 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ويل لتجار أمتي من لا والله وبلى والله، وويل لصناع أمتي من اليوم وغد " (1). 3585 - وروى عمرو بن شمر، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: " احتجم رسول الله صلى الله عليه وآله، حجمه مولى لبني بياضة وأعطاه ولو كان حراما ما أعطاه، فلما فرغ قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أين الدم؟ قال: شربته يا رسول الله، فقال: ما كان ينبغي لك أن تفعله، وقد جعله الله لك حجابا من النار " (2). 3586 - وروي عن علي بن جعفر (3) عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: " سألته عن النثار من السكر واللوز وأشباهه أيحل أكله؟ فقال: يكره كل مال ينتهب " (4). 3587 - وروى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: " لما أنزل الله تبارك وتعالى: " إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه " قيل: يارسول الله ما الميسر؟ قال: كل ما تقوم به حتى الكعاب والجوز،
(1) أي ويل لتجار أمتى من الحلف ولصناعهم من الوعد الكاذب والتعويق والمماطلة، واعلم أنا لم نعن بتخريج أسانيد هذه الاخبار لقلة الجدوى لان جلها في السنن والاداب ولا تحتاج الى صحة السند. (2) ينبغى أن يحمل على كونه قبل نزول قوله تعالى " حرمت عليكم الميتة والدم - "
ويمكن أن يقال: انه كان معذورا لجهالته بالحكم، وقيل: " من " في قوله صلى الله عليه وآله " من النار " بيانية وهو بعيد. (3) هو ثقة والطريق إليه صحيح ومروى في الكافي ج 5 ص 123 أيضا في الصحيح. (4) كذا في جميع النسخ وفى الكافي " مكروه أكل ما انتهب " وهو الصواب وقال العلامة المجلسي - رحمه الله -: المشهور بين الاصحاب أنه يجوز النثر، وقيل: يكره، ويجوز الاكل منه بشاهد الحال، ولا يجوز أخذه من غير أن يؤكل في محله الا باذن أربابه صريحا أو بشاهد الحال - انتهى، أقول: فصل بعض الاصحاب بأنه لو كان قرينة على اباحة المالك فهو مكروه وان لم يكن فهو حرام وبه يجمع بين الاخبار، وقد روى " أن النبي صلى الله عليه وآله حضر في أملاك فأتى بأطباق عليها جوز ولوز وتمر فنثرت فقبضنا أيدينا فقال: مالكم لا تأخذون؟ قالوا: لانك نهيت عن النهب، قال: انما نهيتكم عن نهب العساكر، خذوا على اسم الله تعالى فجاذبنا ".
[ 161 ]
قيل: فما الانصاب؟ قال: ما ذبحوا لالهتهم (1)، قيل: فما الازلام؟ قال: قداحهم التي يستقسمون بها " (2). 3588 - وروى السكوني عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام " أنه كان ينهى عن الجوز الذي يجئ به الصبيان من القمار أن يؤكل، وقال: هو سحت ". 3589 - وروى أيوب بن الحر، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: " لا بأس بأجر النائحة التي تنوح على الميت، وأجر المغنية التي تزف العرائس ليس به بأس (3)، وليست بالتي يدخل عليها الرجال " (4). 3590 - وروى أبان بن عثمان (5) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " أربع لا تجوز
(1) المشهور في تفسيرها أنها الاصنام التى نصبت للعبادة وفسرها عليه السلام هنا موافقا لما ورد في الاية الاخرى في هذه السورة في تفصيل ما حرمت فقال أيضا " وما
ذبح على النصب وأن تستقموا بالازلام، والنصب واحد الانصاب وهى أحجار كانت منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويعدون ذلك قربة، وقيل: هي الاصنام و " على " بمعنى اللام. (2) الاستقسام بالازلام اما المراد به طلب ما قسم لهم بالازلام أي بالقداح وذلك أنهم كانوا إذا قصدوا فعلا مبهما ضربوا ثلاثة أقداح مكتوب على أحدها " أمرنى ربى " وعلى الاخر " نهانى ربى " والثالث غفل أي بلا علامة، فان خرج الامر فعلوا، وان خرج النهى اجتنبوا وتركوا وان خرج الغفل أجالوها ثانيا فمعنى الاستفسام طلب معرفة ما قسم لهم دون ما لم يقسم أو المراد استقسام الجزور بالقداح وكان قمارا معروفا عندهم. (3) زف يزف - بضم العين - العروس الى زوجها: أهداها إليه. (4) الطريق صحيح ورواه الكليني أيضا في الصحيح. وقال الشهيد في الدروس: يحرم الغناء وتعلمه وتعليمه واستماعه والتكسب به الا غناء العرس إذا لم تدخل الرجال على المرأة ولم تنكلم بالباطل ولم تلعب بالملاهى، وكرهه القاضى وحرمه ابن ادريس والفاضل في التذكرة، والاباحة أصح طريقا وأخص دلالة (المرآة) وقوله " وليست - الخ " جملة حالية تفيد اشتراط عدم البأس بهذا الشرط. (5) الطريق إليه صحيح وهو مقبول الرواية فاسد المذهب وكان ناووسيا.
[ 162 ]
في أربعة، الخيانة والغلول (1) والسرقة والربا لايجزن في حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صدقة ". 3591 - وقال عليه السلام: " لا بأس بكسب الماشطة إذا لم تشارط وقبلت ما تعطى ولا تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها، فأما شعر المعز فلا بأس بأن يوصل بشعر المرأة ولا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقا " (2). 3592 - وروي " أنها تستحله بضرب إحدى يديها على الاخرى " (3). 3593 - وروي عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه قال: " رأيت
أبا الحسن عليه السلام يعمل في أرض له وقد استنقعت قدماه في العرق، فقلت له: جعلت فداك أين الرجال؟ فقال: يا علي عمل باليد من هو خير مني ومن أبي أرضه، فقلت له: من هو؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين وآبائي عليهم السلام كلهم قد عملوا بأيديهم وهو من عمل النبيين والمرسلين والصالحين ". 3594 - وروى شريف بن سابق التفليسي، عن الفضل بن أبي قرة السمندي الكوفي، عن أبي عبد الله عليه السلام، أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: " أوحى الله عزوجل إلى داود عليه السلام أنك نعم العبد لولا أنك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئا، قال: فبكى داود عليه السلام، فأوحى الله عزوجل إلى الحديد أن لن لعبدي داود، فلان
(1) الغلول: الخيانة في المغنم خاصة. ولعل التخصيص بالاربع لبيان أنه يصير سببا لحبط أجرها فانه لا يجوز التصرف فيه بوجه. (المرآة) (2) لم أجده مسندا وفى معناه أخبار وقوله " ولا تصل شعر المرأة بشعرا مرأة غيرها " لعله لعدم جواز الصلاة معه أو للتدليس إذا أرادت التزويج كما في المرأة، وقوله " إذا قالت صدقا " محمول على ما إذا لم يسمعها الاجانب. (3) رواه الكليني ج 5 ص 118 بسند مجهول عن أبى عبد الله عليه السلام، وقال العلامة المجلسي - رحمه الله -: لعل المراد أنها (يعنى النائحة) تعمل أعمالا شاقة فيها تستحق الاجرة أو هو اشارة الى أنه لا ينبغى أن تأخذ الاجر على النياحة بل على ما يضم إليها من الاعمال، وقيل: هو كناية عن عدم اشتراط الاجرة، ولا يخفى ما فيه.
[ 163 ]
فألان الله تعالى له الحديد (1) فكان يعمل كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم فعمل عليه السلام ثلاثمائة وستين درعا فباعها بثلاثمائة وستين الفا واستغنى عن بيت المال. 3595 - وروي عن الفضل بن أبي قرة قال: " دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام و هو يعمل في حائط له، فقلنا: جعلنا الله فداك دعنا نعمل لك أو تعمله الغلمان،
قال: لا، دعوني فإني أشتهي أن يراني الله عزوجل أعمل بيدي وأطلب الحلال في أذى نفسي ". 3596 - و " كان أمير المؤمنين عليه السلام يخرج في المهاجرة (2) في الحاجة قد كفيها يريد أن يراه الله تعالى يتعب نفسه في طلب الحلال ". ولا بأس بكسب المعلم إذا كان إنما يأخذ على تعليم الشعر والرسائل والحقوق وأشباهها وإن شارط، فأما على تعليم القرآن فلا (3). 3597 - وروي عن الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: " إن هؤلاء يقولون: إن كسب المعلم سحت، فقال: كذب أعداء الله إنما أرادوا أن لا يعلموا أولادهم القرآن، لو أن رجلا أعطى المعلم دية ولده كان للمعلم مباحا ".
(1) كما في قوله تعالى " وألناله الحديد " قيل أن ذوب الحديد انما كشف قبل ميلاد المسيح عليه السلام بألف عام وكان ذلك يطابق عصر داود عليه السلام وكذلك ذوب النحاس وقد قال الله تعالى " وأسلنا له عين القطر " والقطر النحاس أي أذبناها له فسالت له كالعين الجارية. (2) الهاجرة: نصف النهار في القيظ أو من عند الزوال الى العصر لان الناس يستكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا، وأيضا شدة الحر. (3) قال في الدروس لو أخذ الاجرة على الواجب من الفقه والقرآن جاز على كراهة ويتأكد مع الشرط ولا يحرم، ولو أستأجره لقراءة ما يهدى الى ميت أو حى لا يحرم وان كان تركه أولى، ولو دفع إليه بغير شرط فلا كراهة، والرواية التى تمتع الاجرة على تعليم القرآن تحمل على الواجب أو على الكراهة - انتهى. أقول: روى الكليني ج 5 ص 121 مسندا عن حسان المعلم قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التعليم فقال: لا تأخذ على التعليم أجرا قلت: الشعر والرسائل وما أشبه ذلك أشارط عليه؟ قال: نعم بعد أن يكون الصبيان عندك سواء في التعليم، لا تفضل بعضهم على بعض ".
[ 164 ]
3598 - وقال علي بن الحسين عليهما السلام: " إن من سعادة المرء أن يكون متجره في بلاده، ويكون خلطاؤه صالحين، ويكون له أولاد يستعين بهم ". 3599 - وروي عن عبد الحميد بن عواض الطائي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " إني اتخذت رحي فيها مجلسي ويجلس إلي فيها أصحابي، قال: ذاك رفق الله عزوجل " (1). 3600 - وقال الصادق عليه السلام للوليد بن صبيح (2): " يا وليد لا تشتر لي من محارف شيئا فإن خلطته لا بركة فيها " (3). 3601 - وقال عليه السلام: " لا تخالطوا ولا تعاملوا إلا من نشأ في الخير " (4). 3602 - وقال عليه السلام: " أحذروا معاملة أصحاب العاهات، فإنهم أظلم شئ " (5). 3603 - وقال عليه السلام لابي الربيع الشامي: " لا تخالط الاكراد، فإن الاكراد حي من الجن كشف الله عزوجل عنهم الغطاء " (6). 3604 - وقال عليه السلام: " لا تستعن بمجوسي، ولو على أخذ قوائم شاتك و أنت تريد أن تذبحها ". 3605 - وقال عليه السلام: " إياكم ومخالطة السفلة فإنه لا يؤول إلى خير ".
(1) أي لطف الله تعالى بل حيث يسر لك تحصيل الدنيا والاخرة. (2) رواه الكليني ج 5 ص 157 بسند صحيح. (3) قال الجزرى في النهاية: المحارف - بفتح الراء - هو المحروم المحدود الذى إذا طلب لا يرزق، وقد حورف كسب فلان إذا شدد عليه في معاشه. وهو خلاف المبارك. (4) مروى في الكافي ج 5 ص 158 بسند موثق والمراد بالخير المال. (5) مروى في الكافي مرفوعا. والعاهات جمع العاهة وهى الافة ولعل ذلك لسراية المرض.
(6) مروى في الكافي بسند فيه ارسال وقال العلامة المجلسي: يدل على كراهة معاملة الاكراد، وربما يأول كونهم من الجن بأنهم لسوء أخلاقهم وكثرة حيلهم أشباه الجن فكأنهم منهم كشف عنهم الغطاء.
[ 165 ]
قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله - جاءت الاخبار في معنى السفلة على وجوه، فمنها: أن السفلة هو الذي لا يبالي ما قال ولا ما قيل له، ومنها: أن السفلة من يضرب بالطنبور، ومنها: أن السفلة من لم يسره الاحسان ولا تسوؤه الاساءة، و السفلة: من أدعى الامامة (1) وليس لها بأهل، وهذه كلها أوصاف السفلة من اجتمع فيه بعضها أو جميعها وجب اجتناب مخالطته. 3606 - وروي عن الفضيل بن يسار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " إني قد تركت التجارة، فقال: لا تفعل افتح بابك وابسط بساطك، واسترزق الله ربك " (2). 3607 - وقال سدير الصيرفي (3) قلت لابي عبد الله عليه السلام: " أي شئ على الرجل في طلب الرزق؟ فقال: يا سدير إذا فتحت بابك وبسطت بساطك فقد قضيت ما عليك ". 3608 - وقال عليه السلام (4): " إن الله تبارك وتعالى جعل أرزاق المؤمنين من حيث لا يحتسبون، وذلك أن العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه ". 3609 - وقال علي عليه السلام: " كن لما لاتر جوأرجى منك لما ترجو، فإن موسى ابن عمران عليه السلام خرج يقتبس لاهله نارا فكلمه الله عزوجل ورجع نبيا، و خرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان عليه السلام، وخرجت سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين " (5). 3610 - وقال رجل لابي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " عدني قال: كيف
(1) في بعض النسخ " ادعى الامانة ". (2) يدل على كراهة ترك العمل وعدم التعرض للكسب. (3 رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 79 مسندا عن الحسين الصحاف عنه. (4) مروى في الكافي ج 5 ص 84 مسندا عن على بن السرى عن أبى عبد الله عليه السلام. (5) مروى في الكافي ج 4 ص 83 عن أبى عبد الله، عن أبيه، عن جده عليهم السلام.
[ 166 ]
أعدك؟! وأنا لما لا أرجو أرجى مني لما أرجو " (1). 3611 - وروى [ عن ] جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ما سد الله عزوجل على مؤمن باب رزق إلا فتح الله له ما هو خير منه ". 3612 - وروى السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال علي عليه السلام: " من أتاه الله عزوجل برزق لم يخط إليه برجله، ولم يمد إليه يده، ولم يتكلم فيه بلسانه، ولم يشد إليه ثيابه (2)، ولم يتعرض له، كان ممن ذكره الله عزوجل في كتابه: " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ". 3613 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " المعونة تنزل من السماء على قدر المؤونة ". 3614 - وقال الصادق عليه السلام: " غنى يحجزك عن الظلم خير من فقر يحملك على الاثم ". 3615 - وقال عليه السلام: " لا خير فيمن لا يحب جمع المال من حلال فيكف به وجهه، ويقضي به دينه، ويصل به رحمه ". 3616 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من المروءة استصلاح المال " (3). 3617 - وقال الصادق عليه السلام: " إصلاح المال من الايمان ". 3618 - وقال الصادق عليه السلام: " لا يصلح المرء المسلم إلا بثلاث: التفقة في الدين، والتقدير في المعيشة، والصبر على النائبة " (4).
3619 - قال: " وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن النفس إذا أحرزت قوتها
(1) أي فربما حصل شئ قبل الموعد، فلا وجه للوعدة (سلطان) وفى بعض النسخ " أرجى منه لما أرجو ". (2) لعله كناية عن التشمير أو عن السفر لطلبه أي لم يشد إليه رحاله. (3) أي من الانسانية استصلاح المال بأن لا يفسده ولا يضيعه فان المال نعمة من الله. التفقه في الدين هو تحصيل البصيرة في المعارف الدينية والمسائل والاحكام، و تقدير المعيشة: تعديلها بحيث لا يميل الى طرفي الاسراف والتقتير، والمراد بالنائبة المصيبات الواردة، وفى بعض النسخ " والصبر على البلايا ".
[ 167 ]
استقرت ". 3620 - وسأل معمر بن خلاد أبا الحسن الرضا عليه السلام " عن حبس الطعام سنة فقال: أنا أفعله " - يعني بذلك إحراز القوت -. 3621 - وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما من نفقة أحب إلى الله عزوجل من نفقة قصد، ويبغض الاسراف إلا في الحج والعمرة، فرحم الله مؤمنا كسب طيبا، وأنفق من قصد، أو قدم فضلا " (1). 3622 - وقال العالم عليه السلام: " ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر ". 3623 - وقال علي بن الحسين عليهما السلام: " إن الرجل لينفق ماله في حق و إنه لمسرف " (2). 3624 - وروى الاصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: " للمسرف ثلاث علامات: يأكل ما ليس له (3) ويشتري ما ليس له، ويلبس ما ليس له ". 3625 - وروى أبو هشام البصري عن الرضا عليه السلام أنه قال: " من الفساد قطع
الدرهم والدينار وطرح النوى " (4). 3626 - وسأل إسحاق بن عمار أبا عبد الله عليه السلام " عن أدنى الاسراف فقال: ثوب صونك تبتذله (5)، وفضل الاناء تهريقه، وقذفك النوى هكذا و هكذا " (6).
(1) أي قدم الى الاخرة ما يفضل عنه وعن عياله. (2) أي قد يتفق أن يكون انفاقه في أمر مشروع ومع ذلك مسرف لعدم اعتبار التوسط وترك رعاية القوام بين الاسراف والاقتار. (3) سواء كان حراما أو كان زائدا على الشبع أولم يكن مناسبا له، وكذلك. (م ت) (4) " قطع الدرهم والدينار " لعل المراد كسرهما لصياغة شئ من الظروف وغيره، وطرح النوى " أي نوى التمر ونحوه إذ فيه نفع. (سلطان) (5) أي تخلقه، وثوب الصون أي ثوب التجمل لانه يصان به عرضك. (6) أي يمينا وشمالا وفى الاطراف بأن لا يجتمع.
[ 168 ]
3627 - وروى الوليد بن صبيح عن الصادق عليه السلام أنه قال " ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم - أو قال: يرد عليهم دعاؤهم - (1) رجل كان له مال كثير يبلغ ثلاثين ألفا أو أربعين ألفافا نفقه في وجوهه، فيقول: اللهم أرزقني، فيقول الله تعالى: ألم أرزقك؟! ورجل أمسك عن الطلب (2) فيقول: اللهم ارزقني، فيقول الله تعالى: ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب؟! ورجل كانت عنده امرأة فقال: اللهم فرق بيني وبينها فيقول الله عزوجل: ألم أجعل ذلك إليك؟! ". 3628 - وقال عليه السلام: " من سعادة المرء أن يكون القيم على عياله " (3). 3629 - وقال عليه السلام: " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول " (4). 3630 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ملعون ملعون من يضيع من يعول ".
3631 - وقال عليه السلام: " الكاد على عياله من حلال كالمجاهد في سبيل الله ". 3632 - وروى إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " لا تتعرضوا للحقوق، فإذا لزمتكم فأصبروا لها " (5). 3633 - وقال الرضا عليه السلام: " لا تبذل لاخوانك من نفسك ما ضرره عليك أكثر من نفعه لهم " (6). 3634 - وروى عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إياك و
(1) للخبر صدر نقله المصنف في الخصال باب الثلاثة. (2) أي عن السعي في تحصيل الرزق بالتجارة والكسب والحرفة. (3) أي المتعهد لحالهم بان لان يحتاج الى سفر أو لا يضيعهم عمدا أو فقرا (م ت) أو يقوم بنفسه على حوائجهم. (4) أي يكفى اثم التضييع لدخول جهنم ولا يحتاج الى اثم آخر فلا ينفع قيام الليل و صيام النهار مع هذا الاثم العظيم. (م ت) (5) أي لا تتعرضوا لما يستلزم وجوب الحقوق عليكم أولا تشتغل ذمتك بحقوق الناس كالضمان والكفالة وأمثال ذلك ولكن، إذا لزمتكم فاصبروا على أدائها الى أهلها. (6) يعنى إذا كان لك شئ قليل وأنت محتاج إليه وصرفه في اخوانك لا ينفعهم غير أنك صرت محتاجا فلا تبذله، وهذا غير الايثار الذى هو من صفات الاولياء.
[ 169 ]
الكسل والضجر (1) فإنهما مفتاح كل سوء، إنه من كسل لم يؤد حقا، ومن ضجر لم يصبر على حق ". 3635 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " إن الله تعالى ليبغض العبد النوام، أن الله تعالى ليبغض العبد الفارغ ". 3636 - وقال الصادق عليه السلام لبشير النبال: " إذا رزقت من شئ فالزمه " (2). 3637 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " شكا رجل
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله الحرقة، فقال: انظر بيوعا فاشترها ثم بعها فما ربحت فيه فالزمه " (3). 3638 - وقال الصادق عليه السلام: " باشر كبار امورك بنفسك وكل ما صغر منها إلى غيرك (4)، فقيل: ضرب أي شئ؟ فقال: ضرب أشرية العقار وما أشبهها " (5). 3639 - وروي عن الارقط قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: " لا تكونن دوارا في الاسواق ولا تلي شراء دقائق الاشياء بنفسك فإنه لا ينبغي للمرء المسلم ذي الدين والحسب أن يلي شراء دقائق الاشياء بنفسه ما خلا ثلاثة أشياء فإنه ينبغي لذي - الدين والحسب أن يليها بنفسه: العقار والابل والرقيق ". 3640 - وروى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " كان أمير المؤمنين عليه السلام يحتطب ويستقي ويكنس، وكانت فاطمة عليها السلام تطحن وتعجن وتخبز ". 3641 - وقال الصادق عليه السلام: " مشتري العقار مرزوق، وبائع العقار ممحوق ".
(1) الضجر: القلق والاضطراب من الغم. (2) أي لا تتحول منه الى غيره. (م ت) (3) شكا الرجل عدم حصول النفع من حرفته فأمره صلى الله عليه وآله بمداومة ما يربح فيه من ا لمعاملات. (4) في الكافي " وكل ما شف الى غيرك " والشف - بكسر الشين - الشئ اليسير. (5) الاشرية جمع الشرى وهو شاذ لان فعلا لا يجمع على أفعلة (الصحاح)
[ 170 ]
3642 - وروى زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ما يخلف الرجل بعده شيئا أشد عليه من المال الصامت (1) قال: قلت له: كيف يصنع؟ قال: يضعه في الحائط
والبستان والدار ". 3643 - وروى عبد الصمد بن بشير، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة خط دورها برجله، ثم قال: " اللهم من باع رقعة من أرض (2) فلا تبارك فيه ". 3644 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " مكتوب في التوراة أنه من باع أرضا وماء فلم يضع ثمنه في أرض وماء ذهب ثمنه محقا " (3) - 3645 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن كسب الحجام، فقال: لا بأس به " (4). 3646 - و " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن عسيب الفحل وهو أجر الضراب " (5). 3647 - وسأله أبو بصير " عن ثمن كلب الصيد فقال: لا بأس بثمنه والاخر لا يحل ثمنه " (6).
(1) الصامت من المال: الذهب والفضة. (القاموس) (2) في بعض النسخ " من باع ربقة أرض " وفى بعضها " بقعة من أرض ". (3) محقه - كمنعه -: أبطله ومحاه، ومحق الله الشئ: ذهب ببركته. (القاموس) (4) قال في المسالك: يكره الحجامة مع اشتراط الاجرة على فعله سواء عينها أم أطلق فلا يكره لو عمل بغير شرط وان بذلت له بعد ذلك كما دلت عليه الاخبار، هذا في طرف الحاجم وأما المحجوم فعلى الضد يكره له أن يستعمل من غير شرط ولا يكره معه. (5) الضراب: نزو الذكر على الانثى والمراد بالنهي ما يؤخذ عليه من الاجرة لا عن نفس الضراب، وذكر العلامة من المحرمات بيع عسيب الفحل وهو ماؤه قبل الاستقرار في الرحم، والمشهور بين الفقهاء كراهة التكسب بضراب الفحل بأن يؤاجره لذلك، ولعل التفسير من المؤلف. (6) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 107 باسناده عن الاهوازي، عن الجوهرى، عن
البطائني، عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام، والمراد بالاخر كلب الهراش.
[ 171 ]
3648 - وقال: " أجر الزانية سحت (1) وثمن الكلب الذي ليس بكلب الصيد (2)
(1) روى الكليني في الكافي ج 5 ص 126 عن القمى، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبى عبد الله عليه السلام قال: " السحت ثمن الميتة وثمن الكلب، وثمن الخمر، ومهر البغى، والرشوة في الحكم، وأجر الكاهن " وعن العدة عن البرقى، عن الجامورانى، عن الحسن البطائني، عن زرعة، عن سماعة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام " السحت أنواع كثيرة منها كسب الحجام إذا شارط، وأجر الزانية، وثمن الخمر فأما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله العظيم " والسحت اما بمعنى مطلق الحرام أو الحرام الشديد الذى يسحت ويهلك. و حرمة أجرة الزانية لعلها من الضروريات حيث لا مهر لبغى والفعل الحرام لا أجرة له. (2) قال في المسالك: الاصح جواز بيع الكلاب الثلاثة: الماشية والزرع والحائط لمشاركتها لكلب الصيد في المعنى المسوغ بيعه، ودليل المنع ضعيف السند قاصر الدلالة - انتهى، وقال استاذنا الشعرانى - مد ظله: الظاهر أن الكلب الذى لا يصيد مساوق لكلب الهراش الذى لا قائدة عقلية في اقتنائه والنهى عن بيعه نظير النهى عن بيع القرد لعدم الفائدة لا للنجاسة لان النجاسة في الحيوان الحى والانسان غير ما نعة عن البيع والمنع عن بيع النجاسة منصرف الى ما يتناول ويباشر ويتلوث المستعمل به في العادة فيبقى الكلب داخلا تحت عموم أدلة البيع إذا كان له فائدة مشروعة محللة، قال في الغنية احترزنا بقولنا ينتفع به منفعة محللة عما يحرم الانتفاع به ويدخل في ذلك النجس الا ما خرج بالدليل من الكلب المعلم للصيد - انتهى، ويستفاد منه أن غير الصيود هراش لا ينتفع به، فان قيل قسم الكلب في هذه الاخبار على صيود وغير صيود وأجيز الاول دون الثاني والثانى يشمل كلب الماشية والزرع والبستان فيحرم بيع جميعها لانه غير صيود ولا دليل على تخصيصه بالهراش، قلنا اقتناء الكلاب لهذه الامور لم يكن كثير التداول عندهم وكلب الصيد مذكور
في القرآن وكان حاضرا في الاذهان دائما وقد شاع الحصر الاضافي في لغة العرب وبحث عنه علماء البيان نحو ما زيد الا شاعر في مقابل من يتوهم كونه شاعرا وكاتبا وهكذا كان في أذهان الناس كلبان الصيود وغير الصيود أي الهراش وحصر الحل في الاول، وأما الكلاب الاخر فلم تكن حاضرة في الاذهان لقلة التداول وعدم ذكرها في القرآن كما أن زيدا في مثال علماء البيان كان له صفات كثيرة ولم تكن حاضرة في ذهن المخاطب غير كونه شاعرا وكاتبا، وفهم فقهاؤنا رضوان الله عليهم - من ألفاظ هذه الاخبار أنها في مقام الحصر الاضافي ولهم الاعتماد على فهمهم المستند الى القرائن في استنباط هذه الامور المتعلقة بالالفاظ، قال في التذكرة يجوز بيع هذه الكلاب عندنا، وعن الشهيد في بعض حواشيه ان احدا لم يفرق بين الكلاب الاربعة فمن اقتصر =
[ 172 ]
سحت، وثمن الخمر سحت، وأجر الكاهن سحت (1)، وثمن الميتة سحت، فأما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله العظيم " (2). 3649 - وروي " أن أجر المغني والمغنية سحت " (3). 3650 - و " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن أجرة القارئ الذي لا يقرأ إلا على أجر مشروط " (4). 3651 - وروي عن الحسين بن المختار القلانسي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام " إنا نعمل القلانس فنجعل فيها القطن العتيق فنبيعها ولا نبين لهم ما فيها، فقال:
= في التجويز على كلب الصيد ولم يذكر الثلاثة الباقية مراده الحصر الاضافي كما حمل عليه الاخبار. راجع الوافى الطبعة الثانية ج 10 ص 51 في الهامش. (1) لحرمة عملها ولا خلاف في حرمة تعليمها وتعلمها واستعمالها في شرع الاسلام. (2) ادعى في جامع المقاصد والمسالك اجماع المسلمين على حرمة الرشا في الحكم لما يدل عليه الكتاب والسنة والمستفيضة من الاخبار. (3) لعله مضمون مأخوذ من الخبر لا لفظه، وروى الكليني مسندا عن ابراهيم بن أبى البلاد قال: " أوصى اسحاق بن عمر وفاته بجوار له مغنيات أن نبيعهن ونحمل ثمنهن الى
أبى الحسن عليه السلام قال ابراهيم: فبعت الجوارى بثلاتمائة ألف درهم وحملت الثمن إليه فقلت له: ان مولى لك يقال له: اسحاق بن عمر قد أوصى عند موته ببيع جوار له مغنيات وحمل الثمن اليك وقد بعتهن وهذا الثمن ثلاثمائة ألف درهم، فقال: لا حاجة لى فيه ان هذا سحت وتعليمهن كفر والاستماع منهن نفاق وثمنهن سحت " وحمل على ما إذا كان الشراء أو البيع للغناء، ولا يخفى أن هذا الخبر يدل على حرمة بيعهن لا حرمة أجرهن. وروى في الموثق عن نصر بن قابوس قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: المغنية ملعونة ملعون من أكل كسبها ". وكيف كان لا خلاف في حرمة الغناء بين الاصحاب والاخبار مستفيضة في حرمتها بل ادعى تواترها. (4) روى الشيخ باسناده عن الاهوازي، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني قال: " نهى أبو عبد الله عليه السلام عن أجر القارى الذى لا يقرء الا بأجر مشروط ". وحمل النهى على الكراهة وسيأتى الكلام فيه.
[ 173 ]
إني لاحب لك أن تبين لهم ما فيها ". (1) 3652 - وقال الصادق عليه السلام: " إن آكل مال اليتيم سيلحقه وبال ذلك في الدنيا والاخرة، أما في الدينا فإن الله عزوجل يقول: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله " وأما في الاخرة فان الله عزوجل يقول: " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ". 3653 - وكتب محمد بن الحسين الصفار - رضي الله عنه - إلى أبي محمد الحسن إبن علي عليهما السلام يقول: " رجل يبذوق القوافل (2) من غير أمر السلطان في موضع مخيف ويشارطونه على شئ مسمى أله أن يأخذه منهم أم لا؟ فوقع عليه السلام: إذا آجر نفسه بشئ معروف أخذ حقه إن شاء الله ".
3654 - وكتب محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني إلى أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام " في رجل دفع ابنه إلى رجل وسلمه منه سنة بأجرة معلومة ليخيط له، ثم جاء رجل آخر فقال له: سلم ابنك مني سنة بزيادة هل له الخيار في ذلك؟ وهل يجوز له أن يفسخ ما وافق عليه الاول أم لا؟ فكتب عليه السلام بخطه: يجب عليه الوفاء للاول ما لم يعرض لابنه مرض أو ضعف " (3). 3655 - وروى محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن سنان عن أبي الحسن عليه السلام قال: " سألته عن الاجارة فقال: صالح لا بأس بها إذا نصح قدر طاقته (4)، قد آجر
(1) الظاهر أنه على الاستحباب إذا لم يكن المعروف القطن الجديد والا فهو تدليس وغرر. (م ت) (2) البذرقة الجماعة تتقدم القافلة للحراسة. (المصباح) (3) ظاهر اطلاقه عليه السلام عدم خيار الغبن في الاجارة، ويمكن حمله على صورة لم تصل الزيادة الى حد الغبن (سلطان) وقال المولى المجلسي: الخبر يدل على جواز اجارة الابن الصغير ولزوم الوفاء بها ما لم يعرض للابن مرض في جميع المدة فينفسخ أو في بعضها فيكون للمستأجر الخيار وكذا الضعف عن العمل. (4) أي إذا كان قدر طاقته خالصا غير مشوب بالتقصير وفى الصحاح قال الاصمعي: الناصح الخالص من العسل وغيره مثل الناصح وكل شئ خلص فقد نصح. (مراد)
[ 174 ]
نفسه موسى بن عمران عليه السلام واشترط قال: إن شئت ثمانيا وإن شئت عشرا فأنزل الله تعالى فيه: على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك " (1). 3656 - وروى محمد بن عمرو بن أبي المقدام، عن عمار الساباطي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " الرجل يتجر وإن هو آجر نفسه اعطي أكثر مما يصيب في تجارته قال: لا يؤاجر نفسه ولكن يسترزق الله تعالى ويتجر، فانه إذا آجر نفسه حظر
على نفسه الرزق " (2). 3657 - وروى عبد الله بن محمد الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: " من آجر نفسه فقد حظر عليها الرزق، وكيف لا يحظر عليها الرزق وما أصاب فهو لرب آجره " (3). 3658 - وروى هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن رجل استأجر أجيرا فلم يأمن أحدهما صاحبه فوضع الاجر على يدي رجل فهلك ذلك الرجل ولم يدع وفاء (4) واستهلك الاجر، فقال: المستأجر ضامن لاجر الاجير حتى يقضي إلا أن يكون الاجير دعاه إلى ذلك فرضي به، فان فعل فحقه حيث وضعه ورضي به ". 3659 - وروى عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال له: " يا عبيد إن السرف يورث الفقر، وإن القصد يورث الغنى ".
(1) لعل عقد الاجارة وقع على الثمان بلا ترديد كما تدل عليه الاية وانما علق العشر على المشيئة فالمراد أنه ان شئت اكتفيت بالثمان الذى وقع عليه العقد وان شئت زدت عليه سنتين وهذا في الحقيقة تعليق العشر بالمشيئة فلا حاجة في تصحيح ذلك الى القول بأنه لعله يجوز الترديد والجهالة في وجه الاجارة في شرع من قبلنا فتأمل. (سلطان) (2) حظر أي منع كانه منع على نفسه الرزق لا تكاله على الغير. (3) ان حمل المنع في هذين الخبرين على الكراهة لزم القول بكون معاملة موسى و شعيب عليهما السلام معاملة مكروهة، وكذا ان حمل على ما إذا استغرقت جميع أوقات الاجير بحيث لم يبق لنفسه وقت، الا أن لا نلتزم باستغراق الاجارة جميع أوقات موسى عليه الاسلام. (4) أي لم يترك ما يفى بوفاء ذلك المال أي مال الاجارة.
[ 175 ]
3660 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام " عن الرجل يعالج الدواء للناس
فيأخذ عليه جعلا، قال: لا بأس به " (1). 3661 - وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن الحسن بن رباط، عن أبي سارة، عن هند السراج قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: " أصلحك الله إنى كنت أحمل السلاح إلى أهل الشام فأبيعه منهم فلما عرفني الله هذا الامر ضقت بذلك السلاح قلت: لا أحمل إلى أعداء الله، قال: احمل إليهم وبعهم فان الله تعالى يدفع بهم عدونا وعدوكم - يعني الروم - قال: فإذا كانت الحرب بيننا وبينهم فمن حمل إلى عدونا سلاحا يستعينون به علينا فهو مشرك " (2). 3662 - وروي الحسن بن محبوب عن أبي ولاد قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام " ما ترى في الرجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلا من أعمالهم وأنا أمر به وأنزل عليه فيضيفني ويحسن إلي، وربما أمر لي بالدراهم والكسوة، وقد ضاق صدري من ذلك، فقال لي: خذ وكل منه فلك المهنأ وعليه الوزر " (3). 3663 - وروي عن أبي المغرا قال: " سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام وأنا عنده فقال: أصلحك الله أمر بالعامل أو آتي العامل فيجيزني بالدراهم آخذها؟ قال: نعم، قلت: وأحج بها؟ قال: نعم وحج بها " (4).
(1) الظاهر أن المراد اصلاح الدواء وعمله ويمكن ان يعمم ليشمل الطبيب مطلقا. (2) قال في المسالك: انما يحرم بيع السلاح مع قصد المساعدة في حال الحرب أو التهيؤ له، أما بدونهما فلا، ولو باعهم ليستغنوا به على قتال الكفار لم يحرم كما دلت عليه الرواية وهذا كله فيما يعد سلاحا كالسيف والرمح وأما ما يعد جنة كالبيضة والدرع ونحوهما فلا يحرم، وعلى تقدير النهى لو باع هل يصلح ويملك الثمن أو يبطل، قولان أظهر هما الثاني لرجوع النهى الى نفس المعوض - انتهى قول: تقوية الكافر على المسلم حرام مطلقا فإذا كان بيع الدرع والبيضة وأمثال ذلك يعد تقوية لهم يكون حراما بلا اشكال. (3) الهنئ ما أتاك بلا مشقة وما ساغ ولذ من الطعام، والمهنأ - بفتح الميم وتخفيف
النون - اسم منه، والوزر: الحمل والثقل وأكثر ما يطلق في الحديث على الذنب والاثم كما في النهاية فالمعنى كل وخذ ويكون لك هنيئا، ووزره على صاحبه. (4) محمول كالخبر السابق على ما إذا كان لم يعلم أنه مال حرام بعينه فيكون داخلا تحت عموم " كل شئ هو لك حلال حتى تعلم الحرام بعينه ".
[ 176 ]
3664 - وروى علي بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " إن لله تبارك وتعالى مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه ". (1) 3665 - وفي خبر آخر " أولئك عتقاء الله من النار ". 3666 - وقال الصادق عليه السلام: " كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الاخوان ". 3667 - وروي عن عبيد بن زرارة أنه قال: " بعث أبو عبد الله عليه السلام رجلا إلى زياد بن عبيد الله (2) فقال: ول ذا بعض عملك " (3). [ الاب يأخذ من مال ابنه ] (4). 3668 - روى حريز، عن محمد بن مسلم قال: " سألته عن رجل لابنه مال فاحتاج إليه الاب، قال: يأكل منه، وأما الام فلا تأخذ منه إلا قرضا على نفسها " (4).
(1) يدل على أنه إذا اضطرا الى عملهم ورعى فيه ما يجب عليه من اعانة الاخوان فهو من أولياء الله تعالى، أو أن الله تعالى يضطر أولياء ه لعملهم حتى يراعوا أحوال الضعفاء من أوليائه. (2) هو زياد بن عبيدالله بن عبد الله بن عبدالمدان الحارثى خال أبى العباس السفاح و كان واليا من قبل السفاح على المدينة سنة 133 قال القلقشندى ج 4 ص 266 من كتاب صبح الاعشى: ولى أبو العباس السفاح على المدينة وسائر الحجاز داود ثم توفى سنة 133 فولى مكانه في جميع ذلك زياد بن عبيدالله بن عبد الله
الحارثى. (3) في بعض النسخ " وأراد نقص عملك " وأثبته الكاشانى في الوافى هكذا وقال: كانه أراد اقض حاجة الرجل جبرا لنقص عملك. وفى بعض النسخ " داو نقص عملك " وفى بعضها " اذن نقص عملك " وفى بعضها " وإذا نقص عملك " وكل هذه عندي من تصحيف النساخ والصواب ما في المتن. (4) كذا في بعض النسخ وكأنها زيادة من بعض المحشين. (4) طريق الخبر صحيح ويدل على جواز أخذ الوالد من مال ولده بغير قرض وهو مخالف للمشهور وأيضا جواز أخذ الام قرضا خلاف المشهور، ويمكن أن يحمل على ما إذا =
[ 177 ]
3669 - وروى الحسين بن أبي العلاء قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " ما يحل للرجل من مال ولده؟ قال: قوته بغير سرف إذا اضطر إليه، قال: فقلت له: فقول رسول الله صلى الله عليه وآله: " أنت ومالك لابيك " فقال: إنما جاء بأبيه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله هذا أبي وقد ظلمني ميراثي من امي، فأخبره الاب أنه قد أنفقه عليه وعلى نفسه، فقال: أنت ومالك لابيك، ولم يكن عند الرجل شئ أفكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحبس أبا لابن؟ ". 3670 - وروى الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ليس للمرأة مع زوجها أمر في عتق ولا صدقة ولا تدبير ولا هبة ولا نذر (2) في مالها إلا باذن زوجها إلا في زكاة أو بر والديها أو صلة قرابتها ". 3671 - وقيل للصادق عليه السلام: " إن الناس يروون عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي، فقال عليه السلام: قد قال لغني ولم يقل لذي مرة سوي " (3).
= كانت قيمة أو كان الاخذ باذن الولى، والحمل على النفقة مشترك بينهما الا أن يحمل على
أنها تأخذ قرضا للنفقة الى أن ترى الولى فينفذه قال في التحرير: يحرم على الام أخذ شئ من مال ولدها صغيرا كان أو كبيرا، وكذا الولد لا يجوز أن يأخذ من مال والد له شيئا، ولو كانت معسرة وهو موسر اجبر على نفقتها، وهل لها أن تقترض من مال الولد؟ جوزه الشيخ ومنعه ابن ادريس، وعندي فيه توقف وبقول الشيخ رواية حسنة، وقال في الدروس: لا يجوز تناول الام من مال الولد شيئا الا باذن الولى أو مقاصة وليس لها الاقتراض من مال الصغير و جوزه على بن بابويه والشيخ والقاضى وربما حمل على الوصية. (المرآة) (1) حتى يأخذ منه ويعطى الولد. (2) حمل في المشهور على الاستحباب في غير النذر، وفى النذر كلام، واشتراطه باذن الزوج مشهور بين المتأخرين. (3) المرة - بالكسر -: القوة والشدة، والسوى: الصحيح الاعضاء، وقال الفيض (ره) ذكر الغنى يغنى عن ذكر ذى المرة السوى ولذا لم يقله، وذلك لان الغنى قد يكون بالقوة والشدة كما يكون بالمال ولو فرض رجل لا يغنيه القوة والشدة فهو فقير محتاج لا وجه لمنعه =
[ 178 ]
3672 - وروى أبوالبختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا سماع الاصم من غير ضجر صدقة هنيئة " (1). 3673 - وقال النبي صلى الله عليه وآله لرجل (2): " أصبحت صائما؟ قال: لا، قال: فعدت مريضا؟ قال: لا، قال: فاتبعت جنازة؟ قال: لا، قال: فأطعمت مسكينا؟ قال: لا، قال: فارجع إلى أهلك فأصبهم فانه منك عليهم صدقه " (3). 3674 - " وأتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام (4). فقال: يا أمير المؤمنين والله إني لاحبك، فقال له: ولكني ابغضك، قال: ولم؟ قال: لانك تبغي في الاذان كسبا، وتأخذ على تعليم القرآن أجرا ". 3675 - وقال علي عليه السلام: " من أخذ على تعليم القرآن أجرا كان حظه
يوم القيامة " (5)
= من الصدقة فبناء المنع على الغنى ليس الا، أقول: الخبر غير مناسب بالباب كالخبرين الاتيين وأورده الكليني في كتاب الزكاة باب من يحل له أن يأخذ الصدقة. (1) الضجر: السأمة والملال، والهنيئ يقال لما لا تعب فيه، كأن المراد ههنا أنها صدقة لا ينقص بها مال ولا بدن، (الوافى) (2) مروى في الكافي مسندا عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبى عبد الله عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله. (3) أهل الرجل عشيرته وأولاده وذوو قراباته، ومن المجاز زوجته كما صرح به في اللغة، ويحتمل قويا أن يكون المراد بالاصابة التقبيل قال ابن الاثير في النهاية " كان صلى الله عليه وآله يصيب من رأس بعض نسائه وهو صائم " أراد التقبيل. والغرض أنه لا ينبغى أن يخلو اليوم من صدقة أو فعل مندوب إليه ولو بادخال السرور في قلب العيال مع قصد القربة. (4) رواه الشيخ في الاستبصار ج 3 ص 65 وفى التهذيب باسناده عن الصفار، عن عبد الله ابن منبه، عن الحسين بن علوان، عن عمر وبن خالد، عن زيد بن على، عن آبائه، عن على عليهم السلام. (5) قال استاذنا الشعرانى - دام ظله العالي -: اعلم أن كثيرا من فقهائنا ذكروا أن الفقه وما يجب على المكلفين كالفاتحة والسورة وأذكار الصلاة وصيغ النكاح واجب ولا يجوز أخذ الاجرة عليه وكذلك تجهيز الميت والصلاة عليه، وهذا ان ثبت فبدليل خاص به =
[ 179 ]
3676 - وروى الحكم بن مسكين، عن قتيبة بن الاعشى (1) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " إني أقرأ القرآن فتهدى إلي الهدية فأقبلها؟ قال: لا، قلت: إن
= إذا لا تنافي الوجوب أخذ الاجرة، ولا يبعد أن يكون قول أو عمل واجبا على رجل إذا أعطى الاجرة عليه كالطبيب ولا يكون واجبا مطلقا كما انه يكون بيع مال كالطعام واجبا إذا اعطى ثمنه لا مطلقا، وفائدة الوجوب عدم القدرة على الامتناع مع الاجرة والثمن بخلاف غير الواجب
من الافعال كبيع سائر الامتعة فانه لا يجب على البايع وان اعطى ثمنه وكتابة الاشعار وصياغة الحلى وهذا شئ معقول عرفا ثابت شرعا، نعم ان ثبت وجوب عمل مطلقا سواء أعطى الاجرة عليه أولا كصلاة الميت كان اعطاه الاجرة عليها سفها، ويمكن هنا عقلا تصور وجه آخر وهو أن يجب الفعل مطلقا سواء اعطى الاجرة أولا لكن يجاز للعامل أخذ الاجرة قهرا عن المعمول له وهذا شئ معقول متصور في العرف لا مانع عنه في الشرع ولعل أجرة الوصي والقيم من هذا القسم، وبالجملة فالوجوب من حيث هو وجوب لا ينافى جواز أخذ الاجرة، نعم كون الواجب تعبديا بقصد القربة مانع عن الاجرة وهذا جار في المستحب العبادي أيضا، ولكن المحقق الثاني نقل اجماع الاصحاب على منع الاجرة على أقسام الواجب، ولعله منصرف في كلامهم الى التعبدى، وقد صرح فخر الدين في الايضاح بأنه يجوز أخذ الاجرة على الواجب الكفائي غير التعبدى، ولا يجوز على العينى والتعبدي وكذلك المحقق الثاني، فالاحتياط في الواجب العينى وان لم يكن تعبديا عدم أخذ الاجرة الا بالرضا والهبة، وكذلك في الواجب الكفائي ان تعين في واحد بعينه للانحصار إذ يجب على العامل قطعا هذا العمل، وتسلطه على اجبار المعمول له لاخذ الاجرة غير ثابت بدليل، مع أنه لا يجوز له الامتناع من العمل ان امتنع المولى له من الاجرة هذا إذا ثبت وجوب العمل مطلقا لا بشرط أخذ الاجرة، ولعل الصناعات المتوقفة عليها أمر المعاش من قبيل الثاني. وربما يسأل عن الواجب النيابي وقصد القربة فيه وأنه كيف يجتمع مع الاجرة، والواجب أن الاجرة هنا بمنزلة الحوائج الدنيوية في صلاة الحاجة، فان المصلى يقصد التقرب بالعمل الى الله الى قضاء حاجاته كذلك الاجير للعبادة يقصد التقرب ويتوسل به الى الاجرة، والثانى في طول الاول وفى كتاب المكاسب للشيخ المحقق الانصاري - رحمه الله - تحقيقات أنيقة لا موضع لذكرها. (1) قتيبة الاعشى من أصحاب أبى عبد الله عليه السلام وكان قاريا شيعيا من قراء الكوفة من رواة أبى بكر بن عياش، وأبو بكر من رواة عاصم، ذكره النجاشي والشيخ ووثقوه.
[ 180 ]
لم اشارطه، قال: أرأيت إن لم تقرأه أكان يهدى لك؟ قال: قلت: لا، قال: فلا تقبله " (1) 3677 - وروي عن عيسى بن شقفي (2) وكان ساحرا يأتيه الناس ويأخذ على ذلك الاجر قال: " فحججت فلقيت أبا عبد الله عليه السلام بمنى فقلت له: جعلت فداك أنا رجل كانت صناعتي السحر وكنت آخذ عليه الاجر وقد حججت ومن الله عزوجل علي بلقائك وقد تبت إلى الله فهل لي في شئ منه مخرج؟ فقال: نعم حل ولا تعقد " (3) 3678 - وقال الصادق عليه السلام: " من مر ببساتين فلا بأس بأن يأكل من ثمارها ولا يحمل معه منها شيئا " (4).
(1) حمله الشيخ على الكراهة، وروى في الاستبصار ج 3 ص 66 مسندا عن أبى عبد الله عليه السلام قال: " المعلم لا يعلم بالاجر ويقبل الهدية إذا أهدى إليه ". (2) في بعض النسخ " عيسى بن سيفى " وفى بعضها " عيسى بن سقفي " وفى الكافي نسخة " عيسى بن شقفى " وعلى كل مهمل مجهول الحال لكن لا يضر جهالته لانه ليس بر أو للحديث، انما يروى عنه رجل آخر، ففى الكافي عن القمى، عن أبيه قال: حدثنى شيخ من أصحابنا الكوفيين قال: " دخل عيسى بن سقفي على أبى عبد الله عليه السلام - وكان ساحرا يأتيه الناس ويأخذ على ذلك الاجر فقال له: جعلت فداك أنا رجل الخ ". (3) ظاهره جواز السحر لدفع السحر، وحمل على ما إذا كان الحل بغير السحر كالقرآن والذكر وأمثالهما. (4) روى الكليني في الكافي ج 3 ص 569 في الحسن كالصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه السلام قال: " لا بأس بالرجل يمر على الثمرة ويأكل منها ولا يفسد، قد نهى رسول الله (ص) أن تبنى الحيطان بالمدينة لمكان المارة، قال: وكان إذا بلغ نخله أمر بالحيطان فخرقت لمكان المارة " وروى عن أبى الربيع الشامي مثله الا أنه قال: " ولا يفسد ولا يحمل " والنهى عن الافساد والحمل ليسا بقيدين لحلية المأكول بل توجه النهى بهما
مستقلا كما هو الظاهر، وفى الجواز وعدمه اختلاف بين الفقهاء قال الشهيد (ره) في الدروس " اختلفت في الاكل من الثمرة الممرور بها فجوزه الاكثر، ونقل في الخلاف فيه الاجماع، ولا يجوز له الحمل ولا الافساد ولا القصد " - انتهى، ومع نهى مالكه قيل: حرام مطلقا، و فيه نظر. والرخصة مادامت الثمرة على الشجرة فلو سقطت على الارض فالظاهر التحريم لخروجه عن مورد النص، والذى يستفاد من الاخبار أنه حق ثابت من قبل الشارع للمار نظير الزكاة =
[ 181 ]
باب * (الدين والقرض) * (1) 3679 روى الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تعوذوا بالله من غلبة الدين، وغلبة الرجال، وبوار الايم " (2). 3680 - وروى السكوني، عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
والخمس المتعلقين بالاموال من دون مدخلية لاذن المالك ورضاه كالوضوء من النهر الكبير والصلاة في الاراضي المتسعة، ولا مجال للتمسك للحرمة بقاعدة قبح التصرف في مال الغير بغير اذنه، روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 143 باسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبى عمير عن بعض أصحابه عن أبى عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يمر بالنخل والسنبل والثمر أفيجوز له أن يأكل منها من غير اذن صاحبها من ضرورة أو من غير ضرورة؟ قال: لا بأس ". وعن محمد بن مروان قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " أمر بالثمرة فآكل منها؟ قال كل ولا تحمل، قلت جعلت فداك ان التجار قد اشتروها ونقدوا أموالهم، قال: اشتروا ما ليس لهم ". (1) في بعض النسخ " والقروض " وفى بعضها " والقراض ". (2) " غلبة الرجال " ففى المرآة قال النووي: كانه يريد به هيجان النفس من شدة الشبق واضافته الى المعمول، أي يغلبهم ذلك وقال الطيبى: اما أن يكون اضافته الى الفاعل
أي قهر الديان اياه وغلبتهم عليه بالتفاضى وليس له ما يقضى دينه، أو الى المفعول بأن لا يكون أحد يعاونه على قضاء ديونه من رجاله وأصحابه - انتهى. أقول: ويحتمل أن يكون المراد به غلبة الجبارين عليه ومظلوميته، أو غلبة النساء على الرجال، وقيل: هي العلة الملعونة. وقال ابن الاثير بوار الايم كسادها، من بارت السوق إذا كسدت، والايم - ككيس التى لا زوج لها وهى مع ذلك لا يرغب فيها، وروى المصنف في معاني الاخبار ص 343 مسندا عن عبد الملك بن عبد الله القمى قال: " سأل أبا عبد الله عليه السلام الكاهلى وأنا عنده أكان على عليه السلام يتعوذ من بوار الايم؟ فقال نعم، وليس حيث تذهب انما كان يتعوذ من الباهات، والعامة يقولون: بوار الايم وليس كما يقولون "، وقبل الايم كل من الرجل و المرأة إذا فقدا زوجهما.
[ 182 ]
رسول الله صلى الله عليه وآله: " إياكم والدين فانه شين للدين " (1). 3681 - وقال علي عليه السلام: " إياكم والدين فانه هم بالليل وذل بالنهار ". 3682 - وقال علي عليه السلام: " إياكم والدين فانه مذلة بالنهار، ومهمة بالليل وقضاء في الدنيا، وقضاء في الاخرة " (2). 3683 - وروي عن معاوية بن وهب قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " إنه ذكر لنا أن رجلا من الانصار مات وعليه ديناران دينا فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وآله وقال: صلوا على أخيكم حتى ضمنهما عنه بعض قراباته (3)، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ذاك الحق، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أنما فعل ذلك ليتعظوا (4) وليرد بعضهم على بعض، ولئلا يستخفوا بالدين، (5) وقد مات رسول الله صلى الله عليه وآله وعليه دين، وقتل أمير المؤمنين عليه السلام وعليه دين، ومات الحسن عليه السلام وعليه دين، وقتل الحسين عليه السلام وعليه دين ". 3684 - وروي عن موسى بن بكر عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: " من
طلب الرزق من حله فغلب (6) فليستقرض على الله عزوجل وعلى رسوله صلى الله عليه وآله ". 3685 - وروى الميثمي (7)، عن أبي موسى قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام:
(1) الشين بفتح المعجمة خلاف الزين. (2) " مذلة " اسم مكان من الذل، وفى القاموس همه الامر هما ومهمة - بفتح الميم والهاء - حزنه كأهمه فاهتم. (3) لعله كان مستخفا بالدين ولا ينوى قضاءه، أو لم يكن له وجه الدين ومن يؤدى عنه كما يدل غلبه آخر هذا الخبر وغيه من الاخبار. (المرآة) (4) في بعض النسخ " ليتعاطوا " والتعاطي التناول، ولعل المراد هنا أن يجرى بين الناس القرض ورده فانه إذا لم يفت قرض أحد عند أحد يقدم كل أحد على الاقراض بخلاف مالوفات. (مراد) (5) يفهم منه أن الرجل كان مستخفا بالدين ولا ينوى قضاءه والا فمع عدم التقصير كيف ترك صلى الله عليه وآله الصلاة عليه. (6) أي افتقر. (7) الظاهر هو أحمد بن الحسن الميثمى وهو واقفى موثق، فالطريق إليه صحيح، و أبو موسى هو عمر بن يزيد الصيقل ظاهرا لروايته عنه في غير مورد وهو ثقة.
[ 183 ]
" جعلت فداك يستقرض الرجل ويحج؟ قال: نعم، قلت: يستقرض ويتزوج؟ قال: نعم إنه ينتظر رزق الله غدوة وعشية ". 3686 - وروي عن أبي ثمامة (1) قال: قلت لابي جعفر الثاني عليه السلام: " إني اريد أن الازم مكة والمدينة وعلي دين فما تقول؟ قال: ارجع إلى مؤدي دينك (2) وانظر أن تلقى الله عزوجل وليس عليك دين فإن المؤمن لا يخون ". 3687 - وقال الصادق عليه السلام: " من كان عليه دين ينوي قضاءه كان معه من الله عزوجل حافظان يعينانه على الاداء عن أمانته، فان قصرت نيته عن الاداء
قصرا عنه من المعونة بقدر ما قصر من نيته ". 3688 - وروي عن أبان، عن بشار عن أبي جعفر عليه السلام قال: " أول قطرة من دم الشهيد كفارة لذنوبه إلا الدين (3)، فان كفارته قضاؤه ". 3689 - وروى أبو خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " أيما رجل أتى رجلا فاستقرض منه مالا وفي نيته ألا يؤديه فذلك اللص العادي " (4).
(1) في الكافي " عن أبى تمامة " بالتاء المثناة من فوق. وقال من المشيخة وما كان فيه عن أبى ثمامة فقد رويته عن ما جيلويه ومحمد بن موسى والحسين بن ابراهيم، عن على ابن ابراهيم عن أبيه، عن أبى ثمامة صاحب أبى جعفر الثاني عليه السلام. وقيل عنوان الصدوق لرجل في المشيخة ونقل طريقه إليه مشعر بكونه لا يقصر عن حسن، وأقول: هذا إذا ما لم ينصوا على ضعفه، والا فجماعة من المعنونين في المشيخة كانوا ضعفاء وقد قال الوحيد البهبهانى في التعليقة: عده خالي من الحسان. ويحتمل قريبا أن يكون هو أبا تمام الطائى الشاعر و هو من أصحاب أبى جعفر الثاني عليه السلام. (2) في الكافي " ارجع فأده الى مودى دينك ". (3) أي مع التأخير وامكان الاداء ومطالبة الغريم. (4) أي مثله في العقاب، ويحتمل حرمة الانتفاع به أيضا الا أن يتوب وينوى الاداء، ويحتمل لزوم لاستدانة به مرة اخرى لان العقد الاول كان باطلا لان العقود تابع للقصود، ويحتمل الاكتفاء بالنية لان العقد وقع صحيحا ويجب عليه أداؤه وان كان آثما بالنية (م ت) أقول: أبو خديجة هو سالم بن مكرم والطريق إليه ضعيف بأبى سمينة الصيرفى. كاحمد بن هلال وعمرو بن شمر وأبى جميلة مفضل بن صالح.
[ 184 ]
3690 - وروى سماعة بن مهران (1) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " الرجل منا يكون عنده الشئ يتبلغ به (2) وعليه دين أيطعمه عياله حتى يأتيه
الله عزوجل بميسرة فيقضي دينه؟ أو يستقرض على ظهره في خبث الزمان وشدة المكاسب، أو يقبل الصدقة (3)؟ فقال: يقضي بما عنده دينه ولا يأكل أموال الناس إلا وعنده ما يؤدي إليهم إن الله عزوجل يقول " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ". 3691 - وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " من حبس حق امرئ مسلم وهو يقدر على أن يعطيه إياه مخافة من أنه إن خرج ذلك الحق من يده أن يفتقر، كان الله عزوجل أقدر على أن يفقره منه على أن يغني نفسه بحبسه ذلك الحق (4). 3692 - وروى إسماعيل بن أبي فديك (5)، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: " إن الله عزوجل مع صاحب الدين حتى يؤديه ما لم يأخذه مما يحرم عليه " (6). 3693 - وروي عن بريد العجلي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " إن علي دينا لايتام وأخاف إن بعت ضيعتي بقيت ومالي شئ، قال: لا تبع ضيعتك ولكن
(1) رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 95 في الصحيح عنه. (2) يعنى يتوسل به الى المعاش، والبلغة ما يتبلغ من العيش، وتبلغ بكذا اكتفى به. (3) بميسرة أي سعة، وضمن الاستقراض معنى الحمل أي حالكونه حاملا ثقل الدين على ظهره، وفى التهذيب " خيب الزمان " وهو بمعنى الحرمان والخسران (الوافى) و قال المولى المجلسي قوله " أو يقبل الصدقة " عطف على " يستقرض " أي إذا أدى دينه مما في يده فلابد من أحد الامرين اما الاستقراض أو قبول الصدقة فكأنه يعتذر لاكل ما في يده فأجاب عليه السلام بأنه يؤدى ولا يستقرض لعدم الوجه بل يتوكل على الله ويقبل الصدقة. (4) أي كان قدرة الله تعالى على افقار ذلك الحابس أشد من قدرة ذلك الحابس على اغناء نفسه بحبس ذلك الحق فضمير منه راجع الى الحابس. (5) اسماعيل بن أبى فديك معنون في المشيخة والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان.
(6) أي يقصد عدم الاداء أو يكون ثمن محرم أو ربا مثلا. (م ت)
[ 185 ]
أعط بعضا وأمسك بعضا " (1). 3694 - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ليس من غريم ينطلق من عنده غريمه راضيا إلا صلت عليه دواب الارض ونون البحور (2) وليس من غريم ينطلق صاحبه غضبان وهو ملي إلا كتب الله عزوجل بكل يوم يحبسه [ أ ] وليلة ظلما " (3). 3695 - وروى إبراهيم بن عبد الحميد، (4) عن خضر بن عمرو النخعي عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يكون له على الرجل مال فيجحده، قال: إن استحلفه فليس له أن يأخذ منه بعد اليمين شيئا، وإن حبسه فليس له أن يأخذ منه شيئا (5)، وإن تركه ولم يستحلفه فهو على حقه ". 3696 - وروى علي بن رئاب، عن سليمان بن خالد قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه وحلف، ثم وقع له عندي مال أفآخذه مكان مالي الذي أخذه وأحلف عليه كما صنع هو؟ فقال: إن خانك فلا تخنه، ولا
(1) أي مع رخصة الولى أو أنه عليه السلام رخص لولايته العامة. ويستفاد من الخبر جواز التأخير مع الضرورة. وفى الكافي ج 5 ص 96 " ان على دينا وأظنه قال، لا يتام ". (2) لم أجده من طريقنا، ورواه البيهقى في شعب الايمان عن خولة بنت قيس بن فهد النجارية امرأة حمزة بن عبد المطلب، وقوله " صلت عليه دواب الارض " أي دعت له بالمغفرة، والمراد بنون البحار حيتانها. (3) في شعب الايمان " ولا غريم يلوى غريمه وهو يقدر الا كتب الله عليه في كل يوم وليلة اثما ". (4) واقفى موثق والطريق إليه حسن كالصحيح بابراهيم بن هاشم رواه عن ابن أبى عمير عنه كما في الكافي وخضر بن عمر ومجهول.
(5) جملة " وان حبسه فليس له أن يأخذ منه شيئا " ليست في الكافي والتهذيب ولعلها من الراوى مؤكدة لما سبق أي إذا حبسه باليمين فلا يأخذ شيئا بعد ذلك. وفى بعض النسخ " فإذا احتسبه " من الاحتساب أي ان قال: أمرك الى الله أو أنت مع الله أو ترك الحلف تعظيما لله فحينئذ ليس له المطالبة لكن الاصحاب لم يذكروا غير اليمين في الاسقاط بل اختلفوا في اليمين فبعضهم ذهب الى أنه لا يسقط الا بشرط الاسقاط.
[ 186 ]
تدخل فيما عبته عليه " (1). 3697 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: " الرجل يكون لي عليه حق فيجحدنيه، ثم يستود عني مالا ألي أن آخذ مالي عنده؟ قال: لا، هذه الخيانة " (2). 3698 - وروى زيد الشحام قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: " من ائتمنك بأمانة فأدها إليه، ومن خانك فلا تخنه ". 3699 - وروى الحسن بن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " رجل كان له على رجل مال فجحده إياه وذهب به منه، ثم صار إليه بعد ذلك منه (3) للرجل الذي ذهب بماله مال مثله أيأخذه مكان ماله الذي ذهب به منه؟ قال: نعم، يقول: " اللهم إني إنما آخذ هذا مكان مالي الذي أخذه مني " (4). 3700 - وفي خبر آخر ليونس بن عبد الرحمن، عن أبي بكر الحضرمي مثله، إلا أنه قال يقول: " اللهم إني لم آخذ ما أخذت منه خيانة ولا ظلما ولكني أخذته مكان حقي " (5). 3701 - وفي خبر آخر: " إن استحلفه على ما أخذ منه فجائز له أن يحلف
(1) يدل على عدم جواز المقاصة بعد الاحلاف كما هو المشهور بين الاصحاب، بل
لا نعلم فيه مخالفا الا أن يكذب المنكر نفسه بعد ذلك. (المرآة) وطريق المصنف الى على بن رئاب صحيح وهو ثقة. (2) الطريق الى معاوية بن عمار صحيح، ولعله محمول على الحلف أو ضرب من الكراهة لورود أخبار في الجواز راجع التهذيب ج 2 ص 105 والاستبصار ج 52 و 53. (3) يعنى بعد صدور الجحد منه. (4) قال في الدروس: تجوز المقاصة المشروعة في الوديعة على كراهة وينبغى أن يقول ما في رواية أبى بكر الحضرمي. (المرآة) (5) المطلوب اما التكلم بتلك العبارات أو القصد الى تلك المعاني، ويؤيد الاخير اختلاف العبارات المنقولة والاحوط التكلم باحديها والاولى الجمع (م ت) أقول: يمكن أن يقال: المقصود قصد القصاص ليمتاز عن السرقة.
[ 187 ]
إذا قال هذه الكلمة ". قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: هذه الاخبار متفقة المعاني غير مختلفة، وذلك أنه متى حلفه على ماله فليس له أن يأخذ منه بعد ذلك شيئا. 3702 - لقول النبي صلى الله عليه وآله: " من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض فليس من الله [ في شئ ] ". وإن حلف من غير أن يحلفه ثم طالبه بحقه أو أخذ منه أو مما يصير إليه من ماله لم يكن بداخل في النهي، وكذلك إن استودعه مالا فليس له أن يأخذ منه شيئا لانها أمانة ائتمنه عليها فلا يجوز له أن يخونه كما خانه، ومتى لم يحلفه على ماله ولم يأتمنه على أمانة، وإنما صار إليه له مال أو وقع عنده فجائز له أن يأخذ منه حقه بعد أن يقول ما أمر به مما قد ذكرته، فهذا وجه اتفاق هذه الاخبار، ولا حول ولا قوة إلا بالله (1).
3703 - وقد روى محمد بن أبي عمير، عن داود بن زربي قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: " إني اعامل قوما فربما أرسلوا إلي فأخذوا مني الجارية والدابة فذهبوا بها مني، ثم يدور لهم المال عندي فآخذ منه بقدر ما أخذوا مني؟ فقال: خذ منهم بقدر ما أخدوا منك ولا تزد عليه ". 3704 - وروى الحسن بن محبوب، عن هذيل بن حنان أخي جعفر بن حنان الصيرفي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " إني دفعت إلى أخي جعفر مالا فهو يعطيني ما أنفقه وأحج منه وأتصدق، وقد سألت من عندنا فذكروا أن ذلك فاسد لا يحل وأنا احب أن انتهي في ذلك إلى قولك، فقال: أكان يصلك قبل أن تدفع إليه مالك؟ قلت: نعم، قال: خذمنه ما يعطيك وكل واشرب وحج وتصدق فإذا قدمت العراق
(1) لو كانت الاخبار ما ذكر فقط لكان الجمع حسنا لكن وردت أخبار في جواز التقاص من الامانة أيضا الا أن تحمل على الامانة المالكية دون الشرعية لكن فيها ما يدل على جواز التقاص في الامانة المالكية أيضا كما في خبر شهاب (الذى رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 105) فالجمع بالكراهة والجواز أحسن كما فعله المتأخرون. (م ت)
[ 188 ]
فقل: جعفر بن محمد أفتاني بهذا " (1). 3705 - وسأل سماعة أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل ينزل على الرجل وله عليه دين أيأكل من طعامه؟ فقال: نعم يأكل من طعامه ثلاثة أيام ولا يأكل بعد ذلك شيئا " (2). 3706 - وقال الصادق عليه السلام: " في قول الله عزوجل: " لاخير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " فقال: يعني بالمعروف القرض " (3). 3707 - وروي عن الصباح بن سيابة قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " إن
عبد الله بن أبي يعفور أمرني أن أسألك، قال: إنا نستقرض الخبز من الجيران فنرد أصغر منه أو أكبر، فقال عليه السلام: نحن نستقرض الجوز الستين والسبعين عددا فيكون فيه الصغيرة والكبيرة فلا بأس " (4). 3708 - قال أبو جعفر عليه السلام: " من أقرض قرضا إلى ميسرة كان ماله في زكاة وكان هو في صلاة من الملائكة عليه حتى يقبضه " (5). 3709 - وروى إسماعيل بن مسلم عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام أنه كان يقول: " إذا كان على الرجل دين ثم مات حل الدين " (6).
(1) يدل على أن القرض إذا جر نفعا بدون أن يكون فيه شرط الربح لا بأس به. (2) رواه الكليني بسند موثق. (3) رواه الكليني ج 4 ص 34 في الحسن كالصحيح. (4) الظاهر أن الخبز في بعض البلاد من المعدود فالرخصة بهذا الاعتبار، أو لانه لما كان التفاوت يسيرا، بل كانوا يزنون العجين غالبا فلذا جوز (م ت) ولعله محمول على ما إذا لم يعلم التفاوت والا فيعتبر الوزن. (5) رواه الكليني ج 3 ص 558 باب القرض انه حمى الزكاة بسند ضعيف، وقوله " الى ميسرة " أي الى وقت يصير ذا يسر. وقوله " يقبضه " في بعض النسخ والكافي " يقضيه ". (6) مروى مسندا في التهذيب ج 2 ص 60 وفيه " إذا كان على الرجل دين الى أجل ومات الرجل حل الدين " ووجهه أن الميت لا ذمة له.
[ 189 ]
3710 - وقال الصادق عليه السلام: " إذا مات الميت حل ماله وما عليه " (1). 3711 - وروى الحسن بن محبوب، عن الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يموت وعليه دين فيضمنه ضامن للغرماء؟ قال: إذا رضي به الغرماء فقد برئت ذمة الميت ".
3712 - وروى إبراهيم بن عبد الحميد، عن الحسن بن خنيس قال قلت لابي عبد الله عليه السلام: " إن لعبد الرحمن بن سيابة دينا على رجل وقد مات فكلمناه أن يحلله فأبى، قال: ويحه أما يعلم أن له بكل درهم عشرة إذا حلله، وإذا لم يحلله فإنما له درهم بدل درهم " (2). 3713 - وروى السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: " أتى رجل عليا عليه السلام فقال: إني كسبت مالا أغمضت في طلبه حلالا وحراما (3) فقد أردت التوبة ولا أدري الحلال منه ولا الحرام فقد اختلط علي فقال علي عليه السلام: أخرج خمس مالك فإن الله عزوجل قد رضي من الانسان بالخمس وسائر المال كله لك حلال " (4). 3714 - وروى أبوالبختري وهب بن وهب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: " قضى علي عليه السلام في رجل مات وترك ورثة فأقر أحد الورثة بدين على أبيه
(1) مروى في الكافي ج 5 ص 95 بسند مرسل مجهول كما في التهذيب عن أبى بصير، وفى الدروس: يحل الديون المؤجلة بموت الغريم ولو مات المدين لم يحل الا على رواية أبى بصير. واختاره الشيخ والقاضى والحلبي وحكى عن أبى الصلاح وابن البراج. والمشهور عدم العمل به بالنظر الى ماله وما تقدم يدل على حلول ما عليه دون ماله، فالاحوط بالنظر الى المديون أن يؤدى لانتقال المال الى الورثة، وقيل: يمكن الحمل على الاستحباب. (2) تقدم تحت رقم 174 ورواه الكليني ج 4 ص 36. (3) أي مالا حظت الحرام والحلال في تحصيله أو تساهلت في أحكام البيع والشراء فخلطت الحلال بالحرام. (4) تقدم نحوه تحت رقم 1655، وحمل على مجهولية قدر المال وصاحبه، ومصرفه مصرف الصدقات لا مصرف الخمس كما ذهب إليه بعض.
[ 190 ]
أنه يلزمه ذلك في حصته بقدر ما ورث، ولا يكون ذلك في ماله كله (1)، فإن أقر إثنان من الورثة وكانا عدلين أجيز ذلك على الورثة، وإن لم يكونا عدلين الزما في حصتهما بقدر ما ورثا، وكذلك إن أقر بعض الورثة بأخ أو اخت إنما يلزمه في حصته، وقال علي عليه السلام (2): من أقر لاخيه فهو شريك في المال ولا يثبت نسبه، وإذا أقر اثنان فكذلك إلا أن يكونا عدلين فيلحق نسبه ويضرب في الميراث معهم ". 3715 - وروى إبراهيم بن هاشم " أن محمد بن أبي عمير - رضي الله عنه - كان رجلا بزازا فذهب ماله وافتقر وكان له على رجل عشرة آلاف درهم، فباع دارا له كان يسكنها بعشرة آلاف درهم وحمل المال إلى بابه، فخرج إليه محمد بن أبي عمير فقال: ما هذا؟ قال: هذا مالك الذي لك علي، قال: ورثته؟ قال: لا، قال: وهب لك؟ قال: لا، قال: فقال، فهو ثمن ضيعة بعتها؟ قال: لا، قال: فما هو؟ قال: بعت داري التي أسكنها لاقضي ديني، فقال محمد بن أبي عمير - رضي الله عنه -: حدثني ذريح المحاربي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " لا يخرج الرجل عن مسقط رأسه بالدين " إرفعها فلا حاجة لي فيها، والله إني محتاج في وقتي هذا إلى درهم وما يدخل ملكي منها درهم " (3). وكان شيخنا محمد بن الحسن - رضي الله عنه - يروي أنها إن كانت الدار واسعة يكتفى صاحبها ببعضها فعليه أن يسكن منها ما يحتاج إليه ويقضي ببقيتها دينه، وكذلك إن كفته دار بدون ثمنها باعها واشترى بثمنها دارا ليسكنها ويقضي
(1) ظاهره أنه يؤدى بنسبة نصيبه من جميع المال فيكون قوله " كله " تأكيدا لقوله " ذلك " وفى التهذيب ج 2 ص 379 كما في المتن وفى ص 63 منه " ذلك كله في ماله " وهو صريح، ويمكن أن يكون المراد أنه لا يلزمه باقراره أكثر مما ورث فيكون " كله " مجرورا تأكيدا لقوله " ماله ".
(2) تتمة لحديث وهب كما يظهر من التهذيب. (3) لعله مع رضا المدين لم يحرم القبول لكنه - رحمه الله - لم يقبل لكثرة ورعه.
[ 191 ]
بباقي الثمن دينه (1). 3716 - وكتب يونس بن عبد الرحمن إلى الرضا عليه السلام " أنه كان لي على رجل عشرة دراهم وإن السلطان أسقط تلك الدراهم وجاء بدراهم أعلى من تلك الدراهم وفي تلك الدراهم الاولى اليوم وضيعة فأي شئ لي عليه، الدراهم الاولى التي أسقطها السلطان؟ أو الدراهم التي أجازها السلطان؟ فكتب: لك الدراهم الاولى ". قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: كان شيخنا محمد بن الحسن - رضي الله عنه - يروي حديثا في أن له الدراهم التي تجوز بين الناس (2). والحديثان متفقان غير مختلفين فمتى كان للرجل على الرجل دراهم بنقد معروف فليس له إلا ذلك النقد، ومتى كان له على الرجل دراهم بوزن معلوم بغير نقد معروف فإنما له الدراهم التي تجوز بين الناس. باب * (التجارة وآدابها وفضلها وفقهها) * 3717 - قال الصادق عليه السلام: " التجارة تزيد في العقل " (3).
(1) في التهذيب ج 2 ص 62 باسناده عن محمد بن على بن محبوب، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: " سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام وسئل عن رجل عليه دين وله نصيب في دار وهى تغل غلة، فربما بلغت غلتها قوته وربما لم يبلغ حتى يستدين فان هو باع الدار وقضى دينه بقى لادار له، فقال ان كان في داره ما يقضى به دينه ويفضل منها ما يكفيه وعياله فليبع الدار والا فلا ". (2) لعل المراد من الحديث ما رواه الكليني ج 5 ص 252 في الموثق عن يونس قال
" كتبت الى أبى الحسن الرضا عليه السلام أن لى على رجل ثلاثة الاف درهم وكانت تلك الدراهم تنفق بين الناس تلك الايام وليست تنفق اليوم فلى عليه تلك الدراهم بأعيانها أو ما ينفق اليوم بين الناس؟ قال: فكتب الى لك أن تأخذ منه ما ينفق بين الناس كما أعطيته ما ينفق بين الناس " يعنى بقيمة الدراهم الاولى ما ينفق بين الناس قاله الشيخ في الاستبصار رفعا للتنافى وقال: لانه يجوز أن تسقط الدراهم الاولى حتى لا يكاد تؤخذ أصلا فلا يلزمه أخذها وهولا ينفع بها وانما له قيمة دراهمه الاولة وليس له المطالبة بالدراهم التى تكون في الحال. (3) المراد بالعقل المكتسب وهو عقل المعاش.
[ 192 ]
3718 - وقال الصادق عليه السلام: " ترك التجارة مذهبة للعقل " (1). 3719 - وروي عن المعلى بن خنيس أنه قال: " رآني أبو عبد الله عليه السلام وقد تأخرت عن السوق، فقال لي: اغد إلى عزك " (2). 3720 - وروي عن روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد الله عليه السلام " في قول الله عزوجل: " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله " قال: كانوا أصحاب تجارة فإذا حضرت الصلاة تركوا التجارة وانطلقوا إلى الصلاة، وهم أعظم أجرا ممن لم يتجر ". 3721 - وروى هارون بن حمزة، عن علي بن عبد العزيز قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: " ما فعل عمر بن مسلم (3)؟ قلت: جعلت فداك أقبل على العبادة وترك التجارة فقال: ويحه أما علم أن تارك الطلب لا يستجاب له دعوة؟! أن قوما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزلت: " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " أغلقوا الابواب وأقبلوا على العبادة وقالوا: قد كفينا، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فأرسل إليهم فقال: ما حملكم على ما صنعتم؟! قالوا: يارسول الله تكفل الله عزوجل بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة فقال: إنه من فعل ذلك لم يستجب الله له،
عليكم بالطلب، ثم قال: إني لابغض الرجل فاغرا فاه إلى ربه يقول: ارزقني و يترك الطلب ". 3722 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " اتجروا بارك الله لكم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الرزق عشرة أجزاء تسعة في التجارة وواحد في غيرها " (4).
(1) ذلك لمن كان مشتغلا بها ثم تركها ويحتمل الاعم وفى الكافي " ترك التجارة ينقص العقل ". (2) أي الى ما هو سبب لعزك. (3) الظاهر أنه أخو معاذ بن مسلم الهراء كما ذكره البهبهانى في التعليقة. (4) روى سعيد بن منصور في سننه - على ما في الجامع الصغير - عن نعيم بن عبد الرحمن
[ 193 ]
3723 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " تعرضوا للتجارة فإن فيها لكم غنى عما في أيدي الناس " (1). 3724 - وقال الصادق عليه السلام: " لا تدعوا التجارة فتهونوا (2) اتجروا بارك الله لكم " روى ذلك شريف بن سابق التفليسي عن الفضل بن أبي قرة السمندي. 3725 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " من اتجر بغير علم ارتطم في الربا، ثم ارتطم، فلا يقعدن في السوق إلا من يعقل الشراء والبيع " (3). 3726 - و " كان علي عليه السلام (4) بالكوفة يغتدي كل بكرة فيطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا، ومعه الدرة على عاتقه، وكان لها طرفان، وكانت تسمى السبيبة (5) قال: فيقف على أهل كل سوق فيناديهم: يا معشر التجار (6) قدموا الاستخارة وتبركوا بالسهولة (7) واقتربوا من المبتاعين، وتزينوا بالحلم، وتجافوا عن
الازدي عنه صلى الله عليه وآله قال: " تسعة أعشار الرزق في التجارة والعشر في المواشى " وفى
رواية بدل المواشى " السائمات " وقال الزمخشري وهى الناج فمرجعهما واحد. (1) رواه الكليني ج 5 ص 149 مسندا. (2) من الهون وهو من قبيل لا تكفر تدخل الجنة، وفى بعض النسخ " فتمونوا " على صيغة المفعول من التفعيل والتمون كثرة النفقة. (3) ارتطم في الوحل أي وقع فيه وقوعا لا يقدر معه على الخروج منه. والخبر رواه الكليني بسند لا يقصر عن القوى. (4) رواه الكليني ج 5 ص 151 بسند حسن، عن جابر عن أبى جعفر عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام - الخ. (5) الدرة - بالكسر السوط الذى يضرب به ولعل تسميتها بالسبيبة لكونها متخذة من السب وهو بالكسر جلد البقر المدبوغ بالقرظ يتخذ منها النعال (المرآة) وفى الصحاح " السب بكسر السين: شقة كتان رقيقة، والسبيبة - بالفتح - مثله " (6) في الكافي " فينادى: يا معشر التجار اتقوا الله عزوجل، فإذا سمعوا صوته عليه السلام ألقوا ما بأيدهم وارعوا إليه بقلوبهم وسمعوا بأذانهم فيقول عليه السلام: قدموا الاستخارة " - الخ ". (7) أي اطلبوا الخير من الله في أوله، وابتغوا البركة أيضا منه بالسهولة في البيع =
[ 194 ]
الظلم، وأنصفوا المظلومين، ولا تقربوا الربا، وأوفوا الكيل والميزان، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تعثوا في الارض مفسدين (1)، قال: فيطوف في جميع أسواق الكوفة ثم يرجع فيقعد للناس ". 3727 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله (2): " من باع واشترى فليحفظ خمس خصال وإلا فلا يشترين ولا يبيعن: الربا، والحلف، وكتمان العيوب، والمدح إذا باع والذم إذا اشترى " (3).
3728 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " يا معشر التجار ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق، تبعثون يوم القيامة فجارا إلا من صدق حديثه ". 3729 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " التاجر فاجر والفاجر في النار إلا من أخذ الحق وأعطى الحق ". 3730 - وقال عليه السلام: " يا معشر التجار صونوا أموالكم بالصدقة (4) تكفر عنكم ذنوبكم وأيمانكم التي تحلفون فيها تطيب لكم تجارتكم ". 3731 - وروي عن الاصبغ بن نباتة قال: " سمعت عليا عليه السلام يقول على المنبر:
= والشراء أي بكونكم سهل البيع والشراء والقضاء والاقتضاء، " واقتربوا من المبتاعين " أي بالكلام الحسن والبشاشة وحسن الخلق، أولا تغالوا في الثمن ليوجب تنفر المشترى. وزاد في الكافي بعد قوله " بالحلم " " وتناهوا عن اليمين، وجانبوا الكذب ". (1) هذه الجمل مقتبسة من كتاب الله العزيز سورة الاعراف: 85. (2) مروى في الكافي ج 5 ص 150 مسندا عن السكوني عن أبى عبد الله عليه السلام عن جده صلى الله عليه وآله. (3) أما تحريم الربا والحلف على الكذب فواضح ولا خلاف فيه وأما الحلف على الصدق فالمشهور كراهته وكذا مدح البايع وذم المشترى ان لم يشتملا على الكذب، وأما كتمان العيب فحرام على الاشهر ويكون له الخيار فيما يطلع عليه وفيما لم يمكن الاطلاع عليه كمزج اللبن بالماء فحرام بلا خلاف. (4) أي أحفظوا، وفى بعض النسخ " شوبوا أموالكم بالصدقة ".
[ 195 ]
يا معشر التجار الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر (1)، والله للربا في هذه الامة دبيب أخفى من دبيب النمل على الصفا، صونوا أموالكم بالصدقة (2)، التاجر فاجر، والفاجر في النار إلا من أخذ الحق وأعطي الحق ".
3732 - وروى حفص بن البختري، عن الحسين بن المنذر قال: قلت لابي - عبد الله عليه السلام: " دفعت إلي امرأتي مالا أعمل به ما شئت فأشتري من مالها الجارية أطأها؟ قال: لا إنما دفعت إليك لتقر عينها وأنت تريد أن تسخن عينها " (3). 3733 - وروى عثمان بن عيسى، عن ميسر (4) قال: قلت له: " يجيئني الرجل فيقول: تشتري لي؟ فيكون ما عندي خيرا من متاع السوق، قال: إن أمنت ألا يتهمك فأعطه من عندك، وإن خفت أن يتهمك فاشتر له من السوق ". 3734 - وروى إسماعيل بن مسلم عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: " أنزل الله تعالى على بعض أنبيائه عليهم السلام للكريم فكارم (5) وللسمح فسامح، وللشحيح
(1) المتجر مصدر ميمى بمعنى التجارة. (2) مروى في الكافي ج 5 ص 150 وفيه " شوبوا أيمانكم بالصدق " وفى بعض نسخ الفقيه " شوبوا أموالكم بالصدقة " والشوب الخلط. (3) في المحكى عن الدروس أنه لو ملكته مالا كره التسرى، ويحتمل كراهية جعله صداقا الا باذنها، وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 105 في الصحيح عن هشام وغيره عن أبى عبد الله عليه السلام " في الرجل تدفع إليه امرأته المال فتقول له: اعمل ما شئت أله أن يشترى الجارية يطأها؟ قال: ليس له ذلك "، وذلك لان القرينة قائمة على أن هذا خارج عن المأذون، ويمكن حملها على الكراهة (كذا في هامش التهذيب ". (4) عثمان بن عيسى ممن توقف العلامة فيما ينفرد به لكن صحح طريق الصدوق الى معاوية بن شريح وهو فيه، وحسن طريقه الى سماعة وهو فيه أيضا، وأما ميسر بن عبد العزيز فهو ممدوح بل ثقة. (5) أي إذا عاملت مع الكريم فعامله بالكرم. ويطلق الكرم على الجود والتعظيم و شرف النفس وعلى الاخلاق الحسنة والكل مناسب. (م ت)
[ 196 ]
فشاحح، وعند الشكس فالتو " (1). 3735 - وقال علي عليه السلام: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: السماح وجه من الرباح - قال عليه السلام ذلك لرجل يوصيه ومعه سلعة يبيعها - ". 3736 - و " مر علي عليه السلام على جارية قد اشترت لحما من قصاب وهي تقول: زدني، فقال له علي عليه السلام: زدها فإنه أعظم للبركة " (3). 3737 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك وتعالى يحب العبد يكون سهل البيع، سهل الشراء، سهل القضاء، سهل الاقتضاء " (4). 3738 - وقال الصادق عليه السلام: " أيما مسلم أقال مسلما ندامة في البيع أقاله الله عثرته يوم القيامة " (5). 3739 - وقال علي عليه السلام: " مر النبي صلى الله عليه وآله على رجل ومعه سلعة يريد بيعها فقال: عليك بأول السوق ". 3740 - وقال عليه السلام: " صاحب السلعة أحق بالسوم " (6). 3741 - و " نهى صلى الله عليه وآله عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ". (7)
(1) رجل شكس - ككتف - أن صعب الخلق، والتوى رأسه أمال وأعرض. (2) رواه الكليني ج 5 ص 152 باسناده عن السكوني عن أبى عبد الله عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله هكذا: " السماحة من الرباح " وفى النهاية المسامحة المساهلة، ومنه الحديث المشهور " السماح رباح " أي المساهلة في الاشياء يربح صاحبها، وفى القاموس الرباح - كسحاب - اسم ما يربح. (3) مروى في الكافي بالسند المذكور سابقا. (4) يعنى سهل القضاء للدين الذى عليه. وسهل الاقتضاء للدين الذى له على غيره. (5) الاقالة: فسخ البيع بعد لزومه، والخبر رواه الكليني ج 5 ص 153 عن أبى حمزة عنه عليه السلام.
(6) المراد أن البايع أحق بالمساومة والابتداء بالسعر كما فهمه الشهيد - رحمه الله - أو أحق بتسعير ثمن المتاع من المشترى أو الوكيل، والخبر مروى في الكافي باسناده عن السكوني عن أبى عبد الله عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله. (7) مروى في الكافي بسند مرفوع وحمل على الكراهة.
[ 197 ]
3742 - وقال أبو جعفر عليه السلام: " ماكس المشتري فإنه أطيب للنفس وإن أعطى الجزيل، (1) فإن المغبون في بيعه وشرائه غير محمود ولا مأجور ". 3743 - وقال عليه السلام: " لا تماكس في أربعة أشياء: في الاضحية، وفي الكفن، وفي ثمن نسمة، وفي الكرى إلى مكة " (2). 3744 - وكان علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام يقول لقهرمانه: " إذا أردت أن تشتري لي من حوائج الحج شيئا فاشتر ولا تماكس، وروى ذلك زياد القندي عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام ". (الوفاء والبخس) (3) 3745 - وروى ميسر، عن حفص (4) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: " رجل من نيته الوفاء وهو إذا كال لم يحسن أن يكيل، فقال: ما يقول الذين حوله؟ قال: قلت يقولون: لا يوفي، قال: هو ممن لا ينبغي له أن يكيل " (5). 3746 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " من أخذ الميزان بيده فنوى أن يأخذ لنفسه وافيا لم يأخذه إلا راجحا، ومن أعطى فنوى أن يعطي
(1) لعل المراد بالمماكسة المنع من التفريط الموجب للغبن فلا ينافى استحباب المساهلة أي ترك الافراط، فالمراد بالجزيل الجزيل في نفسه لا بالنسبة الى السلعة. (سلطان) (2) رواه المؤلف في الخصال باب الاربعة في حديث مرفوع عن أبى جعفر عليه السلام، وحمل على الكراهة لما روى عن رجل يسمى سوادة قال " كنا جماعة بمنى فعزت الاضاحي
فنظرنا فإذا أبو عبد الله صلوات الله عليه واقف على قطيع يساوم بغنم ويماكسهم مكاسا شديدا فوقفنا ننتظر فلما فرغ أقبل علينا فقال: اظنكم قد تعجبتم من مكاسى؟ فقلنا: نعم، فقال: ان المغبون لا محمود ولا مأجور ". والمماكسة في البيع: التناقص في الثمن. (3) العنوان زيادة منا. (4) رواه الكليني مسندا عن مثنى الحناط عن بعض أصحابنا عنه عليه السلام. (5) ظاهره كراهة تعرض الكيل والوزن لمن لا يحسنها كما ذكره الاصحاب، ويحتمل عدم الجواز لوجوب العلم بايفاء الحق. (المرآة)
[ 198 ]
سواء لم يعط إلا ناقصا " (1). 3747 - وروى حماد بن بشير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا يكون الوفاء حتى يميل اللسان " (2). 3748 - وفي خبر آخر: " لا يكون الوفاء حتى يرجح " (3). 3749 - وروي عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " آخذ الدراهم من الرجل فأزنها ثم أفرقها ويفضل في يدي منها فضل، قال: أليس تحرى الوفاء؟ قلت: بلى، قال: لا بأس " (4). [ العربون ] (5) 3750 - وروى وهب بن وهب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام " أن عليا عليه السلام كان يقول: " لا يجوز العربون إلا أن يكون نقدا من الثمن " (6).
(1) الحاصل أنه ينبغى نية اعطاء الزيادة حتى يحصل الوفاء والا فالنفس مائلة الى أخذ الراجح واعطاء الناقص، فينخدع من نفسه ذلك كثيرا، والمحكى عن دروس الشهيد استحباب قبض الناقص واعطاء الراجح. (2) في الكافي ج 5 ص 159 " حتى يميل الميزان " وظاهره الوجوب من باب المقدمة
ويمكن أن يكون المراد بالوفاء الوفاء الكامل فيحمل على الاستحباب، ولكن لا ينبغى ترك العمل بظاهر الخبر. (3) مروى في الكافي بسند حسن كالصحيح عن أبى عبد الله عليه السلام. وفى القاموس رجح الميزان: مال ورجح - من باب التفعيل - أعطاه راجحا. (4) لانه يمكن أن يكون حصول الفضل من مسامحة الطرف فانه مستحبة من الطرفين. (5) العنوان زيادة منا. (6) قال في النهاية: " العربان - بفتح العين والراء - هو أن تشترى السلعة وتدفع الى صاحبها شيئا على أنه ان أمضى البيع حسب من الثمن وان لم يمض كان لصاحب السلعة ولم يرتجعه المشترى، يقال: أعرب في كذا وعرب وعربن وهو عربان - كقربان - وعربون - كعرجون - وعربون، قيل سمى بذلك لان فيه اعرابا لعقد البيع، أي اصلاحا وازالة فساد لئلا يملكه غيره باشترائه وهو بيع باطل عند الفقهاء لما فيه من الشرط والغرر وأجازه أحمد وروى عن ابن =
[ 199 ]
(باب السوق) 3751 - قال أمير المؤمنين عليه السلام: " جاء أعرابي من بني عامر إلى النبي صلى الله عليه واله فسأله عن شر بقاع الارض وخير بقاع الارض، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: شر بقاع الارض الاسواق وهي ميدان إبليس يغدو برايته ويضع كرسيه ويبث ذريته فبين مطفف في قفيز، أو طايش في ميزان (1)، أو سارق في ذرع، أو كاذب في سلعة، فيقول: عليكم برجل مات أبوه (2) وأبوكم حي فلا يزال مع ذلك أول داخل وآخر خارج (3) ثم قال عليه السلام: وخير البقاع المساجد، وأحبهم إلى الله عزوجل أولهم دخولا وآخرهم خروجا منها ". 3752 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل ".
باب * (ثواب الدعاء في الاسواق) * 3753 - روى عاصم بن حميد، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " من دخل سوقا أو مسجد جماعة فقال مرة واحدة: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده
= عمر اجازته وحديث النهى منقطع "، وقال في المختلف: قال ابن الجنيد: العربون من الثمن ولو شرط المشترى للبايع أنه ان جاء بالثمن والا فالعربون له كان ذلك عوضا عما عنه من النفع والتصرف في سلعته، والمعتمد أن يكون من جملة الثمن فان امتنع المشترى من دفع الثمن وفسخ البايع البيع وجب عليه رد العربون للاصل ولرواية وهب. (1) الطيش الخفة. (2) أي يقول الشيطان لذريته: عليكم باغواء رجل من أبناء آدم أبى البشر وهو ميت لا يعاون أولاده وأنا أبوكم أعاونكم على اغواء بنى آدم. (3) أي فلا يزال الشيطان مع هذا القول أول داخل في السوق وآخر خارج منه.
[ 200 ]
لا شريك له، والله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله " عدلت له حجة مبرورة ". 3754 - وروى عبد الله بن حماد الانصاري، عن سدير قال: قال أبو جعفر عليه السلام " يا أبا الفضل أمالك في السوق مكان تقعد فيه تعامل الناس؟ قال: قلت: بلى، قال: إعلم أنه ما من رجل يغدو ويروح إلى مجلسه وسوقه فيقول حين يضع رجله في السوق " اللهم إني أسألك خيرها وخير أهلها، وأعوذ بك من شرها وشر أهلها " إلا وكل الله عزوجل به من يحفظه ويحفظ عليه حتى يرجع إلى منزله فيقول له: قد أجرتك من شرها وشر أهلها يومك هذا، فإذا جلس مكانه حين يجلس فيقول: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله،
اللهم إني أسألك من فضلك حلالا طيبا، وأعوذ بك من أن أظلم أو اظلم، وأعوذ بك من صفقة خاسرة ويمين كاذبة " فإذا قال ذلك قال الملك الموكل: أبشر فما في سوقك اليوم أحد أوفر نصيبا منك وسيأتيك ما قسم الله لك موفرا حلالا طيبا مباركا فيه ". 3755 - وروي " أن من ذكر الله عزوجل في الاسواق غفر الله له بعدد ما فيها من فصيح وأعجم - والفصيح ما يتكلم، والاعجم ما لا يتكلم - ". 3756 - وقال الصادق عليه السلام: من ذكر الله عزوجل في الاسواق غفر له بعدد أهلها ". باب * (الدعاء عند شراء المتاع للتجارة) * 3757 - روى العلاء، عن محمد بن مسلم قال: قال أحدهما عليهما السلام: " إذا اشتريت متاعا فكبر الله ثلاثا ثم قل: " اللهم إني اشتريته ألتمس فيه من خيرك فاجعل لي فيه خيرا، اللهم إني اشتريته ألتمس فيه من فضلك فاجعل لي فيه فضلا، اللهم إني اشتريته ألتمس فيه من رزقك فاجعل لي فيه رزقا " ثم أعد كل واحدة منها
[ 201 ]
ثلاث مرات ". 3758 - و " كان الرضا عليه السلام يكتب على المتاع بركة لنا " (1). باب * (الدعاء عند شراء الحيوان) * 3759 - روى عمر بن إبراهيم عن أبي الحسن عليه السلام قال: " من اشترى دابة فليقم من جانبها الايسر ويأخذ ناصيتها بيده اليمنى ويقرأ على رأسها فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد، والمعوذتين، وآخر الحشر، وآخر بني إسرائيل قل ادعوا الله
أو ادعوا الرحمن " وآية الكرسي فإن ذلك أمان تلك الدابة من الافات ". 3760 - وروى ابن فضال، عن ثعلبة [ بن ميمون ] عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا اشتريت جارية فقل: " اللهم إني أستشيرك وأستخيرك " (2) وإذا اشتريت دابة أو رأسا فقل " اللهم قدر لي أطولهن حياة، وأكثرهن منفعة، وخيرهن عاقبة ". باب * (الشرط والخيار في البيع) * 3761 - روى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري فهو بالخيار فيها إن اشترط أو لم يشترط " (3). 3762 - وقال عليه السلام (4): أيما رجل اشترى من رجل بيعا فهما بالخيار حتى
(1) أي هو بركة لنا أو ألتمس البركة فيه. (2) إلى هنا في الكافي من حديث ثعلبة بن ميمون عن هذيل عن الصادق عليه السلام. والباقى في ذيل حديث آخر رواه معاوية بن عمار عنه عليه السلام. (3) يدل على ثبوت الخيار في الحيوان ثلاثة أيام وعلى أنه مخصوص بالمشترى، ولا خلاف في ثلاثة أيام لكل حيوان الا أن ابا الصلاح قال: خيار الامة مدة الاستبراء، والمشهور عدم هذا الخيار للبايع وخالف فيه السيد المرتضى وذهب الى ثبوته للبايع أيضا. (4) مروى في الكافي بسند حسن كالصحيح عن الحلبي عنه عليه السلام.
[ 202 ]
يفترقا، فإذا افترقا فقد وجب البيع " (1). 3763 - وقال عليه السلام " في رجل اشترى من رجل عبدا أو دابة وشرط يوما أو يومين فمات العبد أو نفقت الدابة (2) أو حدث فيه حدث على من الضمان؟ قال: لا ضمان على المبتاع حتى ينقضي الشرط ويصير المبيع له " (3). 3764 - وروى إسحاق بن عمار عن العبد الصالح عليه السلام قال: " من اشترى بيعا
ومضت ثلاثة أيام ولم يجئ فلا بيع له " (4). 3765 - وروى عبد الله بن سنان (5) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " المسلمون عند شروطهم، إلا كل شرط خالف كتاب الله عزوجل فلا يجوز " (6). 3766 - وروى جميل، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: " الرجل يشتري من الرجل المتاع ثم يدعه عنده يقول حتى آتيك بثمنه، فقال: إن جاء
(1) يدل على سقوط خيار المجلس بعد الافتراق وكان وجوب البيع من جهة هذا الخيار فلا ينافى ثبوت الخيار من جهة اخرى كخيار الحيوان مثلا. (2) نفقت الدابة أي هلكت وخرجت روحها. (3) رواه في الكافي بسند حسن مع اختلاف وفيه " على من ضمان ذلك فقال: على البايع حتى ينقضى الشرط ثلاثة أيام ويصير المبيع للمشترى " قال سلطان العلماء قوله عليه السلام " يصير المبيع له " أي استقر ملكا له فلا ينافى كونه قبل ذلك ملكا متزلزلا وكون النماء له - انتهى وقال العلامة المجلسي: الخبر يدل على أن المبيع في أيام خيار المشترى مضمون على البايع وظاهره عدم تملك المشترى في زمن الخيار وحمل على الملك المستقر. (4) " من اشترى بيعا " أي مبيعا ويقيد بعدم قبض المبيع والثمن، وقوله " فلا بيع له " أي للمشترى وظاهره بطلان البيع كما قاله في المبسوط، ويحتمل أن يكون المراد أن للبائع الخيار في الفسخ، ويؤيد هذا الاحتمال ظهور قوله عليه السلام " فلا بيع له " لاختصاصه بالمشترى دون البايع. (5) تقدم غير مرة أنه ثقة والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة. (6) يدل على لزوم مطلق الشروط الجائزة المذكورة في العقود. (المرآة)
[ 203 ]
فيما بينه وبين ثلاثة أيام وإلا فلا بيع له " (1). 3767 - وفي رواية اخرى، عن ابن فضال، عن الحسن بن علي بن رباط،
عمن رواه (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إن حدث بالحيوان حدث قبل ثلاثة أيام فهو من مال البائع " (3). ومن اشترى جارية وقال للبائع: أجيئك بالثمن فإن جاء فيما بينه وبين شهر وإلا فلا بيع له (4). والعهدة فيما يفسد من يومه مثل البقول والبطيخ والفواكه يوم إلى الليل (5). باب * (الافتراق الذى يجب به البيع أهو بالابدان أو بالقول) * (6) 3768 - روي عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إن أبي عليه السلام
(1) تقدم الكلام فيه، واستدل به على خيار التأخير للبايع والحكم مختص بغير الجوارى فان المدة فيها شهر كما يأتي. (2) في بعض النسخ " عن زرارة " بدل " عمن رواه " ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 136 باسناده عن الاهوازي عن الحسن بن على بن فضال، عن الحسن بن على بن رباط، عن رواه. (3) الخبر الى هنا في التهذيب، فالباقي من كلام المصنف. (4) روى الشيخ في التهذيب باسناده عن محمد بن أحمد، عن أبى اسحاق، عن ابن أبى عمير، عن محمد بن أبى حمزة، عن على بن يقطين قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشترى جارية وقال: أجيئك بالثمن، فقال: ان جاء فيما بينه وبين شهر والا فلا بيع له ". (5) أراد بالعهدة ضمان البايع، والمستند ما رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 125 والكليني في الكافي بسند فيه ارسال عن أبى عبد الله أو أبى الحسن عليهما السلام " في الرجل يشترى الشئ الذى يفسد من يومه ويتركه حتى يأتيه بالثمن، قال: ان جاء فيما بينه وبين الليل بالثمن والا فلا بيع " ويستفاد منه ان كل ما يفسده المبيت فللبايع الخيار عند انقضاء النهار، ويمكن أن يقال: ظاهر الخبر يحكم بان المشترى ان جاء بالثمن بين اليوم والليل بحيث لا يتضرر البايع فله والا فالخيار للبايع.
(6) مراده من القول صيغة الايجاب والقبول ظاهرا.
[ 204 ]
اشترى أرضا يقال لها: العريض فلما استوجبها قام فمضى، فقلت له: يا أبة عجلت بالقيام! فقال: يا بني إني أردت أن يجب البيع " (1). 3769 - وروى أبو أيوب، عن محمد بن مسلم قال: " سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إبتعت أرضا فلما استوجبتها (2) قمت فمشيت خطا ثم رجعت، أردت أن يجب البيع حين الافترق ". باب * (حكم القبالة المعدلة (3) بين الرجلين بشرط معروف) * * (الى أجل معلوم) * 3770 - روي عن سعيد بن يسار (4) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " إنا نخالط قوما من أهل السواد وغيرهم فنبيعهم، ونربح عليهم العشرة اثنى عشر، والعشرة ثلاثة عشر، ونؤخر ذلك فيما بيننا وبينهم السنة ونحوها، فيكتب الرجل لنا بها على داره أو على أرضه بذلك المال الذي فيه الفضل الذي أخذ منا شرى بأنه قد باعه وأخذ الثمن (5) فنعده إن هو جاء بالمال في وقت بيننا وبينه أن نرد عليه الشراء
(1) لفظ الخبر في الكافي والتهذيبين هكذا " قال أبو عبد الله عليه السلام: ان أبى اشترى أرضا يقال له العريض من رجل وابتاعها من صاحبها بدنانير فقال: أعطيك ورقا بكل دينار عشرة دراهم، فباعه بها فقام أبى فأتبعته يا أبة لم قمت سريعا؟ فقال: أردت أن يجب البيع ". (2) أي نطقت بالقبول بعد الايجاب. (3) قال في المصباح تقبلت العمل من صاحبه إذا التزمته بعقد، والقباله اسم المكتوب من ذلك لما يلزمه الانسان من عمل أو دين وغير ذلك، قال الزمخشري: كل من تقبل بشئ
مقاطعة وكتب عليه بذلك كتابا فالكتاب الذى يكتب هو القبالة - بالفتح - والعمل القبالة بالكسر - لانه صناعة. (4) رواه الكليني ج 5 ص 172 بسند صحيح وطريق المصنف الى سعيد أيضا صحيح وهو ثقة وله كتاب. (5) أي يجعلون دراهم وأرضهم مبيعا لنا ببيع الشرط بالثمن الذى في ذمتهم من قيمة ما بعناهم من المتاع فيكتبون على ذلك القبالة (سلطان)، وفى بعض النسخ " وفيض الثمن ".
[ 205 ]
وإن جاءنا الوقت ولم يأتنا بالدراهم فهو لنا فما ترى في الشراء؟ فقال: أرى أنه لك إذا لم يفعل، وإن جاء بالمال للوقت فترد عليه " (1). 3771 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سأله رجل وأنا عنده، فقال: رجل مسلم احتاج الى بيع داره فجاء الى أخيه فقال: أبيعك داري هذه فتكون لك أحب إلي من أن تكون لغيرك على أن تشترط لي إن أنا جئتك بثمنها إلى سنة أن تردها علي، فقال: لا بأس بهذا إن جاء بثمنها إلى سنة ردها عليه، قلت: فإن كانت فيها غلة كثيرة فأخذ الغلة لم تكون الغلة (2)؟ قال: للمشتري أما ترى أنها لو احترقت لكانت من ماله "؟!. قال شيخنا محمد بن الحسن - رضي الله عنه -: متى عدلت القبالة بين رجلين عند رجل إلى أجل فكتبا بينهما اتفاقا ليحملهما عليه، فعلى العدل أن يعمل بما في الاتفاق ولا يتجاوزه، ولا يحل له أن يوخر رد ذلك الكتاب على مستحقه في الوقت الذي يستوجبه فيه. وسمعته - رضي الله - عنه يقول: سمعت مشايخنا رضي الله عنهم يقولون إن الاتفاقات لاتحمل على الاحكام لانها إن حملت على الاحكام بطلت، والمسلمون عند شروطهم فيما وافق كتاب الله عزوجل (3)، ومتى جاء من عليه المال ببعضه في
(1) هذه من حيل التخلص من الربا. وقال المولى المجلسي: الخبر يدل على جواز البيع بشرط ويظهر من السؤال انهم كانوا لا يأخذون اجرة المبيع من البايع والمشهور أنها من المشترى بناء على انتقال المبيع قبل انقضاء الخيار، وقيل انه لا ينتقل الا بعد زمن الخيار. وقال العلامة المجلسي: لعله يدل على عدم سقوط هذا الخيار بتصرف البايع كما لا يخفى. (2) الغلة: الدخل من كرى دار أو محصول أرض أو أجر غلام. (3) أي ليست الاتفاقات كلها مثل الاحكام الشرعية في اللزوم ووجوب العمل بها أجمع بل يعمل بما هو موافق للكتاب والسنة لا بما هو مخالف لهما، ويحتمل أن يكون المراد أن الاتفاقات لا يجب جعلها موافقا لمقتضيات الاحكام بأصل الشرع فمقتضى حكم البيع مثلا اللزوم فلو اقتضى الاتفاق في الشرط الخيار والجواز لا يجب العدول عنه الى مقتضى حكم البيع من اللزوم والا لبطلت رواية المؤمنون عند شروطهم الى آخره (سلطان) وقيل قوله " لا تحمل على الاحكام " =
[ 206 ]
المحل أو قبله وحل الاجل ولم يحمل تمامه (1)، فعلى العدل أن يصحح المقبوض من المال على قابضه بالاشهاد عليه إن كان مليا، وإن لم يكن مليا فبالاستيثاق (2) وإن أمره برده على من قبضه منه كان أولى وأبلغ، وإن ذكر في الاتفاق بينهما غير ذلك حملهما عليه إن شاء الله تعالى. (باب البيوع) 3772 - روى منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه إلا أن توليه (3)، فإن لم يكن فيه كيل ولا وزن فبعه " يعني أنه يوكل المشتري بقبضه. 3773 - وروى عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته
= يعنى الاتفاقات لا تحتاج مثل القضاء والافتاء الى الامام أو نائبه العام أو الخاص بل يكفى فيها أن يكون على يد رجل عدل لانها لو احتاجت اليهما كالقضاء بطلت الشروط التى تقع بين
المسلمين. (1) قوله " من عليه المال " أي البايع الشارط، وقوله " ولم يحمل تمامه " حال والمعنى ان انقضت المدة ولم يجئ بالباقي فقد لزم البيع. (2) " على قابضه " أي على المشترى لئلا ينكر ما دفعه البايع حتى يرده، والحاصل أنه يجب على العدل أن يشهد عدلين على المشترى بانه قبض البعض ان كان مليا يعنى ذامال والا فعليه أن يأخذ الرهن منه ويؤدى إليه بعض الثمن وان رده على البايع حتى يأتي بالجميع ويؤدى إليه القبالة كان أولى وأتم ولا يحتاج الى الاشهاد والرهن. (3) أي الا أن تبيعه برأس المال فحينئذ جائز قبل القبض ولعل ذلك لما أنه قبل القبض لم يدخل في ملكه فإذا باعه وأخذ الثمن زائدا مما اشتراه فكأنه أعطى ثمنا وأخذ زايدا عليه وهذا مختص باتحاد جنس الثمنين. وفى شرح اللمعة قوله " لا تبعه " حمل على الكراهة جمعا بينه وبين ما دل على الجواز والاقوى التحريم وفاقا للشيخ في المبسوط مدعيا الاجماع و العلامة في التذكرة والارشاد لضعف روايات الجواز.
[ 207 ]
عن رجل عليه كر من طعام فاشترى كرا (1) من رجل فقال للرجل: انطلق فستوف حقك، قال: لا بأس به " (2). 3774 - وروى عبد الله بن مسكان، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال " في رجل ابتاع من رجل طعاما بدراهم فأخذ نصفه، ثم جاءه بعد ذلك وقد ارتفع الطعام أو نقص، فقال: إن كان يوم ابتاعه ساعره بكذا وكذا فهو ذاك، وإن لم يكن ساعره فإنما له سعر يومه (3)، قال: وقال في الرجل يكون عنده لونان من طعام واحد، قد شعرهما بشئ، وأحدهما خير من الاخر فيخلطهما جميعا ثم يبيعهما بسعر واحد، قال: لا يصلح له أن يفعل يغش به المسلمين حتى يبينه ". 3775 - وروى إسحاق بن عمار، عن أبي العطارد قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام
" رجل يشتري الطعام فيتغير سعره قبل أن يقبضه، قال: إني لاحب أن يفي له كما أنه لو كان فيه فضل أخذه ". 3776 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال " لا يصلح للرجل أن يبيع بصاع غير صاع المصر " (4). 3777 - وروي عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سأله محمد ابن القاسم الحناط فقال: أصلحك الله أبيع الطعام من الرجل إلى أجل فأجئ وقد
(1) الطريق صحيح وقال الازهرى - الكر - بالضم -: ستون قفيزا والقفيز ثمانية مكاكيك والمكوك بشد الكاف -: صاع ونصف فهو على هذا الحساب اثنا عشر وسقا وكل وسق ستون صاعا. (2) لانه حوالة وليس ببيع (م ت) والخبر رواه الكليني ج 5 ص 179 في مرسل كالموثق وفيه " انطلق فاستوف كرك ". (3). قال الشيخ حسن - رحمه الله -، هذا يدل على أن المساعرة تكفى في البيع وأنه يصح التصرف مع قصد البيع قبل المساعرة - انتهى. وقال العلامة المجلسي: ويحتمل أن يكون المساعرة كناية عن تحقق البيع موافقا للمشهور، ويحتمل الاستحباب على تقدير تحقق المساعرة فقط - انتهى، واعلم أن طريق المصنف الى ابن مسكان صحيح والخبر الى هنا رواه الكليني في الحسن كالصحيح في باب والباقى في باب آخر. (4) قال سلطان العلماء: لعل وجهه عدم معلومية صاع غير البلد عند أهل البلد غالبا فيقع التنازع.
[ 208 ]
تغير الطعام من سعره فيقول: ليس عندي دراهم، قال: خذ منه بسعر يومه، قال: أفهم - أصلحك الله - إنه طعامي الذي اشتراه مني (1)، قال: لا تأخذ منه حتى يبيع ويعطيك، قال: أرغم الله أنفي رخص لي فرددت عليه فشدد علي " (2). 3778 - وروى حماد، عن الحلبي قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل
يشتري طعاما فيكون أحسن له وأنفق أن يبله (3) من غير أن يلتمس زيادة؟ فقال: إن كان لا يصلحه إلا ذلك ولا ينفقه غيره من غير أن يلتمس فيه الزيادة فلا بأس، وإن كان إنما يغش به المسلمين فلا يصلح ". 3779 - وروي عن ابن مسكان، عن إسحاق المدائني قال " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القوم يدخلون السفينة يشترون الطعام فيساومون منه (4) ثم يشتريه رجل منهم فيسألونه فيعطيهم ما يريدون من الطعام، فيكون صاحب الطعام هو الذي يدفعه إليهم ويقبض الثمن (5)، قال: لا بأس ما أراهم وقد شاركوه، فقلت: إن صاحب الطعام يدعو الكيال فيكيله لنا ولنا اجراء فيعتبرونه (6) فيزيد وينقص، قال: لا
(1) " خذ منه بسعر يومه " أي خذ الطعام منه بسعر اليوم، فقال: انى أعلم أنه طعامي الذى اشتراه، قال: لا تأخذ منه حتى يبيع ويعطيك، ويحتمل أن يكون قوله " افهم " بصيغة الامر فلا يخفى ما فيه من سوء الادب وينبغى ان يحمل النهى على الكراهة. (2) أي رخص لى الامام عليه السلام أولا حيث أذن بأخذ الطعام عوضا عن الدراهم فجهلت ورددت عليه فأمرني بالصبر حتى يبيع الطعام. (3) النفاق ضد الكساد وأنفق له أي أروج، وقوله " يبله " أي يرشه بالماء. (4) المساومة: المجاذبة بين البايع والمشترى على السلعة وفضل ثمنها. (5) لعل وجه السؤال توهم بيع ما لم بقبض وحاصله أنهم دخلوا في السفينة جميعا وطلبوا من صاحب الطعام البيع وتكلموا في القيمة ثم اشتراه رجل منهم أصالة أو وكالة أو اشترى جميعا لنفسه وعبارات الخبر بعضها تدل على الوكالة وبعضها على الاصالة، والجواب على الاول انهم شركاء لتوكيلهم اياه في البيع، وعلى الثاني انهم بعد البيع شركاء. (المرآة) (6) أي يكيلونه ثانيا، وفى بعض النسخ " فيعرونه " وفى الصحاح: عايرت المكائيل والموازين عيارا وعاورت بمعنى، يقال: عايروا بين مكائيلكم وموازينكم وهو فاعلوا من العيار، ولا تقل عيروا من باب التفعيل.
[ 209 ]
بأس ما لم يكن شئ كثير غلط " (1). 3780 - وروي عن خالد بن حجاج الكرخي (2) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " أشتري طعاما إلى أجل مسمى فيطلبه التجار مني عبد ما اشتريته قبل أن أقبضه، قال: لا بأس أن تبيع إلى أجل كما اشتريته وليس لك أن تدفع أو تقبض (3)، قلت: فإذا قبضته جعلت فداك فلي أن أدفعه بكيله (4)؟ قال: لا بأس بذلك إذا رضوا، وقال عليه السلام: كل طعام اشتريته من بيدر أو طسوج فأتى الله عزوجل عليه فليس للمشتري إلا راس ماله (5)، ومما اشتري من طعام موصوف ولم يسم فيه قرية ولا موضعا فعلى صاحبه أن يؤديه (6)، قال، وقلت لابي عبد الله عليه السلام: " أشتري الطعام من الرجل ثم أبيعه من رجل آخر قبل أن أكتاله فأقول: أبعث وكيلك حتى يشهد كيله إذا قبضته، قال: لا بأس " (7). 3781 - وروى ابن مسكان، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال " في رجل اشترى من رجل طعاما عدلا بكيل معلوم وإن صاحبه قال للمشتري: أبتع
(1) سيأتي الكلام فيه ان شاء الله. (2) هو مجهول الحال ولم يذكره المصنف في المشيخة وفى التهذيب ج 2 ص 129 باسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن مسكان عن ابن الحجاج الكرخي. (3) في بعض النسخ " أن تدفع قبل أن تقبض " ويحتمل أنه اشارة الى بيعه برأس المال فيكون بيعه تولية فيوافق ما سبق من منع بيع ما لم يقبض الا تولية، ويحتمل أن يكون المراد بقدر الاجل الذى شرط في الشراء فلا يكون اشارة الى التولية وحينئذ يكون طريق الجمع حمل هذا على بيان الجواز وعدم الحرمة، وذلك على الكراهة. (سلطان) (4) أي بكيله الذى أخذته من البايع بدون الكيل والوزن ثانيا. (5) الطسوج - كنتور -: الناحية، وربع دانق، معرب، وقوله " أتى الله عليه " أي
أهلكه. أي إذا حصلت الافة في الطعام من قبل الله فليس للمشترى الا دراهمه من غير زيادة ولا نقصان لان المبيع معين وقد تلف فانفسخ، بخلاف ما يأتي. (6) وذلك لانه غير معين والذمة باقية. (7) أي حضور المشترى أو وكيله كاف في القبض بالكيل. (م ت)
[ 210 ]
مني هذا العدل الاخر بغير كيل فإن فيه ما في الاخر الذي ابتعته، قال: لا يصلح إلا بكيل (1)، قال: وما كان من طعام سميت فيه كيلا فإنه لا يصلح مجازفة (2)، هذا مما يكره من بيع الطعام ". 3782 - وسأل عبد الرحمن بن أبي عبد الله أبا عبد الله عليه السلام " في الرجل يشتري الطعام أشتريه منه بكيله وأصدقه؟ فقال: لا بأس ولكن لا تبعه حتى تكيله " (3). 3783 - وروي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن فضول الكيل والموازين، فقال: إذا لم يكن تعدى فلا بأس " (4). 3784 - و " سأله جميل عمن اشترى تبن بيدر (5) كل كر بشئ معلوم ويقبض التبن فيبيعه قبل أن يكتال الطعام، فقال: لا بأس " (6).
(1) قوله " ابتع " أي اشتر، والظاهر أن البايع يقول بالتخمين فلا ينافى ما مر من جواز الاعتماد على قول البايع، ويمكن حمله على الكراهة كما هو ظاهر الخبر. (المرآة) (2) لعل في اطلاق المجازفة هنا مسامحة فلا يفيد الا الكراهة فلا ينافى ما سبق. (سلطان) (3) إذ لابد من العلم في الاخبار ولا يحصل بمجرد السماع من البايع. (4) أي ما لم يتعد حد المسامحة، قال في الدروس: لو ظهر في المبيع أو الثمن زيادة تتفاوت بها المكائيل والموازين فهى مباحة والا فهى أمانة. (5) في بعض النسخ " سأله جميل عن رجل اشترى " والبيدر: الكدس وهو الموضع
الذى يداس في الطعام. (6) قال العلامة المجلسي: هذا مخالف لقواعد الاصحاب من وجهين: الاول من جهة جهالة المبيع لان المراد اما كل كرمن التبن أو تبن كل كرمن الطعام كما هو الظاهر من قوله: " قبل أن يكتال الطعام " وعلى التقديرين فيه جهالة، قال في المختلف: قال الشيخ في النهاية: لا بأس أن يشترى الانسان من البيدر كل كر من الطعام تبنه بشئ معلوم وان لم يكل بعد الطعام، وتبعه ابن حمزة، وقال ابن ادريس: لا يجوز ذلك لانه مجهول وقت العقد، والمعتمد الاول لانه مشاهد فينتفى الغرر، ولرواية زرارة (يعنى الخبر الاتى ظاهرا) والجهالة ممنوعة إذ من عادة الزراعة قد يعلم مقدار ما يخرج من الكر غالبا - انتهى، والثانى من جهة البيع قبل القبض فعلى القول بالكراهة لا اشكال وعلى التحريم فلعله لكونه غير موزون أو لكونه غير طعام أو لانه مقبوض وان لم يكتل الطعام بعد كما هو مصرح به في الخبر.
[ 211 ]
3785 - وروى جميل، عن زرارة قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل اشترى من طعام قرية بعينه، فقال: لا بأس إن خرج فهو له، وإن لم يخرج كان دينا عليه " (1). 3786 - وروى ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية قال، " سألت أبا عبد الله عليه السلام قلت: إنا نشتري الطعام من السفن ثم نكيله فيزيد (2)، قال: وربما نقص عليكم؟ قلت: نعم، قال، فإذا نقص يردون عليكم؟ قلت: لا، قال، لا بأس ". 3787 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يشتري الثمرة (3) ثم يبيعها قبل أن يأخذها، قال: لا بأس به إن وجد بها ربحا فليبع (4). قال: وسئل عليه السلام عن شراء النخل والكرم والثمار ثلاث سنين وأربع. قال: لا بأس به تقول: إن لم يخرج في هذه السنة يخرج في قابل، وإن اشتريته سنة واحدة فلا تشتره حتى يبلغ (5). قال: وسئل عليه السلام عن الرجل يشتري
الثمرة المسماة من الارض فتهلك ثمرة تلك الارض كلها فقال: قد اختصموا في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فكانوا يذكرون ذلك فلما رآهم لا يدعون الخصومة نهاهم عن ذلك البيع حتى تبلغ الثمرة ولم يحرمه ولكن فعل ذلك من أجل خصومتهم ". (6) 3788 - وروى حماد بن عيسى، عن ربعي عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يبيع الثمرة ثم يستثني كيلا وتمرا (7)، قال: لا بأس به، قال: وكان مولى له عنده
(1) يحتمل ارجاع الضمير الى الثمن المفهوم من الكلام، لا اإلى الطعام فلا ينافى ما سبق. (سلطان) (2) أي الزيادة القليلة المتعارفة باختلاف المكائيل. (3) أي يشترى الثمرة على الشجرة. (4) لانها مادام على الشجرة ليست بمكيلة ولا موزونة، فلا مانع من بيعها قبل القبض. (5) أي حتى يبدو صلاحها. (6) يدل على أن أخبار النهى محمولة على الكراهة، بل على الارشاد لرفع التنازع. (7) قال المولى المجلسي: الظاهر زيادة الواو وعلى تقديره يمكن أن يكون المراد من قوله " كيلا " قدرا معينا، وبقوله " تمرا " الاشاعة أو يكون عطفا تفسيريا.
[ 212 ]
جالسا فقال المولى: إنه ليبيع ويستثني أوساقا - يعني أبا عبد الله عليه السلام - قال: فنظر إليه ولم ينكر ذلك من قوله ". 3789 - وروى زرعة، عن سماعة قال: " سألته عن يبيع الثمرة هل يصلح شراؤها قبل أن يخرج طلعها (1)؟ فقال: لا إلا أن يشتري معها شيئا من غيرها رطبة أو بقلة فيقول: أشتري منك هذه الرطبة وهذا النخل وهذا الشجر (2) بكذا وكذا، فإن لم تخرج الثمرة كان رأس مال المشتري في الرطبة والبقل. قال: وسألته عن ورق الشجر هل يصلح شراؤه ثلاث خرطات أو أربع خرطات؟ فقال: إذا رأيت الورق
في شجرة فاشتر منه ما شئت من خرطة " (3). 3790 - وروى القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى بستانا فيه نخل وشجر منه ما قد أطعم ومنه ما لم يطعم قال: لا بأس به إذا كان فيه ما قد أطعم " (4). 3791 - وروي عن الحسن بن علي بن بنت إلياس (5) قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: " هل يجوز بيع النخل إذا حمل؟ قال: لا يجوز بيعه حتى يزهو، قلت: وما الزهو جعلت فداك؟ قال: يحمر ويصفر ". 3792 - وروي عن يعقوب بن شعيب قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام قلت:
(1) الطلع ما يطلع من النخل ثم يصير بسرا أو تمرا. (2) قال في المسالك: فيه تنبيه على أن المراد بالظهور ما يشمل خروجه في الطلع وفيه دليل على جواز بيعه عاما مع الضميمة الا أنه مقطوع، وحال سماعة مشهور. وقال سلطان العلماء: لا يخفى أن هذا بظاهره يشمل البيع عاما واحدا أو أكثر من عام واحد، والمشهور عدم الجواز عاما واحدا مع الضميمة أيضا قبل الظهور، وأكثر من عام واحد أيضا على قول الاكثر الا ابن بابويه من غير اشتراط الضميمة على ما نقل عنه. (3) الخرط: انتزاع الورق من الشجر باجتذاب، والخرطة المرة منه. (الوافى) (4) في القاموس أطعم النخل: أدرك ثمرها. (5) هو الحسن بن على الوشاء الممدوح والطريق إليه صحيح.
[ 213 ]
اعطي الرجل الثمن (1) عشرين دينارا وأقول له: إذا قامت ثمرتك بشئ فهي لي بذلك الثمن إن رضيت أخذت وإن كرهت تركت، فقال: أما تستطيع أن تعطيه ولا تشترط شيئا، قلت: جعلت فداك ولا يسمي شيئا والله يعلم من نيته ذلك (2) قال: لا يصلح إذا كان من نيته [ ذلك ]. " (3).
3793 - وروي عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقول للرجل: أبتاع لك متاعا والربح بيني وبينك، قال: لا بأس به ". 3794 - وروي عن ميسر بياع الزطي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " إنا نشتري المتاع بنظرة (4) فيجئ الرجل فيقول: بكم تقوم عليك؟ فأقول: تقوم بكذا وكذا فأبيعه بربح؟ قال: إذا بعته مرابحة كان له من النظرة مثل ما لك (5)، قال فاسترجعت (6)، وقلت: هلكنا، فقال: مما؟ قلت: لان ما في الارض ثوبا
(1) مروى في الكافي ج 5 ص 176 في الصحيح عنه عليه السلام وفيه " أعطى الرجل له الثمرة " ولعله تصحيف وما في المتن أظهر وأصوب. (2) أي هو لا يتكلم بالشرط ولكن الله عزوجل يعلم أن ذلك مقصوده، فأنا أتكلم به. (مراد) (3) يحتمل وجوها: الاول أن يكون المراد به إذا قومت ثمرتك بقيمة فان اردت شراءها أشترى منك ما يوازى هذا الثمن بالقيمة التى قوم بها، فالنهى لجهالة المبيع أو للبيع قبل ظهور الثمرة أو قبل بدو صلاحها، فيدل على كراهة اعطاء الثمن بنية الشراء لما لا يصح شراؤه، الثاني أن يكون الغرض شراء مجموع الثمرة بتلك القيمة، فيحتمل أن يكون المراد بقيام الثمرة بلوغها حدا يمكن الانتفاع بها، فالنهى لعدم أرادة البيع أو لعدم الظهور أو بدو الصلاح، الثالث أن يكون المراد به أنه يقرضه عشرين دينارا بشرط أن يبيعه بعد بلوغ الثمرة بأقل مما يشتريه غيره، فالمنع منه لانه في حكم الربا ولعله أظهر (المرآة) وقال الفيض - رحمه الله -: حاصل مضمون الحديث عدم صلاحية اعطاء الثمن بنية الشراء لما لا يصلح شراؤه بعد، بل ينبغى أن يعطى قرضا، فإذا جمع له شرائط الصحة اشترى. (4) أي نسيئة، والنظرة التأخير في الامر. (5) لان للاجل قسطا من الثمن وقيمة المتاع نقدا غير قيمته نسيئة. (6) الاسترجاع هو أن يقول الانسان: " انا لله وانا إليه راجعون ".
[ 214 ]
أبيعه مرابحة فيشتري مني ولو وضعت من رأس المال، حتى أقول: تقوم بكذا وكذا قال: فما رأى ما شق علي قال: أفلا أفتح لك بابا يكون لك فيه فرج؟ [ قلت: بلى، قال ]: قال: قام علي بكذا وكذا وأبيعك بكذا وكذا، ولا تقل: بربح " (2). 3795 - وروي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يقول له الرجل: أشتري منك المتاع على أن تجعل لي في كل ثوب أشتريه به منك كذا وكذا، وإنما يشتري للناس ويقول: اجعل لي ريحا على أن أشتري منك (2)، فكرهه ". 3796 - وروي عن بشار بن يسار (3) قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يبيع المتاع بنساء (4) أيشتريه من صاحبه الذي يبيعه منه؟ قال: نعم لا بأس به، فقلت له: أشتري متاعي؟ فقال: ليس هو متاعك ولا بقرك ولا غنمك " (5). 3797 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه " سئل عن الرجل يبتاع الثوب من السوق لاهله ويأخذه بشرط (6) فيعطى الريح في أهله، قال: إن رغب في الربح فليوجب الثوب على نفسه (7)، ولا يجعل في نفسه أن يرد الثوب على
(1) لان البيع إذا لم يصرح فيه بالمرابحة لا يكون مرابحة. (2) لعل المراد أن بع ذلك منى على وجه لى أن أربح على المشترى بعد أن آخذ منك الجعل. فيكون لى منك الجعل ومن المشترى الربح. (مراد) (3) هو ثقة لكن الطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان، ومروى في الكافي ج 5 ص 208 بسندين أحدهما موثق والاخر صحيح كما في التهذيب أيضا. (4) النساء والنسيئة اسمان بمعنى التأخير. (5) هو ما يقال له العينة، وانما توهم الراوى عدم الجواز بسبب أنه يشترى متاع نفسه وأجابه عليه السلام بأنه ليس في هذا الوقت متاعه بل صار ملكا للمشترى بالبيع الاول.
(المرآة) (6) أي بشرط أن يرده ان لم يقبله أهله. (7) أي ان أراد أن يبيعه مرابحة فعليه أن يوجب البيع على نفسه.
[ 215 ]
صاحبه إن رد عليه " (1). 3798 - وروى ابن مسكان، عن عيسى بن أبي منصور قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القوم يشترون الجراب الهروي، أو الكروي، أو المروزي، أو القوهي (2) فيشتري الرجل منهم (3) عشرة أثواب يشترط عليه خياره (4) كل ثوب خمسة دراهم أو أقل أو أكثر، فقال: ما احب هذا البيع، أرأيت إن لم يجد فيه خيارا غير خمسة أثواب ووجد بقيته سواء؟! فقال له إسماعيل ابنه: إنهم قد اشترطوا عليه أن يأخذ منه عشرة أثواب فردد عليه مرارا، فقال أبو عبد الله عليه السلام: إنما اشترط عليهم أن يأخذ خيارها أرأيت إن لم يجد إلا خمسة ووجد بقيته سواء؟! ثم قال: ما احب هذا البيع " (5). 3799 - وروى أبو الصباح الكناني، وسماعة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه " سئل عن الرجل يحمل المتاع لاهل السوق، وقد قوموا عليه قيمة فيقولون: بع فما
(1) " لا يجعل في نفسه " يعنى لا ينوى في نفسه ان لم يجد له المشترى أن يفسخ البيع ويرده على صاحبه لانه بعرضه على البيع قد أسقط خياره. ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 125 عن زيد الشحام وفيه يدل " فيعطى الربح في أهله " " فيعطى به ربحا ". (2) الجراب: ما يوضع فيه المتاع، والهروى نسبة الى هرات بلد مشهور بكورة خراسان، واليوم من أعمال افغانستان، والكروى نسبة الى كروان - كرمضان - قرية بطوس، والمروزي نسبة الى مر والشاهجان وهى أشهر مدن خراسان، والقوهى نسبة الى قوهاء (قهستان) كورة بين نيشابور وهرات، قصبتها قائن وطبرس. وفى بعض النسخ " القهوى " وفى
بعضها " التهوى " وفى بعضها " التوهى " وفى القاموس القوهى ثياب بيض. (3) في الكافي " منه ". (4) أي يشترط المشترى على البايع أن يأخذ جياده وأحسنه. (5) فيه اشكالان الاول من جهة عدم تعين المبيع وظاهر بعض الاصحاب والاخبار كهذا الخبر جواز ذلك، والثانى من جهة اشتراط ما لا يعلم تحققه في جملة ما أبهم فيه المبيع وظاهر الخبر أن المنع من هذه الجهة، ومقتضى قواعد الاصحاب أيضا ذلك، ولعل غرض اسماعيل أنه إذا تعذر الوصف يأخذ من غير الخيار ذا هلا عن أن ذلك لا يرفع الجهالة، وكونه مظنة النزاع الباعثين للمنع. (المرآة)
[ 216 ]
ازددت فلك، قال: لا بأس بذلك ولكن لا يبيعهم مرابحة " (1). 3800 - وروى عبيد الله بن علي الحلبي، ومحمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " قدم لابي عبد الله عليه السلام (2) متاع من مصر فصنع طعاما ودعا له التجار فقالوا: نأخذه بده دوازده، فقال: وكم يكون ذلك؟ فقالوا: في كل عشرة ألاف ألفين قال: فإني أبيعكم هذا المتاع باثني عشر ألفا " (3) 3801 - وروى العلا، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام " في الرجل يشتري المتاع جميعا بثمن، ثم يقوم كل ثوب بما يسوى (4) حتى يقع على رأس ماله (5) يبيعه مرابحة ثوبا؟ قال: لا حتى يبين له أنه إنما قومه " (6). 3802 - وروي عن عمر بن يزيد قال: " بعت بالمدينة جرابا هرويا كل ثوب بكذا وكذا، فأخذوه فاقتسموه ثم وجدوا بثوب فيها عيبا فردوه علي، فقلت لهم: أعطيكم ثمنه الذي بعتكم به، فقالوا: لا ولكنا نأخذ قيمته منك، فذكرت ذلك لابي عبد الله عليه السلام فقال: يلزمهم ذلك " (7).
(1) يدل على جواز الجعالة للدلال والجهالة في الجعل وعدم جواز المرابحة فيما لم
يشتر لانها موقوفة على الاخبار برأس المال الذى اشتراه به. (2) كذا وهكذا في التهذيب والصواب " قدم لابي عليه السلام متاع " كما في الكافي ج 5 ص 197. (3) زاد في الكافي " فباعهم مساومة " وقال المولى المجلسي: الظاهر أنه عليه السلام أراد أن لا يبيعهم مرابحة بل أراد مساومة لكراهة البيع مرابحة كما يظهر من أخبار أخر - انتهى، وقال الفاضل التفرشى: فيه دلالة على صحة الايجاب بلفظ المضارع. (4) أي يبسط الثمن على عدد الاثواب حتى لا يكون كاذبا في الاخبار عن رأس المال. (5) أي بلغ قيمة الجميع تمام رأس المال فيكون في قبال كل ثوب قسط من الثمن. (6) هذه الصحيحة تدل على ما هو المشهور من عدم جواز بيع بعض ما اشتراة صفقة مرابحة الا مع الاخيار بالحال، وجوزه ابن الجنيد وابن البراج على ما في المحكى عنهما - فيما لا تفاضل فيه كالمعدود والمتساوى ولعل الخبر لا يشمل هذا الفرد. (7) أي يلزم المشترى أن يأخذ الثمن لا القيمة لانه كان للمشترى أن يفسخ الكل =
[ 217 ]
3803 - وفي رواية جميل بن دراج، عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام " في الرجل يشتري الثوب من الرجل أو المتاع فيجد به عيبا، قال: إن كان الثوب قائما بعينه رده على صاحبه وأخذ الثمن، وإن كان خاط الثوب أو صبغه أو قطعه رجع بنقصان العيب " (1). 3804 - وروى أبان، عن منصور (2) قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى بيعا ليس فيه كيل ولا وزن أله أن يبيعه مرابحة قبل أن يقبضه ويأخذ ربحه؟ قال: لا بأس بذلك ما لم يكن فيه كيل ولا وزن فإن هو قبضه فهو أبرأ لنفسه " (3). 3805 - وروى ابن مسكان، عن الحلبي قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوم اشتروا بزا (2) فاشتركوا فيه جميعا ولم يقتسموه أيصلح لاحد منهم بيع بزه
قبل أن يقبضه؟ قال: لا بأس به، وقال: إن هذا ليس بمنزلة الطعام لان الطعام يكال ". 3806 - وروى حماد، عن الحلبي قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى ثوبا ثم رده على صاحبه فأبي أن يقيله إلا بوضيعة، قال: لا يصلح له أن يأخذه بوضيعة (5)، فإن جهل فأخذه فباعه بأكثر من ثمنه رد على صاحبه الاول
= أو يرضى بالمعيب لئلا يلزم تبعض الصفقة فلما رضى البايع بفسخ المعيب فقط بعد رضى المشترى به انفسخ العقد في الثوب المعيب فلزم أن يرجع بثمنه ويظهر الفائدة فيما لو كان الثمن أقل من القيمة للبايع أو أكثر للمشترى. (م ت) (1) يدل على أن التصرف يمنع الرد دون الارش. (2) المراد بأبان أبان بن عثمان والطريق إليه صحيح وهو مقبول الرواية والمراد بمنصور منصور بن حازم وهو ثقة، ورواه الشيخ في التهذيب في الصحيح. (3) يدل على جواز البيع قبل القبض في غير المكيل والموزون. (4) البز: الثياب أو متاع البيت من الثياب وغيرها. (القاموس) (5) لان الاقالة فسخ البيع ومع الفسخ يرجع الثمن بتمامه الى المشترى والمبيع الى البايع (م ت) وفى بعض النسخ " وقال: لا يصلح له الا أن يأخذه بوضيعة " وقال سلطان العلماء لو صحت هذه النسخة يمكن توجيهها بجعل هذا القول أي " الا أن يأخذه بوضعية " ناعلا لقوله " لا يصلح " لا استثناء منه فتأمل.
[ 218 ]
ما زاد " (1). 3807 - وروي عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن بيع الغزل بالثياب المنسوجة والغزل أكثر وزنا من الثياب، قال: لا بأس " (2). 3808 - وروى الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد عن أبي عبد الله عليه السلام:
وغيره عن أبي جعفر عليه السلام قال: " لا بأس بأجر السمسار (3) إنما هو يشتري للناس يوما بعد يوم بشئ مسمى (4)، إنما هو مثل الاجير ". 3809 - قال: وسألته (5) " عن السمسار يشتري بالاجر فيدفع إليه الورق (6) ويشترط عليه أنك ما تشتري فما شئت أخذته وما شئت تركته، فيذهب فيشتري ثم يأتي بالمتاع فيقول: خذ ما رضيت ودع ما كرهت، فقال: لا بأس ". [ شراء الرقيق وأحكامه ] (7) 3810 - وروي عن معاوية بن عمار (8) قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
(1) يعنى ان جهل البايع الحكم المسألة فأخذه من المشترى بالوضيعة وهى فسخ باطل ثم باعه بأكثر من ثمنه كان الزيادة من مال المشترى فيجب أن يرد عليه لان الفسخ لم يقع. (2) لان الغزل وان كان موزونا لكن الثوب المسنوج ليس موزونا (مراد) أقول: ذكر الخبر في باب الربا المعاملى أنسب. (3) السمسار هو القيم بالامر الحافظ له، فهو في البيع اسم للذى يدخل بين البايع والمشترى متوسطا لامضاء البيع، والسمسرة البيع والشراء. (4) أي يعمل عملا يستحق الاجزة والجعل بازائه أو المعنى أنه لابد من توسطه بين البايع والمشترى لاطلاعه بكثرة المزاولة. (المرآة) (5) كذا ورواه الكليني ج 5 ص 196 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 133 بسند موثق عن عبد الرحمن بن أبى عبد الله عن أبى عبد الله عليه السلام. (6) المراد بالورق الدراهم المضروبة، وقوله " يشترى بالاجر " الظاهر أنه يشترى المتاع ثم يبيعهم ان شاؤوا بربح وهذا الربح هو الذى عبر عنه بالاجر مجازا، وقيل: يحتمل أن يكون المراد أنه يشترى وكالة عن المشترى ويشترط الخيار ويأخذ الاجر للشراء. (7) العنوان زيادة منا. (8) رواه الكليني في الكافي في الصحيح ج 5 ص 218.
[ 219 ]
اتي رسول الله صلى الله عليه وآله بسبي من اليمن فلما بلغوا الجحفة نفدت نفقاتهم فباعوا جارية كانت امها معهم فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله سمع بكاءها فقال، ما هذه؟ فقالوا: يا رسول الله احتجنا إلى نفقة فبعنا ابنتها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله فاتى بها، وقال: بيعوهما جميعا أو أمسكوهما جميعا ". 3811 - وسأل سماعة أبا عبد الله عليه السلام عن الاخوين المملوكين هل يفرق بينهما؟ وبين المرأة وولدها؟ فقال: لا هو حرام إلا أن يريدوا ذلك " (1). 3812 - وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه " سئل عن رجل اشترى جارية بثمن مسمى ثم باعها فربح فيها قبل أن ينقد صاحبها الذي كانت له، فأتى صاحبها يتقاضاه، فقال: صاحب الجارية للذين باعهم اكفوني غريمي هذا والذي ربحت عليكم فهو لكم، فقال: لا بأس " (2). 3813 - وقال عليه السلام (3) في رجل اشترى دابة ولم يكن عنده ثمنها فأتى رجلا من أصحابه فقال: يا فلان أنقد عني والربح بيني وبينك (4) فنقد عنه، فنفقت
(1) قال في الدروس: اختلف في التفريق بين الاطفال وأمهاتهم الى سبع سنين وقيل الى بلوغ سنتين، وقيل الى بلوغ مدة الرضاع ففى رواية سماعة يحرم الا برضاهم، وأطلق المفيد والشيخ نى الخلاف والمبسوط التحريم وفساد البيع، وهو ظاهر الاخبار. (2) قال سلطان العلماء: لعله باعها الى أجل بالربح ولذا يسقط الربح لاعطاء غريمه حالا والا لا حاجة إليه. وقال العلامة المجلسي: الظاهر أنه باعهم المشترى بأجل فلما طلب البايع الاول منه الثمن حط عن الثمن بقدر ما ربح ليعطوه قبل الاجل، وهذا جائز كما صرح به الاصحاب وورد في غيره من الاخبار - انتهى، وقال المولى المجلسي: الخبر يدل على جواز البيع قبل أداء الثمن وعلى جواز نقص الثمن المؤجل ليؤديه حالا. (3) من تتمة كلام الحلبي فيكون صحيحا، وفى أكثر النسخ " وسئل عليه السلام "
وما في المتن موافق لما في التهذيب حيث رواه في الصحيح عن الحلبي. (4) أي حتى أكون شريكا لك فيكون نصف الثمن قرضا عليه فمع التلف يكون الثمن عليهما. (م ت)
[ 220 ]
الدابة (1) قال: الثمن عليهما لانه لو كان ربح كان بينهما ". 3814 - وقال عليه السلام (2) " في الرجل يبيع المملوك ويشترط عليه أن يجعل له شيئا (3) قال: يجوز ". 3815 - وروى يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: " من باع عبدا وكان للعبد مال فالمال للبائع إلا أن يشترط المبتاع، أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك ". 3816 - وفي رواية جميل بن دراج، عن زرارة قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام " الرجل يشتري المملوك لمن ماله؟ فقال: إن كان علم البائع أن له مالا فهو للمشتري وإن لم يكن علم فهو للبائع ". (4) قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: هذان الحديثان متفقان وليسا بمختلفين وذلك أن من باع مملوكا واشترط المشتري ماله فإن لم يعلم البائع به فالمال للمشتري ومتى لم يشترط المشتري ماله ولم يعلم البائع له أن مالا فالمال للبائع، ومتى علم البائع أن له مالا ولم يستثن به عند البيع فالمال للمشتري. 3817 - وروي عن زرارة قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " الرجل يشتري المملوك وماله؟ فقال: لا بأس، قلت: فيكون مال المملوك أكثر مما اشتراه به، فقال: لا باس ". (5)
(1) نفقت الدابة: هلكت. (2) من تتمة خبر الحلبي أيضا كما هو ظاهر التهذيب فيكون صحيحا.
(3) أي يشترط على البايع أن يجعل للمملوك شيئا من فاضل الضربية وغيرها (مراد) فيدل على أن العبد يملك فاضل الضريبة ونحوها. (4) تقدم نحوه في باب العتق وأحكامه عن زرارة أيضا. (5) رواه الكليني بسند فيه على بن حديد وضعفه الشيخ في كتابي الاخبار. وقال العلامة المجلسي: حمل الخبر على ما إذا كانا مختلفين في الجنس، ويمكن أن يقال به على اطلاقه لعدم كونه مقصودا بالذات أو باعتبار أن المملوك يملكه - انتهى، أقول: وينبغى أن يحمل على أن مال المملوك كان من غير النقدين متاعا أو شيئا مما لا يرغب فيه البايع، والا فالبيع يكون سفهيا.
[ 221 ]
3818 - وروى أبان، عن إسماعيل بن الفضل قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن شراء مملوك أهل الذمة، فقال: إذا أقروا لهم بذلك فاشتر وانكح ". (1) 3819 - وروي عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يشتري الجارية فيقع عليها فيجدها حبلى، فقال: يردها ويرد معها شيئا " (2). 3820 - وفي رواية عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد الله عليه السلام " يردها ويرد نصف عشر ثمنها إذا كانت حبلى ". (3) 3821 - وفي رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام " يردها ويكسوها ". (4) 3822 - وروى محمد بن ميسر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " كان علي عليه السلام لايرد الجارية بعيب إذا وطئت ولكن يرجع بقيمة العيب، وكان علي عليه السلام يقول: معاذ الله أن أجعل لها أجرا ".
(1) قوله: " إذا أقروا " يمكن أن يكون المراد ثبوت اليد اما بالاقرار أو بالشراء أو بالتصرفات الدالة على الملكية فلا يختص الحكم بأهل الذمة، ويكون ذكر الاقرار على
المثال، ويحتمل أن يكون الحكم مختصا بهم كما هو الظاهر فلا يكفى فيهم مجرد اليد، بل لابد من الاقرار بخلاف المسلمين فان فعالهم محمولة على الصحة لكن لم نر قائلا بالفرق الا ما يظهر من كلام يحيى بن سعيد في الجامع حيث خص الحكم بهم تبعا للرواية، ويمكن حمله على الاستحباب، وقال في التحرير: يجوز شراء المماليك من الكفار إذا أقروا لهم بالعبودية أو قامت لهم البينة بذلك أو كانت أيديهم عليهم. (المرآة) (2) رواه الكليني ج 5 ص 215 بسند مرسل كالموثق. وحمل الشيخ " الشئ " في الاستبصار ج 3 ص 81 على نصف عشر ثمنها كما في خبر عبد الملك الاتى. وقال العلامة المجلسي: ويمكن حملها على ما إذا رضى البائع بها. (3) لفظ الخبر كما في الكافي والتهذيبين " ترد الحبلى وترد معها نصف عشر قيمتها " والسند حسن كالصحيح. (4) في الكافي ج 5 ص 215 في المرسل كالموثق " في الرجل يشترى الجارية الحبلى فينكحها وهو لا يعلم، قال: يردها ويكسوها ".
[ 222 ]
قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: يعني التي ليست بحبلى، فأما الحبلى فانها ترد. 3823 - وروي عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي إبراهيم عليه السلام: " رجل يدل الرجل على السلعة ويقول: اشترها ولي نصفها فيشتريها الرجل وينقد من ماله قال: له نصف الربح، قلت: فإن وضع لحقه من الوضيعة شئ؟ فقال: نعم عليه الوضيعة كما يأخذ الربح ". 3824 - وروي عن حمزة بن حمران قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " أدخل السوق اريد أن أشتري جارية فتقول: إني حرة، قال: اشترها إلا أن تكون لها بينة " (1).
3825 - وسأله العيص بن القاسم " عن مملوك (2) ادعى أنه حر ولم يأت ببينة على ذلك أشتريه؟ قال: نعم ". 3826 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قضى أمير المؤمنين عليه السلام في وليدة باعها ابن سيدها وأبوه غائب، فتسراها الذي اشتراها فولدت منه غلاما، ثم جاء سيدها الاول يخاصم سيدها الاخر، فقال: وليدتي باعها ابني بغير إذني قال: الحكم أن يأخذ وليدته وابنها (3) فيناشده الذي اشتراها (4)، فقال له: خذ ابنه الذي باعك وتقول: لا والله لا ارسل ابنك حتى ترسل ابني (5)، فلما رأى ذلك سيد
(1) ينبغى حمله على ما إذا كانت الجارية مشهورة بالرقبة، أو كان قولها ذلك بعد الاشتراء واطلاعها عليه وسكوتها فمعنى " اشترها " امض الشراء ولا تقدم بالرد بمجرد ذلك. (مراد) (2) أي مملوك مشهور بالمملوكية وهو في يد صاحبه، وفى المحكى عن يحيى بن سعيد في الجامع أنه لا تقبل دعوى الرقيق الحرية في السوق الا ببينة. (3) أما الامة فلكونها ملكه وأما الابن فلكونه حاصل ملكه ولم يأذن في الوطى. (4) أي قال المشترى والله انى مظلوم وما كنت أعلم الواقعة. (5) في الكافي " فقال له خذ ابنه الذى باعك الوليدة حتى ينفذ لك البيع، فلما أخذه قال له أبوه: أرسل ابني، قال: لا والله لا أرسل اليك ابنك حتى ترسل ابني - الخ ".
[ 223 ]
الوليدة أجاز بيع ابنه " (1). 3827 - وروي عن ابن سنان (2) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام " في الرجل يشتري الغلام أو الجارية وله أخ أو اخت أو أب أو ام بمصر من الامصار، قال: لا يخرجه من مصر إلى مصر آخر إن كان صغيرا، ولا يشتريه، فإن كانت له ام فطابت نفسها ونفسه فاشتره إن شئت ". [ بيع العدد والمجازفة والشئ المبهم ] (3)
3828 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه سئل عن الجوز لا نستطيع أن نعده فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه، ثم يكال ما بقي على حساب ذلك من العدد (4)؟ قال: لا بأس [ به ] ". 3829 - وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح بيعه مجازفة، هذا مما يكره من بيع الطعام " (5). 3830 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج (6) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يشتري المبيع بالدرهم وهو ينقص الحبة ونحو ذلك، أيعطيه الذي يشتري منه ولا يعلمه أنه ينقص؟ قال: لا إلا أن يكون مثل هذه الوضاحية (7) يجوز
(1) قال. سلطان العلماء: ظاهر الخبر يدل على صحة بيع الفضولي وأنه يصح بالاجازة الا أن الظاهر هنا فسخ السيد قبل الاجازة ومن قال بصحة الفضولي لم يقل في مثل هذه الصورة، ويحتمل أن المراد تجديد بيعه - انتهى، أقول: لعل الامام عليه السلام علم أن السيد أذن في شراء العبد سابقا فأجرى بهذا العمل حكم الله تعالى موافقا لعلمه كما كان في أكثر قضاياه صلوات الله وسلامه عليه. (2) يعنى عبد الله بن سنان، رواه الكليني في الصحيح عنه عن أبى عبد الله عليه السلام. (3) العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل. (4) الغالب أنه حينئذ يزيد أو ينقص لكن اغتفر هذه الجهالة. (م ت) (5) الكراهة هنا محمولة على الحرمة كما هو المشهور بين الاصحاب. (المرآة) (6) الطريق إليه صحيح ورواه الشيخ أيضا في الصحيح. (7) أي ذلك الناقص مثل هذه الوضاحية وهى الصحيحة الرائجة من الدراهم.
[ 224 ]
كما يجوز عندنا عددا " (1).. 3831 - وسأله سماعة " عن اللبن يشتري وهو في الضروع؟ فقال: لا إلا أن يحلب لك منه سكرجة (2) فتقول: اشتري منك (3) هذا اللبن الذي في السكرجة و
ما في ضروعها بثمن مسمى، فإن لم يكن في الضروع شئ كان فيما في السكرجة " (4). 3832 - وروى أبان، عن إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد الله عليه السلام قال، " سألته عن الرجل يتقبل خراج الرجال رؤوسهم وخراج النخل والشجر (5) و
(1) أي كما يعتبر الوزن في زماننا ويكون العدد رائجا تم وزنه أو نقص. وقال الفاضل التفرشى: لعل الوضاحية مأخوذة من الوضح بمعنى الدرهم الصحيح ومعنى يجوز: يدور بين - الناس يؤخذ ويعطى، والظاهر أن " عددا " تميز، وكان في ذلك الزمان كان يجوز بين الناس درهم ينظر الى عدده دون وزنه فلا يلتفت إليه لقلة التفاوت. (2) السكرجة - بضم السين والكاف وتشديد الراء -: انا صغير يؤكل فيه فارسية. (3) مروى في الكافي بسند موثق وفيه " اشتر منى هذا اللبن الذى - الخ ". (4) يدل على جواز بيع المجهول إذا انضم الى معلوم، وعلى جواز بيع اللبن بلا كيل ولا وزن الا أن يحمل على وزن الحليب أو كيله. (م ت) (5) طريق المصنف الى أبان وهو ابن عثمان صحيح كما في الخلاصة وهو موثق واسماعيل ابن الفضل ثقة والخبر مروى في الكافي ج 5 ص 195 والتهذيب ج 2 ص 152 بسند مرسل كالموثق لما فيهما عن الحسن بن محمد بن سماعة عن غير واحد جميعا عن أبان، وقال الشيخ في النهاية في باب بيع الغرر والمجازفة: لا بأس أن يشترى الانسان أو يتقبل بشئ معلوم، جزية رؤوس أهل الذمة، وخراج الارضين، وثمرة الاشجار، وما في الاجام من السموك إذا كان قد أدرك شئ من هذه الاجناس، وكان البيع في عقد واحد، ولا يجوز ذلك ما لم يدرك منه شئ على حال، وقال ابن ادريس لا يجوز ذلك لانه مجهول: وقال العلامة بعد نقل ذلك: أن الشيخ عول على رواية اسماعيل بن الفضل وهى ضعيفة مع أنها محمولة على أنه يجوز شراء ما أدرك ومقتضى اللفظ ذلك من حيث عود الضمير الى الاقرب، على أنا نقول ليس هذا بيعا في الحقيقة وانما هو نوع مراضاة غير لازمة ولا محرمة - انتهى، وقال العلامة المجلسي: الاظهر أن القبالة عقد آخر أعم موردا من سائر العقود ونقل عن الشهيد الثاني - رحمه الله - أنه قال: ظاهر الاصحاب أن للقبالة
حكما خاصا زائدا على البيع والصلح بكون الثمن والمثمن واحدا وعدم ثبوت الربا فيها، وفى الدروس أنها نوع صلح.
[ 225 ]
الاجام والمصائد والسمك والطير وهو لا يدري لعل هذا لا يكون أبدا أو يكون أيشتريه؟ وفي أي زمان يشتريه ويتقبل منه (2) فقال: إذا علمت أن من ذلك شيئا واحدا قد أدرك فاشتره وتقبل به ". 3833 - وروى زرعة، عن سماعة بن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يشتري العبد وهو آبق عن أهله، قال: لا يصلح له إلا أن يشتري معه شيئا آخر، ويقول: أشتري منك هذا الشئ وعبدك بكذا وكذا فإن لم يقدر على العبد كان الثمن الذي نقده فيما اشترى منه " (3). 3834 - وروي عن يعقوب بن شعيب (4) قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون لي عليه أحمال بكيل مسمى فبعث إلي بأحمال منها أقل من الكيل الذي لي عليه فاخذها مجازفة؟ فقال: لا بأس (5) به. قال: وسألته عن الرجل يكون له على الاخر مائة كر تمرا وله نخل فيأتيه فيقول: أعطني نخلك (6) هذا بما عليك، فكأنه كرهه (7)، قال: وسألته عن الرجلين يكون بينهما النخل فيقول أحدهما لصاحبه: اختر إما أن تأخذ هذا النخل بكذا وكذا كيلا مسمى وتعطيني نصف
(1) " جزية رؤوسهم - الخ " أي خراج أهل الذمة للارض أو جزية رؤوسهم، والاجام جمع أجم - بضم الهمزة - هو الشجر الملتف. (2) في بعض النسخ " يتقبل به ". (3) مروى في الكافي ج 5 ص 209 في الموثق وعليه عمل الاصحاب. (4) الطريق الى يعقوب بن شعيب صحيح وهو ثقة وروى السؤال الاول الشيخ في التهذيبين بسند صحيح، والسؤالان الاخيران مرويان في الكافي في الصحيح.
(5) لعل وجهه أن هذا وفاء للقرض لا بيع حتى لا يصح مجازفة، مع أن المأخوذ أقل من الطلب. (سلطان) (6) أي اعطني ثمرة نخلك. (7) لان الظاهر أنه يبيع ثمرة النخل بالتمر الذى هو في ذمته ويحتمل الزيادة والنقصان بل احتمال المساواة بعيد جدا وليس بحرام لان ثمرة النخل مادامت على الشجرة ليس بمكيل ولا موزون فكأنه باع غير الموزون به وهو جائز لكنه لما كان شبيها بالربا كره ذلك. (م ت)
[ 226 ]
هذا الكيل زاد أو نقص، وإما أن آخذه أنا بذلك، قال: لا بأس به (1). 3835 - وروى جميل، عن زرارة قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل اشترى تبن بيدر قبل أن يداس، تبن كل كر بشئ معلوم، فيأخذ التبن ويبيعه قبل أن يكال الطعام؟ قال: لا بأس [ به ] " (2). 3836 - وروي عن عبد الملك بن عمرو قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " أشتري مائة راوية من زيت وأعترض رواية أو إثنتين وأتزنهما ثم آخذ سايره (3) على قدر ذلك، فقال: لا بأس ". 3837 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يكون له الدين ومعه رهن أيشتريه؟ قال: نعم " (4). 3838 - وروى ابن مسكان، عن الحلبي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: " ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح مجازفة " (5). 3839 - وروي عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " كان معي
(1) قال في الشرايع: إذا كان بين اثنين نخل أو شجر فتقبل أحدهما بحصة صاحبه بشئ معلوم كان جائزا، وقال في المسالك: هذه القبالة عقد مخصوص مستثناة من المزابنة والمحاقلة معا. والاصل رواية ابن شعيب ولا دلالة فيها على ايقاعها بلفظ التقبيل - انتهى، أقول: المزابنة بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر والمحاقلة بيع الزرع قبل بدو الصلاح أو بيعه في سنبله
بالحنطة، كذا في اللغة ولكن في الحديث المحاقلة بيع النخل بالتمر، والمزابنة بيع الزرع بالحنطة، خلاف ما في اللغة. والخبر في الكافي ج 5 ص 192. (2) تقدم تحت رقم 3784 عن جميل عنه عليه السلام بأدنى تغيير في اللفظ. (3) مروى في الكافي والتهذيب في الصحيح وفى الاخير " ثم آخذ سايرها " وهو الصواب وتقدم القول فيه. (4) قوله " أيشتريه " يدل على أنه يجوز أن يشترى المرتهن المرهون كما هو المشهور بين الاصحاب وقال في المسالك: موضع الشبهة مالو كان وكيلا في البيع فانه يجوز أن يتولى طرفي العقد، وربما قيل بالمنع ومنع ابن الجنيد من بيعه على نفسه وولده وشريكه ونحوهم لتطرق التهمة، والخبر مروى في الكافي في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبى عبد الله (ع). (5) تقدم آنفا مع زيادة تحت رقم 3829.
[ 227 ]
جرابان من مسك أحدهما رطب والاخر يابس فبدأت بالرطب فبعته ثم أخذت اليابس أبيعه فإذا أنا لا اعطى باليابس الثمن الذي يسوى ولا يزيدوني على ثمن الرطب فسألته عن ذلك أيصلح لي أن انديه؟ (1) قال: لا إلا أن تعلمهم، قال: فنديته ثم أعلمتهم، قال: لا بأس به إذا أعلمتهم ". 3840 - وروي عن عبد الله بن سنان قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ولد الزنا أيباع ويشترى ويستخدم؟ قال: نعم قلت: فيستنكح؟ قال: نعم ولا تطلب ولدها " (2). 3841 - وسأله سماعة " عن شراء الخيانة والسرقة، قال: " إذا عرفت أنه كذلك فلا، إلا أن يكون شيئا تشتريه من العمال " (3). [ باب المضاربة ] (4) 3842 - وروى محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: " سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن المضاربة يعطى الرجل المال فيخرج به إلى أرض وينهى أن يخرج به إلى أرض غيرها، فعصى وخرج إلى أرض اخرى فعطب المال (5)، فقال: هو ضامن، و إن سلم وربح (6) فالربح بينهما ".
(1) أي أبله - بشد اللام - والندى البلل. (2) أي تعزل قرب الانزال، والنهى تنزيهي. (3) الظاهر أن الاستثناء منقطع وانما استثنى عليه السلام ذلك لانه كالسرقة والخيانة من حيث انه ليس لهم أخذه، وعلى هذا لا يبعد أن يكون الاستثناء متصلا. (المرآة) (4) المضاربة مفاعلة من الضرب في الارض والسير فيها للتجارة، وهى أن يدفع الشخص الى غيره مالا من أحد النقدين المسكوكين ليتصرف في ذلك بالبيع والشراء على أن له حصة معينة من ريحه. (5) عطب الشئ أي تلف أو هلك. (6) أي في صورة المخالفة فالربح حينئذ بينهما على ما شرطاه. قال في النافع: ولو أمر بالسفر الى جهة فقصد غيرها ضمن ولو ربح كان بينهما بمقتضى الشرط، وقال في الروضة ان خالف ما عين له ضمن المال لكن لو ربح كان بينهما للاخبار الصحيحة ولولاها لكان التصرف باطلا أو موقوفا على الاجازة.
[ 228 ]
3843 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إن أمير المؤمنين عليه السلام قال: من ضمن تاجرا فليس له إلا رأس المال (1) وليس له من الربح شئ ". 3844 - وروي عن محمد بن قيس (2) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة فاشترى أباه وهو لا يعلم، قال، يقوم فإن زاد درهما واحدا اعتق واستسعى في مال الرجل " (3). 3845 - وروى السكوني عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال:
" قال علي عليه السلام في رجل يكون له مال على رجل فيتقاضاه ولا يكون عنده ما يقضيه فيقول: هو عندك مضاربة، قال، لا يصلح حتى يقبضه منه " (4).
(1) ذلك لان بعد ما شرط عليه الضمان يخرج عن كونه مضاربة ويصير قرضا، فليس له حينئذ الا رأس ماله. (2) كذا في نسخ الفقيه والتهذيب لكن في الكافي عن على، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن محمد بن ميسر عن أبى عبد الله عليه السلام وهو الصواب لان له كتابا رواه ابن أبى عمير كما نص عيه الشيخ والنجاشى مضافا الى أن محمد بن قيس يروى عن أبى جعفر عليه السلام، ولعل التصحيف من النساخ للتشابه الخطى بين كتابة قيس وميسر. (3) قوله عليه السلام " فان زاد " المشهور بين الاصحاب أنه يجوز له أن يشترى أباه فان ظهر فيه ربح حال الشراء أو بعده انعتق نصيبه لاختياره السبب ويسعى المعتق في الباقي وان كان الولد موسرا لاطلاق هذه الرواية وقيل يسرى على العامل مع يساره، وحملت الرواية على اعساره، وربما فرق بين ظهور الربح حالة الشراء وتجدده فيسرى في الاول دون الثاني، ويمكن حمل الرواية عليه أيضا، وفى وجه ثالث بطلان البيع لانه مناف لمقصود القراض هذا ما ذكره الاصحاب، ويمكن القول بالفرق بين علم العامل بكونه أباه وعدمه فيسرى عليه في الاول لاختياره السبب عمدا دون الثاني الذى هو المفروض في الرواية لكن لم أربه قائلا. (المرآة) (4) يدل على عدم جواز ايقاع المضاربة على ما في الذمة، ولا يدل على لزوم كونه نقدا مسكوكا، لكن نقل في التذكرة الاجماع على اشتراط كون مال المضاربة عينا وأن يكون دراهم أو دنانير، وتردد المحقق في الشرايع في غير المسكوك، قال الشهيد الثاني في الشرح لا نعلم قائلا بجوازه، لكن اعترف بعدم النص والدليل سوى الاجماع.
[ 229 ]
3846 - وقال علي عليه السلام (1): " المضارب ما أنفق في سفره فهو من جمع المال
فإذا قدم بلدته فما أنفق فهو من نصيبه ". 3847 - وكان علي عليه السلام (2) يقول: " من يموت وعنده مال المضاربة إنه إن سماه بعينه قبل موته فقال: " هذا لفلان " فهو له، وإن مات ولم يذكره فهو اسوة الغرماء " (3). 3848 - وروى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجلين اشتركا في مال فربحا ربحا وكان من المال دين وعين فقال أحدهما لصاحبه: أعطني رأس المال والربح لك وما توى فعلي فقال: لا بأس به إذا اشترطا (4) وإن كان شرطا يخالف كتاب الله رد إلى كتاب الله عزوجل ". 3849 - وروى ابن محبوب، عن علي بن رئاب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: " لا ينبغي للرجل منكم أن يشارك الذمي ولا يبضعه بضاعة ولا يودعه وديعة ولا يصافيه المودة ". (5)
(1) تتمة لخبر السكوني كما يظهر من الكافي والتهذيب. (2) يدل على أن جميع السفر من أصل المال كما هو الاقوى والاشهر، وقيل انما يخرج من أصل المال ما زاد من نفقة السفر على الحضر، وقيل: جميع النفقة على نفسه، وأما كون نفقة الحضر على نفسه فلا خلاف فيه. (المرآة) (3) أي صاحب مال المضاربة مثل أحد الغرماء، فيوزع المال على الجميع بقدر ديونهم. (سلطان) (4) توى - كرضى - هلك، وفى بعض النسخ " وما توى فعليك " والظاهر هو الصواب لمطابقته مع الكافي، وقوله " لا بأس به إذا اشترطا " محمول على ما إذا كان بعد انقضاء الشركة كما هو الظاهر. (5) طريق الخبر صحيح ومروى في الكافي في الصحيح أيضا، والابضاع أن يدفع الى أحد مالا يتجر فيه والربح لصاحب المال خاصة، ويدل على كراهة مشاركة الذمي و
ابضاعه وايداعه ومصافاته، ولا يبعد في الاخير القول بالحرمة بل هو الظاهر لقوله تعالى " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله " (المرآة) أقول: فيه نظر لاحتمال أن يكون المراد بمن حاد الله المنافقين بل هو الاظهر من سياق الايات في سورة المجادلة ولا شك أن المنافق أعظم خطرا من الذمي فلا مجال للتمسك بالاولوية.
[ 230 ]
3850 - وروى الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد قال، " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون له الغنم يحلبها لها ألبان كثيرة في كل يوم ما تقول في شراء الخمسمائة رطل بكذا وكذا درهما يأخذ في كل يوم منه أرطالا (1) حتى يستوفي ما يشتري منه؟ قال: لا بأس بهذا ونحوه ". 3851 - وروى الحسن بن محبوب، عن رفاعة النخاس قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " ساومت رجلا بجارية فباعنيها بحكمي (2) فقبضتها على ذلك ثم بعثت إليه بألف درهم، وقلت له: هذه ألف درهم على حكمي عليك فأبى أن يقبلها مني وقد كنت مسستها قبل أن أبعث إليه بالثمن، فقال: أرى أن تقوم الجارية قيمة عادلة فإن كان ثمنها أكثر مما بعثت به إليه كان عليك أن ترد عليه ما نقص من القيمة وإن كان ثمنها أقل مما بعثت به إليه فهو له (3)، قلت: جعلت فداك فإن وجدت بها عيبا بعد ما مسستها قال: ليس لك أن تردها ولك أن تأخذ قيمة ما بين الصحة والعيب منه ". (4)
(1) أي يشترى حالا ويأخذ منه في كل وقت ما يريد الى أن يستوفى ما اشتراه. (2) أي بما أقول في قيمتها. 3) سند الخبر صحيح ورواه الكليني ج 5 ص 209 في الصحيح أيضا، وقال الشهيد في الدروس: يشترط في العوضين أن يكونا معلومين فلو باعه بحكم أحدهما أو ثالث بطل. و قال سلطان العلماء: لا يخفى أن البيع بحكم المشترى أو غيره في الثمن باطل اجماعا كما
نقل العلامة في التذكرة وغيره لجهالة الثمن وقت البيع " فعلى هذا يكون بيع الجارية المذكورة باطلا وكان وطى المشترى لها محمولا على الشبهة، وأما جواب الامام عليه السلام للسائل فلا يخلو من اشكال لان الظاهر أن الحكم حينئذ رد الجارية مع عشر القيمة أو نصف العشر أو شراءه مجددا بثمن رضى به البايع مع أحد المذكورين سواء كان بقدر ثمن المثل أولا فيحتمل حمله على ما إذا لم يرض البايع باقل من ثمن المثل، ويكون حاصل الجواب حينئذ أنه يقوم بثمن المثل ان أراد شراءها ويشترى به مجددا ان كان ثمن المثل أكثر مما دفع والا بما دفع ندبا واستحبابا بناء على انه اعطاه سابقا، وهذا الحمل وان كان بعيدا من العبارة مشتملا على التكلفات لكن لابد منه لئلا يلزم طرح الحديث الصحيح بالكلية. (4) محمول على ما إذا كان العيب غير الحمل.
[ 231 ]
3852 - وروى الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن زياد الكرخي قال: " أشتريت لابي عبد الله عليه السلام جارية فلما ذهبت أنقدهم قلت أستحطهم؟ قال: لا إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن الاستحطاط بعد الصفقة ". (1) 3953 - وروى ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي (2) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " ما تقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نعجة وما في بطونها من حمل بكذا وكذا درهما؟ فقال: لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حمل كان رأس ماله في الصوف " (3). 3854 - وروى الحسن بن محبوب، عن زيد الشحام قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشتري سهام القصابين من قبل أن يخرج السهم، قال: (4) إن
(1) ظاهره التحريم وحمل على الكراهة ومعنى الاستحطاط بعد الصفقة هو أن يطلب المشترى من البايع أن يحط عنه من ثمن المبيع بعد أن يكون البيع تماما. (2) مجهول لكن لا يضر جهالته لصحة الطريق عن ابن محبوب وهو ممن أجمعت العصابة
على تصحيح ما يصح عنه على قول الاكثر. (3) قال سلطان العلماء: ان كان الصوف مجزوزا فلا اشكال بعد كونه معلوم الوزن، وان كان على ظهر الانعام لابد أن يكون مستجزا أو شرط جزه على المشهور لان المبيع حينئذ مشاهد والوزن غير معتبر مع كونه على ظهرها. وقال المحقق وجماعة لا يجوز بيع الجلود والاصواف والاوبار والشعر على الانعام ولو ضم إليه غيره لجهالته، وقال في المسالك: الاقوى جواز بيع ماعد الجلد منفردا ومنضما مع مشاهدته وان جهل وزنه لانه حينئذ غير موزون كالثمرة على الشجرة وان كان موزونا لو قلع، وفى بعض الاخبار دلالة عليه وينبغى مع ذلك جزه في الحال أو شرط تأخيره الى مدة معلومة، فعلى هذا يصح ضم ما في البطن إليه إذا مكان المقصود بالذات هو ما على الظهر، وهو جيد لكن في استثناء الجلد تأمل كما قاله العلامة المجلسي. (4) رواه الكليني ج 5 ص 223 في الصحيح وزاد هنا: " لا يشترى شيئا حتى يعلم من أين يخرج السهم فان اشترى - الحديث " وقال سلطان العلماء: لعل المراد بسهام القصابين الجزء المشاع من عدة أغنام اشتروها شركة، فالرجل إذا اشترى من أحدهم سهمه قبل القسمة والتعيين فهو بالخيار بعد الخروج والقسمة لخيار المقرر في الحيوان ان قلنا بصحة ذلك البيع، ويحتمل أن يكون المراد الخيار بأخذه ببيع جديد أو تركه بناء على بطلان ذلك البيع حيث لا يكون المنظور الجزء المشاع بل ما حصل بعد القسمة وهو مجهول فتأمل.
[ 232 ]
اشترى سهما فهو بالخيار إذا خرج ". 3855 - وروى الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " ما تقول في رجل يهب لعبده ألف درهم أو أقل أو أكثر فيقول: حللني من ضربي إياك أو من كل ما كان مني إليك أو مما أخفتك وأرهبتك فيحلله و يجعله في حل رغبة فيما أعطاه، ثم إن المولى بعد أصاب الدراهم التي أعطاه في موضع قد وضعها فيه العبد فأخذها المولى أحلال هي له؟ فقال: لا، فقلت له: أليس
العبد وماله لمولاه؟ قال: ليس هذا ذاك (1)، ثم قال عليه السلام: قل له: فليردها عليه فإنه لا يحل له فإنه افتدى بها نفسه من العبد مخافة العقوبة والقصاص يوم القيامة فقلت له: فعلى العبد أن يزكيها إذا حال عليها الحول؟ قال: لا (2) إلا أن يعمل له بها (3)، ولا يعطى العبد من الزكاة شيئا ". 3856 - وروي عن يونس بن يعقوب (4) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " الرجل يشتري من الرجل البيع فيستوهبه (5) بعد الشراء من غير أن يحمله على الكره؟ قال: لا بأس به. 3857 - وروي عن زيد الشحام قال: " أتيت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام بجارية أعرضها عليه فجعل يساومني وأنا اساومه ثم بعتها إياه فضمن على يدي (6)
(1) ظاهره يشعر بعدم مالكية العبد في غير ذلك. (سلطان) (2) يدل على تملك العبد أرش الجناية وعلى أنه ليس عليه في ماله زكاة لعدم تمكنه من التصرف (م ت) وقال في المدارك: لاريب في عدم وجوب الزكاة على المملوك على القول بأنه لا يملك وانما الخلاف على القول بملكه والاصح أنه لا زكاة عليه. (3) فيؤدى زكاة التجارة استحبابا كالطفل. (سلطان) (4) في كثير من النسخ " يوسف بن يعقوب " فالطريق ضعيف بمحمد بن سنان والى يونس فيه الحكم بن مسكين. (5) المراد بالبيع المبيع ويستوهبه أي يطلب منه الاستحطاط ظاهرا. (6) أي ضرب على يدى وهو الصفقة (مراد) وفى الكافي " فضم على يدى " وهو سريح في المقصود.
[ 233 ]
فقلت: جعلت فداك إنما ساومتك لانظر المساومة تنبغي أو لا تنبغي فقلت: قد حططت عنك عشرة دنانير، قال: هيهات ألا كان هذا قبل الضمة (1)؟ أما بلغك قول
رسول الله صلى الله عليه وآله: " الوضيعة بعد الضمة حرام "؟. (2) 3858 - وروى روح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " تسعة أعشار الرزق في التجارة ". (3) 3859 - وروى ابن بكير، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إن سمرة ابن جندب كان له عذق في حائط رجل من الانصار وكان منزل الانصاري فيه الطريق إلى الحائط فكان يأتيه فيدخل عليه ولا يستأذن، فقال: إنك تجئ وتدخل ونحن في حال نكره أن ترانا عليه، فإذا جئت فاستأذن حتى نتحرز ثم نأذن لك وتدخل، قال: لا أفعل هو مالي أدخل عليه ولا أستأذن، فأتى الانصاري رسول الله صلى الله عليه وآله فشكى إليه وأخبره، فبعث إلى سمرة فجاءه، فقال له: استأذن عليه، فأبى وقال له مثل ما قال للانصاري، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وآله أن يشتري منه بالثمن فأبى عليه وجعل يزيده فيأبى أن يبيع، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله قال له: لك عذق في الجنة فأبى أن يقبل ذلك فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله الانصاري أن يقلع النخلة فيلقيها إليه وقال لا ضرر ولا إضرار ". (4) 3860 - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن الرجل يدفع الطعام إلى الطحان فيقاطعه على أن يعطي صاحبه لكل عشرة أمنان
(1) الضمة ان ضم أحدهما يد الاخر كما هو الداب في البيع والشراء وفى كثير من النسخ " قبل الضمنة " بالنون أي لزوم البيع وضمان كل منهما لما صار إليه. (2) الوضعية أن توضع من الثمن وحمل على الكراهة الشديدة أو عدم رضى البايع، وفى كثير من النسخ " الوضيعة بعد الضمنة حرام ". (3) لعله روح بن عبد الرحيم وفى نسخة " ذريح " وتقدم نحوه تحت رقم 3722 مع بيان له. (4) تقدم تحت رقم 3423 بلفظ آخر ونقلنا كلام الشراح هناك مبسوطا.
[ 234 ]
عشرة أمنان دقيق (1)؟ قال: لا، فقلت: فرجل يدفع السمسم إلى العصار فيضمن له بكل صاع أرطالا مسماة؟ فقال: لا ". (2) باب * (بيع الكلاء والزرع والاشجار والارضين) * * (والقنى والشرب والعقار) * (3) 3861 - روى أبان، عن إسماعيل بن الفضل قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن بيع الكلاء إذا كان سيحا (4) يعمد الرجل إلى مائه فيسوقه إلى الارض فيسقيه الحشيش وهو الذي حفر النهر وله الماء يزرع به ما يشاء؟ فقال: إذا كان الماء له فليزرع به ما شاء ويبيعه بما أحب ". 3862 - وسأله سماعة " عن شراء القصيل (5) يشتريه الرجل فلا يقصله (6) ويبدو له في تركه حتى يخرج سنبله شعيرا أو حنطة وقد اشتراه من أصله (7) وما
(1) رواه الكليني ج 5 ص 189 في الصحيح وفيه " فيقاطعه على أن يعطى صاحبه لكل عشرة أرطال اثنى عشر دقيقا - الخ " وقوله " قال: لا " لانه يمكن أن ينقص كما هو الغالب سيما إذا كان في الحنطة تراب ونحوه، ويحتمل أن يكون المراد نفى اللزوم أي العامل أمين ويلزم أن يؤدى الى المالك ما حصل سواء كان أقل أو أكثر. (المرآة) (2) في المحكى عن الشهيد في الدروس: روى محمد بن مسلم النهى من مقاطعة الطحان على دقيق بقدر حنطة وعن الخروج عن البيع والاجارة. (3) القناة يجمع على قنوات وقنى - على فعول بالضم - وقناء مثل جبل وجبال، والمراد بالشرب نصيب الماء، والعقار الارض والضياع والنخل كما في الصحاح. (4) السيح: الماء الجارى سمى بالمصدر، يعنى إذا كان الماء جاريا، وقوله " يعمد - الخ " بيان ذلك. (مراد) (5) القصيل: الشعير الاخضر لعلف الدواب.
(6) أي ولا يقطعه، والقصل: القطع. (7) أي لا جزة ولا جزاة، ذكره تأييدا لجواز الترك. (المرآة)
[ 235 ]
كان على أربابه من خراج فهو على العلج (1) فقال: إن كان اشترط حين اشتراه إن شاء قطعه قصيلا وإن شاء تركه كما هو حتى يكون سنبلا (2)، وإلا فلا ينبغي له أن يتركه، حتى يكون سنبلا ". 3863 - وسأله سماعة " عن الرجل اشترى مرعى يرعى فيه بخمسين درهما أو أقل أو أكثر فأراد أن يدخل معه من يرعى معه ويأخذ منهم الثمن، قال: فليدخل معه من شاء ببعض ما أعطى، وإن أدخل معه بتسعة وأربعين درهما فكان غنمه ترعى بدرهم فلا بأس، وليس له أن يبيعه بخمسين درهما ويرعى معهم (3) إلا أن يكون قد عمل في المرعى عملا حفر بئرا أو شق نهرا برضا أصحاب المرعى فلا بأس بأن يبيعه بأكثر مما اشتراه به لانه قد عمل فيه عملا فلذلك يصلح له ". 3864 - وروى سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إني لاكره أن أستأجر الرحى وحدها ثم أؤاجرها بأكثر مما استأجرتها إلا أن احدث فيها حدثا أو أغرم فهيا غرما ". (4) 3865 - وفي رواية إسحاق بن عمار، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا تقبلت أرضا بذهب أو فضة فلا تقبلها بأكثر مما قبلتها به لان الذهب والفضة مصمتان ". (5)
(1) العلج الرجل من كفار العجم، وكأنهم في ذلك الزمان كانوا زارعين لاهل المدينة ويحتمل اشتقاقه من المعالجة بمعنى المزاولة. (سلطان) (2) جزاء الشرط محذوف أي فلا بأس. (3) أن كان الكلام أفاد الحرمة فالحكم مخصوص بالمرعى دون المسكن لجوازه في
الاخبار والا فمحمول على الكراهة، والخبر رواه الكليني في الموثق أيضا. (4) الغرامة ما يلزم أداؤه ورواه الكليني في الموثق عن أبى بصير عنه عليه السلام. (5) لعل المراد أنهما ليسا مما ينمو كالحيوان والنبات فلا يزيد ان في يد المالك بالتصرف فيهما على وجه من الوجوه (مراد) وفى بعض النسخ " مضمونان " كما في التهذيب، وقال سلطان العلماء: لا يخفى ما فيه من الخفاء ويحتمل أن المراد أن ما أخذت شيئا مما دفعت من الذهب والفضة فهو مضمون وأنت ضامن له يجب دفعه الى صاحبه ويكون معنى قوله عليه السلام " فانهما =
[ 236 ]
3866 - وروى [ عن ] علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن الحنطة والشعير اشتري زرعه قبل أن يسنبل وهو حشيش؟ قال: لا إلا أن يشتريه لقصيل يعلفه الدواب ثم يتركه إن شاء حتى يسنبل ". (2) 3867 - وروي عن سعيد بن يسار (3) قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون له شرب مع القوم في قناتهم وهم فيه شركاء فيستغني بعضهم عن شربه أيبيعه قال: نعم إن شاء باعه بورق (4) وإن شاء باعه بكيل حنطة ". 3868 - وسأله سماعة " عن رجل يزارع ببذره في الارض مائة جريب من الطعام أو غيره مما يزرع ثم يأتيه رجل آخر فيقول له: خذ مني نصف بذرك ونصف نفقتك في هذه الارض لا شاركك؟ قال: لا بأس بذلك ". (5)
= مضمونان " أن الشرع ورد بذلك فهو نقل لا بيان للعلة والحكمة وكذا على نسخة " مضمنان "، وأما على نسخة " مصمتان " فيحتمل أن المراد أنهما غير نابتين فينبغي أن يكون عوضهما كذلك وفيه تأمل، أقول: روى في التهذيب ج 2 ص 173 عن الحلبي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام " أتقبل الارض بالثلث أو بالربع فأقبلها بالنصف؟ قال: لا بأس به، قلت فأتقبلها بألف درهم وأقبلها بألفين؟ قال: لا يجوز، قلت: كيف جاز الاول ولم يجز الثاني؟ قال: لان هذا مضمون وذلك غير مضمون ".
(1) على بن أبى حمزة هو البطائني الضعيف قائد أبى بصير يحيى بن (أبى) القاسم الحذاء المكفوف وراويه. (2) قال في شرح اللمعة: يجوز بيع الزرع قائما على أصوله سواء أحصد أم لا، قصد قصله أم لا، لانه قابل للعلم مملوك، فتناوله الادلة خلافا للصدوق حيث شرط كونه سنبلا أو القصل. (3) كذا في النسخ وفى الكافي " سعيد الاعرج " وهو سعيد بن عبد الرحمن أو عبد الله ويظهر من كتب الرجال عدم اتحادهما. (4) أي بدرهم مع تعيين المدة. قال في المسالك: ما حكم بملكه من الماء يجوز بيعه كيلا ووزنا لانضباطهما فكذا يجوز مشاهدة إذا كان محصورا. وأما بيع ماء البئر والعين أجمع فالاشهر منعه لكونه مجهولا وكونه يزيد شيئا فشيئا فيختلط المبيع بغيره، وفى الدروس جوز بيعه على الدوام سواء كان منفردا أم تابعا للارض وينبغى جواز الصلح لان دائرته أوسع. (5) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 172 في حديث مع اختلاف في اللفظ.
[ 237 ]
3869 - وسأله " عن رجل اشترى قصيلا فلم يقصله وتركه حتى صار شعيرا وقد كان اشترط على العلج يوم اشتراه أنه ما يأتيه من نائبة أنه على العلج، فقال: إن كان اشتراط على العلج يوم اشتراه أنه إن شاء جعله سنبلا وإن شاء جعله قصيلا فله شرطه، وان لم يكن اشتراط فلا ينبغي له أن يدعه حتى يكون سنبلا فإن فعل فإن عليه طسقه (1) ونفقته وله ما يخرج منه ". (2) وإن اشترى رجل نخلا ليقطعه للجذوع فغاب وترك النخل كهيئته لم يقطع ثم قدم وقد حمل النخل فالحمل له إلا أن يكون صاحب النخل كان يسقيه ويقوم عليه (3). وإن أتى رجل أرضا فزرعها بغير إذن صاحبها، فلما بلغ الزرع جاء صاحب
الارض فقال: زرعت بغير إذني فزرعك لي وعلي ما أنفقت فللزارع زرعه ولصاحب الارض كرى أرضه. (4)
(1) الطسق - كفلس -: الوظيفة من خراج الارض المقررة عليها، والكلمة دخيلة. (2) تقدم صدره تحت رقم 3862 (3) روى الكليني ج 5 ص 297 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 174 في الصحيح عن - هارون بن حمزة قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشترى النخل ليقطعه للجذوع فيغيب الرجل ويدع النخل كهيئته لم يقطع، فيقدم الرجل وقد حمل النخل، فقال: له الحمل يصنع به ما شاء الا أن يكون صاحب النخل كان يسقيه ويقوم عليه " لم يذكر عليه السلام اجرة السقى ولعل ذلك أنه كان للمالك أن يقطع النخل فلما لم يقطعه فكأنه رضى ببقائه مجانا والمشهور بين الاصحاب استحقاق الاجر وعدم الذكر لا يدل على العدم. (4) مضمون ما رواه الكليني ج 5 ص 296 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 172 بسند صحيح عن محمد بن الحسين بن أبى الخطاب، عن محمد بن عبد الله بن هلال - وهو مجهول الحال - عن عقبة بن خالد قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أتى أرض رجل فزرعها بغير اذنه حتى إذا بلغ الزرع جاء صاحب الارض فقال: زرعت بغير اذنى فزرعك لى ولك على ما أنفقت، أله ذلك أم لا؟ فقال: للزارع زرعه ولصاحب الارض كرى أرضه " ويدل على ما هو المشهور بين الاصحاب من أنه إذا زرع الغاصب الارض المغصوبة أو غرس فيها غرسا فنماؤه له تبعا للاصل ولا يملكه المالك على أصح القولين كما في المرآة.
[ 238 ]
3870 - وروي عن محمد بن علي بن محبوب (1) قال: " كتب رجل إلى الفقيه عليه السلام في رجل كانت له رحى على نهر قرية والقرية لرجل أو لرجلين فأراد صاحب القرية أن يسوق الماء إلى قريته في غير هذا النهر الذي عليه هذه الرحى ويعطل هذه الرحي أله ذلك أم لا؟ فوقع عليه السلام: يتقي الله ويعمل في ذلك بالمعروف
ولا يضار أخاه المؤمن. وفي رجل كانت له قناة في قرية فأراد رجل آخر أن يحفر قناة اخرى فوقها (2) فما يكون بينهما في البعد حتى لا يضر بالاخرى في أرض إذا كانت صعبة أو رخوة؟ فوقع عليه السلام: على حسب أن لا يضر أحدهما بالاخر إن شاء الله تعالى ". (3) 3871 - و " قضى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكون بين القناتين في العرض (4) إذا كانت أرضا رخوة أن يكون بينهما ألف ذراع، وإن كانت أرضا صلبة يكون بينهما خمسمائة ذراع ". 3872 - " وقضى عليه السلام في أهل البوادي أن لا يمنعوا فضل ماء ولا يبيعوا (5) فضل الكلاء ". 3873 - و " قضى عليه السلام أن البئر حريمها أربعون ذراعا لا يحفر إلى جنبها بئر اخرى لمعطن أو غنم ". (6)
(1) كذا في جميع النسخ والتهذيب أيضا، ومحمد بن على بن محبوب عده الشيخ في رجاله ممن لم يرو عنهم عليهم السلام وفى الكافي ج 5 ص 293 عن محمد بن يحيى، عن محمد ابن الحسين وفى بعض النسخ " محمد بن الحسن " - قال: " كتبت الى أبى محمد عليه السلام - و ذكر مثله " الا أنه قدم المسألة الثانية على الاولى. (2) في الكافي " الى قرية له ". (3) ظاهر هذا الخبر والاخبار الاخر أن المدار على الضرر مع تواتر الاخبار بلا ضرر ولا ضرار والمشهور التحديد في الصلبة بخمسمائة ذراع وفى الرخوة بألف ذراع كما سيجيئ. (م ت) (4) بأن يكون أحدهما موازية للاخرى (مراد) وفى بعض النسخ " في الارض " بدل " في العرض ". (5) في بعض النسخ " ولا يمنعوا ". (6) المعطن مشرب الابل، وفى بعض النسخ " لعطن ".
[ 239 ]
3874 - وروى محمد بن سنان عن أبي الحسن عليه السلام قال: " سألته عن ماء - الوادي فقال: إن المسلمين شركاء في الماء والنار والكلاء ". (1) 3875 - وروى عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل باع أرضا على أن فيها عشرة أجربة، فاشترى المشتري ذلك منه بحدوده ونقد الثمن وأوقع صفقة البيع وافترقا فلما مسح الارض إذا هي خمسة أجرية، قال: إن شاء استرجع فضل ماله وأخذ الارض، وإن شاء رد البيع وأخذ ماله كله إلا أن تكون إلى حد تلك الارض له أيضا أرضون فيوفيه ويكون البيع لازما له والوفاء له بتمام المبيع (2)، فإن لم يكن له في ذلك المكان غير الذي باع فإن شاء المشتري أخذ الارض واسترجع فضل ماله، وإن شاء رد وأخذ المال كله ". باب * (احياء الموات والارضين) * 3876 - روى العلاء، عن محمد بن مسلم قال: " سألته عن الشراء من أرض
(1) الكلاء: العشب رطبه ويابسه والمراد بالماء ماء الوادي بقرينة السؤال، وقال سلطان العلماء: لعل المراد بالنار الحطب تسمية للسبب باسم المسبب، والمراد بالثلاثة ما هو المباح بالاصل قبل الحيازة أي نسبة جميع المسلمين إليه بالسواء فيجوز لكل أحد حيازتها والانتفاع بها - انتهى. أقول: محمد بن سنان ضعيف جدا لا يعول عليه ولا يلتفت الى ما تفرد به وقال المفيد انه ثقة لكن ضعفه الشيخ وقال الفضل بن شاذان في بعض كتبه ان من الكذابين المشهورين ابن سنان وليس بعبدالله، ورفع أيوب بن نوح الى حمدويه دفترا فيه أحاديث محمد بن سنان فقال: ان شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا فانى كتبت عن محمد بن سنان ولكني لا أروى عنه شيئا فانه قال قبل موته: كل ما حدثتكم به لم يكن لى سماعا ولا رواية وانما وجدته. راجع القسم الثاني من الخلاصة، والمراد بأبى الحسن على الرضا عليه السلام.
(2) ان اريد بيان أحد شقوق التراضي فهو والا فظاهره لزوم البيع من جانب المشترى وليس له رده، وقوله عليه السلام: " لازما له " أي للمشترى، و " الوفاء له بتمام المبيع " أي من المبايع.
[ 240 ]
اليهودي والنصراني (1) فقال: ليس به بأس، وقد ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله على خيبر فخارجهم (2) على أن تكون الارض في أيديهم يعملون فيها ويعمرونها، وما بأس لو اشتريت منها (3) شيئا، وأيما قوم أحيوا شيئا من الارض فعمروه فهم أحق به وهو لهم ". (4) 3877 - وقال النبي صلى الله عليه وآله (5): " من غرس شجرا بدءا أو حفر واديا لم يسبقه إليه أحد، أو أحيا أرضا ميتة فهي له قضاء من الله عزوجل ورسوله ". 3878 - وروي عن الحسن بن علي الوشاء قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشترى من رجل أرضا جربانا معلومة بمائة كر على أن يعطيه من الارض، فقال: حرام (6)، قلت: جعلت فداك فان اشترى منه الارض بكيل معلوم وحنطة من غيرها (7)؟ فقال: لا بأس بذلك ". 3879 - وروي عن أبي الربيع الشامي (8) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا
(1) المراد بأراضيهم ما يكون ملكا لهم وتؤخذ الجزية منها. (2) أي ضرب الخراج عليهم وقاطعهم، والاستشهاد من باب مفهوم الموافقة فإذا كان بيع أراضي خيبر جائزا فما كان ملكا لهم جاز بالطريق الاولى. (3) أي من الارض المسؤول عنها التى هي ملكهم. (4) في التهذيب والاستبصار " فهم أحق بها وهى لهم ". (5) رواه الكليني ج 5 ص 280 عن على، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبى عبد الله عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله وكذا الشيخ في كتابيه.
(6) رواه الكليني ج 5 ص 264 بسند صحيح وقال العلامة المجلسي: لعل المنع لكونه شبيها بالربا أو لعدم تيقن حصوله منها أو لعدم العلم بالمدة التى يحصل منها ولم أره كما في بالى في كلام القوم. (7) أي مع اشتراط غيرها أو مع الاطلاق بحيث يجوز له أن يؤدى من غيرها. (المرآة) (8) رواه الشيخ في التذيب ج 2 ص 158 باسناده عن الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبى الربيع الشامي واسمه خليد بن أوفى، وله كتاب.
[ 241 ]
يشترى من أراضي أهل السواد شيئا إلا من كانت له ذمة فانما هي فيئ للمسلمين " (1). 3880 - وروى الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سئل - وأنا حاضر - عن رجل أحيا أرضا مواتا فكرى فيها نهرا (2) وبنى بيوتا وغرس نخلا وشجرا، فقال: هي له وله أجر بيوتها وعليه فيها العشر فيما سقت السماء أو سيل واد أو عين، وعليه فيما سقت الدوالي والغرب (3) نصف العشر ". 3881 - وسأله سماعة " عن رجل زارع مسلما أو معاهدا فأنفق فيه نفقة (4) ثم بداله في بيعه أله ذلك؟ قال: يشتريه بالورق فإن أصله طعام " (5). 3882 - وسأله عبد الله بن سنان " عن النزول على أهل الخراج، فقال: ثلاثة أيام ". وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله (6). 3883 - وروي عن علي بن مهزيار قال: " سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام عن دار كانت لامرأة وكان لها ابن وابنة فغاب الابن في البحر وماتت المرأة فادعت ابنتها أن امها كانت صيرت تلك الدار لها وباعت أشقاصا منها وبقيت في الدار قطعة
(1) المراد بأراضى أهل السواد الاراضي المفتوحة عنوة كالعراق وغيره وقوله " الا من كانت له ذمة " أي من ضرب عليه الخراج على أن تكون الارض في أيديهم، وقوله: " لا يشترى " خبر منفى، وفى بعض النسخ " لا تشترى " وفى التهذيب والاستبصار " لا تشتر "
فالمعنى واضح وعلى ما في المتن يمكن أن يكون المراد أنه لا يشترى من الاراضي المفتوحة عنوة الا مسلم أو معاهد يؤدى الخراج، لكن الظاهر أن نسخ الفقيه مصحفة والصواب ما في كتابي الشيخ رحمه الله. (2) كريت النهر كريا حفرته. (3) الغرب: الدلو العظيم والراوية. (4) أي فأنفق الزارع فيه نفقة. وقوله " بداله في بيعه " أي بيع حصته. (5) يدل على كراهة بيع الزرع بالحب للربا المعنوي ولا يحرم لان الزرع ليس بمكيل ولا موزون ولو كان حنطة فباعه بحنطة منه فهو محاقلة وقد ادعى الاجماع على حرمته. (6) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 159 في الصحيح. (7) الشقص - بكسر الشين المعجمة -: القطعة من الارض والنصيب في العين المشتركة من كل شئ.
[ 242 ]
إلى جنب دار رجل من إخواننا فهو يكره أن يشتريها لغيبة الابن وما يتخوف من أنه لا يحل له شراؤها وليس يعرف للابن خبر، قال: ومنذ كم غاب؟ قلت: منذ سنين كثيرة، فقال: ينتظر به غيبة سنين ثم يشتري " (1). 3884 - وكتب محمد بن الحسن الصفار - رحمه الله - (2) إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام " في رجل اشترى من رجل بيتا في دار له بجميع حقوقه، وفوقه بيت آخر هل يدخل البيت الاعلى في حقوق البيت الاسفل أم لا؟ فوقع عليه السلام: ليس له إلا ما اشتراه باسمه وموضعه إن شاء الله ". 3885 - وكتب إليه " في رجل قال لرجلين: اشهدا إن جميع الدار التي له في موضع كذا وكذا بحدودها كلها لفلان ابن فلان وجميع ماله في الدار من المتاع، والبينة لا تعرف المتاع أي شئ هو؟ فوقع عليه السلام، يصلح إذا أحاط الشراء بجميع
ذلك إن شاء الله " (3). 3886 - وكتب إليه " في رجل كانت له قطاع أرضين فحضره الخروج إلى مكة والقرية على مراحل من منزله ولم يكن له من المقام ما يأتي بحدود أرضه (4) وعرف
(1) المشهور الانتظار الى العمر الطبيعي، وقيل: أربع سنين بشرط الطلب وهو اختيار السيد المرتضى والصدوق - رحمهما الله - في الميراث، وقيل: الى عشرة سنين بلا طلب كما في هذه الرواية (سلطان) أقول: طريق المصنف الى على بن مهزيار صحيح لكن قوله " روى عن على بن مهزيار " يشعر بكونه مأخوذا من كتاب مثل الكافي وفيه في طريقه سهل بن زياد وهو ضعيف على المشهور، ومروى في التهذيب في باب ميراث المفقود " عن على بن مهزيار " بدون لفظة " روى " وطريقه إليه صحيح. (2) كذا وطريق المصنف إليه صحيح، وفى التهذيب مثل ما في المتن أعنى بدون ذكر السند وطريقه إليه صحيح أيضا. (3) في الكافي ج 7 ص 402 في حديث عن محمد بن يحيى عنه وفى التهذيب ذيل الخبر المتقدم، وقوله " يصلح " ذلك إذا علم المشترى ما في البيت ولم يعلمه الشاهد أو مع جهالته عند المشترى أيضا لكونه آئلا الى المعلومية مع انضمامه الى المعلوم كما في المرآة. (4) أي لا يسعه التوقف بقدر استعلام حدود أرضه بخصوصها وان عرف حدود كل القرية (سلطان) وفى الكافي " ولم يؤت بحدود أرضه " بدل " ولم يكن له من المقام - الخ ".
[ 243 ]
حدود القرية الاربعة فقال للشهود: اشهدوا اني قد بعت من فلان - يعني المشتري - جميع القرية التي حد منها كذا والثاني والثالث والرابع وإنما له في هذه القرية قطاع أرضين فهل يصلح للمشتري ذلك وإنما له بعض هذه القرية وقد أقر له بكلها؟ فوقع عليه السلام لا يجوز بيع ما ليس يملك وقد وجب الشراء من البائع على ما يملك " (1). 3887 - وكتب إليه " في رجل يشهده أنه قد باع ضيعة من رجل آخر وهي قطاع أرضين ولم يعرف الحدود في وقت ما أشهده، وقال: إذا أتوك بالحدود فاشهد
بها هل يجوز له ذلك، أو لا يجوز له أن يشهد؟ فوقع عليه السلام: نعم يجوز والحمد لله " (2). 3888 - وكتب إليه " هل يجوز أن يشهد على الحدود إذا جاء قوم آخرون من أهل تلك القرية فشهدوا أن حدود هذه الضيعة التي باعها الرجل هي هذه، فهل يجوز لهذا الشاهد الذى أشهده بالضيعة ولم يسم الحدود أن يشهد بالحدود بقول هؤلاء الذين عرفوا هذه الضيعة وشهدوا له؟ أم لا يجوز لهم أن يشهدوا وقد قال لهم البائع: اشهدوا بالحدود إذا أتوكم بها (3)؟ فوقع عليه السلام: لا تشهد إلا على صاحب الشئ وبقوله (4) إن شاء الله ". 3889 - وروي عن جراح المدائني قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن دار
(1) أي بنسبة من الثمن كما هو المشهور، أو بكله إذا علم المشترى أن المبيع بعض هذه القرية وانما ذكر الكل لعدم علمه بالحدود. (المرآة) (2) اما مجملا مع عدم العلم بالحدود أو مفصلا مع العلم بها، ليوافق المشهور وسائر الاخبار (المرآة) وقال الفاضل التفرشى: قوله " إذا أتوك " أي إذا ذكروا لك الحدود و عرفوا اياها فاشهد بها، والظاهر أن المعرفين ممن نص عليهم المقر بقرينة ما يأتي بعد ذلك " إذا جاء قوم آخرون " أي سوى الجماعة التى أشار البايع إليهم بقوله " إذا أتوك ". (3) يعنى قال البايع لهؤلاء الاخرين: اشهدوا بالحدود إذا أتوكم بها، ولعل هذا لا يلائم استظهار الفاضل التفرشى. (4) يعنى إذا حصل لك العلم من البايع بالبيع ومن الشهود بالحدود فعليك أن تشهد بما في الواقع بأن تقول: أشهدني المالك على البيع والشهود على الحدود. (م ت)
[ 244 ]
فيها ثلاثة أبيات وليس لهن حجر (1)، قال: إنما الاذن على البيوت ليس على الدار إذن " (2).
قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: يعني بذلك الدار التي تكون للغلة وفيها السكان بالكرى أو بالسكنى فليس على مثلها من الدور إذن إنما الاذن على البيوت، فأما الدار التي ليست للغلة فليس لاحد أن يدخلها إلا بإذن. باب * (المزارعة والاجارة) * 3890 - روي عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يعطي الرجل أرضه وفيها ماء ونخل وفاكهة فيقول: اسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما أخرج الله عزوجل منه، قال: لا بأس ". قال: وسألته عن الرجل يعطي الرجل الارض الخربة فيقول: اعمرها وهي لك ثلاث سنين أو أربع أو خمس سنين أو ما شاء، قال: لا بأس [ بذلك ]. قال: وسألته عن الرجل تكون له الارض من أرض الخراج عليها خراج معلوم وربما زاد وربما نقص فيدفعها إلى الرجل (3) على أن يكفيه خراجها ويعطيه مائتي درهم في السنة؟ قال: لا بأس " (4).
(1) أي ليس لهذه البيوت منع عن الدخول يعنى ليس لها باب فهل يحتاج الى الاستيذان لدخول الدار أم لا ويجوز الدخول. (2) اشارة الى قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ". (3) يحتمل كون ذلك بطريق المصالحة أو الاجارة أو التقبل. (سلطان) (4) لعل وجهه أن مال الاجازة أو المصالحة حينئذ في الحقيقة هو مائنا درهم وهو معلوم لا جهالة فيه ويكون الخراج من قبيل سائر المؤونات التى على المستأجر ويزيد و ينقص فلا بأس بجهالته واحتماله الزيادة والنقصان كسائر المؤونات (سلطان) واحتمل بعض أن يكون فاعل زاد ونقص هو الحاصل.
[ 245 ]
3891 - وسأل سماعة أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يتقبل الارض بطيبة نفس أهلها على شرط يشارطهم عليه، قال: له أجر بيوتها (1) إلا الذي كان في أيدي دهاقينها إلا أن يكون قد اشترط على أصحاب الارض ما في أيدي الدهاقين " (2). 3892 - وروى شعيب، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا تقبلت أرضا بطيبة نفس أهلها على شرط شارطتهم عليه فإن لك كل فضل في حرثها إذا وفيت لهم، وإنك إن رممت فيها مرمة وأحدثت فيها بناء فإن لك أجر بيوتها إلا ما كان في أيدي دهاقينها ". 3893 - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن رجل استأجر أرضا بألف درهم، ثم آجر بعضها بمائتي درهم، ثم قال له صاحب الارض الذي آجره: أنا أدخل معك فيها بما استأجرت فننفق جميعا (3) فما كان فيها من فضل كان بيني وبينك، قال: لا بأس بذلك ". 3894 - وروى أبان، عن إسماعيل قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل استأجر من رجل أرضا فقال: آجرنيها بكذا وكذا إن زرعتها أو لم أزرعها اعطيك
(1) قوله " على شرط يشارطهم عليه " أي من المدة والعمل وغير ذلك، وقوله عليه السلام " له " أي للمتقبل والمراد بأجر الييوت منافع بيوتها الكائنة في هذه الارض. (2) في التهذيب والكافي هكذا " بطيبة نفس أهلها على شرط يشارطهم عليه وان هو رم فيها مرمة أو جدد فيها بناء فان له أجر بيوتها الا الذى كان في أيدى دها قينها أولا، قال إذا كان قد دخل في قبالة الارض على أمر معلوم فلا يعرض لما في أيدى دهاقينها الا أن يكون قد اشتراط - الخ " فالظاهر أن الزيادة سقط من قلم المصنف أو لخص الخبر، والغرض كما قاله المولى المجلسي؟ إذا تقبل عاملا قرية خربة وشرط على أصحابها انه ان رم دورها يكون له أجرة تلك الدور سوى ماكان في أيدى أهل القرية قبل المرمة أو قبل الاجارة فإذا
رمها هل يجوز أن يأخذ من الاكرة أجرة الدور؟ فقال عليه السلام قاعدة كلية وهى أنه إذا استأجر الارض أو زارعها فان القبالة يشملهما ينصرف الاطلاق الى الاراضي ولا يدخل فيه الدور والبيوت سيما ما كان في أيدى الاكرة الا أن يذكر الدور مع المزرعة. (3) أي الضروريات للعمل.
[ 246 ]
ذلك فلم يزرع الرجل، قال: له أن يأخذه بماله إن شاء ترك وأن شاء لم يترك ". (1) 3895 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا تستأجر الارض بالتمر ولا بالحنطة ولا بالشعير ولا بالاربعاء ولا بالنطاف (2)، قلت: وما الاربعاء؟ قال: الشرب، والنطاف فضل الماء (3)، ولكن تتقبلها بالذهب والفضة، والنصف والثلث والربع ". 3896 - وروى محمد بن مسلم (4) عن أبي جعفر عليه السلام " في رجل اكترى دارا وفيها بستان فزرع في البستان وغرس نخلا وأشجارا وفاكهة وغيرها ولم يستأمر في ذلك صاحب الدار، قال: عليه الكرى، ويقوم صاحب الدار ذلك الغرس والزرع فيعطيه الغارس إن كان استأمره في ذلك، وإن لم يكن استأمره فعليه الكرى وله الغرس والزرع يقلعه ويذهب به حيث شاء ". 3897 - وروى إدريس بن زيد (5) عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: " جعلت
(1) أي ان شاء المستأجر ترك الزرع وان شاء لم يترك، ويحتمل أن يكون تفصيلا لقوله " له أن يأخذه بماله " أي ان شاء المؤجر ترك ماله ولم يأخذ من المستأجر وان شاء لا يترك ويأخذ منه. (2) الاربعاء جمع الربيع وهو النهر الصغير، والنطاف جمع نطفة وهى الماء القليل والمراد حصة من ماء، وقال المولى المجلسي: أي لا يستأجر الارض بشرب أرض المؤجر. (3) حمل على الكراهة وقد قيد بما إذا كان شرط أن يكون الحنطة أو الشعير من تلك
الارض، وقيد الشيخ - رحمه الله - في الاستبصار النهى بما إذا كان قبلها بما يزرع فيها فاما إذا كان في غيرها فلا بأس. (4) في طريق المصنف إليه على بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن خالد عن أبيه وهما غير مذكورين ورواه الكليني في الكافي ج 5 ص 297 والشيخ في التهذيب بسند موثق بأدنى اختلاف. (5) الطريق إليه حسن كما في الخلاصة وهو مجهول الحال الا أن المصنف وصفه في المشيخة بصاحب الرضا عليه السلام وربما يشعر ذلك بالمدح، وقال الوحيد البهبهانى في التعليقة: حكم بعض المتأخرين باتحاده مع ادريس بن زياد الكفر ثوثى الثقة بقرينة رواية ابراهيم بن هاشم عنه.
[ 247 ]
فداك إن لنا ضياعا ولها الدولاب وفيها مراعي وللرجل منا غنم وإبل ويحتاج إلى تلك المراعي لغنمه وإبله أيحل له أن يحمي المراعي لحاجته إليها؟ قال: إذا كانت الارض أرضه فله أن يحمي ويصير ذلك إلى ما يحتاج إليه، وقلت له: الرجل يبيع المرعى؟ فقال: إذا كانت الارض أرضه فلا بأس " (1). 3898 - وروى الحسن بن محبوب، عن إبراهيم الكرخي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " اشارك العلج المشرك (2) فيكون من عندي الارض والبقر والبذر ويكون على العلج القيام والسعي والعمل في الزرع حتى يصير حنطة أو شعيرا وتكون القسمة فيأخذ السلطان حظه (3) ويبقى ما بقى على أن للعلج منه الثلث ولي الباقي؟ فقال: لا بأس بذلك، قلت: فإن عليه أن يرد على ما أخرجت من البذر ويقسم الباقي، فقال: لا إنما شاركته على أن البذر والبقر والارض من عندك، وعليه القيام والسعي " (4). 3899 - وروى الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير أخي إسحاق بن جرير (5) قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن أرض يريد رجل أن يتقبلها فأي وجوه
القبالة أحل؟ قال، يتقبل من أهلها بشئ مسمى (6) إلى سنين مسماة فيعمر
(1) قال في الجامع: يجوز بيع المرعى والكلاء إذا كان في ملكه وان يحمى ذلك في ملكه، فاما الحمى العام فليس الا لله ولرسوله وائمة المسلمين يحمى لنعم الصدقة والجزية والضوال وخيل المجاهدين، وقال في الدروس: يجوز بيع الكلاء المملوك ويشترط تقدير ما يرعاء بما يرفع الجهالة. (المرآة) (2) العلج - بالكسر والسكون -: الرجل الضخم من كفار العجم، وقيل مطلقا. (3) في الكافي ج 5 ص 268 " فيأخذ السلطان حقه ". (4) في الكافي " والسقى " وما اشتمل عليه موافق للمشهور. (المرآة) (5) خالد بن جرير بن عبد الله البجلى كان من أصحاب الصادق عليه السلام وله كتاب رواه ابن محبوب. وروى الكشى عن على بن الحسن أنه قال: خالد بن جرير كان صالحا، و في التهذيب ج 2 ص 172 عنه عن أبى الربيع الشامي عن أبى عبد الله عليه السلام ولعل الواسطة سقط من النساخ. (6) أي من الاجرة والحصة بالثلث والربع. (م ت)
[ 248 ]
ويؤدي الخراج، فإن كان فيها علوج فلا يدخل العلوج في القبالة فإن ذلك لا يحل " (1). 3900 - وروى الحسن بن محبوب عن خالد، عن أبي الربيع قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل يتقبل الارض من الدهاقين فيؤاجرها بأكثر مما يتقبلها به ويقوم فيها بحظ السلطان؟ فقال: لا بأس به (2) إن الارض ليست مثل الاجير ولا مثل البيت، إن فضل الاجير والبيت حرام " (3). 3901 - " ولو أن رجلا استأجر دارا بعشرة دراهم فسكن ثلثيها وآجر ثلثها بعشرة دراهم لم يكن به بأس ولكن لا يؤاجرها بأكثر مما استأجرها " (4).
3902 - وسئل أبو عبد الله عليه السلام (5) " عن رجل استأجر أرضا من أرض الخراج
(1) الظاهر أن المشار إليه بذلك مشاركة العلج في القبالة حتى يتعلق حقه بالارض مثل حق المسلم فلا ينافى ما مر أنه لا بأس في مشاركة العلج حيث ان مشاركته حينئذ في الزراعة عوضا عن عمله وخدمته فهو حينئذ في معنى الاجير، ويمكن أن يحمل نفى الحل على الحل الذى كان السائل قد سأله وهو كونه أحل، فيكون المراد أن عدم مشاركة العلج أحل. (مراد) (2) قد مر في رواية اسحاق بن عمار وغيرها النهى عن ذلك إذا كان بالذهب والفضة، والاصحاب حملوا النهى على الكراهة فلا ينافى الجواز، ويحتمل حمل هذا على ما إذا عمل فيه عمل ويحتمل الفرق بين الذهب والفضة وغيرهما لكن غير موجود في كلام أكثر الاصحاب. (سلطان) (3) يدل على جواز اجارة الارض للزراعة بأكثر مما استأجرها مع قيامه بالخراج بخلاف الزيادة التى تحصل من الاجير والبيت. (م ت) (4) هذا الكلام بلفظه حديث رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 272 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام، وزاد في آخره " الا أن يحدث فيها شيئا ". ويدل على أنه يجوز أن يسكن بعضها ويوجر الباقي بمثل ما استاجرها ولا يجوز بالاكثر كما ذهب إليه ابن البراج، والشيخ قال بالمنع فيهما كما في المرآة. (5) رواه الكليني ج 5 ص 272 في ذيل خبر عن اسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبى عبد الله عليه السلام.
[ 249 ]
بدراهم مسماة أو بطعام مسمى فيؤاجرها جريبا جريبا أو قطعة قطعة بشئ معلوم فيكون له فضل فيما استأجر من السلطان ولا ينفق شيئا، أو يؤاجر تلك الارض قطعا على أن يعطيهم البذور والنفقة فيكون له في ذلك فضل على إجارته وله مرمة
الارض (1) أله ذلك؟ أو ليس له، فقال: إذا استأجرت أرضا فأنفقت فيها شيئا أو رممت فيها فلا بأس بما ذكرت ". ولا بأس أن يستكري الرجل أرضا بمائة دينار فيكري بعضها بخمسة وتسعين دينارا ويعمر بقيتها (2). 3903 - روي عن أبي الربيع (3) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: " كان أبو جعفر عليه السلام يقول: إذا بيع الحائط وفيه النخل والشجر سنة واحدة فلا يباعن حتى يبلغ ثمرته، وإذا بيع سنتين أو ثلاثا فلا بأس ببيعه بعد أن يكون فيه شئ من الخضر " (4). 3904 - وروي عن أبي الربيع (5) عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل يزرع في
(1) في بعض النسخ والكافي " وله تربة الارض " وقال العلامة المجلسي: يمكن حمل الاول على الاجارة والثانى على المزارعة، لان في المزارعة لا يملك منافع الارض فهو بمنزلة الاجير في العمل، أو المراد بالتربة التراب الذى يطرح على المزارع لاصلاحها، أو أنه يبقى لنفسه شيئا من تربة الارض، أو لا يبقى بل يؤاجرها كلها، وفى بعض النسخ " ولم تربة الارض " بتشديد الميم بمعنى اصلاح تربتها. (2 () روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 173 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن رجل يستكرى الارض بمائة دينار فيكرى نصفها بخمسة و تسعين دينارا ويعمر هو بقيتها؟ قال: لا بأس ". (3) رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 142 باسناده عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير عنه. (4) لعله اشارة الى عدم كون الاشجار يابسة بحيث لا يستعد للاثمار في السنين، أو المراد الضميمة كما هو المشهور. (سلطان) (5) روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 170 بالسند السابق عنه مثله وزاد في آخره " فانما
يحرم الكلام ".
[ 250 ]
أرض رجل على أن يشترط للبقر الثلث وللبذر الثلث ولصاحب الارض الثلث؟ فقال لا يسمي بقرا ولا بذرا ولكن يقول لصاحب الارض: ازارعك في أرضك ولك كذا وكذا مما أخرج الله عزوجل فيها ". 3905 - قال أبو الربيع: وقال أبو عبد الله عليه السلام " في رجل يأتي أهل قرية وقد اعتدى عليهم السلطان فضعفوا عن القيام بخراجها، والقرية في أيديهم ولا يدرى لهم هي أم لغيرهم فيها شئ فيدفعونها إليه على أن يؤدي خراجها فيأخذها منهم ويؤدي خراجها ويفضل بعد ذلك شئ كثير؟ فقال: لا بأس بذلك إذا كان الشرط عليهم بذلك ". 3906 - وفي رواية حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن مزارعة أهل الخراج بالربع والثلث والنصف؟ فقال: لا بأس قد قبل رسول الله صلى الله عليه وآله أهل خيبر (1) أعطاها اليهود حين فتحت عليه الخبر، والخبر هو النصف " (2). 3907 - وروى محمد بن خالد، عن ابن سيابة (3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سأله رجل فقال له: جعلت فداك أسمع قوما يقولون: إن الزراعة مكروهة، فقال: ازرعوا واغرسوا، فلا والله ما عمل الناس عملا أحل وأطيب منه، والله ليزرعن الزرع والنخل بعد خروج الدجال " (4).
(1) الصواب أرض خيبر. (2) المخابرة أن يزرع على النصف ونحوه كالخبر - بالكسر - (3) في بعض النسخ " عن ابن سنان " وفى الكافي " عن سيابة " بدون لفظة " ابن " (4) في الكافي والتهذيب " والله ليزرعن الزرع وليغرسن النخل بعد خروج الدجال " وهذا اما كناية عن الدوام والتأييد أو عن زمان ظهور القائم عليه السلام، وعلى الثاني لعل المراد أن في حكومته صلوات الله عليه تكون الزراعة والفلاحة من أهم الامور وأشغل الاعمال لاهتمامه عليه السلام بشأنهما وشدة تحريصه الناس عليهما بحيث نصير الارض في أيامه معمورة
على حد لا توجد فيها قطعة مستعدة الا وقد تزرع ولا بستان الا وهو ملتف بالنخيل والاثمار كما جاء في الاخبار، وهذه خصيصة تخص بها الحكومة الحقة الالهية قلما تكون في غيرها، وقال سلطان العلماء: لعله كناية عن أن هذا عمل يعمل الى آخر الزمان والناس يحتاجون إليها =
[ 251 ]
3908 - روى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " لا تستأجر الارض بحنطة ثم تزرعها حنطة " (1). 3909 - وروى محمد بن سهل، عن أبيه (2) قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يزرع له الحراث الزعفران ويضمن له (3) على أن يعطيه في جريب أرض يمسح عليه كذا وكذا درهما (4) فربما نقص وغرم وربما زاد؟ قال: لا بأس به إذا تراضيا ". 3910 - وروي عن علي بن يقطين قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يتكارى من الرجل البيت أو السفينة سنة وأكثر من ذلك أو أقل، قال: الكرى لازم إلى الوقت الذي تكارى إليه، والخيار في أخذ الكرى إلى ربها إن شاء أخذ وإن شاء ترك " (5). 3911 - وسأل علي الصائغ (6) أبا عبد الله عليه السلام فقال: " أتقبل العمل فاقبله
= الى قيام الساعة فكيف يكون مكروها، ويحتمل أن يكون المراد أن بعد خروج الدجال يكون قيام القائم عليه السلام وأمر الناس بالبر والتقوى ورفع الظلم والنهى عن المحرمات و في زمان شأنه كذا الناس مشغولون بالزراعة فكيف يكون مكروها. وقال المولى المجلسي أي عند ظهور القائم عليه السلام مع وجوب اشتغال العالمين بخدمته والجهاد تحت لوائه يزرعون فان بنى آدم يحتاجون الى الغذاء ويجب عليهم كفاية تحصيله بالزراعة. (1) لعل المراد اشتراط أن يزرعها حنطة، فهو كناية عن الاجارة بالحنطة الحاصلة من هذه الارض المعينة. (سلطان)
(2) محمد بن سهل بن اليسع كان من أصحاب الرضا وأبى جعفر عليهما السلام عنونه المصنف في المشيخة وطريقه إليه صحيح وقال النجاشي: له كتاب يرويه جماعة وذكر منهم أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري. وفى هذا القول ايماء الى الاعتماد عليه لاسيما كون الجماعة من القميين - رضوان الله عليهم - وأبوه سهل بن اليسع القمى ثقة. (3) أي يضمن الحارث الرجل. (4) في الكافي ج 5 ص 266 والتهذيب ج 2 ص 171 " وزن كذا وكذا درهما ". (5) يدل على جواز أخذ الاجرة للموجر معجلا ما لم يشترط التأجيل. (6) الظاهر أنه على بن ميمون الصائغ ولم يذكر المصنف طريقه إليه وهو ممدوح.
[ 252 ]
من الغلمان يعملون معي بالثلثين؟ فقال: لا يصلح ذلك إلا أن تعالج معهم، قلت: فإني اذبيه لهم (1)؟ قال: ذلك عمل فلا بأس ". 3912 - وروى صفوان بن يحيى، عن أبي محمد الخياط عن مجمع قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: " أتقبل الثياب أخيطها فاعطيها الغلمان بالثلثين؟ قال: أليس تعمل فيها؟ قلت: اقطعها وأشتري لهم الخيوط، قال: لا بأس ". 3913 - وروي عن محمد الطيار (2) قال: " دخلت المدينة وطلبت بيتا أتكاراه فدخلت دارا فيها بيتان بينهما باب وفيه امرأة، فقالت: تكاري هذا البيت؟ قلت: بينهما باب وأنا شاب، قالت: أنا أغلق الباب بيني وبينك فحولت متاعي فيه وقلت لها: اغلقي الباب، فقالت: تدخل علي منه الروح دعه، فقلت: لا أنا شاب وأنت شابة أغلقيه، قالت: أقعد أنت في بيتك فلست آتيك ولا أقربك وأبت تغلقه، فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فسألته عن ذلك، فقال: تحول منه فإن الرجل والمرأة إذا خليا في بيت كان ثالثهما الشيطان ". 3914 - وكتب أبو همام (3) إلى أبي الحسن عليه السلام " في رجل استأجر ضيعة من
رجل فباع المؤاجر تلك الضيعة بحضرة المستأجر، ولم ينكر المستأجر البيع وكان حاضرا له شاهدا عليه، فمات المشتري وله ورثة هل يرجع ذلك الشئ في ميراث الميت؟ أو يثبت في يد المستأجر إلى أن تنقضي إجارته؟ فكتب عليه السلام: يثبت في يد المستأجر إلى أن تنقضي إجارته " (4)
(1) " أذيبه " كما في التهذيب من أذاب يذيب، وفى بعض النسخ " ادنيه " ولعله تصحيف من النساخ. (2) لعله والد حمزة بن محمد الطيار مولى فزارة، وفى بعض النسخ " محمد الطيان " ولم أجده. (3) يعنى اسماعيل بن همام وهو ثقة وكان من اصحاب الرضا عليه السلام. (4) المشهور أن الاجارة لا تبطل بالبيع لكن ان كان المشترى عالما بالاجارة تعين عليه الصبر الى انقضاء المدة وان كان جاهلا تخير بين الفسخ والامضاء.
[ 253 ]
وسألت شيخنا محمد بن الحسن رضي - الله عنه - عن رجل آجر ضيعة من رجل هل له أن يبيعها؟ قال: ليس له أن يبيعها قبل انقضاء مدة الاجارة إلا أن يشترط على المشتري الوفاء للمستأجر إلى انقضاء مدة إجارته (1). 3915 - وروي عن محمد بن عطية قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله عزوجل اختار لانبيائه عليهم السلام الحرث والزرع لئلا يكرهوا شيئا من قطر السماء " (2). 3916 - و " سئل [ علي ] عليه السلام عن قول الله عزوجل " وعلى الله فليتوكل المتوكلون " قال: الزارعون ". باب * (ما يجب من الضمان على من يأخذ) *
* (اجرا على شئ ليصلحه فيفسده) * 3917 - روى حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يعطى الثوب ليصبغه فيفسده، فقال: كل عامل أعطيته أجرا على أن يصلح فأفسد فهو ضامن " (3). 3918 - وروى علي بن الحكم، عن إسماعيل بن الصباح (4) قال: " سألت